رأيقضاء

إعلان وفاة.. ودولتاه!(حسن أحمد خليل)

بقلم حسن أحمد خليل

يأتي ويذهب أي من الرئاسات او الوزراء اوالنواب او الكهنة والمشايخ. “مش مهم”. الدنيا والدولة ممكن تصلح نفسها.

لكن عندما يسقط القاضي والقضاء، يكون قد إنتهى كل شيء. تعلن وفاة الدولة، وتتعفن الى دولة فاشلة تأكلها الطيور التي تعيش على الجيفة والديدان. تتحلل، ولا يبقى منها بعد فترة الا بعض كفنها الممزق.

البارحة لم يكن يوما عاديا.  يبقى هناك بضعة قليلة من القضاة الشرفاء، معروفون بالأسماء، ولا نذكر اسماءهم حرصا عليهم.

الدولة متوفية منذ زمن. البارحة اعلنت الوفاة.

الدولة انتهت عندما اصبح لأعلى القضاة مرجعيات سياسية قضت على صفتهم العدلية. بعض القضاة المنفردين ابطال. لكن بعض قضاة الاستئناف والتمييز والمدعين العامين نزعوا عنهم ثوب القوس الاسود، ولبسوا بدلات مرقطة ومميزة بألوان الاحزاب والميليشيات . بات معلوما ان لكل رئيس حزب، لصيق به، مكلف ان يكون ضابط ارتباط مع القضاة والضباط. نعم. الضباط في المراكز الامنية العليا، اي مجلس الدفاع ودونه ايضا لهم مرجعيتهم الطائفية الزعاماتية.

وتسألون عن اسباب وفاة الدولة البارحة.

المهم.. هل تكون لحظة الوفاة  تاريخية، فينتفض القضاة الشرفاء، وكذلك الفاسدون الذين قد يصحون من فسادهم في لحظة وجدانية؟ ام سيكونون كما الحراك في الشارع المدمن على مخدرات التفرقة والشتات؟؟.

هل ينتفض حسان دياب الذي اتوا به واخذوه حيث شاؤوا؟ خطب وألّف اللجان، ثم وقع عل تعييناتهم. اراد تطيير الحاكم، فطار هو. يستجديهم على الاقل عضوية نادي رؤساء الحكومات السابقين ويستعلوا عليه. ماذا ينتظر إذن بعد ان اهدر فرصا تاريخية ليكون رجلا تاريخيا، ان يضرب بيده، وينزع الصمت المزيف من فمه، ويستمع لبعض وزرائه الذين ضاقوا ذرعا بصمت ابو الهول، ويعلن انه لن يكون رئيس تصريف اعمال، تنفجر البلاد في وجهه، وهو شاهد زور.

متى يصرخ في وجه من اتى به، ثم ادار ظهره ؟ هل صدق فعلا انهم رأوا فيه رجل التغيير؟

يبقى الأمل في وزيرة العدل. هل تفعلها اليوم؟ هل تبرهن انها من نساء التاريخ تساوي عشرة رجال، في زمن قل فيه الرجال؟ هل ستعتكف عن تصريف الاعمال، ولو رمزيا، بعد استقالة الحكومة، وان لا تكون شاهدة زور على اللاعدل؟

لم نعد نرفع سقف الآمال لانه مرتبط بنسبة الخيبات.

لكن، ببساطة ،ما يحصل اليوم، وما سيحصل في الايام المقبلة، هو مراسيم الجنازة للدولة، والتي سيسير فيها من اغتصبوها ثم طعنوها بالسكاكين،ثم نحروها. وسيسير خلفهم الملايين من اتباعهم، اولاد الدولة، مواطنيها. يبكون أمهم ، غير ملتفتين انهم لولا ادمانهم على مخدرات الفساد، والتبعية والرشوة والزبائنية والعنصرية والانانية، لكانوا انقذوا أمهم.

نعم سيبكي المجرمون والضحايا فقدان الدولة الأم الحاضنة الحنون، التي كانت تدير البيت، وتؤمن الأمن والطمانينة.

لكنها رحلت، وقد يبحث المجرمون عن أم ثانية، من رحم انتخابات جديدة، تستبد بالاولاد الذين سيسيرون وراءهم كالدجاج المنتوف يلتقطون حبوب قمح ترمى لهم.

ودولتاه!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى