عن تجربة الوزيرة بستاني في وزارة الطاقة: استمرار لنهج عقيم أم فرصة لنقلة نوعية؟
بعد تشكيل الحكومة وانتقال السيدة ندى بستاني من موقع مستشار لوزير الطاقة والمياه، إلى موقع الوزير بالإصالة بعد أن لعبت دور الوزير "المفوض" لفترة طويلة، يتساءل كثيرون حول ما يمكن توقعه من تغيير في أداء هذه الوزارة وفي توفير خدمات الماء والكهرباء والصرف الصحي، وتقديمها لكل بيت ومواطن، لا سيما وأنها معنية بحصة كبيرة من مليارات الاستثمارات الموعودة بتمويل من مؤتمر "سيدر".
ماذا عن مستقبل القطاعات والمؤسسات والمصالح العامة الواقعة ضمن صلاحيات وزارة الطاقة والمياه أو الخاضعة لوصايتها ورقابتها، والتي ما زالت تدور في حلقة مغلقة تحت إدارة تيار الإصلاح ووزرائه المتعاقبين منذ حوالي العشر سنوات، وربما إلى منتصف القرن قياساً على عدد الخطط المفتوحة دوماً على "التطوير".
للإجابة على هذه التساؤلات وتقدير التوقعات موضوع اهتمام المواطنين والمعنيين بالشأن العام، ممن خذلتهم نتائج تنفيذ المشاريع وورقة إصلاح قطاع الكهرباء، التي أقرها مجلس الوزراء بتاريخ 21/6/2010، وشملت تغطية مختلف النواحي الفنية والإدارية والمالية والقانونية المطروحة لإصلاح هذا القطاع، ووعدت بوقف العجز في الخزينة والاقتصاد وتأمين الخدمة للمواطنين .
بالعودة إلى ما تحقق في مجال إنشاء المعامل الجديدة للكهرباء واستئجار البواخر وتنفيذ مشروع مقدمي الخدمات وملء الشواغر في مؤسسة كهرباء لبنان ومؤسسات المياه الأربعة، وما طرأ على أوضاع وأداء واستمرار مجالس إدارة هذه المؤسسات المنتهية ولايتها منذ سنوات، والتي اقتصر التعيين فيها، مؤخراً، على تعيين رؤساء جدد لهذه المجالس، ووضع القدامى منهم في التصرف، يبدو واضحاً أن الحصيلة كانت ضئيلة قياساً على الوعود وحجم التسهيلات التي توفرت للوزير منذ ذلك التاريخ، وعلى حجم الدعم الذي توفر لخطط واقتراحات التيار الإصلاحي للنهوض بقطاع الكهرباء ومؤسسة كهرباء لبنان، بدءاً من استئجار البواخر لإنقاذ صيف 2010 وصولاً إلى الخطة الإنقاذية لصيف 2017، والعودة إلى استئجار البواخر مجدداً، لا بل إلى التدابير والحلول الترقيعية المتمثلة بتركيب عدادات للمولدات، بغاية تخفيض فاتورة المولد وبالمقابل رفع تعرفة كهرباء لبنان، لتبرير استئجار مزيد من البواخر بعد الفشل في بناء المعامل وتوفير حلول دائمة تؤمن زيادة مستمرة ومستقرة في ساعات التغذية.
ما الذي حصل بين حزيران 2010 واليوم، وأين تكمن أسباب الفشل؟ وماذا بعد تعيين المستشار ندى البستاني وزيراً للطاقة والمياه: استمرار لنهج عقيم أم فرصة لنقلة نوعية؟
يستنتج من السيرة الذاتية لوزيرة الطاقة والمياه الجديدة أنها عملت، منذ العام 2010، مستشارة لوزير الطاقة الأسبق، وعلى تنفيذ ورقة سياسة قطاع الكهرباء، بالإضافة إلى مشاريع وملفات أخرى تتعلق بالهيكلية التنظيمية للوزارة والمؤسسات الخاضعة لوصايتها، وذلك بعد أن عملت مدة 4 سنوات في الاستراتيجيات المالية والعملية لإعادة هيكلة عدد من الشركات الدولية.
ولتقدير مستقبل القطاع، وما إذا كان تعيين الوزيرة المتميزة بخبرة دولية، اكتسبتها قبل دخولها معترك العمل إلى جانب وزراء الطاقة المتعاقبين، لا بد من إطلالة على دورها ونتائج أدائها، لا سيما وأنها كانت مولجة بمهام تتعلق بالهيكلية التنظيمية للوزارة، كما لمؤسسة كهرباء لبنان ومؤسسات المياه والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، لا بد من مراجعة نتائج تنفيذ ورقة سياسة قطاع الكهرباء وكذلك أوضاع المؤسسات العامة المذكورة.
تفيد المعلومات أن الوزيرة الجديدة كانت مولجة بـ"إدارة" مؤسسة كهرباء لبنان والتحكم بمجريات الأمور فيها وبقرارات مجلس إدارتها، بتفويض مطلق من الوزير، وذلك عبر متابعة أدق التفاصيل اليومية وإجراء المناقلات التي تتيح سيطرتها على مجريات الأمور ومفاصل القرار فيها، وذلك تحت غطاء تنفيذ ورقة سياسة القطاع، واستغلالاً لضعف مجلس الإدارة المنتهي الصلاحية.
وتؤكد مصادر مطلعة أن المستشارة – الوزيرة كانت تهندس دفاتر الشروط وتفصلها على قياس الشركات التي تختارها، وتحال إليها العروض المالية لتقييمها، بحيث تضمن إرساء المناقصات وفق المخطط له، توصلاً إلى "تشركة المؤسسة"، وتخليها للقطاع الخاص عن صلب أنشطتها الاستثمارية، بما فيه تشغيل وصيانة المعامل، وتلزيم قطاع التوزيع والجباية لمقدمي الخدمات، واستئجار البواخر والتمديد المتكرر لها لتتحول شريكاً أساسياً في الإنتاج لمدىً غير قصير. هذا فضلاً عن تلزيم الوظائف الإدارية والفنية لمتعهدي اليد العاملة.
فماذا عن حصيلة أداء الوزيرة – المستشارة، اعتباراً من 2010 ؟
بعض الجواب يأتي من الشغور المتزايد في المواقع القيادية في المديريات التابعة لوزارة الطاقة والمياه، كما في مؤسسة كهرباء لبنان ومؤسسات المياه، التي بقيت تعمل بمجالس إدارة منتهية الصلاحية وغير مكتملة، طيلة سنوات "عهدها"، بانتظار إعادة الهيكلة الموعودة.
وتعدد المصادر المطلعة مآثر الوزيرة الجديدة وإنجازاتها، التي كان من أخطرها التسبب بتأخير تنفيذ مشروعي الذوق والجية، وتخريب مشروع دير عمار، الذي ما زالت نتائجه السلبية ماثلة حتى اليوم، وذلك بإدلائها أمام ديوان المحاسبة بإفادة غير صحيحة، دون أن تكون لها صفة أو صلاحية في ذلك، وكان ما كان من فشل وخلافات مع المتعهدين ودعاوى تحكيم.
وبذلك تكون الوزيرة – المستشارة قد نجحت، وبامتياز، في تجميد ملاك الوزارة وتكريس شغل الوظائف القيادية فيها بالتكليف غير القانوني، على وعد التعيين بالأصالة، بحيث تضمن طاعة وانصياع وسكوت" المعينين بالتكليف" لإرادتها، وترهن تواقيعهم، كما في خرق استقلالية مؤسسة كهرباء لبنان ومصادرة صلاحيات إدارتها لتسهيل تمرير " تشركتها"، التي كان يفترض أن تجري وفق أحكام قانون تنظيم قطاع الكهرباء رقم ٤٦٢ / ٢٠٠٢، بعد تعيين الهيئة الناظمة للقطاع.
وبناءً على هذه الحصيلة، ما تفسير فشل تنفيذ ورقة سياسة قطاع الكهرباء وعلاقة هذا الفشل بوجود الوزيرة – المستشارة: أهي في "العرقلة" أم في مخالفة القانون؟
وماذا نتوقع بعد تعيينها وزيراً للطاقة والمياه: استمرار لنهج عقيم أم فرصة لنقلة نوعية؟
من وقائع المقابلات والمناظرات الكثيرة، التي عرضتها وسائل الإعلام المرئي، ومما تناقلته الصحف حول خلافات ومخالفات حصلت في وزارة الطاقة والمياه، يبدو واضحاً أن النهج الذي شهدته هذه الوزارة منذ العام 2010، هو نهج تسلطي ينطلق من تفسير خاطىء للدستور يعتبر الوزير سيداً لوزارته له أن يفعل فيها ما يشاء.هو نهج تيار يخاصم القانون أينما حل ويتهم المعترضين على مخالفاته بالعرقلة.