أسئلة وجودية في الرحلة الأبدية
هل للحقيقة المتغيّرة نسبياً، وهي تستهدي بأنوار وكفاح العلماء العظام ورسل العلم والدين والمعارف الإنسانية، هل لها نظام لروح ما يمكن أن ينبض به وعين عبر مأساة سؤال الوجود والعدم لرحلة الانسان السرمدية في سيره الإجباري باتجاه لغز الحياة فوق أمواج تلك المعارف الإنسانية؟
تلك المعارف التي نعتز أحياناً أننا نبحر بها وتبحر بنا نحو جواب أو أجوبه ما، نسكنها لفتره لنعود ونغادرها مشككين؟ أو أجوبه جديده مفترضه تتوازى وتتوازى بدورانها حول أمواج خلود ذلك السؤال المستحيل؟
وهل حقائق هذه العلوم بين مدّها وجزرها وهي تتطور بتقدمها وتراجعها مع سير تلك المعارف التي يرتادها المفكرون الصادقون وهم يبدعون إنجازاتهم في رحلتهم التي لا تنتهي صوب التوق الفكري والأزلي للمعرفة، هل سيقطن فيها يقين يوماً ما ربما ولو نسبي؟
فإذا وجد هذا اليقين فهل يصلح لنستلهمه كأسس لصناعة المعرفة الإنسانية المتطوّرة والمنفتحة على عناصر الخلق وعلى ما يمكن أن تكون عليه خطة الخالق السرية لسير كونه وخلائقه التي اعتقد انه بها يتعمّد أن يسبر أغوارنا؟
لعله السؤال الاكثر صعوبة وتعقيداً ولا يمكن الغوص فيه بفرع واحد من فروع العلم بل بتضافرها كلها بهارمونية لا تخشى التآلف طوراً ولا التنافر طوراً آخراً للخوض بحريه وتجرد في كل ما يمس آفاق الوجود من وحدة في المادة والفكر والروح والطاقة والذبذبات وخلافها من وحدة عناصر الوجود والمعرفة.
رؤيه أدبيه فكريه فلسفيه جمالية مقتضبه واجعل من عمرك باقة زهور منفتحة على جمال السؤال الصعب، فلا جواب سيأتيك الا في حكمة الصياغة المتأنية الجامعة والمتنوعة لجوهرة عبر فن صياغته بقلبٍ محب، يتوق بإنفتاح وتمهّل ليجمع في ثناياه كل فروع المعرفة المشتتة والمعذّبة في متاهات القلوب الضائعة في بحثها المنفرد، فعبر فتات تلك الاسئلة الفاشلة في فائض التفكير فيها ومن خلال صلابة تماسكها ووحدتها (هناك تحديداً) وبعيداً عن غرور العقل وإدّعاء جاهز الجواب المستهلك في إدعاء ملكية دين ما لمعرفه مطلقة او مُلكية المعرفة لدين ما، أو فكر ما أو علم ما لوحده .
إسأل عقلك ووجدانك وروحك إذن عن الجوهر وسر الاسرار ولا تخف من زمن طال أو سيطول لتصل .. طالما قلبك يصغي بصمت وحب وشوق لإيقاع الذات في المجموع عبر إرجاء جواب الكون وألحان الحقيقة الآتية منه إليك في إيقاع الموسيقى الكلية لصدقك المنسجم مع أصوات أجوبته المتنوعة الذاهبة عميقاً في خلايا صمتك الصادق وقلبك الأمين حيث ستتسع صِيَغْ الله وخططه للكون وكائناته في الحب وشغف التفكير الذي لا يخشى الحرية وشجاعة الخوض!
أُصبر إذن في صمت الدائرة التي تدور بنا وندور بها وتقبّل ما هو قادم إليك لا محالة كما هو، مهما طال الوقت واتسعت متاهات السؤال الذي سيبقى يبحث عن أجوبة ستتغير وهي تغوص في بحار غموض هذا المجهول الكوني الرائع السرمدي اللامتناهي والعظيم !