الانتخابات البلدية تنطلق غدا من جبل لبنان: منافسات وتزكية في الأقضية الستة

الحوارنيوز- انتخابات بلدية
تنطلق غدا الأحد الانتخابات البلدية والإختيارية من جبل لبنان ،وسط منافسة حامية في العديد من الأقضية ،فيما حسمت التزكية نحو مائة بلدة وقرية .
صحيفة “الأخبار” خصصت في عددها الصادر اليوم ملفا عن هذه الانتخابات طال العديد من المناطق على النحو الآتي:
بلديات جبل لبنان: استفتاء القوات لبـيئتها الحاضنة
تحت هذا العنوان كتبت رلى إبراهيم:
تنطلق معركة البلديات في لبنان بعد تأخير ثلاث سنوات عن موعد الاستحقاق الأصلي أي في عام 2022، وفقاً لقانون للبلديات يحتاج إصلاحاً جذرياً لناحية انتخاب المواطنين في أماكن إقامتهم ومنع رئيس البلدية من الترشح لولاية ثانية أو ولايات حفاظاً على الديناميكية التغييرية. فالواقع أن فرص التغيير أو التنافس منعدمة في بعض القرى الكبيرة التي يحكمها أباطرة منذ عشرات السنوات ويتفوقون فيها بالنفوذ والخدمات والدعم الحزبي العابر للسياسة، حتى أن بعضهم بات يعتبر البلدية ملكاً خاصاً أو إرثاً عائلياً، خصوصاً في المتن الشمالي وبعبدا.
والمعركة البلدية في جبل لبنان تُخاض يوم غد على مستوى المجالس البلدية تمهيداً للمعركة الأكبر وهي اتحاد البلديات. وكما إن التحدي في الجنوب والضاحية والبقاع إثبات أن البيئة لا تزال حاضنة لحزب الله، ثمة تحدٍّ أمام القوات لإثبات توسعها شعبياً ترجمة لما تسميه «انتصاراً» عقب الحرب الإسرائيلية على لبنان، عبر فرض سيطرة كاملة على البلدات الأساسية ثم اتحادات البلديات.
جبيل: سعيد والتيار vs القوات
حتى الساعة، لا يبدو أن ميزان المعارك «يطبش» صوب القوات: في المتن الشمالي، تدور معركة الاتحاد بين حزب الكتائب وآل المر ولا وجود لأي وزن قواتي، وفي كسروان يتحكم النائب نعمت افرام برئاسة الاتحاد. أما في جبيل، فحاولت معراب خوض معركة في وجه الرئيس الحالي فادي مارتينوس قبل أن تكتشف ضعفها، فترفع الرايات البيضاء لتسقط شعار الفوز بالاتحاد معلنة تأييدها لمارتينوس الذي هو أقرب إلى التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية جوزيف عون. هذه الإستراتيجية اعتمدتها القوات في أماكن عدة رأت فيها عدم قدرة على الفوز. ومن الاتحاد إلى قلب مدينة جبيل حيث يحسم النائب زياد حواط عادة المعركة باكراً ويفرض رئيساً ذا توجهات حزبية واضحة.
لكنه أدرك هذه المرة أن رصيده لم يعد يكفي رغم حضوره وحيداً في المدينة، فاستقدم أحد المرشحين لرئاسة لائحة «جبيل أحلى» وهو جوزيف الشامي الذي لم يكن يوماً قواتياً، بل كتلاوي الهوى، ما تسبب في مشكلة ضمنية مع القوات. إنما الجديد أن خصوم القوات لم يقدموا لها فوزاً سهلاً، بل اختاروا المواجهة تحت عنوان «تسجيل رقم لإثبات وجودهم هناك حتى لا يخرج الحواط في اليوم التالي ليعلن أن جبيل له أو أنها للقوات حصراً دون غيرهم».
فشكّلوا لائحة «القرار الجبيلي» الشبابية برئاسة لويس قرداحي ابن الوزير السابق جان لوي قرداحي تدعمها العائلات والتيار. أما المفاجأة الأكبر، فتكمن في خوض القوات والنائب السابق فارس سعيد معارك حادة في كل البلدات، وهو أمر لم يكن يوماً بهذا الوضوح، مقابل تحالف للمرة الأولى بين سعيد والتيار يترجم لاحقاً في الانتخابات النيابية. وتبرز بلدة العاقورة كساحة النزاع الأبرز بين القوات في وجه سعيد والتيار وآل الهاشم. في حين أن قرطبا هي البلدة الوحيدة التي لا يتحالف فيها العونيون وسعيد جراء عدم قدرة التيار عن التراجع عن الكلمة التي أعطاها لرئيس البلدية الحالي الذي هو أيضاً رئيس الاتحاد، أي مارتينوس، في حين أن سعيد يدعم لائحة في وجههما بالتحالف مع عائلة كرم.
كسروان: التيار وحيداً ضد القوى السياسية
كان يمكن لكسروان تجنّب المعارك البلدية الضارية التي لا يرغب فيها أي طرف لولا رفض جعجع مبادرة النائب نعمت افرام لتشكيل لائحة توافقية تضم التيار من ضمن ائتلاف واسع يشمل كل الأفرقاء في جونية. وسوء إدارة جعجع للمعركة جعلته أسير تحالف الخماسي مع افرام والنائب السابق منصور البون والنائب فريد الخازن وحزب الكتائب منقلياً على كل عناوين التغيير والنضال ضد الإقطاع التي حملتها القوات منذ نشأتها.
تبرز بلدة العاقورة كساحة النزاع الأبرز بين القوات في وجه فارس سعيد
فيما استغل التيار الفرصة لدعم لائحة «جونيتنا» المشكّلة من الشباب برئاسة سيلفيو شيحا ضد «الإقطاع» وسيستغلها للقول إنه تمكّن من تسجيل رقم في وجه ائتلاف يضم كل القوى السياسية والتقليدية المتكتلة ضده. ومن جونية إلى العقيبة حيث لم ينجح نائب القوات شوقي الدكاش في تشكيل لائحة توافقية أو تشكيل لائحة قواتية، فاختبأ وراء لائحة يرأسها شقيق الوزير الراحل سجعان قزي، جان، ضد لائحة تمثل العائلات. والواقع أن الاستحقاق البلدي في كسروان، باستثناء جونية وبلدة أو بلدتين، يتخذ طابعاً عائلياً أدى إلى حسم مجالس بلدية عدة بالتزكية. في حين أن تحالف التيار في كل البلدات مع الخازن (في ما عدا جونية) أعطى الحزب دفعاً إضافياً للتمثل في بلدات لم يكن قد دخلها سابقاً، وأبرزها بلدتا غسطا وزوق مصبح.
المتن الشمالي: الكتائب يستغل القوات
المعركة الأبرز في المتن هي معركة اتحاد البلديات لما يشكله الاتحاد من وزن سياسي وخدماتي وتحكم في مفاصل البلديات الأساسية البالغ عددها 34 بلدية، ويخوضها الكتائب مرشحاً شقيقة النائب سامي الجميل، نيكول، إلى رئاسة الاتحاد في وجه ميرنا المر رئيسة الاتحاد الحالية والتي تشغل هذا المنصب منذ عام 1998. والطرفان يطمحان للفوز بالاتحاد عبر اكتساب دعم رؤساء البلديات الكبرى، لا سيما ساحل المتن، الذين يوالون بغالبيتهم آل المر لا لشيء سوى أن عرّابهم الأساسي وباني زعاماتهم البلدية هو النائب الراحل ميشال المر، والد ميرنا.
وقد تمكّن بعضهم ممن تخطت ولاياتهم الـ20 عاماً من الفوز بالتزكية عبر توافق كل الأحزاب عليهم كسن الفيل والدكوانة وبشبه تزكية كالزلقا، في حين أن القدرة على تغيير زميلهم رئيس بلدية أنطلياس إيلي أبو جودة محدودة رغم ارتكابه مخالفات كبيرة. فالأخير مدعوم من الكتائب والطاشناق وقد تمكّن من استمالة التيار الوطني الحر بعد انسحاب التيار من تحالفه مع المرشح الخصم جورج أبو جودة إثر تراجعه عن اتفاق بإعطاء العونيين 6 أعضاء في المجلس وعرضه عليهم 4 أعضاء مشترطاً المشاركة في تسميتهم. وثمة من يربط بين هذا الانقلاب المفاجئ ودور للقوات التي تدعم هذه اللائحة.
واللافت أنه وفيما تستخدم الكتائب كل أصوات حزب القوات في المعركة البلدية في المتن وتحظى بدعم الحزب، لا يقابل الكتائبيون القوات بالمثل. ففي أنطلياس مثلاً تدعم الكتائب لائحة الرئيس الحالي ضد اللائحة المدعومة من القوات. والأمر نفسه في بسكنتا حيث توافق التيار والقوات على المرشح طوني الهراوي بينما كانت الكتائب في صف المرشح طانيوس غانم، إنما لم تبصر لائحته النور. على المقلب الآخر، فتح تحالف التيار- آل المر آفاقاً جديدة للعونيين لربح بلديات إضافية مما كان عليه الوضع في عام 2016. وهو التحالف الأول مع الوزير السابق الياس المر.
بعبدا ربح القوات السياسي لا يؤكلها خبزاً
لم يترجم الربح القواتي المزعوم سياسياً عقب الحرب الإسرائيلية على لبنان، تأييداً واسعاً في قرى بعبدا، لا سيما تلك التي تحظى منها برمزية خاصة كالحدت والشياح وفرن الشباك. ففي الحدت معركة حادة بين التيار الوطني الحر عبر رئيس البلدية الحالي جورج عون في وجه لائحة برئاسة عضو البلدية عبدو شرفان مدعوماً من الكتائب والنائب المستقيل من التيار آلان عون، والقوات بخجل. وفي الشياح لم تتمكن القوات من تغيير رئيس البلدية ادمون غاريوس الذي فاز بالتزكية في ذروة انتصار سمير جعجع. وفي فرن الشباك يرشح رئيس البلدية ريمون سمعان غير الحزبي نجله بعد سيطرته على البلدية منذ عام 1998. وفي بعبدا، لم تجد القوات سوى رئيس البلدية هنري كاراميلو الحلو لتدعمه رغم أن ولايته اتسمت بالمشكلات التي أدت إلى استقالة المجلس البلدي وبالتالي إقالته، ضد لائحة برئاسة قواتي معلقة عضويته هو سامي معماري و أخرى برئاسة هنري ميشال الحلو مدعومة من العائلات والتيار. أما التوتر الأكبر، فتشهده بلدة حارة حريك التي يتفق فيها عادة التيار مع حزب الله وحركة أمل على مجلس يرأسه مسيحي ونائبه شيعي وفيه 10 أعضاء شيعة و8 مسيحيين. هذا العام قرر النائب آلان عون الذي عادة ما ينجز هذا الاتفاق، غداة خلافه مع التيار، دعم لائحة القوات ضد الثنائي والتيار لكسر خاله ميشال عون في بلدته وحزب الله في إحدى البلدات الأساسية.
جنبلاط في إقليم الخروب: حياد ولكن
وتحت هذا العنوان كتبت لينا فخر الدين:
يُعد إقليم الخروب خزاناً شعبياً لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» ما أتاح له الاحتفاظ بحصة سنيّة في المجلس النيابي، رغم المتغيّرات التي أطاحت سابقاً في حصّته المسيحيّة، المارونيّة والكاثوليكيّة، في الشوف وعاليه. ويعمل وليد جنبلاط وفقاً لخريطة يهدف عبرها إلى تجنب خسارة الإقليم، وإن كان أدرك حجم التّراجع في حجم شعبيّته السنيّة والذي تبدّى في صناديق الاقتراع في عام 2018.
وقد ظهرت النتائج بعد انتكاسة سياسة الخدمات العامّة نتيجة تصدّع مؤسسات الدّولة، إضافةً إلى غياب «تيار المستقبل» وسطوع نجم «التغييريين»، ما تسبب في إحجام شعبي، من دون أن يعني ذلك تبدّد نفوذ «الجنبلاطيين» الذين ما زالوا يقبضون على المشهد السني في الإقليم وغلبتهم على جمهور يميز الحزب الاشتراكي عن بقية المناطق مذكراً بـ«المد الجنبلاطي» العابر للطوائف؛ هنا، حيث ما تزال ترتفع معاوِل الحزب وحيث يتذكّر العجائز خلوات كمال جنبلاط وزياراته المتكرّرة لأحيائهم.
جنبلاط، المنشغل بالوضع الدّرزي خلف الجبال، يعرف هذا الوضع ولا يُريد أن يفرّط به سعياً إلى انتخابات نيابيّة لا تشوبها تقلّبات شعبيّة. ولذلك، يبدو ضنيناً على الإقليم، ليوزّع إرشاداته على الحزبيين بعدم الانجرار خلف الصراعات العائليّة في الانتخابات البلديّة، راغباً في وقوف «الاشتراكيين» على الحياد في معظم البلدات والقرى، أو السّعي إلى وفاق، كما حصل في برجا حينما فتح النائب السابق علاء الدين ترو أبوابه لكلّ خصومه التقليديين، بما فيهم المدير العام السابق لقوى الأمن الدّاخلي، اللواء علي الحاج.
ونجحت شبكة علاقات ترو، بتشكيل لائحة ائتلافيّة من «المستقبل» و«الجماعة» وحتّى «الحزب الشيوعي اللبناني» برئاسة شقيقه، ماجد ترو. وهو أيضاً ما ينطبق على كترمايا حيث تقاطعت رغبات الحزب الاشتراكي مع رغبات «المستقبل» في دعم رئيس البلدية الحالي، يحيى علاء الدين، الذي لا يُعد بعيداً من «فلك المختارة».
عملياً، حيث كان للوفاق أو لـ«الفوز المحسوم» مكان، دخل «الاشتراكيون» بـ«قلب قوي»، فيما تمنّعوا عن دخول مباشر بمعارك «على المنخار» تسهم في تراجع شعبيّتهم ما سيؤثّر حكماً في الانتخابات النيابيّة المقبلة. هذا القرار غير المُعلن ظهر بشكلٍ فج حينما أصدر جنبلاط قراره بانسحاب حزبه ونائبه، بلال عبدالله، من المعركة الانتخابيّة في شحيم، بعدما بدأت تُصدّع علاقة الأخير مع بيئته الشعبيّة وأكسبته الانتقادات في مسقط رأسه.
ويقول متابعون إنّ «الجنبلاطيين» لم يخرجوا من المشهد، وهم موزّعون على اللوائح الأربع في شحيم. وتبدو هذه السياسة مُعمّمة على مُعظم بلدات الإقليم وقراره، حيث تنتشر رموز جنبلاطية على رأس اللوائح من دون أن تخوض المعركة باسم الحزب، كما هو الحال في شحيم وداريا وسبلين والبرجين… ويلفت هؤلاء إلى أنّ «المختارة» تتقصّد اختيار المناصرين لخطّها بدلاً من «المتحزبين الفاقعين»، تاركةً للجميع خياراتهم من فوق الطّاولة، تحت مسميات «الوقوف على الحياد».
«الرماديّة الجنبلاطيّة»، بحسب المتابعين، ستنقلب تبنياً، في حال الفوز، أو على الأقل إشارات بنفوذها داخل المجالس البلديّة الموزعة في اتّحاد بلديات الإقليم، الشمالي والجنوبي، تحضيراً لكوْنها مفاتيح انتخابيّة تستخدم في الانتخابات النيابيّة المقبلة.
هذه الرماديّة يستخدمها «الاشتراكيون» أيضاً في البلدات الدرزية، حيث يُترك أبناء البيت الواحد يتنافسون من دون تدخّلات تُذكر، على اعتبار أنّ الرابح سيكون من «حصّة المختارة» من دون جهود منهم أو كسب «عداوات» يدفع ثمنها في الانتخابات النيابية، في ظل تناغم واضح مع حزب القوات اللبنانية في غالبية القرى المختلطة التي تضم دروزاً ومسيحيين. فيما كان مسؤولو الحزب يعمدون منذ البداية إلى تكريس الوفاق والتزكية، كما حصل في المختارة وسرجبال…
عزوف الحريري يقلب حسابات تياره
وعلى عكس جنبلاط، كان تيار «المستقبل» قبل أيّام قليلة يتجهّز وسط تعطش المسؤولين والكوادر لخوض الانتخابات البلديّة، في سعي إلى العودة إلى الأرض بعد «سنوات النفي»، إلّا أنّ قرار الرئيس سعد الحريري بالعزوف عن المُشاركة، أحبط كلّ برامجهم، وبعدما حضّروا لوائحهم وتحالفاتهم ومرشحيهم، باتوا مضطرين إلى «الانسحاب الطوْعي».
ومع ذلك، ما يزال «المستقبليون» حاضرين. لا يُريدون تبني أيٍّ من المرشحين بشكلٍ علني، إلا أن المسؤولين في منسقيّة إقليم الخروب يُتابعون سيْر الانتخابات في كلّ بلدة، ويخوض هؤلاء المعارك من تحت الطّاولة، كما هو حاصل في عدد من البلدات.
وحدها «الجماعة الإسلاميّة» تستشرس في الانتخابات البلديّة وتحاول إثبات وجودها في كلّ قرية، كما لو أنّها معركتها الأخيرة، غير آبهةٍ بالنتائج أو التّحالفات التي تبنيها «على القطعة»؛ تتحالف مع «المستقبل» في برجا وتُخاصمه في كترمايا، وهو ما ينطبق أيضاً على «الاشتراكي».
فعلياً، تبدو «الجماعة» كما لو أنّها تؤكّد قوّة سطوتها في الإقليم وتُراكم للانتخابات النيابية المقبلة، وتراهن على اعتكاف جديد للحريري في الاستحقاق النيابي، ما يعني إمكانيّة فوزها بتحالفٍ انتخابي مع «الاشتراكي»، بعدما أثبتت امتلاكها لحيثيّة شعبيّة حينما خاضت الانتخابات الماضية منفردة وحصل مرشّحها على 5 آلاف صوت. أمّا نفوذها الجديد في المجالس البلديّة، فستراكمه أيضاً مع قدرتها على استمالة جمهور سني جديد إثر بروز «الإسلام السياسي» وارتفاع أسهمها في الشارع السني بعد «عملية طوفان الأقصى» والحرب على غزّة ولبنان.
في المقابل، تشير اللوائح في عدد من قرى الإقليم إلى أفول نجم نوّاب التغيير أو على الأقل عدم خوضهم المعارك بالمباشر في البلدات، عبر الابتعاد عن الصراعات العائليّة ومحاولة دعم غير مباشر للوائح التي تخوض الانتخابات في وجه لوائح الأحزاب، كما هو حاصل في الدامور مسقط رأس النائبة نجاة عون الداعمة للائحة «الدامور هويتنا» ضد لائحة آل الغفري المدعومة من النّائب جورج عدوان (أعلنت عون تأييدها لبعض اللوائح المدعومة من عدد من الأحزاب، كما هو الحال في دير القمر)، أو في بعاصير، البلدة التي تتحدر منها النائبة حليمة قعقور.
الحارة: انتخابات بِنَفَس طائفي
وتحت ها العنوان كتبت زينب حمود:
تأخذ الانتخابات البلدية في حارة حريك نفساً طائفياً، وتدور المواجهة بين لائحة «التنمية والوفاء» المكتملة للثنائي الشيعي بالتحالف مع التيار الوطني الحرّ ولائحة «تجمّع عائلات حارة حريك» المؤلّفة من 7 أعضاء مسيحيين. وجاءت ولادة الثانية، كما تقول، كردّة فعل على تركيب اللائحة الأولى، بعدما «فرضت على قسم من العائلات المسيحية من يمثّلهم خلافاً لإرادتهم».
شدّ العصب الطائفي كان واضحاً مع الإعلان عن «انتزاع حقوق المسيحيين المهدورة في الحارة»، وهو ما ركّز عليه «تجمّع العائلات» في برنامجه الانتخابي. وقالت هيئة حارة حريك في التيار في هذا الإطار إن «التجمّع يصوّر التعاون بين التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي كأنه وسيلة للاستقواء على مسيحيّي حارة حريك»، ورأت أن التجمّع هو «بروفا» يقوم بها النائب آلان عون الذي انشقّ عن التيار لفحص شعبيته في الانتخابات النيابية.
وتقاسم الثنائي والتيار المقاعد في بلدية حارة حريك كما جرت العادة، 10 مقاعد للمسلمين، و8 مقاعد للمسيحيين مقابل أن ينال المسيحيون رئاسة المجلس، والتي ظلّت مع رئيس البلدية الحالي زياد واكد، مجمعين على أن العائلات شكّلت أعضاء اللائحة. ويستبعد عضو المجلس البلدي في حارة حريك والمرشّح للانتخابات البلدية المقبلة علي سليم «الخرق في اللائحة سواء من قِبل لائحة «تجمّع عائلات حارة حريك»، أو من قِبل المرشّح الذي يخوض المعركة الانتخابية منفرداً من آل موسى، وهو ما لم يحصل من قبل».
الاختلاط المسلم المسيحي في المريجة- الليلكي- تحويطة الغدير لم تنتج منه منافسة انتخابية، إذ فازت لائحة «الوفاق العائلي» بالتزكية في الانتخابات البلدية برئاسة روني سعادة، بعدما سحب هادي الخليل ترشّحه منفرداً. وتتوزّع مقاعد المجلس البلدي بين 13 عضواً مسيحياً واثنين شيعة، التقسيم المُتفق عليه تاريخياً منذ عام 1998. ومثل اسمها، يقول عضو المجلس الجديد نديم عمّار إنّ «لائحة «الوفاق العائلي» تشكّلت بناءً على توافقات عائلية، وتمثّلت فيها كلّ الأحزاب المسيحية، وهذا ما يحصل عادةً من دون أن يؤثّر هذا التعايش على العمل داخل البلدية أو في علاقاتها مع بلديات الجوار واتحاد بلديات الضاحية».
الشويفات: التوافق الحزبي لا يلغي المنافسة
وتحت هذا العنوان كتبت ندى أيوب:
الأحد المقبل، ستكون بلدة الشويفات على موعدٍ مع استحقاقٍ بلدي لن يخلو من مفاجآت، رغم اتفاق الزعيمين الدرزييْن وليد جنبلاط وطلال إرسلان على تجنّب مواجهة انتخابية في البلدة حفاظاً على الاستقرار الاجتماعي والسياسي فيها. إلا أنّ وجود الحزبين، التقدمي الاشتراكي والديمقراطي اللبناني، في لائحة «الشويفات تواكب» التي ضمّت أيضاً مرشحين مستقلّين، لم يحل دون ولادة لائحة ثانية ضمّت – للمفارقة – أربعة مرشحين من الحزب الاشتراكي نفسه، لكن من خارج القرار الحزبي، وسط توقّعاتٍ بأن يكون التشطيب سيد الموقف، وبأن تخرق لائحة «نبض الشويفات» (شكّلها تجمّع «الشويفات مدينتنا» و«منتدى إنسان»)، لائحة ائتلاف الأحزاب بثلاثة مقاعد.
غير أن اللافت أن المرشح نضال الجردي يشكّل نقطة التقاءٍ بين طبّاخي اللائحتين كالأفضل لرئاسة البلدية المقبلة. وساعد في ذلك تنازل آل صعب الذين يُفترض أن تؤول رئاسة البلدية في هذه الدورة إليهم بحسب العرف، تنازلوا لمصلحة الجردي.
في البلدة التي تشهد تقاطعاً سياسياً واختلاطاً طائفياً (درزياً – مسيحياً)، حاول جنبلاط وإرسلان دعم تشكيل لائحة توافقية تفوز بالتزكية. ورغم ضمّ مرشحين غير حزبيين إليها كالجردي والريشاني المحسوبين على الجوّ المُستقل، أخفقت تلك المساعي، لتولد «نبض الشويفات»، وهي لائحة غير مكتملة مدعومة مما يُسمى «المجتمع المدني»، وتضمّ وجوهاً تدور في الفلك «التغييري».
لكنّ «المجتمع المدني» لم يكن ليستطيع تشكيل لائحة، لولا أنّ بعض «الاشتراكيين» أبلغوا جنبلاط أنّ «شخصيات اشتراكية جديرة بالترشّح والوصول إلى المجلس البلدي إلى جانب الحزبيين الثلاثة الذين ضمّتهم اللائحة الحزبية»، وعليه رشّحوا أربعة أسماء على لائحة «نبض الشويفات». كذلك ضمّت هذه اللائحة الأخيرة مرشحَين من الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أبلغ الجردي التزامه بالتصويت له كمرشحٍ لرئاسة البلدية، لكن من دون الالتزام بالتصويت للائحته.
في المحصّلة، لن يضمن التوافق بين «الاشتراكي» و«الديمقراطي» فوز لائحتهما كاملة، بعدما خلقت التباينات داخل «الاشتراكي» نفسه، واقعاً لم يعد معه اختيار الناخبين محصوراً، بين لائحة أحزابٍ تقليدية، أو «سلطوية» وأخرى «معارضة»، بل بين لائحتين تضم كل منهما حزبيين ومستقلين، على أن تحسم الحسابات العائلية التي عادة ما تجتاز الانتماءات السياسية اتجاه التصويت.
ويتألّف المجلس البلدي في الشويفات من 18 عضواً، 11 منهم من حصة الطائفة الدرزية، فيما الستة الآخرون للمسيحيين ومقعد وحيد للسنّة. كما يتنافس المرشحون لانتخابات المخاتير على 11 مركزاً، ويبلغ عدد المقترعين في البلدة 14 ألف ناخبٍ.
«حيّ السلّم»: ثلاث بلديات بلا خدمات
وتحت هذا العنوان كتبت راجانا حمية:
بين ثلاث بلديات، تتوزّع أزقّة حي السلّم القائم على أطراف الضاحية الجنوبية لبيروت. مذ عادت البلديات إلى العمل عقب سنوات طويلة من الحرب الأهلية، دُمج الحيّ الذي لم يكن موجوداً سابقاً ببلديات الشويفات (لها الحصّة الأكبر) والمريجة والحدث، لوقوعه عقارياً على أراضٍ تابعة للبلدات الثلاث التي تخلّت عن «أبوة» الحي وقطعت «صلة الرحم» به، ما أدى إلى أزمة مزمنة بينها وبين هذا «الكيان» الذي اعتاد سكانه غياب البلديات عن إدارة شؤون هذه الكيلومترات الثلاثة وإسقاطها من حساباتها، اللهم إلا إرسال عمّال لتسكير حفرة أو إصلاح قسطل مياه للصرف الصحي، وهو ما لا يحدث إلا عندما تصبح المشكلة أكبر من قدرة السكّان على حلّها، وبعد اتصالات على مستوى عالٍ يتولاها حزب الله أو حركة أمل.
اعتياد الناس على غياب البلديات جعلهم أكثر تصالحاً مع أحوالهم، فلا عادوا يكترثون لانقطاع مياه الخدمة التي كانت تأتيهم من الشبكات العمومية، ولا لـ«غرق الزواريب بالمياه الآسنة وتحوّلها مجروراً مفتوحاً على مدار السنة»، بحسب حسان فقيه، ابن الحيّ منذ سبعينيات القرن الماضي، مشيراً إلى أن سكان المنطقة «أصبحوا يواجهون هذه الأزمة المستمرّة بإجراءات عملية، لا تتضمّن حلّ المشكلة وإنما اختراع طرق للتعامل معها».
كان الحيّ «بيّارات» ليمون وزيتون وصبّار، عندما بدأت طلائع السكان بالوصول إليه في خمسينيات القرن الماضي، وبأعداد أكبر في السبعينيات عندما بدأوا بتسييج مساحات وبناء غرف أسّست لما يعرف اليوم بحيّ السلم. تحوّلت البساتين إلى شوارع يحمل كل منها غالباً اسم العائلة التي سكنته، وصار الحي عبارة عن «تجميعة» عائلات أتت من مناطق مختلفة، خصوصاً من الجنوب والبقاع.
ولأن الجزء الأكبر من الحي يقع فوق أرضٍ مملوكة لبلدة الشويفات، ألحق تلقائياً ببلدية الشويفات، فيما ألحق جزء صغير منه ببلدية الحدث، وثالث ببلدية المريجة. غير أن هذا التنوّع لم يكن مصدر غنى، ولم يترجم خدماتٍ على الأرض. وعندما حاول بعض السكّان مع المعنيين استحداث بلدية مستقلّة للحيّ، اصطدموا برفض بلدية الشويفات «خسارة» هذه الأرض، وبإشكالية قانونية. إذ كيف يمكن أن تنشأ بلدية بلا ناخبين، وهو ما يظهر جلياً مع كل استحقاق انتخابي، حيث يفرغ الحي من سكانه الذين يقصدون بلداتهم وقراهم للانتخاب فيها.
يعزو أهالي حي السلم غياب الخدمات البلدية إلى غياب الأصوات الناخبة. ويروي أحد المقيمين أن لجنة تأسست في الحي في سبعينيات القرن الماضي بعدما كثر السكان، «جمعت من كل بيت 300 ليرة وأنشأت شبكة بدائية للصرف الصحي لا تزال قائمة حتى اليوم». أما مياه «شبكة الدولة»، فغائبة تماماً، وكان السكان قديماً يعتمدون على إحدى النواعير للحصول على مياه الخدمة، قبل أن يتبرّع حزب الله بحفر عددٍ من الآبار، فيما تأتي مياه الطبخ والشرب من محال تكرير المياه. والأمر نفسه ينسحب على الإنارة في الشوارع، إذ يعمد كل صاحب محل مثلاً إلى التبرّع بشريط من «اللمبات» لإنارة مدخل محلّه ليلاً والمساحة القريبة منه، فيما «اللمبات» القليلة فوق الأعمدة لا تنير إلا عندما تأتي «كهرباء الشركة»، وهو أمر نادراً ما يحدث.
أقصى ما تقدّمه البلديات الثلاث فتح قسطل أو تسكير حفرة. وهذا القصور عن تقديم الخدمات لا علاقة له بالأزمة المالية، بل يعود إلى زمنٍ طويل. ولذلك، ترك العمل البلدي للأحزاب، وتحديداً حزب الله. ويشير أحد مسؤولي العمل الاجتماعي، «الحاج فضل»، في الحزب إلى أن «95% من الخدمات اليوم يقوم بها اتحاد البلديات في الضاحية الجنوبية»، ويعمل حزب الله على محاولة سدّ النقص في الخدمات التي يقدمها الاتّحاد.
وما دفع الحزب إلى الاستعانة ببلديات الضاحية هو «فيضان» المشكلات البنيوية في الحل، ولا سيّما الصرف الصحّي والمياه، ويشير «الحاج فضل» إلى أنه «منذ ست سنوات تقريباً، يجري العمل على تأمين شبكة للصرف الصحي في الحي، وجرى مدّ أكثر من 5 آلاف متر جرّ من شبكات الصرف، ولكننا لا نزال بحاجة إلى الكثير». والأمر نفسه ينسحب على المياه «حيث عملنا على حفر عدد من الآبار لتقديم مياه الخدمة للحي ونتقاضى بدلات ضئيلة لا تكفي في بعض الأحيان لسدّ الحاجة». كما إن هناك مساعي، عبر الاتّحاد أيضاً، لتأمين الزفت، «فآخر مرّة زفتت فيه شوارع في الحي كانت على أيام الوزير يوسف فنيانوس»، مشيراً إلى أن «هناك زواريب في الحي لم يصلها الزفت منذ نشأته».
هذا أقصى ما يمكن أن يقدمه حزب من خدماتٍ بلدية في حيّ يقيم فيه أكثر من 300 ألف نسمة متروكين لقدرهم وفقرهم، ومحرومين من أبسط الخدمات، رغم توزّعه بين بلديات ثلاث.
دير القمر: استفتاء شعبي قبل الانتخابات النيابيّة
وتحت هذا العنوان كتبت لينا فخر الدين:
منذ دعوة الهيئات النّاخبة في دير القمر، لا شيء ثابتاً في البلدة الأثريّة التي يُشارك في انتخاباتها البلديّة والاختياريّة نحو 4 آلاف مقترع. الأحزاب والشخصيّات السياسيّة تنقّلت على مدى الأيّام الماضية بين لوائح «فرطت» وأُخرى شُكّلت بعد خلط الأوراق والتحالفات التي كانت قائمة في 2016، بين حزب «القوات اللبنانيّة» والتيّار الوطني الحر، في مواجهة النائب السابق ناجي البستاني وحزب «الأحرار». يومها، خرق البستاني و«الأحرار» بـ6 أعضاء، مقابل 12 عضواً محسوبين على التيار و«القوات» اللذين خاضا المعركة تحت عنوان «أوعى خيّك»، قبل أن تؤدي الخلافات بين الطرفين إلى استقالة عدد من الأعضاء، وتسلّم الأعضاء المحسوبين على البستاني الدفّة بالتّعاون مع «القوّات».
التقارب بين البستاني والنائب جورج عدوان في المجلس السابق ساعد بداية في الحديث عن تحالف، إلّا أنّ «السقف العالي» لنائب «معراب» بمحاولة فرض اسم الرئيس مع 12 من أصل 18 عضواً، أدى إلى تشكيل تكتّل انتخابي في وجهه، جمع البستاني وخصمه النائب فريد البستاني والتيّار الوطني الحر وبعض الشخصيات التي تمتلك وزناً شعبياً.
حلف انتخابي قادر على أن «يكسح» خصومه، أرعب عدوان الذي سُرعان ما «نزل عن الشجرة» واستمال ناجي البستاني بعرضٍ يتيح له إيصال مرشّحه إلى الرئاسة لمدّة ثلاث سنوات ونيله حصة وازنة في المجلس تصل إلى النّصف.
استمال عدوان ناجي البستاني بتحالف يقضي بتقاسم الرئاسة والأعضاء
وهكذا، أدّى انضمام البستاني إلى لائحة عدوان (بالتحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي) التي يرأسها وليد البستاني إلى «فرط» اللائحة الائتلافيّة، وابتعاد فريد البستاني عن المعركة، قبل أن يغادر لبنان ويُعلن وقوفه على الحياد. فيما انضم «التيّار» ومعه بعض الشخصيات إلى «لائحة 2030» برئاسة الصيدلاني ناجي جرمانوس الذي يحظى بدعم «الأحرار»، وحزب الكتائب.
أمّا اللائحة الثالثة التي يرأسها الأستاذ المدرسي جورج يزبك، فغير مكتملة، وستخوض المواجهة بـ12 عضواً بدعمٍ من العائلات. ورغم انضمام عدد من الحزبيين إضافةً إلى اعتبار يزبك نفسه من المناصرين لـ«التيّار»، يؤكد العونيون أنّ يزبك «غير منتسب، وأنّ المرشحين في لائحته مدعومون من عائلاتهم وليس من أحزابهم»،
المتابعون الذين يرون في انتخابات دير القمر استفتاء لأحجام الأحزاب والشخصيّات السياسيّة في البلدة التي كانت تعد مركز المارونية السياسية، تمهيداً للانتخابات النيابيّة في العام المقبل، يلفتون إلى أنّ تراجع عدوان عن مطالبه يشي بخوفٍ من تراجع في شعبيّته. ويؤكدون أنّ الرابح الأوّل سيكون «التيّار»، غالباً، باعتبار أنّ المقربين منه موزّعون على جميع اللوائح، بما فيها اللائحة المدعومة من «القوات».
وإذا كان توزيع المناصرين والحزبيين على اللوائح لم يأتِ بقرار سياسي مسبق بل لدواعٍ عائليّة فرضت هذه التوازنات، فإنّ المتابعين يشدّدون على أنّ هذا التوزيع يُمكن أن يستفيد منه «التيّار» في المعركة المقبلة على رئاسة البلديّة، إذ إنّ التجارب التاريخيّة في دير القمر تعزّز فرضيّة عدم وصول لائحة كاملة إلى المجلس، وغالباً ما تؤدي الخروقات إلى تشكيل تحالفات جديدة داخل المجلس تفرض اسم الرئيس.