قالت الصحف : تحليلات وتوقعات حول مجلس الوزراء الجمعة

الحوارنيوز – صحف
استأثرت جلسة مجلس الوزراء المقررة الجمعة المقبل باهتمام الصحف الصادرة اليوم ،وتنوعت التحايلات والتوقعات في هذا المجال.
النهار عنونت: الطريق إلى جلسة الجمعة محفوفة بالمزالق… دعم خليجي للحكومة وتحرّك فرنسي متجدد
وكتبت صحيفة “النهار”: لم تبدّل المواقف والمعطيات الوزارية أو السياسية التي تجمعت في الساعات الأخيرة الصورة المشدودة والحذرة للغاية، حيال العد العكسي الجاري لجلسة مجلس الوزراء الجمعة المقبل، والتي سيصادف انعقادها مرور شهر كامل على جلسة الخامس من آب التي اتخذ فيها مجلس الوزراء قرار حصرية السلاح في يد الدولة. بل إن ما تركته مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري في كلمته الأحد الماضي، لم تحدث فسحة لأي توقعات إيجابية بحصول أي اختراق من شأنه أن يقنع “الثنائي الشيعي” بأن رضوخ السلطة للضغوط التي يصعدها من أجل تعليق أو إلغاء أو تجميد قرار حصرية السلاح، هو أمر أشبه بالاستحالة لعوامل داخلية وخارجية شديدة الخطورة في حال تجاهلها وتجاوزها. وإذ التزمت الأوساط القريبة من رئاستي الجمهورية والحكومة التحفظ عن إطلاق أي مواقف أو تقديرات استباقية تاركة للاتصالات والمساعي الجارية أن تأخذ مداها قبل جلسة الجمعة، بدا لافتاً أن الأوساط القريبة من “الثنائي” راحت تمعن في التشديد على أن كل السيناريوات والخطوات ستكون مفتوحة في الجلسة إذا تمسكت الرئاستان بالمضي نحو خطة عسكرية لقيادة الجيش تلحظ برمجة زمنية لحصرية السلاح، ومن ضمن السيناريوات انسحاب الوزراء الشيعة من الجلسة. ومع أن أي معطيات من بعبدا أو السرايا لم تؤكد أن ثمة اقتراحاً سيكون الأقرب إلى الأخذ به ويعتمد اعتبار لبنان في حل من التزام الورقة الأميركية بما تتضمنه من أولوية حصرية السلاح انطلاقاً من أن إسرائيل وسوريا لم تعلنا موافقتهما على ورقة توم برّاك، مضت أوساط الثنائي في الترويج لهذا “المقترح” بما عكس عدم التوصل إلى أي نقطة تقارب بين الرئاستين الأولى والثانية من جهة، و”الثنائي” عبر الرئيس بري من جهة ثانية. وترافق ذلك مع معطيات وإيحاءات تشير إلى “قطيعة” صامتة قائمة وغير معلنة بين عين التينة وكل من بعبدا والسرايا منذ جلسة الخامس من آب، الأمر الذي يزكي الانطباعات التي لا تستبعد تصعيد الأزمة، خصوصاً وأن الأفرقاء الآخرين المشاركين في الحكومة يتمسكون بخروج الجلسة بقرار حاسم لجهة الإقرار والموافقة على خطة عملانية واضحة ببرنامج زمني لقيادة الجيش.
في أي حال، تتزامن الاستعدادات للجلسة المفصلية الجديدة في الخامس من أيلول مع مزيد من الدعم الخارجي للحكومة. وفي هذا الصدد، رحب أمس المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في الفقرة المتعلقة بلبنان من بيانه بعد اجتماعه في الكويت “بإعلان رئيس الحكومة في الجمهورية اللبنانية الدكتور نواف سلام، قرار مجلس الوزراء القاضي بضمان حصر حيازة السلاح بيد الدولة في جميع أنحاء لبنان، استنادًا إلى اتفاق الطائف، والقرارات الدولية ذات الصلة”. ودان المجلس استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، مشدداً على “ضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن بشأن لبنان، وخاصة القرار 1701، مشيداً بجهود الوساطة التي تقوم بها الولايات المتحدة بهذا الخصوص، ومعبرًا عن رفضه للتصريحات والتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للبنان الشقيق”.
وفي سياق مماثل، زار السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام وأبلغهما أن الرئيس ايمانويل ماكرون سوف يوفد خلال الأيام القليلة المقبلة الوزير السابق جان إيف لودريان لمتابعة التطورات مع الجانب اللبناني، لا سيما مرحلة ما بعد التمديد لـ”اليونيفيل” ومسألة حصرية السلاح، إضافة إلى التحضير للمؤتمرين اللذين سيدعو الرئيس الفرنسي إلى عقدهما، الأول يتعلق بإعادة الإعمار في لبنان، والثاني بدعم الجيش.
وتحضيراً للجلسة العتيدة، عرض الرئيس عون مع الرئيس سلام خلال اجتماع عقداه في قصر بعبدا صباح أمس، الأوضاع العامة في البلاد والتطورات الأخيرة. وأطلع الرئيس سلام رئيس الجمهورية على نتائج زيارته إلى جمهورية مصر العربية والمباحثات التي أجراها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والمسؤولين المصريين الذين التقاهم. وتطرّق الرئيسان عون وسلام إلى موضوع التمديد لقوة اليونيفيل وأجواء جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم الجمعة المقبل.
وعكس نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بعد زيارته عين التينة جانباً من أجواء الرئيس بري، فلفت إلى ضرورة “الأخذ في الاعتبار أن الخطر الاسرائيلي ما زال قائماً وفي الوقت عينه الوحدة الداخلية أساسية، وتطبيق كامل لدستور الطائف هو المخرج وأي موضوع يحتاج إلى حوار جانبي أو حوار مباشر، حوار غير مباشر، ولكن بالحوار يجب أن نذهب إلى تطبيق كامل لدستور الطائف، وكما تعرفون دستور الطائف يعالج الكثير من الأمور، يعالج موضوع حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، ويقول إنه يجب أن يكون هناك حوار وإستراتيجية دفاع وطني أو إستراتيجية أمنية كما ورد في خطاب القسم، الطائف يتحدث عن قانون إنتخابات عصري، إلغاء الطائفية السياسية، اللامركزية الإدارية، أعتقد حان الوقت لكي نعرف كلبنانيين أن هذه الامور التي نؤجلها منذ سنوات، يجب أن نعطيها فرصة، وقد يكون التطبيق الكامل لدستور الطائف هو الحل الأفضل اليوم”. وقال: “لمست أن الرئيس بري منفتح ومرن، ولكن في الوقت نفسه هو حريص على لبنان وكرامة لبنان وعلى طريقة معالجة الأمور والأزمات، وأن التحدي لا يوصل إلى نتيجة، وهذا أيضاً سمعته من الرئيس بري بالتفاهم والهدوء نصل إلى النتيجة التي فيها مصلحة لبنان بالدرجة الأولى”.
في غضون ذلك، أكد وزير المال ياسين جابر أنه “سيشارك في جلسة الحكومة الجمعة”، كما أملت وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد أن “يكون هناك تفاهم بين كل الأطراف قبل الجلسة يوم الجمعة، وفي الجلسة”. بدوره أوضح وزير الزراعة نزار هاني أن “سبب تأجيل جلسة مجلس الوزراء الأولى للبحث في خطة الجيش لنزع السلاح تقني فقط، إذ استمهل الجيش بضعة أيام لكون الموضوع مهم وأساسي”. وقال: “أتمنى ألا نكون عدنا إلى النقطة صفر في المفاوضات والحكومة واضحة في قرارها، هناك بيان وزاري واضح وخطاب قسم واضح، ولنر ما هي المعطيات لدى الجيش وفي ضوئها يؤخذ القرار المناسب”. وتمنى “ألا ينسحب الوزراء الشيعة من الجلسة، لأن موضوع حصر السلاح ننجز فيه حواراً وطنياً، وبالتالي المكوّن الذي يملك السلاح هو مكوّن وطني أساسي في الحكومة والبلد”.
ووسط هذه الاجواء، استقبل امس نائب رئيس الحكومة طارق متري وفداً رسمياً سورياً ضم الوزير السابق ومدير الشؤون العربية في وزارة الخارجية محمد طه الأحمد والوزير السابق محمد يعقوب العمر مسؤول الإدارة القنصلية ورئيس الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرياً محمد رضا منذر جلخي. وأفيد أن البحث تناول “القضايا المشتركة وسبل معالجتها بما يعزز الثقة والاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في التعاون بين البلدين. وتطرّق اللقاء إلى مسائل المعتقلين والمفقودين السوريين في لبنان والمفقودين اللبنانيين في سوريا، والتعاون في ضبط الحدود ومنع التهريب. كما بحثت قضية النازحين السوريين وعودتهم إلى بلادهم وأهمية تسهيلها. واتفق على مراجعة الاتفاقات اللبنانية- السورية وتحسينها والنظر في الاتفاقات والإجراءات التي تحفّز التعاون الاقتصادي بين البلدين”.
الأخبار عنونت: الجدال مستمرّ حول جلسة الجمعة: الثنائي يرفض مناقشة قرار غير ميثاقي
وكتبت صحيفة “الأخبار”: قبل أيام من موعد جلسة الحكومة الجمعة المقبل لمناقشة الخطة التي كُلّف الجيش بإعدادها في ما خصّ كيفية تنفيذ قرار سحب السلاح الذي اتُّخذ في الجلسة ذاتها، علمت «الأخبار» أنه ولغاية مساء أمس، لم يتمّ التوصل إلى مخرج لجلسة الحكومة، في ظل إصرار الرئيس نواف سلام على المضي في تطبيق الإملاءات الأميركية – السعودية، بينما يؤكد الثنائي «أمل» وحزب الله على مواقفه، خصوصاً أن البحث يتصل بقرارات غير ميثاقية. ويستند الثنائي، ومعه وزراء آخرون، في الموقف المتشدّد إلى نتائج زيارة الوفد الأميركي برئاسة المبعوث توم برّاك الأسبوع الماضي، وعدم حصول واشنطن على موافقة سوريا وإسرائيل على الورقة الأميركية.
وفيما يؤكّد الجيش أنه لن يقدّم أي خطة تأخذ البلد إلى الصدام، تكثّفت الاتصالات بشأن جلسة يوم الجمعة، خصوصاً بعد موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أبلغت مصادره الجهات الرسمية باحتمال عدم حضور الجلسة في حال حصر جدول أعمالها ببند الخطة وحسب، على أن يبقى بقاء الوزراء أو مغادرتهم مرتبطيْن بمسار الأمور.
وأمس، ناقش رئيس الجمهورية جوزيف عون مع الرئيس سلام، موضوع الجلسة، واطّلع منه على نتائج زيارته إلى القاهرة والمحادثات التي أجراها. وقال مقرّبون من بعبدا، إن عون يحثّ سلام على إيجاد مخرج للأزمة القائمة.
ملف حصرية السلاح كان حاضراً أيضاً في لقاء السفير المصري علاء موسى، مع عون وسلام، حيث سلّمهما دعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحضور افتتاح المتحف المصري الكبير في الأول من تشرين الثاني المقبل. وقال موسى: «نحن نتكلم دائماً عن أن هناك مبدأ ثابتاً لجهة حصرية السلاح بيد الدولة، وبسط الدولة سيطرتها على كامل أراضيها. هذان العنوانان ثابتان ولا مجال للنقاش حولهما. أما عن كيفية تمام ذلك، فهذا أمر لبناني داخلي بحت»، معتبراً «أن الأمر في الحقيقة لن يخلو في أي حال من الأحوال من الحوار الذي أشار إليه رئيس البرلمان، والأمور تسير من خلال النقاش والحوار، وهذا الأمر مطلوب»، فيما علمت «الأخبار» أن «كلام السفير المصري أتى بعد أن شرح عون له حساسية الوضع الداخلي وازدياد الضغوط الخارجية على البلد».
الديار عنونت: هل حددت المقاومة «الساعة الصفر» للتحرير…؟
سيناريوهات متعددة لجلسة الجمعة ولا حسم نهائي
القاهرة تلتحق بباريس وتنصح سلام: لا للفوضى
وكتبت صحيفة “الديار”: في غياب اي موقف خارجي جديد، وحتى ساعات متاخرة من ليل امس، لم تصدر اي مواقف رسمية علنية من بعبدا والسراي الحكومي تجاه مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية، حيث حضرت كلمة رئيس المجلس في الاجتماع بين الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، لكن دون الخروج بخلاصة نهائية حول مجريات جلسة يوم الجمعة المقبل. وفيما يعول «الثنائي» على مبادرة رئاسية تؤدي الى خفض نسبة التوتر في البلاد، وتتوج بلقاء مع بري في بعبدا، وتؤدي الى انتاج حل وسط على قاعدة «رابح –رابح»، لا يزال سلام على تشدده لجهة ابلاغه عددا من زواره انه لا يفهم كيف يمكن ان يطلب منه ان يراعي موقف طرف ما في الحكومة دون مراعاة مواقف القوى السياسية والطائفية الاخرى التي تدعم موقفه في ملف حصرية السلاح! فيما يبدو لدى المقاومة «ساعة صفر» موضوعية لتحرير ما تبقى من أراض محتلة جنوبا.
مخارج لجلسة يوم الجمعة
هذا «المد والجزر» يبدو انه سيستمر حتى يوم الجمعة المقبل، تحت سقف خطاب الرئيس بري، وفي حين يرغب «الثنائي» في تجميد الحكومة لقراراتها، باعتبار ان العودة عنه مستحيلة في ظل الضغوط الخارجية والداخلية على بعبدا والسراي، لكن يمكن التجميد بحجة عدم التزام اسرائيل وسوريا بمضمون الورقة الاميركية، ثمة طروحات اخرى على «الطاولة» ومنها اطلاع الحكومة على خطة الجيش، اي اخذ العلم بها، دون الالتزام بمهلة زمنية لتنفيذها، خصوصا ان المعلومات تشير الى ان قائد الجيش رودولف هيكل سيقدم للحكومة ورقة تفصيلية يطرح من خلالها المعوقات اللوجستية في العديد والعتاد، وسط محاذير امنية خطيرة في سياق تنفيذ الخطة، اولها احتمال الدخول في مواجهة مع قوات الاحتلال الاسرائيلي جنوبا، وهذا الامر يحتاج الى قرار سياسي واضح في كيفية التعامل مع اي اصطدام مفترض. كما سيشدد العماد هيكل على عدم الرغبة في حصول اي مواجهة داخلية مع اي طرف.
مسارات الجلسة؟
وفي هذا السياق، فان الجلسة الثالثة ستناقش خطة قيادات الجيش، وثمة العديد من المسارات، فاما الاكتفاء باخذ العلم بها، او الالتزام بها ضمن مهلة زمنية التي يفترض ان يطلب قائد الجيش تمديدها ، وهو اسبوع مفتوح على كافة الاحتمالات، لان القوى الخارجية والداخلية المعادية للمقاومة تعمل جاهدة لمنع التسوية، واذا حصل تبني الخطة بمهلها الزمنية سيؤدي ذلك حكما الى انسحاب وزراء «الثنائي» من الجلسة الحكومية.
الخطة الاسرائيلية
في المقابل، قدم معهد «الابحاث القومي الاسرائيلي»، ورقة اقتراحات للحكومة لكيفية التعامل مع ملف نزع سلاح حزب الله، وكذلك تحسين العلاقة مع القيادة السياسية في بيروت، ووفقا للخطة يتوجب نزع سلاح حزب الله من جنوب لبنان مقابل الانسحاب من النقاط الخمس، ثم التعامل مع سلاح الحزب في البقاع والحدود مع سوريا، مقابل تسوية النزاعات الحدودية، وبعدها تنفيذ مرحلة ثالثة تقوم على نزع السلاح كاملا والقضاء على حزب الله عسكريا.وبعد اتمام هذه المراحل يتم وقف الضربات والعمليات العسكرية على ان تشرف قوات اميركية على هذه المراحل وليس قوات «اليونيفيل».
موقف «الثنائي» من الجيش
وفي انتظار كيفية تبلور الاتصالات قبل يوم الجمعة، تشير اوساط «الثنائي» الى ان ما ورد في كلام الرئيس نبيه بري من حرص على المؤسسة العسكرية يتطابق مع موقف حزب الله الذي سبق وعبر عنه الامين العام الشيخ نعيم قاسم في اكثر من مناسبة، وهو موقف راسخ لا يحتمل التاويل لدى «الثنائي» لانهما الاكثر فهما لحقيقة ما يحاك في الخارج ومن بعض القوى في الداخل لجهة وضع «كرة النار» في حضن الجيش وما يستتبعه ذلك من مخاطر كبيرة على وحدته، ستؤدي حتما الى فوضى داخلية لا يمكن التكهن بنتائجها، لكن ستكون «اسرائيل» المستفيد الاول منها، ولهذا فان الاتصالات المفتوحة بين قيادتي حركة امل وحزب الله، وبرعاية مباشرة من الرئيس بري والشيخ قاسم، افضت الى التفاهم على خطين حمراوين، الاول ملف السلاح، وثانيا، وحدة الجيش والحفاظ على المؤسسة العسكرية كضامن رئيسي وربما وحيد لتماسك البلد في ظل «العواصف» التي تضرب المنطقة.
نصائح «عين التينة» «لليرزة»؟
وفي هذا الاطار، وفي ظل التفاهم على عدم اقفال «الابواب» امام الحوار الداخلي، بعيدا عن اي ضغوط، تولى الرئيس بري مباشرة التواصل مع قائد الجيش رودولف هيكل، لتاكيد المؤكد في هذا السياق، ناصحا اياه بعدم تحمل وزر اي قرارات سياسية تتجاوز المصلحة الوطنية وتضر بالوحدة الداخلية، ولم تكن الدعوة في سياق التحريض على «التمرد» على القرارات الحكومية، وانما في لعب دور القائد العارف بخفايا البلد الامنية والسياسية، والتعامل مع المرحلة الحساسة بالكثير من الحكمة كي لا تجد المؤسسة العسكرية نفسها متورطة في مهمة تقود البلاد الى «الخراب». وقد ابدى القائد تفهما عميقا لتلك المواقف لكنه شدد على ضرورة ان تحل الامور في اطارها السياسي بين القوى الفاعلة في مجلس الوزراء وخارجه، ولا ترمى التعقيدات على قيادة الجيش التي تعرف جيدا حدود صلاحياتها وليست في وارد التحول الى طرف في ازمة داخلية. ولهذا سيتم تقديم الخطة للحكومة مع ملاحظات كافية تحمل تقديرا بالمخاطر.
ماذا رفض بري؟
ووفقا للمعلومات، رفض الرئيس بري نصائح بعض المحيطين به بالتلويح «بورقة» «المونة» على غالبية الضباط الشيعة في المؤسسة العسكرية، سواء عبر استقبال رتب عالية في «عين التينة»، او عبر تقدم هؤلاء بمذكرة تحمل صفة الاستعجال الى قائد الجيش، تحت عنوان الحفاظ على الوحدة الداخلية وعدم تلقف قرارات تحمل صفة الانقسام الطائفي والسياسي في البلد. وجدد الرئيس بري على رفض اي تحرك يؤذي او يخدش صورة الجيش من قريب او بعيد، مؤكدا التمسك بابعاد هذه المؤسسة الوطنية عن التجاذبات الداخلية والخارجية.
حزب الله والجيش
من جهته، يقف حزب الله على المسافة عينها من المؤسسة العسكرية التي شكل التنسيق معها احد عوامل النجاحات الكبيرة في حماية السلم الاهلي في اصعب الظروف، وكذلك في مواجهة المد التكفيري التي ترجمت ميدانيا في معركة الجرود، «التحرير الثاني»، حين خاض المقاومون وعناصر وضباط الجيش المعركة جنبا الى جنب، ولعل التنسيق الاهم يبقى في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، حيث لم تكن معادلة « الجيش والشعب والمقاومة»، مجرد «حبر على ورق» بل عمدت بالدم في الكثير من الاحيان، لهذا من غير الوارد على قيادة حزب الله الدخول في اي مواجهة مع المؤسسة العسكرية مهما بلغت التضحيات، وسبق ان اختار الحزب «العض على الجرح» عندما حاولت الطبقة السياسية توريط بعض الضباط والعسكريين بلعبة «الفوضى، كما حصل في احداث مارمخايل، ومأساة جسر المطار، وكان الاختبار الاكثر دقة وخطورة في احداث السابع من ايار 2008 بعد قرارات الحكومة المشبوهة في الخامس من ايار، ونجح الطرفان حينها في ايجاد الصيغة الفضلى التي حمت المؤسسة من الانقسام، وانقذت البلاد من اتون حرب اهلية.
«ساعة الصفر»؟
واليوم، ليس في قاموس حزب الله اي كلمة تتحدث عن احتمال الدخول في مواجهة مع المؤسسة العسكرية، «والورشة» الداخلية القائمة على «قدم وساق» لاستعادة التعافي تركز على كيفية استعادة الردع مع العدو الاسرائيلي، لوقف اعتداءاته، واعادة بناء هيكيلية جديدة يكتنفها «الغموض البناء» لترك «اسرائيل» عمياء عبر تقليص الخروقات الامنية الى حدودها القصوى، والاستعداد لمعركة التحرير القادمة لا محالة في حال استمرار احتلال الاراضي اللبنانية، واذا كانت قيادة المقاومة لا تفصح عن موعد او تحدد توقيتا، الا ان تلك المصادر تشير الى ان «ساعة الصفر» قد تفرض نفسها على الجميع، لان قيادة حزب الله لديها قرار حاسم بمنع نقل المواجهة مع «اسرائيل» الى الداخل اللبناني، وقد يكون موعد انفجار اول لغم، او اطلاق اول صاروخ ضد القوات المحتلة على الاراضي اللبنانية ايذانا ببدء مرحلة جديدة من المواجهة، عندما تشعر قيادة المقاومة ان ثمة من نجح في دفع الامور نحو مواجهة داخلية، عندها ستقوم المقاومة بتصحيح هذا المسار بنقل المعركة نحو وجهتها الصحيحة، لان كلفتها ستكون اقل بكثير من اي صدام داخلي.
موقف سلبي «للقوات»
واول المواقف السلبية من مواقف الرئيس بري، جاءت من «القوات اللبنانية» حيث كتب نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عضو تكتل الجمهورية القوية النائب غسان حاصباني على منصة «إكس»: دولة الرئيس نبيه بري طرحك جاء متأخراً. إنّ مصير سلاح حزب الله قد بُتّ حيث يجب أن يُبتّ، في أرفع سلطة شرعية في لبنان، أي سلطة مجلس الوزراء مجتمعا في حضور رئيسي الجمهورية والحكومة، في 5 و7 آب الماضيَين تنفيذاً لاتفاق الطائف والدستور وخطاب القسم والبيان الوزاري والقرارات الدولية والاتفاق الذي فاوضت عليه وقبلت به، وبعد عشرين عاماً من الحوار المستفيض حول هذا السلاح. وتتهم مصادر «القوات» الرئيس بري انه يحاول فرض المعادلة ذاتها واستخدامها لشراء الوقت والهروب الى الامام وتأخير عملية حصر السلاح، كما كان يريد تأخير الانتخابات الرئاسية العام الماضي، منتظرا تبدل الظروف المحلية والاقليمية فتصبح مؤاتية اكثر لمحور الممانعة!
تطبيق «الطائف» كاملا؟
في المقابل، اكد نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بعد لقاء بري انه لكي تسير الامور بطريقة افضل، يجب أن نكون آخذين بعين الإعتبار، أن الخطر الاسرائيلي ما زال قائماً وفي الوقت عينه الوحدة الداخلية أساسية، وتطبيق كامل لدستور الطائف هو المخرج وأي موضوع يحتاج الى حوار جانبي أو حوار مباشر، حوار غير مباشر ولكن بالحوار يجب أن نذهب الى تطبيق كامل لدستور الطائف، وكما تعرفون دستور الطائف يعالج الكثير من الامور، يعالج موضوع حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، ويقول انه يجب أن يكون هناك حوار وإستراتيجية دفاع وطني أو إستراتيجية أمنية كما ورد في خطاب القسم، الطائف يتحدث عن قانون إنتخابات عصري، إلغاء الطائفية السياسية، اللامركزية الإدارية، أعتقد حان الوقت لكي نعرف كلبنانيين أن هذه الامور التي نؤجلها منذ سنوات، يجب أن نعطيها فرصة، وقد يكون التطبيق الكامل لدستور الطائف هو الحل الأفضل اليوم. وتابع بو صعب: في الوقت نفسه تكلمنا عن التحديات الموجودة أمام الحكومة اليوم، لمست أن الرئيس بري منفتح ومرن، ولكن في الوقت نفسه هو حريص على لبنان وكرامة لبنان وعلى طريقة معالجة الامور والأزمات، وأن التحدي لا يوصل الى نتيجة، وهذا أيضاً سمعته من الرئيس بري بالتفاهم والهدوء نصل الى النتيجة التي فيها مصلحة لبنان بالدرجة الاولى.
تمايز باريس والقاهرة
وفيما يجري الحديث عن عودة مرتقبة الى مورغان اورتاغوس الى بيروت، برز موقف مصري منسجم مع المواقف الفرنسية، حيث كشفت مصادر دبلوماسية ان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نصح رئيس الحكومة نواف سلام بعدم جر لبنان الى اي فوضى والتصرف بحكمة مع المواضيع الحساسة المطروحة، وهو موقف ينسجم مع طروحات باريس التي سبق لرئيسها ان اشترط التزام «اسرائيل» بوقف الخروقات والانسحاب من الاراضي اللبنانية لبدء تنفيذ حصرية السلاح.وقد اطلع سلام عون على نتائج زيارته الى جمهورية مصر العربية والمباحثات التي اجراها مع الرئيس المصري وتطرق الرئيسان عون وسلام الى موضوع التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب واجواء جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم الجمعة المقبل.
وفي ظل شكوك كبيرة في قدرة القاهرة وباريس في التاثير على الموقف الاميركي السعودي المتشدد، قال السفير المصري من قصر بعبدا علاء موسى نحن نتكلم دائما عن ان هناك مبدأ ثابتا لجهة حصرية السلاح بيد الدولة، وبسط الدولة سيطرتها على كامل أراضيها، هذه العناوين ثابتة ولا مجال للنقاش حولها. اما عن كيفية ان تتم هذه العملية في الحقيقة فهذا امر لبناني داخلي بحت. واتصور ان هناك خطوة متمثلة بتقديم الجيش لخطته لهذا الامر ثم الحديث داخل أروقة مجلس الوزراء بالتنسيق مع مؤسسة الرئاسة عن الخطوات التي تليها. ان الامر في الحقيقة لن يخلو في أي حال من الأحوال من الحوار والذي أشار اليه الرئيس بري بالأمس في كلمته. والأمور تسير من خلال النقاش والحوار وهذا الامر مطلوب واعتقد انه يتم الان.
لودريان الى بيروت
كما استقبل الرئيس عون السفير الفرنسي في بيروت هيرفيه ماغرو الذي اشار الى ان الرئيس ماكرون سوف يوفد خلال الايام القليلة المقبلة الوزير السابق جان ايف لودريان لمتابعة التطورات مع الجانب اللبناني ولا سيما مرحلة ما بعد التمديد «اليونيفيل» ومسألة حصرية السلاح اضافة الى التحضير للمؤتمرين اللذين سيدعو الرئيس الفرنسي الى عقدهما، الاول يتعلق بإعادة الاعمار في لبنان، والثاني بدعم الجيش. وتطرق البحث كذلك بين الرئيس عون والسفير الفرنسي الى الاوضاع في المنطقة والتطورات في الجنوب.ماغرو وسفير مصر زارا ايضا كل على حدة السراي الحكومي، فجرى خلال اللقاء بين سلام وماغرو البحث في زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان المرتقبة إلى لبنان هذا الشهر، في إطار التحضيرات لمؤتمر دعم الجيش اللبناني ومؤتمر إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي.



