قضاءمن هنا نبدأ

مشهد حزين أمام قصر العدل: حرية رأي أم بلطجة*؟(حسن علوش)

 

حسن علوش – خاص

الثورات لا تكون من دون رؤية ثورية.

والرؤية لا تقوم خارج منظومة القيم والأفكار والمبادئ.

هم الثوريون طليعيون في سلوكهم ولغتهم وأهدافهم النبيلة.

فلا يكون بينهم نموذج يمارس في سلوكه نقيض ما يدعيه، فيشتم ويحقّر ويدوس على صور من يفترض أنهم خصوم بالقانون؟

ولا يكون بينهم محكوم بجرم تزوير، وهو من يفترض به أن يكون الوجه الآخر للعدالة!

هل مرّ أمامكم أن مُدّعى عليه أمام محكمة معينة جاء بصور المدّعي ليدوسها داخل قصر العدل؟ فكيف إذا كان محاميا… أي نموذج يقدمه لنا؟ أي بديل؟ أي حرية مغايرة يعدنا بها؟؟

نتضامن مع حرية الرأي دون تردد..

ونتضامن مع المظلوم لأي جهة انتمى..

لكن كيف لنا أن نتضامن مع أشخاص يأخذوننا إلى الفراغ ويحتمون من القانون بالصراخ؟

التظاهر ضد المنظومة الفاسدة واجب وطني، لكن على دعاة التثوير أن يأتونا بنماذج يقتدى بها.

ها هم ثوار سورية (أو من يسمون أنفسهم كذلك) أعادوا سورية في لحظة ثورية نحو 1900 عام الى الوراء، فقطعوا الرؤوس ودفنوا الإناث والمعارضين والمعارضات أحياء، وقسّموا سورية الى مناطق طائفية والى جمهوريات طائفية في محاولة إحياء مشروع الدول التي استعمرت بلداننا ووهبت فلسطين إلى قومية غاصبة، تحمس البعض لهم، فماذا كانت النتيجة؟

لماذا لا نتعلم.

لماذا نطالب بدولة القانون ولا نريد تطبيق القانون!

لماذا التظاهر وإعتماد لغة التحقير والتخوين في مواجهة فريق اعتمد طريق القانون لمقاضاتكم؟

القضية ما زالت عالقة لدى نقابة المحامين التي تدرس طلبا لرفع الحصانة عن ثلاثة محامين هم: واصف الحركة وعلي عبّاس وبيار الجميّل، الذين استدعوا من قبل نقابة المحامين للاستماع إليهم، بناء على كتاب وجهه للنقابة المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي زاهر حمادة، وطلب فيه إعطاء الاذن بملاحقة المحامين المذكورين بجرم “تحقير القضاء”.

لماذا لا يكون التظاهر أمام مقر نقابة المحامين إذا كنا على ثقة بقضيتنا؟

من تظاهر أمام قصر العدل اليوم، يؤسس لسابقة قد تطيح بما تبقى من قضاء، وما تبقى من قيم وما تبقى من سلم.

لا يخدعنكم صراخ ولا تخدعنكم لحىى..

كونوا مع الثورة لا البلطجة!

*للتذكير فقد أقدم  متظاهرون من أهالي ضحايا انفجار المرفأ في 23 كانون الثاني الماضي على تعليق “أحذية” على أسوار قصر العدل في بيروت، ووضعوا اسفلها صور قضاة على صلة بالملف، والبعض منهم صدرت بحقه مذكرات توقيف من قبل قاضي التحقيق طارق البيطار.وقد شارك في هذه التظاهرة يومها المحامون الثلاثة الواردة أسماؤهم أعلاه ،وعو مادفع النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زاهر حمادة إلى رفع كتاب إلى نقابة المحامين لرفع الحصانة عن المحامين الثلاثة لمحاكمتهم بتهمة تحقير القضاء.

 وقد أصدر مجلس القضاء الأعلى في حينه بيانا جاء فيه أن “حرية التعبير والتجمع والتظاهر مصانة بموجب الدستور، والقضاء حامي الحريات يسهر على ممارستها، إلا أن هذه الممارسة يجب أن تبقى مقيدة بأحكام الدستور والقوانين والأنظمة المرعية الاجراء، بحيث لا يصار إلى التعرّض الشخصي للقضاة، حتى لا تنحرف هذه الحرية عن مسارها الصحيح“.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى