إعادة هيكلة الدين: الرصاصة الأخيرة على من تطلق.. اللصوص أم الوطن؟
لم تكن هفوة من وزير المال علي حسن خليل عندما تحدث عن إعادة هيكلة ديون الدولة اللبنانية، وهو لم يتراجع عن كلام إقتصادي شبه إنقاذي ولم يعتذر من الاسواق المالية ولم تهمّه مسايرة أصحاب المصارف اللبنانية المُدينة الاولى للدولة اللبنانية ولم يقف على خاطر الحاكم المركزي في إجتماع القصر الجمهوري.
لا، كلامنا ليس إدّعاءً بأن السيد الوزير الخليل غيّر من لون سترته الى اللون الثوري ،وليس إدعاء بأنه سيقلب طاولة الميّسر الخاصة بالاقتصاديين ورجال الاعمال والسياسيين القدامى والجدد على حدّ سواء، فاضحاً إيّاهم بالارقام والوثائق والاسماء بأنّهم يقفون خلف إفلاس البلاد بإسم السرّية المصرفية وبإسم الاقتصاد الرأسمالي الحرّ والحرية …
إنما السرية المصرفية وجدت لتخبىء لصوص البلد الهاربين من الضرائب والصفقات المشبوهة الحرام في بلاد الغربة وفي بلاد الوطن .
إما الاقتصاد الرأسمالي الحرّ فما هو الاّ تسمية رديفة لصناعة وإدارة السرقة المنظمة تحت تسمية إدارة أعمال وإدارة مصارف وتجارة حلال كاذبة، يحدد مسارها السوق وما عاد هناك من سوق داخلي وما عاد هناك من أسواق في الخارج، فالإحتقان الاقتصادي الناتج عن سوء توزيع الإنتاج العالمي وسوء توزيع الثروات وإنكماش الثروات في يد القلّة وتوسع الهوة بين الطبقات الاجتماعية أفقيا وبين المجتمعات عاموديا ،ينذر بأزمات عالمية شبيهة بأزمة 1929 و2008 ويشرح الحروب العبثية في العالم العربي وما ينتظر شعوبا أخرى.
عندما ألقى وزير المال عنوان إعادة هيكلة الديون كان يعلم تماما ماذا يقول وإلى ماذا يرمي وماذا يفعل. كان يدري تماما أنها آخر رصاصة في جيب آخر جندي عند آخر زاوية من قلعة وطن سقطت بأكملها بين فكّي ذئاب "الدمدولار" وما عاد بإستطاعة الجندي الا ان يختار:
إما الانتحار ليموت شهيداً ، أو ان يطلق النار على رأس كبير الذئاب لعلّ الذئاب ترتعب وتهرب وتخلي ساحة القلعة .
لم يبق للبلاد الا مخارج ثورية تقدمية وطنية قليلة ،ومنها إعادة هيكلة الديون على الدولة بما فيها شطب ديون وهمية ومتضخمة حصلت سابقا كترضية وكصفقات وكهندسات غريبة ،و ما على القضاء النزيه الا وان يعيد المال المنهوب الى جيوب الناس والخزينة ،او أن على الشعب ان ينتظر ان يكتمل نصاب عدد مئة رجل شجاع وملثّم ليكملوا كتابة اسطورة ثورية عن الخلق، لا جلجامش ولا انيوما اليش لها.
هل يرتدي وزير المال بذلة الثورية ويقتحم بالرصاصة الأخيرة ليصبح منقذا وبطلاّ أم ينكفىء ليشهد انتحار وطن؟