العالم العربيسياسة

كيف سيواجه العراق أميركا ؟


لم ولن تنفع أميركا العراق بشئ ،بل أضرّته كثيراً ،في الماضي وفي الحاضر .كُلّ ما مَرَّ على العراق من حروب و ويلات و حصار وانتهاك صريح لسيادته و وضعه تحت الفصل السابع ، والاستمرار بجعلهِ دولة منقوصة السيادة ،قانونياً و ميدانياً ، لأميركا و لأسرائيل و لعملائهم ، وبالمعنى الواسع لمفردة عميل ، دور أساسي فيه .
سياسة أميركا في المنطقة و تجاه العراق ليست محكومة بالمصالح الأميركية و إنما بالمصالح الصهيونية و الاسرائيلية . والاستمرار  باضعاف وتدمير  العراق هو هدف استراتيجي لإسرائيل ، والرئيس ترامب اليوم ينّفذ سياسة نتنياهو . وَ عَتَبنا ليس على أميركا ، و إنما على الذين أوكلوا أمرهم الى أميركا و وثقوا بها ، بيدَ أنَّ العمل السياسي مع الصديق و مع الخصم و مع العدو يُلزمْ الحذر والحيطة والشك ، والاستفادة من دروس الماضي ، و متابعة مُجريات الأحداث و الوقائع و استخلاص النتائج . كيف نأتمنُ أميركا و الجميع يعلم و يقول ، حتى الرئيس ترامب ، أنَّ داعش صناعة أمريكية ؟
كيف نأتمنها ، والرئيس ترامب يقول بأنَّ ما يهمهُ في المنطقة أمن ومصلحة اسرائيل ؟
كيف نأتمنها والواقع يشهد للرئيس ترامب سرقة ثروات الشعوب وتجويعها و إهانتها ؟
تعامل  أميركا مع العراق " دويلة منقوصة السيادة " ليس بجديد ، واليوم تتعامل أميركا مع العراق أسوأ من ما يقوم به داعش ضدّ العراق : تقصف مطار دولة ،استضافت قواتها (القوات الأمريكية ) ، و صديقة وحليفة ، دون مراعاة النتائج على الصعد الاقتصادية والسيادية والأمنية ؟ .
تعمدّت أميركا بأهانة العراق دولة وحكومة وشعب ، و ألاّ كان بمقدورها تنفيذ أهدافها في ساحات الحرب والقتال ؟
ما الفرق بين ارهاب داعش وارهاب اسرائيل وارهاب ترامب ؟ احدهم يكمّل الآخر و يتمم عمل الآخر !
لن نفلح في محاربة الإرهاب اذا اكتفينا بمحاربة داعش عسكرياً ! علينا اتخاذ التدابير بمواجهة أميركا سياسياً و قانونياً!
ينبغي ان تكون علاقة العراق كدولة مع " الحليف " الامريكي علاقة مواجه سياسية و قانونية !
رفض للوصاية الأمريكية و رفض للمجاملة على حساب مصلحة العراق وسيادته .
على مجلس النواب ان يكون ممثلاً حقيقاً لارادة الشعب و حامياً صادقاً لسيادة العراق و مكانته، أنْ يعّبر عن إرادة الشعب بأخراج القوات الأمريكية وانهاء الاتفاقية الاستراتيجية ،انها قوات وأنها اتفاقية ضّد سيادة العراق و ضّد أمن العراق . لن يحظْ العراق بأحترام الدول ولن تكْ له مكانة اذا لم يصّوت الشعب ولم تتخذْ الحكومة أجراءاتها  بأخراج القوات الأمريكية و إنهاء الاتفاقية الاستراتيجية .
العراق سيكون اكثر أمناً و استقراراً و اكثر عزّة و كرامة دون تواجد قوات أمريكية و دولية .حسبناها عوناً و اذا بها هّماً و داعمة للإرهاب!
ليكنْ رَدّ الدولة، رَدّ الحكومة على الاعتداء الإرهابي السافر هو توجّه سياسي وعسكري نحو روسيا، وترسيخ اكثر للعلاقات الاقتصادية العراقية الصينية .
لم يعُدْ امام العراق خيار آخر سوى التعاون ،وعلى كافة الصعد ، مع روسيا و الصين واوربا ، دون أضاعة الوقت و دون تردد. لنأخذ من الدور الروسي في سوريا عبرة ! كيف أعانت وساعدت روسيا دولة سورية في محاربة الإرهاب والحفاظ على الدولة السورية !
لا فائدة بشكوى للعراق لمجلس الامن، و على مَنْ تشتكي و لمنْ تشتكي؟ على حليف وصديق و " بهلوان "  وله قوات وبموافقة و رضى العراق ؟
قدرة أميركا على التلفيق والكذب و خلق الفتنْ  غير محدودة ، لا نستغرب ادعاء ترامب  باستحصال موافقة العراق على الأقدام بتنفيذ المهمة (العملية الإرهابية ) !
لن تُعدْ علاقة العراق "كدولة " مع أميركا غير علاقة مواجهة سياسية و قانونية، من اجل مستقبل وكرامة وعزّة العراق.

* سفير سابق – ر ئيس المركز العربي  الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى