سياسةمحليات لبنانية

العميل الفاخوري بات حراً:ما هو الثمن؟

 

وأُخلي سبيل العميل عامر الفاخوري أخيراً…
عنوان مظلم يحكي بكثير من الأسى عن دولة متفككة متفتتة لا تملك إرادة احتجاز من سجن وعذّب وقتل مواطنين لبنانيين في زمن الاحتلال الاسرائيلي الغابر. ويعتبر البعض أن مسألة اخلاء سبيله كانت مسألة وقت ليس إلا، خصوصاً وأن العميل (اللبناني) حائز جنسية أميركية، وهي مكرمة تخوّله ارتكاب كل الموبقات الوطنية والإنسانية والسياسية دون أن تطاله الأحكام القضائية.
ولا تسعى هذه السطور لمناقشة السبيل القانوني لقضية الإخلاء، والذي استند إلى مرور الزمن العشري على الجرم، فإن الأمر يصب في الخانة السياسية دون أدنى شك، والضغوطات الكبيرة التي تعرّض لها المعنيون من صانعي القرار اللبناني للتغاضي عن جرائم العميل وإقفال الملف الذي يشكّل تحدياً بارزاً للقوة العظمى الأولى في العالم من قِبل دولة لا حول لها ولا قوة، وتعتمد في وجودها وتواجدها وكيانها على المعونات الخارجية المتنوعة بعدما نهب اللصوص من زعمائها خيرات البلاد والعباد.
لقد هددت الإدارة الأميركية بعض الشخصيات اللبنانية بالعقوبات ووقف الدعم للجيش اللبناني واستخدام نفوذها في أكثر من موقع إقليمي ودولي لخنق لبنان أكثر وتركه وحده يتلقى سياط العوز والتدهور والفوضى.
ولا شك أن العامل الاقتصادي والمالي الخطير والذي تجلى بقوة أكبرمنذ شهور قليلة، بالإضافة إلى العامل الصحي المتمثّل بوباء كورونا والشلل الذي لحق بلبنان وما سوف يكون في الآتي القريب من معاناة لا شك ستكون أكبر، قد ساهمت، وكثير غيرها، في الاستجابة اللبنانية المذلة للجبروت الأميركي.
إن من أكثر الصور المضيئة في لبنان، وقد كانت ولمّا تزل، مقاومته للكيان الغاصب المحتل، وتحرير أرضه، وإن من أكثرها ظلامة وحقارة التعامل اللبناني مع المحتل، وما لاقاه اللبنانيون من تقتيل وتعذيب وإساءة للأهالي والمقاومين معاً. لقد باركنا النصر وحملناه ذكرى عاطرة في قلوبنا وعقولنا ووجداننا، لكننا لا نزال في الآن عينه نحمل تلك الذكريات الأليمة لأولئك الذين كانوا أداة في يد العدو، وهوياتهم وصورهم وأسمائهم ما تزال صارخة في صفحات التاريخ، وقد تُركوا بعد التحرير دون محاكمات جدية، ولم يشأ المقاومون المنتصرون القيام بعمل الدولة والقضاء.
إن إخلاء سبيل الفاخوري قضية تتجاوز شخصه وجرائمه وهويته، وإنما هي موقف من العمالة مع إسرائيل والنظرة العامة والخاصة لوجودها وكيفية التعامل معها سياسياً ووطنياً ووجدانياً وإنسانياً. فهل العداوة مع إسرائيل قضية بدهية لا لبس فيها أم أن الأمر يحتاج لإعادة نظر حسب المعطيات والظروف الإقليمية والدولية؟ وهل العمالة لإسرائيل خيانة عظمى أم أن الأمور الداخلية تتبدّل حسب المزاجات المتبدّلة من حولنا؟
والسؤال أخيراً: ما هو ثمن إخلاء سبيل هذا العميل؟ وهل امتثل المعنيون في هذا الملف خوفاً من اللعنة الأميركية وعقوباتها، أو طمعاً في عطاءات فردية وجماعية؟ وللأسف فإن كلا الأمرين أسود بئيس مظلم، أكبر من خيباتنا وعجزنا، بل أكبر من ظلمة كورونا وانتشارها بيننا.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى