سياسةمحليات لبنانية

الحلم الضائع بين الطالب والحاكم!

 

كتب محمد هاني شقير:
عاد وسيم هاشم من مدينة مايكوب الروسية منذ بضعة أشهر، كما عاد الكثير غيره من الطلاب اللبنانيين ، الذين كانوا يتابعون دراستهم في الخارج، بسبب جائحة كورونا.  كان  وسيم قد التحق بالجامعة منذ العام  2016 ، وتمكن من اجتياز السنوات الثلاث الأولى بنجاح،  بانتظار الانتهاء من المرحلة الأولى في الصحة العامة، في طريقه للتخصص في مجال طب الأسنان، الحلم الذي راوده منذ بدء دراسته الثانوية.
على مدى السنوات الماضية بذل ذوو وسيم جهدًا كبيرًا في تأمين المبالغ التي يحتاجها من العملة الخضراء  (الدولارات) كي يتابع دراسته، وهي مبالغ محصورة بتأمين تكاليف السكن والطعام والشراب. فالتعليم في روسيا كما في معظم الدول الاشتراكية السابقة، لا يزال في متناول الفئات الشعبية وهذه واحدة من الإيجابيات الكثيرة لتلك الأنظمة، إذ أن مبلغًا يتراوح بين أربعمائة و خمسمائة دولار أميركي كافٍ لمصروف شهر كامل للطالب، في حين يتضاعف الرقم بل ويزيد في جميع الدول الأوروبية، "لذا لا زالت الدراسة في روسيا ممكنة للسواد الأعظم من أبنائنا"، كما تقول ناديا أم وسيم.
مع ذلك فإنهم كانوا يعانون كثيرًا لتأمين مبلغ الخمسمئة دولار في الشهر، ما اضطر الأم  لبيع قطعتين من الذهب كانت لا تزال تحتفظ بهما منذ زواجها، ولجأت الى الاقتراض من غير مؤسسة ومصرف كي لا تقطع عن ابنها حقّه في متابعة تحصيله العلمي، في المدة الأخيرة لم تعد عائلة وسيم قادرة على تسديد هذه القروض، جراء تعطلهم عن العمل منذ سنة تقريبًا.
اليوم دخل هذا الشاب في مصيرٍ مجهول، فالأهل خسروا أعمالهم، في حين أن لوسيم شقيقا وشقيقة يصغرانه سنًا، وهما  يتابعان تعليمهما وبالتالي فمصاريف العائلة لا تكفي حاجة الجميع!  فكيف سيكون الحال، ووسيم في حاجة الى مبلغٍ شهري، بات يفوق راتب خمسة أشهر لموظف في القطاع العام؟!
لهذه الأسباب كلها بدأت العائلة تبحث عن مشترٍ لقطعة أرض كانت تحتفظ بها لبناء منزل عليها في المستقبل، وعلى الرغم من ذلك يُحجم التجار عن الشراء بسبب الركود الاقتصادي والازمة المتفاقمة على جميع الصعد في لبنان.
إذًا لم يسافر وسيم الى روسيا لمتابعة تعليمه، وهو حاليا، يبحث عن عمل له في لبنان وقد أجّل فكرة التحصيل العلمي الى أن تسمح الظروف المادية بذلك، وربما انتهى الحلم هنا وبهذه الطريقة المريعة..
"علّ رياض سلامة وحماته يشبعون، يكفي أن يتعلم أبناؤهم في كبريات الجامعات .. أليس هذا المثل الاقطاعي القديم لا زال صالحًا لزمننا هذا" يقول وسيم. فهل يسمح سلامة بتطبيق قانون الدولار الطلابي ليستطيع وسيم وجميع الطلاب أمثاله الذين يدرسون في الخارج استكمال تحصيلهم العلمي؟! أم يخسر أكثر من نصف هؤلاء مستقبلهم، ويبحثون عن تأشيرة سفر إلى غير وجهة؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى