ثقافة

المؤتمر التربوي الثلاثون لجمعية المبرّات الخيرية :مسارات التعليم والرعاية في ظل الأزمات

الحوار نيوز

عقدت جمعية المبرات الخيرية مؤتمرها التربوي الثلاثين بعنوان “مسارات التعليم والرعاية في ظل الأزمات… تجربة الواقع واستشراف المستقبل”، بحضور فاعليات تربوية واجتماعية وأكاديمية ودينية، وحشد من تربويّي المبرّات من مختلف مؤسساتها المنتشرة في لبنان.

بداية، تلاوة للمتخرج المقرىء الدولي المهندس محمد عز الدين، تبعها النشيد الوطني، ثم كلمة للمتخرج الكفيف حسن الفنّ استعرض تجربته في المبرّات، ثم فقرة فنيّة بعنوان “خَطَّ القلم” قدمتها الفرقة الفنية في  المبرّات، تلاها عرض لواقع “المبرّات اليوم”.

 

  • مدير عام المبرّات

ثم ألقى مدير عام جمعية المبرّات الخيرية الدكتور محمد باقر فضل الله كلمة استعرض فيها التوجهات العامة للمبرّات للعام 2021-2022، استهلها بالإشارة إلى أن النتائج المشرفة لطلاب المبرات في شهادة الثانوية العامة والشهادات المهنية على صعيد لبنان والتي بلغت نسبة النجاح فيها 100% في أغلب الاختصاصات.

ولفت إلى” أننا نعيش في وطن استشرى فيه الفساد” داعياً إلى المواجهة من خلال” تعزيز منظومة القيم في نفوس أبنائنا للتصدّي للفساد ومحاربة الظلم والسعي لمواجهة انهيارالمنظومة الأخلاقية باستعادة الثقة بأنفسنا التي نكاد أن نفقدها ونفقد معها هوّيتنا، وتفعيل القيم الحاكمة لمؤسساتنا التي يجب علينا تأصيلها بأن لا نجعل اليأس والإحباط يهيمنا علينا، وأن لا يقودنا كل ذلك إلى فقدان الثقة بالله”.

وفيما يتعلق بالعمل الرعائي في المبرات، أكد د. فضل الله :” استمرار المؤسسات الرعائية في نشر ثقافة عمل الخير والبر والعطاء والتكافل الاجتماعي وإقامة الأنشطة التطوعية في هذه المؤسسات واستقطاب أعداد إضافية من الأيتام والمعوقين “.

وشدد على:” استمرار جودة الخدمات الرعائية للأبناء وشموليتها وتكاملها وذلك على مدار العام، وعدم نسيان العوائل الأشد فقراً بدراسة أوضاعهم الاجتماعية وتأمين الحد الأدنى من الاستقرار الاجتماعي على أقل تقدير.”

وفيما يتعلق بالوضع التعليمي للعام الجديد، أشار إلى أن ” مؤسسات المبرات ثابتة في قرارها بالعودة إلى التعليم الحضوري رغم التحديات التي سوف ترافقه”، لافتاً إلى “الاستمرار وعدم التهاون بالإجراءات الصحية المعممة مركزياً لضمان عدم حصول أي إصابة للتلاميذ في مؤسساتنا والالتزام بتطبيق القرار بعدم التحاق أي موظف لم يتلق الجرعات اللازمة من اللقاح ضد فايروس كورونا إلا إذا كان لديه مانع صحي مبرر”.

أما على صعيد المعلمين، فقد أعلن د. فضل الله أن “المبرّات سوف تسعى للتخفيف ضمن الإمكانات المتاحة.. بزيادات الرواتب مع تدني قيمة النقد.. وتخفيف الأعباء المترتبة على مستلزمات الأقساط.. إضافة إلى مساعدة الحالات الحرجة في الأوقات الحرجة”.

وأكد حرص المبرّات على “عدم تسرب تلامذتها والتعاضد مع الأهل” معلناً عن “إجراءات ستتخذها المبرّات لدعم الأقساط والزي المدرسي والكتب المدرسية والنقل المدرسي إضافة إلى أننا سوف لا نحمّل الأهل أعباء المنصّة الالكترونية ومصادر الطاقة وغيرها مما يشكّل عبئاً كبيراً لموازنات المدارس، وهذا ما سوف تسعى المبرات لتأمينه عبر مساعدات وتبرعات ومؤسسات إنتاجية وإن قلّت مواردها آملين أن يكون للدولة دور أساسي في ذلك”.

وبالنسبة لمتابعة أوضاع الطلاب التعليمية، أشار إلى أن “المبرات عملت على رصد وقياس الفاقد التعليمي الفردي على مستوى كل من تلامذتها الذين جاوز عددهم العشرين ألفاً ووضعت خططاً لمعالجة وتعويض هذا الفاقد الذي سببه الانقطاع عن التعليم الحضوري على مدى عامين”.

وتابع:” نسعى إلى تجذير تجربة تخطيط المنهج وفق منهجية الفهم عبر التخطيط (التخطيط العكسي) الذي ينطلق من المخرجات الأساسية للتعليم وأدلة التقييم التي تؤكد حدوث التعلم وصولاً لتخطيط الأنشطة التعليمية مما يساعد على ترشيق المنهج وتصويبه نحو الكفايات والمهارات الأساسية من جهة ويركز على تقييم قدرة المتعلم على نقل التعلم واستخدامه في سياقات جديدة مرتبطة بحياته اليومية.”

وأشار إلى أن:” المبرّات تعتمد استراتيجية الصف المعكوس كمقاربة تعلمية فعالة ومناسبة في إطار التعليم المختلط أو المدمج، هذه الاستراتيجية التي تسمح باستثمار التكنولوجيا والمهارات التقنية التي اكتسبها التلامذة والمعلمون عبر المنصة التعليمية الخاصة بالمبرات.”

وأضاف: “مهما اشتدّت مسارات الأزمات ومع مرارة تجربة الواقع يبقى التطوير المهني المستمر مساراً حتمياً في المبرات لا يتوقف أمام ضغوط الظروف التي تجعلنا نعيش همّ الاستمرار فقط، بل تتوقع المبرّات أن يصل كل مشرف ومعلم ومنسق وناظر ومدير في المبرّات إلى مستوى متمرّس في المهارات التي يتطلبها التخطيط التعليمي للصف المعكوس وما تتطلبه أدلة التقييم من أجل التعلم وتطبيق أنشطة التعلم العاطفي الإجتماعي على أقل تقدير”.

على صعيد التعليم رأى الدكتور فضل الله أنه: “على الرغم من التحديات الجسام التي عصفت بالتعليم العالي في كل أنحاء العالم لجهة المحافظة على جودة التعليم، استطاعت جامعة العلوم والآداب اللبنانية USAL  وبنجاح كبير المحافظة على تقدّمها السريع إن من خلال إنجازاتها الأكاديمية في التعليم والبحوث أو من خلال النمو اللافت لأعداد المنتسبين إليها. كما وأظهرت استطلاعات حديثة قامت بها الجامعة حضوراً فاعلاً وكبيراً لخرّيجي الجامعة في مختلف مواقع العمل في لبنان والخارج.”

وأضاف:” لقد استطاعت الجامعة وفي عمق هذه الأزمات أن تنجز أبحاثاً علمية متقدّمة على الصعيدين المحلي والعالمي وفي مجالات مختلفة كالتربية والاقتصاد والأمن السيبراني والكمبيوتر والإتصالات، فضلاً عن نشرها في مجلاّت علمية رائدة محلياً وعالمياً. كما وتعمل الجامعة على استكمال مشاريعها البحثية وتطويرها لجهة نوعية الموارد من خلال زيادة أعداد الباحثين لديها وتوسعة مجالاتها البحثية لتشمل الاستجابة لحاجات المجتمع وتوفير بيئة أكاديمية فعّالة ومنتجة ما يساهم في تحقيق رؤية الجامعة ورسالتها لناحية التميّز والخدمة المجتمعية.”

 

  • ندوة ونقاش

تضمن المؤتمر ندوة تحت عنوان: “المؤسسة التربوية في صلب الأزمات وما بعدها: تحوّلات ورؤى”، استهلت بمداخلات تربوية مصوّرة، فكانت المداخلة الأولى لأستاذة التربية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة لينا خليل تمحورت حول “بيئة المؤسسة ومناخها ودورهما في صمود المؤسسة التربوية في الأزمات”، تلاها مداخلة لعميد كليّة التربية في الجامعة اللبنانيّة الدكتور خليل الجمّال تركزت حول التعليم ما قبل الجامعي والجامعي خلال الأزمات وما بعدها، أما مداخلة رئيسة قسم العلوم الاجتماعيّة والسلوكيّة في جامعة هايكازيان الدكتورة حنين الحوت فناقشت فيها موضوع الدعم النفس تربوي في المؤسسة التربوية ما بعد الأزمات: عن أي تحوّل نتحدّث؟.

تلا المداخلات حلقة نقاش أدارتها أمينة المؤتمر آيات نور الدين وشارك فيها من المبرّات كل من المشرف الديني العام د. جعفر فضل الله، عضو الهيئة الإداريّة في المبرّات الأستاذ محمد فوّاز، نائب المدير العام للتربية والتعليم الأستاذة رنا إسماعيل، منسّق مديرية الشؤون الرعائيّة الأستاذ إبراهيم علاء الدين.

 

  • العلّامة فضل الله

اختتم المؤتمر بكلمة رئيس جمعية المبرّات الخيرية سماحة العلّامة السيد علي فضل الله الذي فتوقف عند عنوان المؤتمر “الذي يحاكي الواقع الصعب الذي يعاني منه البلد والذي ترك أثاره الكارثية على الصعيد المعيشي والحياتي والخدماتي، وبات يهدد استمرار عمل المؤسسات التربوية والرعائية والصحية والمؤسسات الاجتماعية، حتى تلك العريقة والمتجذرة ووضع الوطن أمام تحدي المصير”.

ودعا العلامة فضل الله العاملين في المبرّات إلى:” أن لا يتعاملوا مع هذه المرحلة على أنها نهاية المطاف، هي جزء من ابتلاءات الحياة، ونحن قادرون رغم قساوتها وصعوبتها، على تجاوزها، فكما استطعنا بعون الله تجاوز مراحل قاسية وصعبة مرت علينا في تاريخنا القريب والبعيد، فإن لدينا كل الثقة بتجاوز هذه المرحلة بالتوكل على الله والصبر والعمل المدروس”.

وتابع: ” نحن مدعوون في هذه المرحلة إلى أن يسند بعضنا بعضاً ويقوي بعضنا بعضاً، ويشد بعضنا أزر بعض، وأن نتواصى، كما دعانا الله، بالحق وبالصبر.. فلا ينبغي أن يفكر كل منا بنفسه أفراداً ومؤسسات من دون أن يأخذ في الاعتبار الآخرين من حوله “.

وقال : ” نحن نرى في هذه الأزمة وفي كل الأزمات على صعوبتها فرصة لإعادة النظر ولتصويب المسار على كل الصعد والمستويات كأفراد أو مؤسسات، فهي مناسبة تدعونا إلى أن نعيد النظر بكل ما نحن فيه، بأن ندرس الأسباب التي أدت إلى ما وصلنا إليه وأن نفكر ونبدع ونبتكر الأساليب والطرق الكفيلة بالتخفيف من أثقال وتكاليف تمثل عبئاً على المؤسسة أو العاملين فيها وبالإمكان الاستغناء عنها، وكيفية النهوض بأعمالنا وما نقوم به”.

وقال:” نحن اليوم نعدكم بأننا، وضمن الإمكانات المتاحة، والتي نسعى إلى توفيرها، لن ندعكم تواجهون الظروف الصعبة وضغوط الحياة وحدكم، بل سنكون معكم بالعمل على إعادة النظر بأوضاعكم، ولن نوفر أي جهد في هذا المجال وهذا ما تستحقونه لأنكم لم تقصروا وقد وصلت هذه المؤسسات إلى ما وصلت إليه بفعل جهدكم وتعبكم وتضحياتكم”.

وأعتبر أن ” كل هذا النهوض الذي بلغته هذه المؤسسات، وكل هذا التقدير الذي نلمسه من المستفيدين منها أو من الذين يرون عملها هو نتاج مبادرات العاملين فيها والإداريين والذين لم يتعاملوا يوماً ما كموظفين بل تعامل الحريصين عليها”.

وختم: ” إننا مدعوون جميعاً إلى أن نكون على مستوى التحدي، الذي وضعنا أنفسنا فيه وقد كانت وصية المرجع فضل الله لنا أن نحافظ على التميز في الأداء التربوي أو التعليمي أو الأخلاقي او الصحي أو الانتاجي أو في حبنا للناس الذين كانوا هم رصيد المؤسسات ولم يقصروا معها ولا يزالون رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها، أن نكون أوفياء لهم وذلك بأن نطور قدراتنا ونسعى إلى كل جديد، ولا نجمد على ما نحن عليه”.

تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر تخلله ما يزيد عن خمسين ورشة عمل أقيمت خلال أيام ثلاثة، توزع عليها كادر المبرّات التربوي من معلمين ومشرفين ورعائيين وإداريين وأكاديمين من مختلف مؤسسات المبرّات على الأراضي اللبنانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى