سياسةمحليات لبنانيةمن هنا نبدأ

الاستقلال الملعون..والمعلّق (حسن علوش)

 

حسن علوش – الحوارنيوز خاص

منذ أن نال لبنان استقلاله واللعنة تلاحقه وتتجسد على شاكلة فوضى وانقسامات تتحول عند كل مفترق الى إقتتال.

لعنة زرعها الإنتداب وارتضتها بعض الفئات اللبنانية لما تنطوي عليه من امتيازات فئوية مفخخة تتناقض مع النمو الطبيعي لمجتمع طبيعي، وهذه اللعنة تدعى الطائفية.

يقول د. زهير شكر في مقدمة مؤلفه “الوسيط في القانون الدستوري اللبناني – نشأة النظامين السياسي والدستوري ومسارهما – المؤسسات الدستورية” :” إن خصوصية النظام السياسي اللبناني ناتجة عن ترابط بين الكيان وبين الصيغة الطائفية. ومن ثم فإن أزمة الانتماء الوطني والانتماء القومي، هي من أسباب أزمة النظام. ذلك أن الموارنة رأوا في إنشاء الدولة اللبنانية تتويجاً لجهودهم منذ منتصف القرن التاسع عشر في الحصول على كيانهم الخاص، فقد شكلت الدولة الجديدة، بالنسبة لهم، تطويرا للمتصرفية التي أعطت جبل لبنان طابعاً مسيحياً، ورفض المسلمين رداً على ذلك الكيان الجديد مطالبين بالوحدة مع سوريا. وإذا كان الميثاق الوطني قد أوجد صيغة وطنية – طائفية مقبولة، ارتكزت على أساس التسوية، الا أنه لم يوجد أرضية مشتركة لبناء مجتمع مدني موحد الانتماء”.

ومذاك التاريخ ولبنان يمر بمحن ونزاعات وحروب داخلية معززة بتشجيع اقليمي ودولي، نظرا لوجوده الجغرافي الى جانب دولة فلسطين التي قرر الانتداب نفسه أن يسلبها من أهلها ويستبدلها بزراعة دولة تقودها قومية لاجئة من جهات العالم، كقطعة غريبة في جسم لم يتآلف معها ولا يبدو ذلك.

التسوية التي يتحدث عنها د. شكر، هي هي اللعنة التي لم يتمكن اللبنانيون من فك طلاسمها.

 المحاولة الأكثر جدية تمثلت في وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف) التي رسمت آلية لمرحلة انتقالية نحو بناء دولة مدنية – ديمقراطية غير طائفية، وحددت العدو وثبتت لبنان بهويته العربية وكوطن نهائي لجميع ابنائه. لكن هذه المحاولة أجهضت وجرى الانقلاب عليها من المؤمنين والكافرين بها على حد سواء.

ولبنان الذي احتفل بحزن وصمت وخجل هذا العام بعيد الإستقلال، إنما هو وطن تائه بين عواصم الدول الخارجية يبحث عن رئيس للجمهورية، بلا جدوى.

أليس من العيب الوطني أن يمر العيد ال79 لإستقلال لبنان ونحن ننتظر ما ستؤول اليه نتائج المفاوضات المكوكية التي تقوم بها الرئاسة الفرنسية من أجل التوافق على رئيس للجهورية اللبنانية؟

أليس من العيب الوطني أن تواصل الرئاسة الفرنسية مساعيها مع أكثر من دولة عربية للتخفيف من شروطها المتصلة بهوية ومواصفات الرئيس المفقود؟

أليس من العيب الوطني أن تسعى فرنسا مع عواصم عربية لإقناعها بأن تعطي الضوء الأخضر لمجموعات لبنانية من أجل التعاون للإتيان برئيس للجمهورية استثنائي يقود لبنان بمرحلة انتقالية يتفاهم خلالها اللبنانيون بالحوار بشأن آلية لتطبيق الدستور وبناء الدولة الموعودة منذ العام 1989.

أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل مكرون في أكثر من مناسبة أن لبنان عليه أن يطور نظامه السياسي كمدخل لمعالجة أزمة نظامه البنيوية، وها هو يحاول ترميم النظام القائم، بعد رفض الأحزاب المسيحية اللبنانية ومرجعيتهم المارونية أي مس بالصيغة الملعونة ذاتها.

وتضاف الى هذه المعضلة، معضلات أخرى تتصل بالدور المتنامي للمقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي في لحظة دولية وإقليمية تحاول فرض معادلات جديدة تضع حداً للنزاع العربي الاسرائيلي وتسلم بشروط دولة الاحتلال داخل فلسطين وخارجها، ما زاد الأمر تعقيداً.

وإلى أن يعود العقل الى بعض المجموعات اللبنانية وتغيّر مواقفها التي تعرض لبنان إلى مخاطر كبيرة وتفتح ساحاته امام الراغبين في العبث بوحدته واستقراره، فإن إستقلال لبنان معلّق إلى حين بناء الدولة القادرة على صون السيادة والقرار الوطني المستقل وإشعار اللبنانيين بنعمته، حتى ولو اتفقنا غدا على رئيس عتيد.  

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى