رأي

العناوين اللبنانية لزيارة لودريان :نموذج للضحالة الفكرية والسياسية والصحافية (علي يوسف)

 

كتب علي يوسف – الحوار نيوز

 

عندما اسمع ما يتم تداوله  حول زيارة  موفد الرئيس  الفرنسي لودريان  الى لبنان  أحزن لمستوى الضحالة الفكرية والسياسية والصحافية  التي  وصل اليها  لبنان .

يتم اعطاء الزيارة مضمونا مرفقا بمعلومة  يعتبرونها مهمة :

اولا :مضمون الزيارة وعنوانها هو الاستطلاع والاجتماع بالاطراف اللبنانية لاستطلاع مواقفها.هل يُصدّق عاقل بأن ماكرون وفرنسا  هما  في مرحلة استطلاع حول الأزمة اللبنانية  ؟.. وهل كانت زيارات ماكرون وموفدين فرنسيين سابقين والتحركات الكثيفة للسفيرة الفرنسية في لبنان وزياراتها ولقاءاتها المتواصلة التي تشمل جميع الاطراف اللبنانية  وعلى المستويات كافة وحتى ما يُسمى المنظمات غير الحكومية     ، كلها بلا نتيجة ولم   يتمكن  الرئيس ماكرون من خلالها من ادراك  اسباب ومظاهر وجوانب الازمة في لبنان ؟  ام ان الرئيس ماكرون لا يثق بكل ما سبق وهو يُرسل الآن شخصا فهيما فوق العادة  لاستطلاع الأزمة والآراء ؟

ألا يستعمل هؤلاء السياسيون والصحافيون عقولهم  حين يتحدثون عن عنوان الزيارة ومضمونها ويُخضعون حديثهم لأدنى قواعد المنطق ؟ ام يرددون كلمات قالها احدهم للخروج من مأزق عدم المعرفة  فيقعون في ما هو أكثرمن عدم المعرفة؟

ثانيا : “المعلومة  “التي ترافق خبر زيارة لودريان والتي تعتبر ان الزيارة تأتي متأثرة بنتائج زيارة ولي العهد السعودي  محمد بن سلمان للرئيس ماكرون و هي تقول  “ان الرئيس ماكرون طلب من بن سلمان ان ينعكس  الاتفاق السعودي الايراني على لبنان  وان بن سلمان وعده  بذلك .

وهذا أنموذج عن المعجزة الصحافية اللبنانية التي تجعل من الرغبات او التحليل خبرا يتم تداوله كمعلومة فتتطاير المعلومات المتناقضة وتتصادم كأخبار وكصدى لهذه الاخبار ..!!

تصوروا مثلا ماذا يعني طلب ماكرون: يعني ان  فرنسا تُجيّر النفوذ بالملف  اللبناني الى السعودية وايران  في موقف لا يخلو من حالة التخلي وشيء من القداسة !

والأهضم والمثير للسخرية  القول ان الأمير بن سلمان وعده بتحقيق ذلك ،ما يعني انه يعترف بأن ملف لبنان والحل في لبنان هو بيد السعودية وايران، وانه حالما يقرران حل الازمة يتم ذلك ،وبالتالي فإن الازمة الحالية هما المسؤولان عن استمرارها  !..

و تبرز الضحالة الفكرية في اقصى تجلياتها  في اعتبار ان ماكرون يعتقد ان “انعكاس “الاتفاق السعودي الايراني يؤدي الى حل الأزمة في لبنان ، من دون  اي تحديد ما هو مضمون هذا الإنعكاس ،وكأن هذا الانعكاس هو نور الهي يقذفه  الله في صدور الاطراف اللبنانية  فيحل الاتفاق غير المعروف وغير المحدد المضمون على الازمة غير المستطلعة !!!

 

وللاسف يتم تعميم  هذه المضامين  والعناوين والمعلومة على ألسنة السياسيين والصحافيين، في اوضح تجلٍّ  لهذه الضحالة الفكرية  والسياسية والصحافية !

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى