العالم العربيسياسة

أميركا وإيران وأمن الخليج: قراءة في تطورات المشهد الخليجي

 


د . جواد الهنداوي -الحوارنيوز خاص
مشهدٌ جديد للموضوع، عنوان المقال ، ويسمح بإستنتاجات تستحق التوقف والتحليل ورسم السياسة اتخاذ المواقف.
واللقاء، عبر الفيديو كونفرس، بين وزير خارجية ايران ووزير خارجية الإمارات، بتاريخ ٢٠٢٠/٨/٢، هو منْ بين اسباب كتابة الموضوع .
يشّكلُ اللقاء موقفا ايجابيا آخر ومحطة مُريحة اخرى في مسيرة العلاقة السياسية المتوترة بين البلديّن،  والتي بدأت بالتّحسن منذ ان بعثت ابو ظبي في العام الماضي وفداً سياسياً رفيع المستوى الى طهران للتداول في التعاون في الامور الملاحية والبحرية ، و تعزّز مسار التحسّن  ،على اثر جانحة كورونا وتبادل المساعدات  والتعاون بين البلدين.
تعاملت ايران مع دول الخليج بصبرٍ و ترّو ، و تعّول على الزمن في تليين مواقف بعض دول الخليج ، ولم تترددْ في تكرار رغبتها و ترحيبها بعلاقات ودْ و تفاهم و تعاون مع المملكة العربية السعودية.
نجحت  ايران في بناء علاقات إيجابية مع كل من قطر والكويت وعُمان ، و تنضمُ اليوم الامارات الى مسيرة الدول الخليجية المتفاهمة مع ايران . للموقف الإماراتي تجاه ايران حساباته  واستنتاجاته . فما هي ؟
بين الامارات و المملكة العربية السعودية مواقف سياسية مشتركة ، كلاهما يقودان حرب اليمن ، وكلاهما يتبنيّان سياسة جديدة تجاه اسرائيل،  والامارات تتخصّص بمضيّها علناً  نحو التطبيع. ولكلاهما  كذلك مواقف سياسية حذرة و تصريحات عدائية تجاه ايران ،  تتميّز  الامارات ايضاً بتعاون اقتصادي رسمي و غير رسمي مع ايران .
استبعدُ اي تنسيقٌ مُسبقْ في الترتيب او لاحق في النتائج بين الامارات و المملكة بخصوص اللقاء بين السيد ظريف و نظيره الإماراتي . لن يقود التفاهم او التعاون الإماراتي الإيراني الى انفتاح سعودي إيراني  ،لكنه سيعزّز الحضور والدور الإيراني في أمن الخليج و المنطقة.
الامارات تواجه الآن خصماً غريبا و بعيدا عن جغرافية وساحة الخليج، وهو تركيا ، وبينهما (واقصد بين الامارات و تركيا )، ماهو أعمق  وابعد من تصريحات عدائية  ومواقف سياسية ، بينهما صراع أيديولوجي، موضوعه العقيدة والحركة الإخوانية، و بينهما ايضاً اشتباك ميداني، و ساحته ليبيا واليمن و أفريقيا .
لعلَ الامارات ادركت الآن ضرورة الاتكال على قوة إقليمية حاضرة و فاعلة في المنطقة ،  وتتنافس ،كما ذكرنا في مقالات سابقة ،ثلاث قوى ( ايران، تركيا ، اسرائيل ) على التأثير و النفوذ والهيمنة في المنطقة ، و لم يكْ للأمارات خيار آخر غير ايران كقوة حاضرة و فاعلة في المنطقة ،وخاصة بعدما تبيّن ضعف و هشاشة الكيان الاسرائيلي و الذي هو طرف دخيل على المنطقة وبحاجة الى حماية و طمآنة على وجوده. لا ينبغي و لا يمكن لاي دولة خليجية الاعتماد ،في سلامة اراضيها و حفظ أمنها، على اسرائيل، ففاقد الشئ لا يعطيه.
سياسة ايران بصور عامة  وخاصة تجاه دول الخليج  والمنطقة قائمة على الصبر  والنفس الطويل والنفوذ السياسي و الدبلوماسي ، وهادفة لطمأنه هذه الدول و كسب ثقتها  وودّها، ولكن لم تخفْ ايران دورها العسكري و دعمها لحماس والجهاد الإسلامي من اجل نصرة الشعب الفلسطيني و مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ،و لم تخفْ ايران دعمها العسكري لسوريا لمحاربة الإرهاب ودعم الدولة والمحافظة على سيادة ووحدة الأراضي السورية ، ولم تتستر ايران على دورها العسكري في العراق من اجل محاربة الإرهاب. سبب الوجود العسكري التركي في قطر هو حماية الدولة من ايّ تهديد خارجي، وسبب الاحتلال التركي لجزء من الأراضي العراقية و جزء من الأراضي السورية هو لضرورات الامن القومي التركي، كما ان تواجد القوات التركية في ليبيا – حسب ما صرّحَ به الرئيس اوردغان -هو لحماية المصالح التركية. أقصدُ مِنْ ذكر ما تقدّم من حقائق، هو ان السّنة السائدة في المنطقة هي: اعتماد حركات المقاومة والتحرير في المنطقة على ايران في دعمها و إسنادها، واحتماء بعض دول المنطقة  بقوى إقليمية، وانتهاك لسيادة بعضها ومن قِبلْ قوى إقليمية ( تركيا  واسرائيل ) او عالمية ( امريكا في سوريا ) .
لم يعُدْ النموذج الامريكي للحماية و الدفاع صالحاً او كافياً لبعض دول المنطقة، وذلك لإنعدام الثقة ولشراهة وإبتزاز وسوقيّة التعامل الامريكي.
أمام دول الخليج و دول المنطقة فرصة حقيقية لبناء شبكة أمان  واستقرار واستقلال سياسي وتكامل اقتصادي كفيل بتعزيز الثقة وترسيخ العلاقات.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات-بروكسل

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى