رأيصحف

الرصاصة التي تغتال نتنياهو

 

الحوارنيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في الديار يقول:

 

 

من أكثر التعليقات “الاسرائيلية” اثارة حول كلام الشيخ نعيم قاسم: “هل هي المصادفة، أم التفاهم عن بُعد (كوجه من وجوه الاستشعار عن بُعد)، أن تلتقي قيادة حزب الله مع البيت الأبيض لتفجير حكومة بنيامين نتنياهو”؟

القيادة اياها تدرك ما معنى وما خلفية كلام آموس هوكشتاين في بيروت. لكأن المبعوث الرئاسي الأميركي كان ينتظر موقفاً مثل ذلك الموقف، الذي أطلقه نائب الأمين العام للحزب. تأكيد واضح وقاطع بعدم تجاوز الخط الأحمر في المواجهة عبر الخط الأزرق (الا إذا…). هو الذي اذ يدرك ضبابية المشهد الاقليمي على بيّنة مباشرة من هشاشة المشهد الداخلي، دون اغفال النزعة النرجسية لدى بعض القيادات الحزبية، والتي تذهب في رهاناتها الدونكيشوتية، الى حد وضع البلاد على حافة الانفجار…

لا حرب. هذا كان موقف السيد حسن نصرالله، في أول كلمة له بعد عملية طوفان الأقصى (اليوم الكبير لم يحن بعد). للتو نقل كلام الشيخ قاسم الى هوكشتاين، في حين كان بني غانتس، كناطق باسم الجنرالات، يغادر واشنطن الى لندن للبحث في السيناريو الخاص بإبعاد زعيم “الليكود” عن المسرح، بعدما كان الصحافي الأميركي فريد زكريا قد وصفه بـ “الجثة المجنونة”، ليرى في غانتس الرصاصة الموجهة الى رأس نتنياهو.

أما لماذا واشنطن ولندن تحديداً؟ ربما لأن المدينتين هما من صنعتا الدولة العبرية، إذا أخذنا بالاعتبار التنسيق الذي جرى بين الرئيس وودرو ويلسون ورئيس الوزراء البريطاني لويد جورج، والذي أدى الى اعلان “وعد بلفور” في 2 تشرين الثاني 1917، لتغدو الأمبراطورية الأميركية “المعطف الالهي”، كما وصفها أبا ايبان، للدولة العبرية عقب غروب الأمبراطوريات الأوروبية.

غانتس ليس بالشخصية الأقل وحشية من نتنياهو في التعامل مع الفلسطينيين. لكنه الجنرال ووزير الدفاع السابق الذي أمضى سنوات طويلة في الخدمة الميدانية، بدءأً من “عملية الليطاني” ضد لبنان عام 1978، أي أنه تابع بعين المقاتل لا بعين السياسي ما جرى سابقاً على الأرض اللبنانية ـ وصولاً الى بيروت ـ وما يجري الآن في غزة، ليزداد قناعة بأن الفوضى السياسية التي تضرب “اسرائيل” منذ اغتيال اسحق رابين عام 1995، انعكست وبشكل دراماتيكي على المؤسسة العسكرية، التي لم تأخذ بالاعتبار تجربة عام 2006 في لبنان.

تلك التجربة التي أثبتت أن ثمة تغييراً (فلسفياً) حصل في مسار الحروب، حيث تراجع دور الجيوش الكلاسيكية بظهور أنواع أخرى من المقاتلين، كقنابل بشرية لا مجال لرؤيتها بالعين المجردة.

الأميركيون الذين يرون في غانتس الأكثر واقعية داخل مجلس الحرب “الاسرائيلي”، يريدون له أن يكون حصان طروادة في تفكيك الائتلاف، وهو الذي يتعامل بجدية مع هواجس الادارة حول المأزق الذي تواجهه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والذي لا بد أن تكون له تداعياته المستقبلية الكارثية على مصالحها الاستراتيجية.

ما نقلته وسائل الاعلام الأميركية حول الساعات الثلاث التي أمضاها غانتس في البيت الأبيض، يشي بمدى الغضب من أداء نتنياهو الذي “لا يقاتل الآن ضد حماس بل ضد أميركا”، والذي “ألحق في أشهر قليلة من الأضرار بالدور الأميركي، ما يفوق بأضعاف الأضرار التي أحدثها أعداؤنا في سنوات طويلة…”

آن لنتنياهو الذي كاد يتهم غانتس بـ “الخيانة”، أن يدرك اصرار الرئيس جو بايدن على رفض توسيع الحرب وفي أي اتجاه. كل تقارير اجهزة الاستخبارات تتوقع نتائج أبوكاليبتية لأي انفجار، وفي منطقة تتمتع بحساسية جيوستراتيجية فائقة قابلة جداً للاشتعال، وبعدما تبيّن أن “المنحى المغولي” (تعبير ريتشارد هاس) للهيستيريا الدموية على أرض غزة، جعل البلدان العربية، وحتى بلدان المحيط، تستشعر نوعية الخطر الذي تشكله دولة تقترب أصابعها أكثر فأكثر من الأزرار النووية.

في هذا المناخ الشكسبيري أتت زيارة هوكشتاين لبيروت و”تل أبيب”، دون أن ندري ما كان رده على سؤال وجهه أحد الذين التقاهم “هل فكرت بزيارة السيد نصرالله”؟

ولكن ماذا لو كان الرجل، كقنبلة ديبلوماسية، قنبلة الكترونية أيضاً؟ لكم التفسير…

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى