حسن علوش – الحوارنيوز
لأنها ساعة إحتضار، مر شريط الذكريات سريعا كالثواني الثلاثين السابقة لتوقف تدفق دم القلب الى الدماغ.
كانت MAGMA أسرع من حركة عيوننا وانفعالاتنا وتنفسنا مع كل حركة أو انتقال مشهدي أو مع شهيقها وزفيرها في لحظة من لحظات تجلي الأداء المنفرد للسيدة التي تعيش في جمهورية التفوه الأبدية.
MAGMA تكثيف لعمر قصير في جمهورية تعتاش على ظلم الناس وقهرهم، فكيف بطفلة ولدت سمراء بين قطيع أبيض مريض بداء التفوق. رغم الكم الرمزي في نص مشغول بدقة، كمن يسير بين نقاط الطوائف، طغى على الحوار المسرحي بين MAGMA و MAGMA وبينها وبين بعض الشخصيات المتخيّلة واقعية تكاد تعيش معها يومياتك الصامتة.
ها هي برناديت تنطق حيث عجز ويعجز آخرون، تدعوك الى رسم مسار حياتك بغضب، بلا خوف.
الغضب وحده لا يكفي، فمثله لا يزيدنا الا عجزا على عجز…
غضب مصحوب بصحوة وإدراك الآخرة قبل الخطوة الأولى.
لن يجرؤ متسلط أحمق يقود سيارة متسلط فاسد على التعرض اليك إذا ما وقفت بوجهه ونزعت خصيته التي لا يستخدمها إلا للشتائم…
هو مركوب من ذا الذي يجلس يمين المقعد الخلفي ويقرأ بصحف اليوم في صفحة المناقصات أو الوفيات…
دعوة لغضب مرصوص حتى لا تتحول “جمهورية التفوه” التي نعيشها كل يوم (تفوه على لعلمك السواقة – تفوه على كهربا الدولة – تفوه على الطاقة الشمسية – تفوه على المدارس واقساطها – تفوه على عجقات السير- تفوه على هلبرامج الفارغة – تفوه على ضيفك وعليّ انتخبوه – تفوه على اغاني الابتذال وتفوه على التفوه على التفوه) … حتى لا نتحول إلى “جمهوريات التفوه” فنضيف الى سلسلة شيّقة من التفوهات … تفوه على من اخترع حواجز المرور بين وطى المصيطبة وزقاق البلاط وبينهما عائشة بكار.
أجادت برناديت لعبة الجسد وطوعته بما يخدم نصاً متداخلا فيه التراجيديا والكوميديا توأمان ،وربما لهما شقيق ثالث يصح أن نطلق عليه “تراميديا” اللبنانية.
بلغت برناديت لحظة التكامل عندما شعر كل مشاهد للعمل المحبوك، بإبتسامته وهو حزين! بقهقهاته وهو يبكي!
عالم MAGMA في شريط الذاكرة الأخير يدور بين سرير وخزانة ونافذة مسروقة والكثير من الوجوه المسروقة في جمهورياتنا العظيمة.
أودعت MAGMA رسائلها الكثيرة جعبة ذاكرتنا الحية ورحلت في ابتكار مشهدي مبهر. واكبناها لساعة من الزمن في رحلة طويلة منذ ولادتها البيولوجية حتى ولادتها الفنية وبينهما شخصيات متناقضة سكنت جسد برناديت النحيل، لكنه قوي.
شكرا برناديت حديب وشكرا لعصام بو خالد وشكرا لفريق العمل الذي اعادنا الى مساحة جميلة من الأعمال المفقودة والتي تراجعت لمصلحة ابتذال وتسفيه ولا شيء غير الكلام المبتذل.