قالت الصحف: تصعيد عدواني.. قاسم يرفع سقف المواجهة وعون يطالب الأصدقاء بالضغط على العدو

الحوارنيوز – خاص
ابرزت صحف اليوم موقف الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الذي رفع سقف المواجهة السياسية. وجاء موقف قاسم بالتوازي مع مطالبة الرئيس عون المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لإلزامها بتنفيذ وقف النار وتطبيق القرار 1701
ماذا في التفاصيل؟
- النهار: تصعيد على الجانبين يسابق “المهلة النهائية”… إسرائيل تتهم “الحزب” بالعمل جنوب الليطاني
وكتبت تقول:
الشيخ نعيم قاسم أعاد سردية تفسير حزبه لاتفاق 27 تشرين الثاني، وتوعّد بأن العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن يستمر بلا رادع، وأن الصمت على الخروقات الإسرائيلية لن يدوم طويلًا
على رغم ثبوت الحديث عن “مهلة جديدة” نهائية أمام لبنان، واكب زيارة الوفد المالي – الامني الاميركي لبيروت وسقفها آخر السنة الحالية لإبراز السلطات اللبنانية خطوات حاسمة في اتجاهي نزع سلاح “حزب الله” وتجفيف مصادر تمويله، ظلّل الغموض الشديد المشهد الداخلي وسط تزايد معالم القلق بعد الموقف الأميركي الذي صار في حكم المثبت أنه لا يبدي اقتناعاً بمستوى الجدية اللبنانية في تنفيذ الالتزامات بحصرية السلاح، فيما تتوالى للأسبوع الثالث حملة التهديدات والإنذارات المركزة في إسرائيل بعملية واسعة في لبنان، ولو أن التضارب حيال توقيتها لا يزال يشوب هذه الحملة. وعلى غرار الأسابيع الأخيرة التي أبرزت صورة لبنان المحاصر بين فكي كماشة التهديدات الإسرائيلية وسياسات الإنكار ومناهضة الدولة والذرائع المجانية لإسرائيل التي يدأب عليها “حزب الله”، جاءت المواقف الأخيرة للأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أمس لتعيد رسم هذه المعادلة الاستفزازية التي أريد من جولتها الأحدث مناطحة تداعيات الضغوط الأميركية على لبنان والتهديدات الاسرائيلية بعملية واسعة، بتصعيد سياسة تقديم الذرائع بل وإطلاق تهديدات جديدة سافرة بتحرك وشيك للحزب سعياً لإضعاف السلطة وفرض الأجندة الإيرانية القابعة وراء هذا النمط المتدحرج في تعريض لبنان للانكشاف والخطر.
وترصد الأوساط الديبلوماسية والسياسية تداعيات الزيارة التي قام بها الوفد الأميركي لبيروت، والتي اعتبرت بمثابة إيداع السلطات اللبنانية التحذير الأخطر من مغبة مزيد من التلكؤ في تشديد كل الاجراءات الآيلة إلى مكافحة وسائل تمويل “حزب الله”، علماً أن اللافت في ما لاحظه كثيرون من النواب والسياسيين الذين قابلوا الوفد تمثّل في عدم تمييز الوفد كلامه عن الجانب المتعلق بالتشدد المالي والمصرفي عن الجانب المتصل بنزع السلاح، بما ترك انطباعاً واسعاً حيال مهلة الربط المحكم بين المسارين.
ولكن في المقابل، فإن رئيس الجمهورية جوزف عون لم يخفِ أمس أن مطلب لبنان الضغط على إسرائيل لم يثمر إيجاباً بعد. وفي لقاءاته في صوفيا في إطار الزيارة الرسمية التي قام بها إلى بلغاريا زار الرئيس عون أمس رئيس الحكومة البلغارية روزين جيليازكوف في مقر رئاسة الحكومة البلغارية، وعقد معه اجتماعاً. وتحدث الرئيس عون عن “استمرار إسرائيل في انتهاك الاتفاق الذي أعلن عنه قبل عام، من خلال استمرارها في الأعمال العدائية وانتهاك قرار مجلس الأمن الرقم 1701، وإبقاء احتلالها لأراض لبنانية وعدم إعادة الأسرى اللبنانيين”. وأضاف “أن لبنان طلب من الدول الصديقة المساعدة في الضغط على إسرائيل لالتزام الاتفاق، ولكن حتى الآن لم نصل الى نتيجة إيجابية”. وشرح بناء على استيضاح رئيس الحكومة البلغارية، المهمات التي يقوم بها الجيش اللبناني في الجنوب، كما عرض للواقع الأمني في البلاد وهو أفضل مما كان عليه في السابق.
بدوره، قال رئيس الحكومة نواف سلام في احتفال إحياء العيد الثمانين لتأسيس شركة طيران الشرق الأوسط، “إنني عملت مع فخامة رئيس الجمهورية على إعادة وصل لبنان بالعالم العربي بعد سنوات من الانكفاء والعزلة. وكذلك عملنا على إعادة بناء الثقة بالدولة عبر الإصلاح المؤسساتي كما في استعادة السيادة وبسط سلطة الدولة بقواها الذاتية على كامل الأراضي اللبنانية”.
وأما الشيخ نعيم قاسم في كلمته في “يوم الشهيد”، فأعاد سردية تفسير حزبه لاتفاق 27 تشرين الثاني، وتوعّد “بأن العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن يستمر بلا رادع، وأن الصمت على الخروقات الإسرائيلية لن يدوم طويلًا”. وتحدث باسم لبنان كله قائلاً: “العدو يواصل اعتداءاته، ويمنع الأهالي من العودة إلى قراهم، لكن لبنان لن يبقى متفرجًا على هذه الانتهاكات”، مشيرًا إلى أن هناك حدًا للصبر، وأن العدوان سيكون له نهاية”. كما كرر أن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل يتعلق فقط بالجنوب اللبناني، وتحديدًا جنوب نهر الليطاني. وقال: “إسرائيل يجب أن تخرج من لبنان وتحرّر الأسرى، لأن هذا الاتفاق واضح ومُلزم، ولا يمكن تحريفه أو تغييره”.
وفي هجوم على الولايات المتحدة، اعتبر قاسم “أن واشنطن تمارس وصاية مباشرة على الحكومة اللبنانية عبر الضغط الإسرائيلي”، مشددًا على رفض تدخلات أميركا في الشؤون اللبنانية. وقال: “ما تطلبه أميركا من لبنان هو أوامر تُنفّذ بيد إسرائيل، وهذا التدخل مرفوض بشكل كامل”. وانتقد تصريحات المسؤول الأميركي توم برّاك، “الذي دعا إلى تسليح الجيش اللبناني لمواجهة الشعب المقاوم”. وقال: “كيف يمكن الحكومة أن ترضى بذلك؟”. وأضاف: “لن أناقش خدام إسرائيل الذين لا يدافعون عن وطنهم ولا يستنكرون الاعتداءات الإسرائيلية، بل أسأل الأحرار: لماذا لا تضع الحكومة خطة زمنية لاستعادة السيادة الوطنية وتكليف القوى الأمنية بتنفيذها؟”. وفي ختام كلمته، حذر قاسم من “أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى مزيد من التدهور”، قائلاً: “إذا كان الجنوب يعاني اليوم، فإن النزيف سيطال كل لبنان بسبب أميركا وإسرائيل. لا يمكن أن يستمر الوضع كما هو، فلكلّ شيءٍ نهاية، ولكلّ صبرٍ حدود”.
وفي المقابل اتّهم الجيش الاسرائيلي “حزب الله” بأنه يعمل جنوب نهر الليطاني في انتهاك لاتفاق الهدنة ويحاول استعادة قدراته القتالية وتهريب الأسلحة من سوريا.
وقالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، “إن اتفاق وقف النار قد ينهار خلال أيام، بل إنّ بعض المراقبين يجادل بأن الاتفاق بات فعليًا حبراً على ورق”. وتحدثت عن “ارتفاع احتمالات أن تتطور الهجمات الإسرائيلية في الأسابيع المقبلة إلى حرب شاملة جديدة، وأن يفضّل “حزب الله” – رغم ضعفه الحالي – خيار الحرب على خيار نزع السلاح. فما زال الحزب يمتلك آلاف الصواريخ والمسيّرات القادرة على ضرب شمال إسرائيل ووسطها، وهو ما يعني أن عودة النيران إلى بلدات الشمال الإسرائيلي، بعد أشهر قليلة فقط من عودة السكان إلى منازلهم، احتمال لا يمكن الاستهانة به”.
وعلى الصعيد الميداني، استهدفت المدفعية الإسرائيلية أحد أحياء بلدة عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل، من دون وقوع إصابات. وألقت مسيّرة قنبلة صوتية على سطح مركز الدفاع المدني التابع للهيئة الصحية في بلدة الطيبة. وتسللت قوة من الجيش الإسرائيلي فجراً إلى منطقة الخانوق في بلدة عيترون وعمدت إلى تفخيخ وتفجير أربعة منازل. كما ألقت مسيّرة قنبلة على بلدة الضهيرة. وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر حسابه على “أكس”: “في إطار نشاط ليلي لقوات اللواء 769 في جنوب لبنان: تدمير عدد من المباني التي استخدمت كبنى تحتية إرهابية تابعة لحزب الله الإرهابي”. أضاف: “خلال ساعات الليلة الماضية (الاثنين)، دمّرت قوات اللواء 769 عدة مبان استخدمت كبنى تحتية إرهابية في قرية حولا بجنوب لبنان. كما وخلال نشاط آخر جرى الشهر الماضي في المنطقة ذاتها، كشفت القوات وسائل قتالية وعبوات ناسفة قديمة كانت مخزّنة داخل تلك المباني وتم احباط مفعولها”. وختم: “وجود هذه البنى الإرهابية يشكّل خرقًا للاتفاق بين إسرائيل ولبنان حيث سيواصل جيش الدفاع العمل لإزالة أي تهديد على أراضي دولة إسرائيل”.
- صحيفة الأخبار عنونت: قاسم: العدوان لن يستمرّ ولكل شيء حدّ
وكتبت تقول:
في موقف هو الأول منذ وقف إطلاق النار قبل نحو عام، نبّه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى أنّ «العدوان لا يمكن أن يستمر ولكل شيءٍ حدّ»، و«لأننا في خطر وجودي حقيقي، من حقّنا أن نقوم بأي شيء لحماية وجودنا». وشدّد على «أننا سندافع عن أهلنا ولن نستسلم ولن نتخلّى عن سلاحنا (…) وأي ثمن يبقى أقلّ من ثمن الاستسلام»، داعياً أميركا وإسرائيل إلى «أن ييأسوا، فنحن أبناء الأرض الصامدون، ولن نعيش إلّا أعزّة». وحذّر من أنه «إذا كان الجنوب نازفاً، فالنزف سيطاول كل لبنان».
وفي احتفال «يوم الشهيد» أمس، أكّد قاسم أن اتفاق وقف إطلاق النار هو حصرياً لجنوب نهر الليطاني، وعلى إسرائيل الانسحاب، وإيقاف العدوان، وإطلاق سراح الأسرى، ولا توجد مشكلة على أمن المستوطنات، والدولة اللبنانية تتحمّل مسؤولية من خلال حكومتها وأجهزتها بإخراج إسرائيل بكل الوسائل المشروعة والمّتاحة، مشدّداً على «تنفيذ الاتفاق وبعدها كل السبل مفتوحة لنقاش داخلي حول قوة لبنان وسيادته، ولا علاقة للخارج بهذا النقاش».
وأكّد أن «الجنوب مسؤولية الدولة، مسؤولية الحكومة والشعب والمقاومة، ولن يستقر لبنان مع استمرار عدوان إسرائيل وضغط أميركا»، حاسماً أن «لا استبدال للاتفاق، ولا تبرئة ذمّة للعدو الإسرائيلي باتفاق آخر، لأنه عندما نذهب إلى اتفاق آخر، فيعني ذلك أن كل شيء انتهى وعفونا عنه، وعندها سيذهبون إلى شروط جديدة وترتيبات جديدة»، مؤكداً أن «استمرار العدوان على هذه الشاكلة بالقتل والتدمير لا يمكن أن يستمر، ولكل شيء حدّ. لن أتكلم أكثر من هذا، وعلى المعنيين أن ينتبهوا». وأضاف: «المقاومة تحمّلت المسؤولية 42 سنة، وقالت الحكومة إنها ستتحمّل المسؤولية هذه المرة، ونحن فتحنا لها الطريق، ونؤيد أياً كان يريد الدفاع عن هذا الوطن».
وأشار قاسم إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار يتضمّن «انسحاب إسرائيل من جنوب نهر الليطاني، وانتشاراً للجيش اللبناني في هذه المنطقة وعدم وجود أي مظاهر مسلّحة لغير الجيش فيها. وبالنسبة إلينا، الاتفاق مقبول لأن الثمن هو انتشار الجيش اللبناني بدل المقاومة على أرض الجنوب، ونحن نتمنى أن يكون الجيش موجوداً ليقاتل العدو الإسرائيلي إذا تقدّم أو اعتدى».
واعتبر «أننا رابحون بهذا الاتفاق، لأن الدولة أعلنت استعدادها لتحمّل مسؤوليتها، وفي المقابل، إسرائيل خسرت لأنها يجب أن تخرج بحسب الاتفاق من دون أن تحصل على مكاسب عدوانها»، سائلاً: «لماذا لم تطبّق إسرائيل ما عليها؟ لماذا لم تطبّق أميركا ما عليها باليد الإسرائيلية؟».
نحن في خطر وجودي حقيقي ومن حقّنا أن نقوم بأيّ شيء لحماية وجودنا
وأجاب: «السبب أن لبنان يستعيد سيادته وحريته وكرامته إذا خرجت إسرائيل، ولأن إسرائيل فشلت في جرّ المقاومة إلى خرق الاتفاق وإعطاء ذريعة لها للادّعاء بأن أمنها مُعرّض للخطر».
ونبّه إلى أن إسرائيل «تريد أن تتدخّل في مستقبل لبنان، وكيف سيكون جيشه واقتصاده وسياسته وموقعه؟ أميركا، باليد الإسرائيلية، تريد أن تنهي قدرة لبنان المقاوم، وأن تسلّح الجيش بمقدار قدرته على مواجهة حزب الله، أي ممنوع أن يكون الجيش قادراً على إسقاط طائرة واحدة، أو إطلاق صاروخ واحد باتجاه العدو الإسرائيلي»، لافتاً إلى أنهم «يضغطون على الحكومة لتقدّم تنازلات من دون بَدَل، ومن دون ضمانة، وعن طريق الفتنة، مع إعطاء حرية كاملة لإسرائيل أن تبقى محتلّة وتعتدي متى تشاء».
وأسف قاسم لأن «حكومتنا لم تجد من البيان الوزاري إلا حصرية السلاح، وتدّعي أنها إنما تقوم بحصرية السلاح لنزع الذرائع من العدو الإسرائيلي»، مؤكداً أن «نزع السلاح لا يمنع الذريعة. الآن يتحدّثون عن أن حزب الله يستعيد قدرته، ويتسلّح من جديد، ويتموّل، والمال يعطيه قوة… الذرائع لن تنتهي».
وعن الاعتداءات والخروقات اليومية، قال: «لن نناقش خدّام إسرائيل الذين يشاركون في الضغط لتحقيق المطالب الأميركية الإسرائيلية»، سائلاً الحكومة «لماذا لا تضع خطة استعادة السيادة الوطنية من ضمن جدول أعمالها، وتضع جدولاً زمنياً، وتطلب كل شهر من الجيش اللبناني والأجهزة المعنية تقديم تقرير أين أصبحنا في استعادة السيادة الوطنية وفي عدم تطبيق الإملاءات الأميركية وعدم الانبطاح أمامها؟. ما علاقة الأميركيين بالوضع الاجتماعي والقرض الحسن والخدمات التي تُقدَّم للناس؟». ودعا الحكومة للتصرف «على أساس حماية المواطنين، وحماية المنظومة الاجتماعية، ومسؤوليتها عن الإعمار والبناء وإعطاء الحقوق وليس دورها أن تنفّذ الإملاءات الأميركية».
اجتماع «الميكانيزم»: ضغوط على الجيش
تعقد لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار اجتماعها الـثالث عشر في رأس الناقورة اليوم، بالتزامن مع تصاعد التهويل الإسرائيلي وتكثيف الانتهاكات للأراضي اللبنانية المُحرّرة. وبحسب مصادر متابِعة، فإن وفد الجيش اللبناني يتوقّع أن يسمع كلاماً عالي السقف من الطرفيْن الأميركي والإسرائيلي اللذيْن يضغطان على الجيش لتسلّم الميدان خلفاً لقوات «اليونيفل» والتفاوض مع العدو.
وكان رئيس اللجنة الجنرال الأميركي جوزيف كليرفيلد والمبعوثة مورغان أورتاغوس نقلا إلى المشاركين في الاجتماع السابق موافقة الرؤساء الثلاثة على توسعة «الميكانيزم» عبر تكليف كلّ منهم لممثّل مدني عنه على غرار لجنة المستشارين التي شاركت في مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار. ويُنتظر أن يتابع اجتماع اليوم استكمال النقاش في الشكل المُعدّل للجنة.
وتوغّلت قوات الاحتلال فجر أمس إلى أطراف عيترون حيث توجد عدة منازل، فيما لفت فرحان حق، المتحدّث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، في مؤتمر صحافي في نيويورك، إلى أن «اليونيفل رصدت في اليومين الماضيين تحرّك 188 آلية إسرائيلية بينها دبابات في منطقة عملياتها، وتحليق مُسيّرة فوق موقع قيادة اليونيفل في القطاع الشرقي وأخرى في القطاع الغربي».
- صحيفة الديار عنونت: لبنان الحاضر الغائب على طاولة واشنطن؟
وكتبت تقول:
في زيارة حملت الكثير من الابعاد التي تجاوزت البروتوكول السياسي، شكل لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، نقطة تحول في معادلة الشرق الأوسط. فالزيارة، التي جاءت وسط تبدل الأولويات الأميركية، أعادت واشنطن إلى قلب اللعبة السورية، ليس من باب الحرب، بل من بوابة التسويات الكبرى.
الشرع، الذي يقدم نفسه كوجه براغماتي يسعى لفك العزلة عن دمشق، حمل معه مشروع «تبادل مصالح» أكثر منه «طلب دعم»، مدركا أن واشنطن اليوم تبحث عن ترتيبات استقرار بأقل كلفة ميدانية، على ما ينقل العارفون. من هنا، فإن اللقاء قد يمهد لمرحلة جديدة من إعادة التموضع الإقليمي، تفتح فيها خطوط خلفية بين دمشق وبعض العواصم الخليجية، بإشراف أميركي غير معلن.
أما لبنان، فكعادته الحلقة الأضعف في لعبة الكبار، اذ ان التقارب السوري – الأميركي، قد يضعه أمام إعادة رسم موازين النفوذ في المنطقة، ما سيعني مزيدا من الضغوط على الساحة اللبنانية، حيث سيختبر «الحياد المستحيل» مجددا.
اين لبنان؟
في الشكل، بدت زيارة الشرع إلى واشنطن حدثا سوريا – أميركيا صرفا، عنوانه «إعادة التموضع» وفتح صفحة جديدة بين دمشق والعاصمة الأميركية بعد عقدين من القطيعة، لكن في المضمون، تقول مصادر مطلعة على السياسة الاميركية، إن «لبنان كان حاضرا بقوة في النقاش حول الحدود، وإن لم يذكر بالاسم، وكمعادلة في لعبة النفوذ الإقليمي، وكهاجس في ذهنية الأميركيين الذين يخشون انفجار الساحة اللبنانية في وجه ترتيباتهم الجديدة للمنطقة».
فواشنطن التي بدأت تتعامل مع سوريا الشرع كسلطة أمر واقع يصعب تجاوزها، تدرك أن أي تسوية شرق أوسطية، لا يمكن أن تستقر من دون «هدوء لبناني» محسوب بدقة. كما ان الشرع بدوره، يدرك أن استعادة الدور السوري في الإقليم، لا تمر فقط عبر «البوابة الإسرائيلية» أو العراقية، بل من لبنان أولا، البلد الذي كان تاريخيا الامتداد الطبيعي لسوريا وواجهة نفوذها غربا.
وبحسب المصادر، فقد طرحت ملفات الأمن الحدودي، والنازحين والموقوفين، وملف «الميكانيزم»، الذي تسعى واشنطن لتوسيعه ليشمل مراقبة الحدود الشرقية للبنان، مع مجموعة من المسؤولين في الخارجية والدفاع والامن القومي، الذين التقاهم الشرع، حيث تم تناول هذه النقاط بعبارات فضفاضة، توحي بأن الأميركيين أرادوا اختبار استعداد دمشق، للقيام بدور «الضامن الصامت» لاستقرار لبنان.
الشرع من جهته، حاول أن يقدم نفسه كوسيط قادرعلى التهدئة لا كطرف مواجه، مقدما عرضا ضمنيا مكررا: «سوريا تستطيع المساعدة في استقرار لبنان، شرط أن يعاد الاعتراف بها لاعبا شرعيا لا يمكن تجاوزه». منطق لاقى آذانا أميركية صاغية، وإن بحذر، فالإدارة الأميركية تدرك أن ترك لبنان ينهار، يعني خسارة ساحة حساسة على البحر المتوسط.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر متابعة أن الشرع أشار إلى «خطوط التواصل» القائمة بين بيروت ودمشق، والتي يمكن تفعيلها ضمن تفاهمات إقليمية أوسع، تتيح ضبط السلاح جنوباً، وتنظيم العلاقة مع حزب الله في إطار «الاستقرار» الذي تريده واشنطن.
خطاب قاسم
اما في لبنان، وفي يوم الشهيد هذا العام، فقد قدم الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، خطابا جمع بين الرمزية السياسية والتحذيرات الاستراتيجية، مشيرا الى موقع الحزب «كحارس للسيادة الوطنية ومدافع عن لبنان في مواجهة الضغوط الخارجية»، مؤكدا على دور «مجتمع المقاومة» كدرع للدولة، مشددا على أن «هذا المجتمع يصون لبنان، ويشكل خط الدفاع الأول أمام أي محاولة إخضاع، ما يجعل من تضحيات الشهداء ووفاء القواعد عنصر قوة عمليا ورمزيا على حد سواء».
على الصعيد الإقليمي، ركز الخطاب على الانتهاكات الإسرائيلية في الجنوب، محذرا من «أن الصمت على الخروقات لن يستمر، وأن لبنان لن يظل متفرجا أمام الاعتداءات، التي تمنع الأهالي من العودة إلى قراهم»، مشددا، على «أن اتفاق وقف إطلاق النار محدد في جنوب نهر الليطاني، وأن أي تأويل أو تعديل له يعتبر تبرئة للاحتلال»، مؤكدا «أن أي نقاش داخلي حول مستقبل قوة لبنان وسيادته ، يجب أن يكون لبنانيا بحتا دون تدخل خارجي»، في رسالة واضحة بأن القرار الوطني لا يقبل التفويض لأي طرف خارجي.
أما على المستوى الداخلي، فقد انتقد قاسم الولايات المتحدة، معتبرا تدخلها في شؤون لبنان عبر الضغط الإسرائيلي «مرفوضا بالكامل»، ورفض «أي محاولة لتسليح الجيش اللبناني لمواجهة المقاومة»، طارحا تساؤلات حادة للحكومة حول «غياب خطة زمنية واضحة، لاستعادة السيادة الوطنية وتكليف القوى الأمنية تنفيذها، وهو ما يعكس فجوة بين خطاب الدولة الرسمي، وواقع حماية الأرض والمواطنين».
وختم قاسم بأن «خروقات إسرائيل تجاوزت 7 آلاف مرة في الجنوب، في حين لم تسجل أي خروقات من المقاومة»، محملا الاحتلال مسؤولية تصعيد التوتر، ومعيدا التأكيد على أن لبنان لن يتحمل استمرار هذا الوضع، قائلا: «لكل شيء نهاية، ولكل صبر حدود»، في رسالة مزدوجة تحذّر الداخل والخارج، وتثبت أن حزب الله يرى نفسه خط الدفاع الأول عن السيادة، مع التأكيد أن أي تسوية أو تعديل للواقع العسكري والسياسي، يجب أن يبدأ بالالتزام الكامل من العدو الإسرائيلي أولا، قبل أي نقاش لبناني داخلي.
حبر على ورق
كلام سبقه معلومات لصحيفة «هآرتس الإسرائيلية» قالت فيها إن اتفاق وقف النار قد ينهار خلال أيام، بل إنّ بعض المراقبين يجادل بأن الاتفاق بات فعليا «حبرا على ورق»، متحدثة عن «ارتفاع احتمالات أن تتطور الهجمات الإسرائيلية في الأسابيع المقبلة إلى حرب شاملة جديدة، وأن يفضّل حزب الله خيار الحرب على خيار نزع السلاح. فما زال الحزب يمتلك آلاف الصواريخ والمسيّرات، القادرة على ضرب شمال إسرائيل ووسطها، وهو ما يعني أن عودة النيران إلى بلدات الشمال الإسرائيلي، بعد أشهر قليلة فقط من عودة السكان إلى منازلهم، احتمال لا يمكن الاستهانة به».
عودة فرنسية
وفي وقت يغرق فيه لبنان في أزماته الداخلية، وتزداد الجبهة الجنوبية توترا، عاد الحَراك الفرنسي ليكسر الجمود الديبلوماسي. فالإليزيه، التي لم ترفع يدها يوماً عن «الملف اللبناني»، تتحرك مجددا بخطوات محسوبة، وسط حديث متزايد عن احتمال قيام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بزيارة إلى الجنوب خلال فترة الأعياد لتفقد كتيبة بلاده، في حال توافرت الظروف السياسية والأمنية، على ان تسبقه مستشارته لشؤون الشرق الاوسط آن كلير لوجاندر هذا الاسبوع الى بيروت، في زيارة استطلاعية، بعد ان كانت شاركت في الاجتماعات التي عقدها في باريس، رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد في بيروت.
مصادر ديبلوماسية مطلعة أكدت أن باريس تشعر بأن الوقت حان لإعادة الإمساك بخيوط اللعبة اللبنانية، بعدما نجحت واشنطن في فرض إيقاعها خلال الأشهر الماضية، عبر مقاربتها الأمنية للجنوب وملف «الميكانيزم»، حيث انها بخلاف العاصمة الاميركية، تريد التقدم من البوابة السياسية والاقتصادية، عبر مبادرة محدثة، تحاول الجمع بين الواقعية الإيرانية والانفتاح العربي، تحت مظلّة «تسوية هادئة» لا تصطدم بأي طرف.
وتشير المصادر الى ان الزيارة المحتملة لماكرون، لن تكون رمزية كما في السابق، فالإليزيه تريد أن يعود الرئيس الفرنسي هذه المرة بعرض ملموس، يجمع بين الضمانات السياسية وبعض المساعدات التنموية المحدودة، على أن تكون كـ «دفعة على الحساب» ، تشجيعا لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، رغم خيبة الأمل الفرنسية من السلطة السياسية اللبنانية.
وختمت المصادر بان لبنان بالنسبة إلى ماكرون، يبقى رمز الحضور الفرنسي في الشرق الأوسط، ومساحة اختبار لقدرة باريس على القيام بدور الوسيط الموثوق به في زمن الصفقات الكبرى. لذلك، قد تتحوّل زيارته المرتقبة إلى محاولة أخيرة، لإنقاذ الدور والوجود الفرنسيين، قبل أن تبتلعها ديناميكيات «الشرق الأوسط الجديد»، الذي تعيد واشنطن رسم ملامحه.
وفد الخزانة الاميركية
وفي انتظار وصول السفير الاميركي ميشال عيسى الى بيروت، وبعده وفد من الكونغرس، لتدشين مرحلة جديدة من السياسة الاميركية، التي يبدو ان سفنها تسير خلافا لرياح العهد، استمر انشغال الساحة المحلية بتداعيات زيارة وفد وزارة الخزانة، التي اكتسبت منحى خطِرا، خصوصا في ظل المعلومات من واشنطن، عن تقرير اورتاغوس «غير المشجع والايجابي»، بعد زيارتها الاخيرة الى لبنان ولقاءاتها ، والتي انتهت الى خلاصة «ان المسؤولين في لبنان لا يريدون ان يفهموا ان القرارات الاميركية جدية».
فالاخذ والرد والبلبلة التي شهدتها الاجواء المحيطة بالزيارة، بعد التسريبات عن اجواء ايجابية بثتها «القنوات الرسمية»، قبل ان تنكشفت حقيقة « كلام المجالس المغلقة»، لم تخف وفقا لمصادر وزارية، ان الطابع «التقني» الذي غلّف الزيارة، فضحه مضمون اللقاءات وحجم الوفد وطبيعة الاسئلة المطروحة ، التي كشفت الابعاد السياسية والاستراتيجية، التي تتجاوز مجرد متابعة الالتزامات اللبنانية في ملف مكافحة تمويل الإرهاب. من هنا، يمكن قراءة الزيارة كجزء من استراتيجية «الضغط الوقائي»، لا كعقوبة آنية، هدفها تحذير بيروت من أي انزلاق خارج منظومة الضبط المالي الغربية.
من جهتها اكدت اوساط واكبت الزيارة، أنّ واشنطن أرادت اختبار العهد وتوجهاته حيال مسألتين أساسيتين: أولاً مدى التزامه بآليات الشفافية المالية الدولية، وثانياً موقع لبنان المقبل في منظومة العقوبات الأميركية على إيران، اذ بحكم موقعها الجغرافي وتركيبتها المصرفية، ما زالت بيروت تشكّل ثغرة محتملة في منظومة الرقابة الإقليمية ،على حركة الأموال المرتبطة بالشبكات الخاضعة للعقوبات، فواشنطن تريد ان تضمن «ألا يتحوّل لبنان إلى منفذ مالي خلفي لحلفاء طهران».
وتتابع الاوساط، بان الوفد طرح سلسلة من الأسئلة الدقيقة تتعلّق بمسار الإصلاحات في مصرف لبنان، وبالتعاون القائم بين الأجهزة اللبنانية والهيئات الرقابية الدولية، محذرا من التدخلات السياسية المتمادية في عمل المؤسسات النقدية، محاولة التغطية على تحويلات مشبوهة، تحت طائلة إعادة النظر في التعاون المالي مع واشنطن وصندوق النقد الدولي.
خارطة طريق اميركية
وكشفت الاوساط ان الوفد تحدث بصراحة، وفقا لمعلومات استخباراتية دقيقة يملكها، حول اماكن التسرب واسماء اشخاص وموظفين في الدولة، مؤكدا ان اجراءات السلطة اللبنانية لا تتناسب مع الاتجاهات الاميركية الواضحة، واضعا خارطة طريق لجهة تشديد الرقابة على المعابر الشرعية وغير الشرعية، اغلاق عدد من شركات تحويل الاموال، مكافحة «اقتصاد الكاش»، منع حزب الله من الاستفادة من علاقاته ونفوذه داخل مؤسسات الدولة.
وختمت الاوساط بالتأكيد ان واشنطن منحت العهد فرصة، لكنها ربطتها بالالتزام الدقيق بقواعد اللعبة المالية الدولية، والتي ستنعكس في المرحلة المقبلة من خلال تشديد الرقابة الأميركية على المصارف اللبنانية، ومتابعة حركة التحويلات بالدولار، آملة ان تكون الرسالة قد فهمت جيدا في بيروت، ذلك ان «أي تهاون او تباطؤ في انجاز خطوات الاصلاح المطلوبة اقتصاديا وسياسيا وامنيا، سيواجه بعقوبات وبوقف المساعدات، غامزة من قناة مساعدة ال 230 مليون دولار للقوى العسكرية والامنية، والتي تم تجميدها لارتباطها بخطة «حصر السلاح».
الى الشارع
وليس بعيدا عن الضغوط الممارسة، أشيعت معلومات عن اتجاه «بيئة المقاومة» وجمهورها الى تنظيم تحرك شعبي في منطقة الحمرا، للمطالبة بالاسراع في تنفيذ خطط الاعمار، في ظل ما يراه كثيرون تقاعسا من قبل الحكومة في معالجتها لهذا الملف، خصوصا ان لبنان مهدد بقرض البنك الدولي المخصص ب250 مليار دولار، ما لم يتم اقراره في مجلس النواب قبل نهاية العام، بعد تمديد المهلة لشهرين، وفي ظل الاعتمادات الخجولة التي رصدتها الحكومة لدعم ومساعدة المتضررين، حيث يتوقع الكثيرون ان يكون هذا التحرك باكورة سلسلة من الاحتجاجات في الشارع.
تسوية خلاف الـ 16 مليار
على الصعيد المالي، كشفت اوساط مطّلعة أن الخلاف المزمن بين وزارة المال ومصرف لبنان حول الدين البالغ 16.5 مليار دولار، بدأ يسلك طريقه الى الحل، بعد أشهر من التباين في وجهات النظر بين الوزير والحاكم، نتيجة الضغوط التي مارسها صندوق النقد الدولي، حيث اتفق الطرفان على تكليف شركة «KPMG Netherlands» الدولية المتخصصة في التدقيق المالي، للتحقق من واقعية هذا الدين، ومن القيمة التي يمكن اعتمادها في الميزانية الجديدة لمصرف لبنان، وسط تقديرات اولية أن القيمة الحالية للدين، قد تتراوح بين 2 و4 مليارات دولار فقط، تبعا لأسعار الصرف والقدرة الفعلية للدولة على السداد.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذا التفاهم يشكل مؤشراً إيجابياً للأسواق، ويعزز الثقة بين المؤسستين الماليتين الأساسيتين في البلاد، خصوصاً إذا ترجم بتفاهمات إضافية حول توزيع الخسائر، وآلية إعادة هيكلة الدين العام، ما قد يفتح الباب أمام عودة المفاوضات الجدية مع صندوق النقد في الأشهر المقبلة، معتبرين ان هذه الخطوة، وفق مصادر مالية، تطور مهم في مسار تنظيم العلاقة المالية بين الدولة والمصرف المركزي، تمهيدا لوضع أسس أكثر شفافية وواقعية، في إعداد الموازنات العامة والمصرفية، بما يتمشى مع متطلبات صندوق النقد الدولي وبرنامج الإصلاح المالي المرتقب.
حرائق
وعلى رغم ان حرائق الغابات في لبنان، اضحت منذ سنوات عنوانا دائما للتبدل المناخي وقصور قدرات الدولة وامكاناتها، أمام المواسم المتكررة للحرائق في معظم فصول السنة، احدثت موجتها الحالية على امتداد قرى الجنوب والاقليم صدمة كبيرة، نسبة للمساحات الشاسعة التي شكلت «وجبة» دسمة للنيران، وبلغت ذروة اتساعها، ان بفعل العدوان الاسرائيلي او الجفاف المناخي، مخلّفة كارثة بيئية تضاف الى كوارث الاعوام الماضية، لا سيما في إقليم الخروب وغابة بكاسين، التي تمثل واحدة من أهم الثروات الوطنية والبيئية في لبنان والمنطقة.



