سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف:تمويل الاستيراد على المحك..وتحريك التحقيق في انفجار المرفأ

الحوار نيوز – خاص

 وسط الجمود القائم في موضوع تشكيل الحكومة ما زالت الأزمات المعيشية تتفاقم على أكثر من مستوى على الرغم من النشاطات والاجتماعات الجارية لمعالجتها .فطوابير السيارات ما زالت قائمة على محطات المحروقات ،في وقت لوح حاكم مصرف لبنان بتقنين تمويل الاستيراد .

وبرز أمس من جديد تحريك التحقيق في انفجار المرفأ عشية مرور 11 شهرا على الرابع من آب ،وهو ما يرفع من حدة الجدال السياسي في البلد وينعكس على الأوضاع بشكل عام .

  • صحيفة “الأخبار” كتبت تقول: لا يزال رياض سلامة يُناور حتى لا يؤمّن الدولارات لاستيراد المحروقات والدواء. الموافقة الاستثنائية التي حصل عليها من رئيسَي الجمهورية والحكومة، لا تكفيه، ويُريد قانوناً يُجيز له الصرف من دولارات “التوظيفات الإلزامية”. الاستيراد واستهلاك السكّان مُجدّداً في يد سلامة

    القرار مُتّخذ لدى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالتوقّف عن فتح اعتمادات لاستيراد كلّ أنواع السلع، حتى لو مسّت بأمن السكّان الصحّي والغذائي. يخترع الحجج والعقبات للتوقّف عن تمويل الاستيراد، من دون أن يكشف في الوقت نفسه عن المبالغ المُتبقية لديه بالعملات الأجنبية. يُخفيها حتّى عن رئيس الجمهورية. تدرّج الأمر لديه من الامتناع عن دفع الفواتير العالقة للشركات المستوردة، مروراً بالتوقّف عن فتح المزيد من الاعتمادات، وصولاً إلى ابتزاز السلطة بأنّه بحاجةٍ إلى تغطية قانونية للصرف من حساب التوظيفات الإلزامية (يُسمّيه حساب الاحتياطي الإلزامي). هذا الحساب يملك سلامة براءة اختراعه وقد أنشأه بموجب تعميم، ولم يطلب يوماً قانوناً لتشريعه وتحديد موجباته وآلياته. حَصر كلّ أموال المودعين بهذا الحساب الذي يقول بأنّه بات فيه 16 مليار دولار أميركي، ليُغطّي على سرقة 80 مليار دولار من الودائع. وبعدما حصل من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال على “موافقة استثنائية” على استعمال “الاحتياطي الإلزامي” لفتح اعتمادات لشراء المحروقات من بنزين ومازوت وغاز منزلي لمدّة ثلاثة أشهر على سعر صرف 3900 ليرة بدلاً من 1500 ليرة للدولار الواحد، أخرج أرنباً جديداً بأنّ الموافقة الاستثنائية غير كافية لتغطيته قانونياً، لذلك يطلب إصدار نصّ تشريعي يُحدّد له التصرّف بأموال التوظيفات الإلزامية. لا يتحدّث عن الاعتمادات لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، بل عن الاعتمادات المطلوبة منه لاستيراد البنزين والمازوت. عبّر سلامة عن ذلك صراحةً خلال الاجتماع الذي عُقد يوم الخميس في قصر بعبدا، وكان مُخصّصاً لبحث أزمة الدواء واستيراده. وقد اتّفق على أن تكون التغطية القانونية من ضمن مشروع بطاقة ترشيد الدعم.

    استمر سلامة خلال الاجتماع بممارسة التضليل والخداع، وتحديداً في ما يتعلّق بأموال التوظيفات الإلزامية. فالحاكم كان قد أعلن أنّه لم يعد يستطيع التصرّف بأي دولارٍ من التوظيفات الإلزامية لأنّه استنزف كلّ قدراته. أما في اجتماع الخميس، فأبلغ الموجودين بأنّ لديه 400 مليون دولار يُمكنه استخدامها، زاعماً أنّه يدفع كلّ أسبوعين 150 مليون دولار لاستيراد المحروقات. “أين طارت الأموال؟”، سؤال وجّهه الرئيس ميشال عون إلى سلامة، فردّ الأخير: “ألزمتُ المصارف فقط بوضع 15% كاحتياطي عملات أجنبية، ولم أطلب منها توظيف أغلبية الودائع لدى مصرف لبنان. المصارف مسؤولة عن توظيفاتها”. كلام سلامة اتّهام مُباشر للمصارف بأنّ تصرفاتها غير المسؤولة، وتوظيفها أموال المودعين في مكانٍ واحد من دون دراسة المخاطر، أدّت إلى اختفاء الأموال. لكنّه بذلك أيضاً يُدين نفسه، كمراقب ومُنظّم للقطاع المالي، ويُدين لجنة الرقابة على المصارف وبقية الجهات الرقابية، بأنّها كانت طوال سنوات تتفرّج على “المجزرة”.

    سلامة لعون: المصارف مسؤولة عن مصير الودائع

    أثناء الحديث عن الـ 400 مليون دولار، طلب وزير الصحة حمد حسن حجز كامل المبلغ لتأمين استيراد الدواء. قال سلامة إنّه “يلتزم بما يُقرّره المُجتمعون”، لكنّه أصرّ على أن يُسجّلها كديونٍ على الدولة اللبنانية مع شرط أن تكون ديوناً مميزة، فتحظى بـ”أولوية الدفع”، وبالدولار النقدي. يعني أنّ مصرف الدولة الذي يمدّها بالعملات الصعبة، يُريد منها أن تُفتّش عن الدولارات في السوق وتقوم بدور مُضاربٍ على العملة، وبتسديد الدين الجديد قبل الديون المتراكمة سابقاً. الخلاف حول الأرقام انسحب أيضاً حول الفواتير المتراكمة التي لم يسدّد “المركزي” قيمتها لمستوردي الأدوية. وزير الصحة تحدّث عن تراكم 600 مليون دولار، فيما سلامة يقول إنّ الفواتير المتراكمة هي 485 مليون دولار. وعبّر عن اقتناعه بوجود “تجاوزات” كبيرة في هذا الملف، وتجّار أدوية باعوها في السوق السوداء أو صدّروها إلى الخارج، “ويريدون القبض مرتين”. برز التشنّج خلال اللقاء بين حسن وسلامة الذي لام وزير الصحة لإعلانه أمام وسائل الإعلام عن أنّ “المركزي” سيدعم استيراد الدواء تماماً كالمحروقات، وذلك قبل أخذ موافقة المجلس المركزي لذلك.

    في هذا السياق، أشار وزير المالية غازي وزني إلى ضرورة “ترشيد الدعم” في إطاره الواسع ومعرفة ما هي حقيقةً الإمكانات المتوافرة، وليس التعامل أسبوعياً مع المشاكل نفسها بالمفرّق. وقال إنّ من واجب الدولة الاستدانة لتأمين الكهرباء، فهذه خدمة عامة وهي مسؤولة عما تستدينه فقط، لكنّه أثار عدم قانونية أن تستدين الدولة لتمويل القطاع الخاص. لم يوافق عون مع وزني من منطلق “عدم جواز أن يموت شعب من قلّة الدواء والمحروقات بسبب فاصلة في قانون. القرار سيصدر عنّا جميعاً، وبالتالي كلّنا نتحمّل مسؤوليته”. خلاصة الاجتماع كانت عدم الاتفاق على المبلغ الذي يُخصّص لاستيراد الدواء، والحاجة إلى اجتماع آخر، وعدم معرفة الأرقام لدى مصرف لبنان، وعدم ضمان أن يلتزم سلامة بتمويل الاستيراد.

  • وكتبت “النهار” تقول: بدت الأنظار والاهتمامات الداخلية موزعة أمس بين ترقب ما يمكن ان يتركه الكلام المدوي للبابا فرنسيس ومتابعات الفاتيكان الدولية والمحلية للواقع اللبناني بعد يوم الصلاة من اجل لبنان من جهة، ومأساة اخضاع اللبنانيين للمافيات المتواطئة مع السلطة في أزمة المحروقات المتمادية على رغم رفع الأسعار بما يلائم مشيئة المافيات من جهة أخرى. ولكن عاملاً آخر يتسم بأهمية كبيرة وبارزة طرأ من خارج إطار اليوميات المأزومة واستقطب الاهتمامات مجدداً، وتمثل في خطوة متقدمة اتخذها قاضي التحقيق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، ويفترض ان تشكل مفترقاً مفصلياً في العملية القضائية المتصلة بهذا الملف.

    فعشية ذكرى مرور 11 شهراً على انفجار 4 آب إتخذ القاضي البيطار سلسلة قرارات نادرة في ملاحقة نواب ووزراء سابقين ومسؤولين أمنيين وعسكريين، منها ما هو جديد ومنها ما يندرج في إطار تصحيح الإدعاء على مسؤولين سياسيين وأمنيين صادرة عن قاضي التحقيق العدلي السابق فادي صوان في هذا الملف.

    وطلب البيطار رفع الحصانة عن النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، وأرفق هذا الطلب بطلب جديد هو رفع الحصانة عن النائب نهاد المشنوق لملاحقتهم في هذا الملف وإقامة الإدعاء العام عليهم، كما طلب من نقابة المحامين في الشمال إعطاء الإذن لملاحقة الوزير السابق للأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، ومن نقابة المحامين في بيروت إعطاء الإذن لملاحقة النائبين خليل وزعيتر كون الثلاثة محامين، كما طلب ملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء أنطوان صليبا والمدير العام للامن العام اللواء عباس إبرهيم وقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي. وفهم ان جميع الطلبات التي أصدرها المحقق العدلي تندرج في إطار جانب من التحقيق المتعلق بالإهمال والتقصير، علماً أن حجب رفع الحصانة وعدم إعطاء الأذونات للملاحقة تحول دون إقامة الإدعاء العام في حق المطلوب رفع الحصانة عنهم والأمر نفسه بالنسبة إلى الأذونات.

    وإذ تطرح هذه الخطوة السؤال الكبير عما إذا كانت ستنطلق فعلاً هذه “#محاكمات 4 آب” من دون تفخيخات سياسية، أفادت المعلومات ان هناك توجّهاً لإصدار قرار الظني في القضية بين أواخر شهر أيلول وبداية تشرين الأول. وقد بدأ بيطار العمل عليه وسيتألف من مئات الصفحات التي تفصّل نقطة انطلاق شحنة نيترات الأمونيوم ومسارها وتخزينها حتى لحظة انفجارها. وحدّد البيطار تاريخ استجواب المدعى عليهم بعد 10 أيام وسيتم تبليغهم بالمواعيد كي لا يكون هناك أي مماطلة في ما خص رفع الحصانة. وفيما سارع الوزيران السابقان غازي زعيتر وعلي حسن خليل الى اعلان استعدادهما فوراً وقبل صدور الإذن المطلوب للحضور امام المحقق لإجراء اللازم، علم ان موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري من هذه الخطوة هو أنه لا يعارض رفع الحصانة ولا مشكلة لديه أبداً في تطبيق القانون من منطلق ان أي معني يثبت تقصيره يجب ان يتحمل مسؤوليته وان يدفع الثمن شرط الوصول الى المقصرين.

    واذ اعلن وزير الداخلية محمد فهمي استعداده لإعطاء الإذن بملاحقة اللواء ابرهيم وفق الأصول، لفت الى ان “اللواء عباس ابرهيم إنسان قانوني ولا يزال يحمي القانون وما سيقوله القانون سننفذه وليس لدي أي معطى، فالتحقيق يقوم به القاضي بيطار وكلنا تحت القانون ولم أستلم بعد أي إحالة رسمية وعند تسلّمها ستحال الى الدائرة القانونية في الداخلية”.

    وأكد النائب نهاد المشنوق بدوره لـ”النهار” انه مستعد للمثول امام المحقق العدلي سواء رفعت عنه الحصانة ام لم ترفع وبحسب الأصول القانونية بهدف كشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت.

    التحرك الفاتيكاني

    في المقلب الآخر من المشهد الداخلي، طغت ترددات يوم لبنان في الفاتيكان ومواقف البابا على الاهتمام المحلي. وأفيد في هذا المجال ان المتابعة الداخلية لمقررات اللقاءات التي عقدت بين رؤساء الطوائف المسيحية العشر والبابا والمسؤولين الفاتيكانيين سيتولاها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، فيما سيواصل الكرسي الرسولي اتصالاته على الساحة الدولية لحث عواصم القرار على ايجاد حل لمأزق لبنان.

    واعتبر البطريرك الراعي “أن مجرّد دعوة البابا فرنسيس لإجتماع حول لبنان في الفاتيكان حرّك الرأي العام الدولي”، وأوضح “أن الفاتيكان يريد الاستماع الى كل الاصوات للجوجلة وهو يعمل بطريقته الديبلوماسية “. وجدّد التأكيد “أن الموضوع لم يقف هنا بل يجب ان يكمل وأن تكون هناك لقاءات أخرى”. وقال البطريرك “رأيت البابا فرنسيس مصمماً ووضع القضية اللبنانية نصب عينيه “. واعلن الراعي انه “سيعمل جديّاً بعد لقاء الفاتيكان على موضوع جمع المسؤولين من أجل تشكيل الحكومة”. ورداً على سؤال قال “لا أعرف إن كان وجود حزب الله يوقف الدعم الدولي للبنان فالمجتمع الدولي يقول إنه غير راضٍ عن المسؤولين وأدائهم والجميع يُخالف الدستور ومن ضمنهم رئيس الجمهورية بدءاً من طريقة تأليف الحكومة وصولاً إلى طريقة العمل ككلّ”. وتوجّه الى المسؤولين بالقول: “ما اقوله ان الدستور طريق حافظوا عليه”. وعن المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية قال “طبعاً لا اطالب باستقالته فالمسؤولية ليست محصورة به بل تتعلق بكل المجموعة السياسية”.

    لكن رئيس الجمهورية ميشال عون بدا كأنه يحاول احتواء او تجاهل موقف البابا فرنسيس في توجيهه الانتقاد واللوم الى المسؤولين اللبنانين، فاعتبر “ان اللبنانيين بكل طوائفهم والذين يكنون للكرسي الرسولي بالغ الاحترام، سيلاقون الحبر الأعظم في دعوته إلى إنقاذ وطنهم الذي يشكل على قول البابا بالأمس، كنزاً يتوجب الحفاظ عليها”. واكد ان “اللبنانيين ينتظرون زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى بلادهم لكي يُعلن معهم قيامة لبنان من كبواته وليؤكدوا أنهم استحقوا وطنهم وقد عملوا معاً على استنهاضه وصون وحدتهم الوطنية التي تبقى درع حمايته الأسمى والتي بها يبقى وطن الحضور والرسالة”.

    السفيرة الأميركية

    ولم تغب ذكرى انفجار مرفأ بيروت عن كلمة وزعت للسفيرة الأميركية دوروثي شيا في احتفال إقامته السفارة الأميركية مجموعة برنامج “تبادل الشباب والدراسة” وقالت فيها :”هنا في لبنان، فيما نقترب من الذكرى السنوية الحزينة لانفجار المرفأ، إننا ننضم إليكم في الدعوة إلى المساءلة وختم الملف، أولا وقبل كل شيء من أجل الضحايا، ولكن على نطاق أوسع لكل من يريد أن يطوي صفحة الطريقة القديمة في ممارسة العمل. كما نشارككم في التطلع إلى انتخابات العام المقبل التي تعتبر في بعض النواحي الشكل النهائي للمساءلة أمام الجمهور.

    آمل أن يشهد العام المقبل خطوات مسؤولة إلى الأمام لإخراج لبنان من أزماته المتعددة، ويتوجه نحو الازدهار الذي يستحقه شعبه والإمكانات التي يمثلها هذا البلد. دعونا نقوم بهذا التحدي معاً. لقد أوضحت حكومة الولايات المتحدة وشعبها التزامنا تجاه الشعب اللبناني. والآن، أتطلع إليكم كي تأخذوا تعهداً على أنفسكم. إنني اشجعكم على أن تجدوا طرقاً لتكونوا السفراء والقادة، كما نعرفكم. خذوا خطوات للنهوض بما هو صحيح. هذه هي الروح التي نحتفل بها في يوم استقلالنا. حيث توجد الإرادة، هناك طريقة. وتذكروا أننا في هذا معا”.

  • صحيفة “الجمهورية” بدورها كتبت تقول: الأجواء الداخلية باتت مغطّاة بسحابة كثيفة من الأسئلة عما يُحَضّر للبنان في هذه المرحلة وإلى أين سيُقاد؟

    كأنّه مكتوب على هذا البلد أن ينتقل من أزمة إلى أزمة أشد وطأة من سابقتها؛ وسلطة الإفلاس مستوطنة أبراجها عاطلة عن المسؤولية؛ لا ترى ولا تسمع ولا تفعل، تنشر العتمة في الأرجاء وتطفىء كل بارقة نور تؤشّر الى انفراج… أما المواطن اللبناني، فصار يتيمَ سلطة ترعاه وتحميه، صار للجوع والوجع عنواناً، صارت طوابير الإذلال بيته، ويومياته التسوّل لرزقه وقوت أبنائه وعائلته ودوائه ومدّخراته المسروقة. وهكذا وبكلّ وقاحة وفجور، تمضي السلطة في جريمتها بدم بارد حتى تقضي على آخر لبناني.

    سيناريوهات وتحذيرات

    الحديث يتزايد في كلّ الأوساط وعلى كلّ المستويات عن احتمالات وسيناريوهات خبيثة ومخيفة، بات لبنان على قاب قوسين او أدنى من أن يسقط فيها. تعزّزه مراسلات سرية تَرد من الداخل والخارج الى مستويات مسؤولة، على شكل تقارير أمنية، او ديبلوماسية، تتقاطع عند التحذير من افتعالات تفجيريّة سياسياً واقتصادياً ومالياً وعلى مستوى الأمن في الشارع.

    في موازاة هذه الصورة المقلقة، تتبدّى حال من الارباك وانعدام الرؤية لدى كلّ المستويات، وخصوصاً لدى منظومة الإفلاس السياسي والتفليس المالي القابضة على الدولة والقرار.

    أياد خفيّة!

    الطافي على السطح الداخلي، عجزٌ عام عن فهم ما يجري، وما يُحَضّر لبلد يدور حول نفسه منذ أشهر طويلة. كأنّ «الأيادي الخفيّة

    من الداخل او من الخارج تعبث بالبلد وأمنه واستقراره، وتستثمر على ملهاة الطبقة الحاكمة وحربها المفتوحة على بعضها البعض على حلبة التأليف وصراع الشريكين فيه الذي لا ينتهي، ولا يبدو أنه سينتهي، وعلى نار الأزمات المشتعلة اقتصادياً ومعيشياً ومالياً، وعلى إذلال المواطنين امام محطات المحروقات، وعلى الناعقين على الشاشات، بالشرّ الكبير والكارثة الكبرى التي لم تأتِ بعد!

    مرجع يحذّر

    وفي الوقت الذي ظلّ فيه الوضع في طرابلس في دائرة الحذر، سجّل إشكال وظهور مسلح في منطقة عكار العتقية.

    وفي هذا السياق، قال مرجع أمني لـالجمهورية: «إنّ الوضع في لبنان على جانب كبير من الخطورة، كاشفاً عن «رصد تحرّكات مشبوهة ومحاولات للتخريب والإخلال بالأمن. وقال: «نشعر بقلق جدّي، فالوضع يتطلّب أعلى درجة من الإنتباه.

    وأكد «أنّ الأمن خط أحمر، والأجهزة الأمنية والعسكريّة تقوم بواجباتها لحمايته، وهي في أعلى درجات اليقظة والجهوزية والتنسيق بين بعضها البعض، لإحباط أيّ محاولة للعبث في أمن البلد واستقراره، وهي لن تسمح لأيّ كان بأن يستغلّ وجع الناس لتخريب البلد.

    قائد الجيش

    وبالتوازي مع تأكيد المرجع الامني بأنّ الوضع في طرابلس دقيق، سجّل حضور لقائد الجيش العماد جوزف عون في المدينة في زيارة تفقدية، طمأنَ فيها الطرابلسيين، وتوجّه إليهم بكلمة من ثكنة بهجت غانم في القبة، قائلاً: «لأهلنا في الفيحاء العريقة، نحن منكم ووجعكم وجعنا، وأمنكم أمانة في أعناقنا واستقرار المدينة مسوؤليتنا جميعاً. وتابع: «من غير المسموح لأيّ كان المَسّ بأمن مدينة طرابلس، ولا تساهل أو تهاون مع مَن يعبث بالاستقرار كائناً مَن كان.

    لا جديد حكوميّاً

    على أنّ هذه المخاطر التي تتهدّد البلد، لا يبدو أنها ستحرّك سلطة الإفلاس في الاتجاه الذي يبدّد هواجس الناس ومخاوفهم. قداسة البابا فرنسيس أطلق صلاة من أجل لبنان وتضرّع الى الله لإنقاذه وعبّر عن قلقه البالغ على مصيره، وكل العالم يقول إنّ أولى خطوات خروج لبنان من أزمته تتمثّل في التعجيل بتشكيل حكومة، فيما السلطة تتحدّى كلّ العالم وتدوس ما يريده اللبنانيون، بإصرارها على أن يبقى هذا البلد مسكوناً بشبح التعطيل وبإرادة هدم الدولة ومؤسساتها والإبادة الجماعية لكلّ الشعب اللبناني.

    كل تلك النداءات وحتى التوسّلات الخارجية، لم تتمكّن من ثَني معطّلي الحلّ في لبنان عن مسارهم القاتل للبلد وأهله، وحَملهم على حَرف هذا المسار في الاتجاه الذي يفتح الأفق المسدود ويكسر جريمة التعطيل المتعمّد لتشكيل الحكومة، وكل يوم يمضي يوسّع المسافة الفاصلة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف، ويعمّق الخلاف بينهما أكثر.

    صدمة

    في هذا السياق، يؤكّد مرجع مسؤول لـالجمهوريةانه لا يرى أملاً لتفاهم او اتفاق بين الشريكين اللدودين عون والحريري على تشكيل حكومة، فكلاهما أخرجا كل ما يُضمرانه تجاه بعضهما البعض، والعلاقة التي تفسّخت بينهما لا تنفع معها تمنيات، بل انّ ذلك صار يتطلّب «صدمة تفرض عليهما التفاهم. وما زلت أرى أملاً من الاجتماع الاخير بين وزراء خارجية الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والسعودية، ليؤسّس لمثل هذه الصدمة.

    ورداً على سؤال عمّا يحكى عن أنّ الرئيس المكلف قد حسم خياره بالاعتذار عن عدم تأليف الحكومة، قال المرجع: أولاً، الرئيس الحريري أعلن أنه ملتزم بالمبادرة الفرنسية وبمبادرة الرئيس نبيه بري اللتين تؤكدان تشكيل حكومة برئاسته. وثانياً، لم يصدر عن الرئيس المكلف أي كلام مباشر من هذا النوع، فكل ما يُقال في هذا الاطار ليس سوى تحليلات وسيناريوهات تطلق من هنا وهناك وتقول انّ الرئيس المكلف قرر الاعتذار. لا اعتقد أنّ الرئيس المكلف أعطى سرّه لهؤلاء، بعض هذه التحليلات قد تكون بريئة وناتجة عن قراءة خاطئة لموقف الرئيس المكلف، ولكن في المقابل انا على يقين من أنّ هناك من يتعمّد الترويج لاعتذار الحريري عبر بعض المحسوبين عليه، بقصد استفزازه، فربما فعلها واعتذر. في الخلاصة، طالما انّ الحريري لم ينطق بالاعتذار فكل الكلام الذي يُقال حوله لا قيمة له على الاطلاق.

    الخارجية الاميركية

    وفي موازاة تعويل المرجع المسؤول على اجتماع وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن ووزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان ووزير الخارجية السعودية فيصل بن قحطان، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إنّ المجتمع الدولي كان واضحاً في أنّ الإجراءات الملموسة تظل حاسمة من أجل إطلاق الدعم الهيكلي الطويل الأمد للبنان. وكل ذلك تمّت مناقشته في الاجتماع الثلاثي الذي جمع الوزير بلينكن ونظيريه الفرنسي والسعودي.

    وأكد برايس «أنّ هناك مصلحة دولية مشتركة في تحقيق الاستقرار في لبنان، وتقديم الإغاثة الإنسانية للشعب اللبناني، وتأمين الحكومة التي يستحقها اللبنانيون، حكومة تخدم مصالحهم.

    إستجوابات واستدعاءات

    قضائياً، برز أمس تطور لافت مرتبط بالتحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، تمثّل في إطلاق المحقق العدلي في الانفجار القاضي طارق البيطار مسار الملاحقات القضائية في هذا الملف بعد الانتهاء من مرحلة الاستماع إلى الشهود، حيث حدد موعداً لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، كمدّعى عليه في القضية، من دون أن يعلن تاريخه. ووجّه كتاباً إلى مجلس النواب بواسطة النيابة العامة التمييزية، طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن كل من وزير المال السابق علي حسن خليل، وزير الأشغال السابق غازي زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيداً للادعاء عليهم وملاحقتهم، كما وجّه كتابين: الأول إلى نقابة المحامين في بيروت لإعطاء الاذن بملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميين، والثاني إلى نقابة المحامين في طرابلس لإعطاء الاذن بملاحقة وزير الأشغال السابق المحامي يوسف فنيانوس، وذلك للشروع باستجواب هؤلاء جميعاً بجناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل وجنحة الإهمال والتقصير.

    كما طلب المحقق العدلي من رئاسة الحكومة، إعطاء الإذن لاستجواب قائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا كمدّعى عليه، وطلب الإذن من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، للادعاء على المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وملاحقته. ووجّه القاضي البيطار كتاباً إلى النيابة العامة التمييزية بحسب الصلاحية، طلب فيه إجراء المقتضى القانوني في حق قضاة. وشملت قائمة الملاحقات قادة عسكريين وأمنيين سابقين، إذ ادّعى البيطار أيضاً على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، مدير المخابرات السابق في الجيش العميد كميل ضاهر، العميد السابق في مخابرات الجيش غسان غرز الدين، العميد السابق في المخابرات جودت عويدات.

    وأصدر البيطار قراراً بتخلية سبيل الرائد في الأمن العام داود فياض والمهندسة نايلة الحاج، المسؤولة في الشركة المتعهدة لأعمال صيانة العنبر رقم 12 في حرم المرفأ.

    زعيتر وخليل

    وقد صدر عن النائبين خليل وزعيتر بيان أعلنا فيه: «بعد اطلاعنا من وسائل الاعلام على طلب المحقق العدلي في جريمة المرفأ الإذن من مجلس النواب للاستماع إلينا وفق الأصول، نؤكد استعدادنا فوراً وقبل صدور الاذن المطلوب للحضور أمام المحقق لإجراء اللازم للمساعدة في الوصول الى الحقيقة وتحديد المسؤوليات في هذه الجريمة.

    بري: لتطبيق القانون

    وقال الرئيس بري، رداً على سؤال لـالجمهورية حول ما قرّره القاضي البيطار: «نحن مع تطبيق القانون مئة في المئة.

    وزير الداخلية

    واعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي أنّه أعطى الإذن لملاحقة مدير الأمن العام اللواء عباس ابراهيم في قضية انفجار مرفأ بيروت. وقال في تصريح له: «بما أنّ طلب المحقق العدلي في قضية المرفأ القاضي طارق البيطار لملاحقة اللواء ابراهيم راعَى كل الاصول القانونية، لا يمكنني إلّا أن أعطي إذن الملاحقة احتراماً للقانون.

    لقاء الفاتيكان

    من جهة ثانية، وغداة لقاء الفاتيكان والصلاة لأجل لبنان، أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ «البابا فرنسيس مصمّم على وضع القضية اللبنانية نُصب عينيه، وأنه يريد أن يحملها حتى النهاية.

    وأعلن الراعي انه سيعمل جديّاً بعد لقاء الفاتيكان على موضوع جمع المسؤولين من أجل تشكيل الحكومة.

    ورداً على سؤال عن «حزب الله، قال: «لا يحق له ان يقرّر الحرب والسلم ووَضع رئيس الجمهورية والحكومة والشعب على جنب.

    وأشار الى أنّ «المجتمع الدولي يقول إنه غير راضٍ عن المسؤولين وأدائهم، والجميع يُخالف الدستور ومن ضمنهم رئيس الجمهورية، بدءاً من طريقة تأليف الحكومة وصولاً إلى طريقة العمل ككلّ.

    وعن المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية قال: «طبعاً لا أطالب باستقالته، فالمسؤولية ليست محصورة به فقط بل تتعلق بكل المجموعة السياسية. وأردف: «نحن مع رئيس الجمهورية وصلاحياته وفق الدستور، وأطالب دائماً بأن يكون الدستور طريقاً وهناك آلية دستورية لاستقالة رئيس الجمهورية، ولا يمكن القول في الشارع «فليسقط الرئيس، ولا أطالب بإسقاطه فالمسؤولية لا تقع عليه فقط إنما على الجميع.

    عون

    من جهته، قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انّ اللبنانيين سيلاقون الحبر الأعظم في دعوته إلى إنقاذ وطنهم، وهم ينتظرون زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى بلادهم لكي يُعلن معهم قيامة لبنان من كبواته، وليؤكدوا أنهم استحقوا وطنهم وقد عملوا معاً على استنهاضه وصَون وحدتهم الوطنية التي تبقى درع حمايته الأسمى والتي بها يبقى وطن الحضور والرسالة.

    بري

    وعلّق رئيس مجلس النواب نبيه بري على لقاء الفاتيكان وما تضمنه من صلاة وتضرّع، وقال: «هي دعوة صادقة من أهل الارض لرب السماء، من أجل إنقاذ لبنان واللبنانيين. فلنلاقِ ذلك الدعاء وتلك النوايا الصادقة بالعمل الصادق لإنقاذ لبنان وإنزاله عن جلجلة المصالح الشخصية والاحقاد، إستجابة لأحفاد تلك المرأة الكنعانية التي استَشهَد بها قداسة البابا «أغثني يا رب. وسأل: «هل ما زال هناك من مساحة نسمع فيها نداء الأرض والسماء لإنقاذ لبنان الوطن والرسالة؟

    مراسلات وتقارير أمنية محلية وخارجية تحذّر من افتعالات تفجيريّة سياسياًواقتصادياً ومالياً وعلى مستوى الأمن في الشارع بري حول قرار القاضي البيطار: «نحن مع تطبيق القانون مئة في المئة.

    مرجع مسؤول لـ«الجمهورية: هناك من يتعمّد استفزاز الرئيس المكلّف، وطالما انّ الحريري لم يقل إنه سيعتذر فكل كلام في هذا الشأن لا قيمة له «الوضع في لبنان على جانب كبير من الخطورة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى