سياسةمحليات لبنانية

متى الاستقلال الحقيقي؟

 

كم هو مؤلم ومؤسف ان تاتي الذكرى ال77 للاستقلال  ولم يتحقق حتى تاريخه ابسط مقومات الاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والانمائي الذي كان ولايزال يتطلع اليه  اللبنانيون ليشعرهم باستقلالهم الحقيقي وليس باستذكار مناسبة تقليدية واحتفالية تمر علينا  في الثاني والعشرين من تشرين الثاني من كل عام .

فكلما زاد تعداد السنوات للاستقلال , يزداد معها تكريس الطائفية والمذهبية والمحاصصة السياسية والفساد وتدمير القيم والبنى الاجتماعية والاخلاقية وتتزايد هيمنة الزعماء الطائفيين والمذهبيين واصحاب الرساميل الذين اورثهم الانتداب مواقعهم وحصصهم,  وبدورهم اورثوها الى ذريتهم واتباعهم الذين اجهضوا وافرغوا عاما بعد عام كافة محاولات التطوير والتحديث وتفعيل وتحديث المؤسسات الرسمية وكافة منطلقات الاصلاح السياسي والاداري والتربوي والديقراطي التي شهدتها البلاد خلال تلك الفترة..

لقد بات اركان هذا النظام يمارسون ادوارهم القديمة الجديدة بلباس وانماط واساليب اكثر وحشية وتدميرية باستباحة مباشرة ومكشوفة لحقوق اللبنانيين وموارد رزقهم واموالهم ومقدرات حياتهم كافة حتى اوصلوا اكثر من نصف الشعب اللبناني دون خط الفقر وحولوا النصف الاخر الى متسولين على ابواب المصارف والسفارات باستثناء قلة قليلة لا تتعدى 1 % تشكل الزعامات والقيادات واصحاب راس المال ومجالس ادارة  المصارف الذين نهبوا وجففوا وتقاسموا موارد الدولة وراكموا ثرواتهم وراسمالهم وهربوها الىالخارج .
وهم انفسهم الذين اطاحوا بمفهوم الاستقلال ومواد الدستور والقوانين  ومنعوا قيام الدولة المدنية الديمقراطية متمسكين بالنظام الطائفي والمذهبي بانيابهم واظافرهم
وفصلوا قوانين الانتخابات النيابية والبلدية على قياس مصالحهم ,وكرسوا النظام الريعي البغيض على حساب النظام الانتاجي ,  ودجنوا القضاء لخدمتهم ومنافعهم ومنعوا قيام السلطة القضائية المستقلة وصولا الى عدم توقيع التشكيلات القضائية .
كما اوصلوا مؤسسات الدولة الى اسوء حالات الاهتراء والتدمير ما ادى الى اكبر انفجار غير نووي مدمر في العالم اودى بحياة اكثر من مايتي شهيد وسبعة الاف جريح وتشريد مئات الالاف من منازلهم وتدمير ثلث العاصمة دون ان يرف لمسؤول جبين ودون ان يحاسب  اي مسؤول, وهم كثر.: مرورا من اعلى الهرم والوزراء المتعاقبين وصولا للمسؤولين من كافة الادارات الرسمية والامنية, ودون ان يتوصل التحقيق الى معرفة المسببين والمسؤولين .
كما ياتي طعن الاستقلال مجددا خلال اليومين الماضيين بانسحاب شركات التدقيق الجنائي التي وقعت العقد مع السلطة السياسية عينها في لبنان , عندما استشعر حاكم المصرف المركزي ومجلس ادارته واركان السلطة وناهبو الاموال العامة واصحاب الصفقات والمصارف ومهربو الاموال ان حقيقتهم واسرار نهبهم وصفقاتهم ومصادر ثرواتهم ستنكشف امام اللبنانيين والعالم وستضعهم مباشرة امام غضب شعبهم وانتقامه.
هذا غيض من فيض مما ادى الى نحر الاستقلال الحقيقي وفقدان الشعور الوطني باهدافه الوطنية  الاستقلالية المرتجاة .

استقلالنا الحقيقي ستحققه اقلام وسواعد وحناجر مئات الالاف من الثوار والوطنيين والأحرار  والشرفاء وفي مقدمهم المناضلين الذين نزلوا الى الساحات في كافة ارجاء الوطن ومستمرون رافعين  شعارات 17 تشرين الاول 2019 ولا زالوا متمسكين ومصرين على تحقيقها رغم الظروف الصعبة والمعقدة التي يواجهونها  وصولا الى قيام الدولة المدنية الديمقراطية العادلة وتشكيل حكومة الانقاذ الوطني التي تتبنى مطالب الشعب وفي مقدمها قانون انتخابات نيابية عادل وفق المواد  22 و 95 من الدستور والغاء الطائفية السياسية وتشكيل مجلس الشيوخ واقرار استقلالية كاملة للسلطة القضائية واستعادة الاموال المهربة والمنهوبة وكشف ومنع كافة مزاريب الهدر والفساد والصفقات والمحاصصات والسمسرات وتوفير فرص العمل وبناء الاقتصاد المنتج بدل الاقتصاد الريعي وقيام دولة الرعاية الاجتماعية وتعزيز التعليم الرسمي والجامعة الوطنية والضمان الاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة ومكافحة الفقر والبطالة وتامين حقوق اصحاب الاحتياجات الخاصة  واعادة اعمار ما هدمه انفجار المرفأ لاعادة المتضررين والمهجرين الى منازلهم الاصلية واقرار قانون اختياري للاحوال الشخصية ومنع وتجريم السلاح المتفلت  وضمان استقلالية القرار الوطني من اي تبعية وتحرير كامل التراب الوطني ومصادر الطاقة والنفط من الاحتلال الاسرائيلي, ورفع الايدي عن المؤسسات والاتحادات النقابية وتوفير مقومات الحياة العامة والممارسة الديمقراطية والحيات العامة التي تعتبر الركن الاساس من اركان الاستقلال .

الى الاستقلال الحقيقي  الذي نناضل من أجله, كل عام وانتم بخير.
محمد قاسم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى