رأي

لا للحوار… لا للقرار ولا للنار(نسيم الخوري)

 

بقلم الدكتور نسيم الخوري- الحوار نيوز

 

سُمّيت الجامعة جامعة لأنها تجمع في أحرامها الأجيال من مختلف الجنسيات والألوان والمذاهب. في لبنان 53 جامعة حقّقت تشظّيات شبابه بعدما تفرّعت ليصبح بعضها دون المدارس الرسمية. حمّلت 25 من طلاب الدراسات العليا السؤآل التالي : ماذا تعني لكم طاولة الحوار بين السياسيين؟ وطافوا به على طلاّب الجامعات وكان المحصول صادماً وواقعيّاً بسلبياته .

شئت البحث عن موقع الحوار السياسي في وطن ضاع وأضاع معه مبعوثي الدول من فرنسا إلى الخُماسية ودستوره معلّق. انهار اقتصاده واقفلت مصارفه والمؤسسات سرحت موظفيها واستشرت البطالة وعمّ العوز والجوع وتعاظمت الهجرة وخيّم اليأس وتعاظم الجرائم والإنتحارات اليومية والسطو والسرقات وتتدفق أفواج النازحين السوريين حين خبا جمر المخيمات في صيدا التي منها تُطلّ الحروب.

اختصر في النص/الوثيقة موقع  الحوار بين “آباء” لبنان وأبنائه عبر حائط من التعليقات أمامي:

الحوار خميرة الشباب اليومي في الجامعات وهم خبزه المتنوع. ينبذون مسلسلات الحوارات المستوردة التي دمغت تاريخ آبائهم وأجدادهم توقاً لوطنٍ لم يعقل حكّامه وقد تجاوز عمره ال 100.

لماذا؟

“لأنّ المتحاورين مسكونون بتوريث الطوائف والأحزاب والسلطات متنابذين في الأضواء ومجتمعين سرّاً حول الغلال. الشباب يسخرون من تلك الحوارات التي تعمّق الحفر في جحيم من دون قرار، سواء نحو قصر بعبدا في تزاحم رئاسي أو في قصور الحكام سجناء قصورهم بعيداً من العامّة وقريباً من مجموعات التصفيق الأبله من حولهم وحول قصورهم. بالمقابل يتحاور الشباب ويتناقشون ويسهرون ويرقصون ويتزوّجون مدنياً أو دينياً متجاوزين طقوس طوائفهم في اختلاط ساحرٍ يهاجم اللغو السياسي والإعلامي الذي لن يخلص لبنانهم من الفراغات القاتلة وسحق البسطاء من أدنى الحقوق البشرية في عصر شرّع أبوابه وسقوفه على الدنيا. هناك طبقة أجيال أطبقت على المأكل والماء والكهرباء والطبابة والدواء والرواتب والودائع وتركت العواصم لأكوام القمامة واللصوص والعتمة الشاملة وحتى البغاء المستورد باسم الحوار والإدّعاء بالمستقبل لكنه الأسود.

 

يحتقر الشباب الحوار فيهزأون من فصول التراشق الحزبي والطائفي الذي يمتهنه السياسيون بمواقفهم المتصلبة وعنادهم التي طفّشت العالم نافراً هازئاً. وبغض النظر عن الحوار وعناوينه ومحاوره ومقاصده ونتائجه التي أدمنها اللبنانيون خلال جولات القتال نقرأها في كتب التاريخ وعبر محاضرات الأساتذة في الجامعات،فإنها تورث الأكاديميا الطائفية البغيضة توخياً لخرائط لا تليق بتوجهاتنا نحن الأبناء ومستقبلنا بل بإلإنقياد للغير. يضيع مستقبل لبنان بين ديانات الآباء وديانات الأبناء في النظرة إلى طاولات الحوار.

 

تبدو المحاورات الإرستقراطية لا السقراطية بإشراف مبعوثي الدول الأجنبية من فرنسا وأميركا ، شمسيات خارجية للعطاءات والصفقات والمناصب الآتية التي تليّن الصوّان في رؤوس المتحاورين عند رسم الخرائط والوثائق والإتفاقيات، وكلها مسائل محتقرة في إجابات الشباب الحالمين ب”عوالم جديدة مشرّعة على الشمس ونحو القارات الخمس. هذا ليس لبناننا”. لن تُشفي الحوارات المستنسخة اللزجة جروح أهلنا ولا التفاصح بعناوين الحوارات وفرض القناعات المستحيلة التي حفلت بها كتب وموسوعات ترسّخ ماضٍ بحلم الوحدة الوطنية الذي أدمنتها الألسن لا العقول.

غالباً ما كانت تحصل حلقات الحوار بأعقاب جولات العنف وبقرارات لا عدّ لها بوقف النار وبتأليف لجان أمنية توكل إليها مهمات وقف إطلاق النار الهشّ غالباً، ومعظم المقاتلين بالأمس من أعضاء هذه اللجان باتوا يمثلون الشعب في البرلمانات والحكومات و”الزعامات”.

صحيح أنّ ايجابيات كبرى للحوار، يجمع ما لا يمكن جمعه ولو بالشكل حول طاولة واحدة لكن “سرعان ما كانت تتعفّن تلك الثمار الطازجة المستوردة فوق طاولات الحوار”.

وإذا كانت نصائح المبعوثين الإقليميين والدوليين أحادية أو خماسية أو عشرية حرصاً على الحوار في لبنان قد طفشت من لبنان، فإن مواقف لبنانية جازمة تحلم بتعديلات جذرية مطلوبة في دستور الطائف ولو من خلال الممارسة إن لم يكن في النصوص وهذا يعني أن الجميع يضع يده على لبنان لسوقه نحو ما يتجاوز تجربة الدوحة 2 ومفاعيلها في ال2011.

ماذا عن الحوار حول صلاحيات رئيس الجمهورية وبالمقاومة وال1559 وماذا عن العلاقات اللبنانية السورية العربية العالمية وقد تجاوز الواقع الراهن طاولات الحوار؟

لا نظن أن أحداً من المتحاورين، مهما علا شأنه وانتماءاته الغربية والشرقية وتطلعاته وارتجالاته أو مراهناته، قادرعلى فهم عناوين واستراتيجيات جاهزة لخلخلة ثوابت التاريخ والجغرافيا والقربى والإنتماء”.

هل هناك من بريق أملٍ في ما يتجاوز الحوار؟

لربّما مفتاح الخروج السريع يكون بقانون سريعٍ جديدٍ للإنتخابات النيابية يعتمد قاعدة التمثيل النسبي، يراعي مصالح أجيال الشباب لا على أطراف شاخت باستساخ القوانين الإنتخابية التي أفضت إلى أسوأ مناظر التمثيل البرلماني في لبنان.

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى