جميل السيّد بين المخابرات والامن العام والنيابة…
خطف الأضواء كما خطف الأنفاس و السمع ،إذ كان موفقا في خطبته الفضائحية لدولة فاقدة تاريخياً للثقة . برع في السير بين وفوق الألغام السياسية والتحالفات. تناول حقائق مالية وادارية وقانونية ومراسيم تثبت للمواطن مدى قوة النهب المنظم في بلاده، مسميّاً الحاكم المركزي بالإسم ، فاضحاً اهداف وجدوى الهندسة المالية السيئة الصيت، متحدياً زمان وعهد ارتفاع الفائدة على الودائع في بدايات التسعين، إضافة لغياب مجلس ادارة لمؤسسة كهرباء فاقت ديونها مليارات الدولارات ،معرجا بسلسلة فضائحه عن تخمينات مهينة للشاطيء اللبناني ، واعظا اركان الدولة كلواء اكثر منه كنائب عن ضرورة ابعاد القضاة والضباط عن المحاصصة الطائفية ، مقارناً بين هذا الزمن و بين زمن عهده كفاعل وقادر في مخابرات الجيش اللبناني وفي الامن العام اللبناني.
اكثر من ذلك عاد وتناول المحكمة الدولية مشككا بها كأداة تحقيق وكوسيلة للنيل من الجمهورية العربية السورية ومن الضباط الاربعة على مسمع رئيس مجلس الحكومة السيد سعد الحريري.
لم يكن موفقاً الوزير علي حسن خليل في مقاطعته ،وقد انتبه الرئيس نبيه بري للأمر ليسكته وليطلب منه ان يحضّر رده عندما يأتي دوره، إذ ادرك الرئيس ان خطاب النائب جميل السيد الجريء والمفصّل والاتهامي بالأسماء، سحر المشاهدين والمستمعين وسلب الإعجاب بكلامه.
أزمة النائب جميل السيد قربه وتبعيته آنذاك للوجود السوري المخابراتي-الامني اضافة لصلابة وفظاظة وخشونة وقساوة شخصيته وردات فعله عندما كان حاكماً امنيا للبلاد، انما وللأمانة لم يفضحه ماليا احد من أخصامه ومن اعدائه في عزّ ضعفه واثناء وجوده في السجن ،والا فليبرزوا ما عندهم ضده لانه بدا اليوم واثقا انه لن ينال منه احد.
راقبوا النائب جميل السيد بدقة، سيكون نجم جلسات المجلس النيابي المقبلة. وعلى سبيل الملاحظة لا أكثر، لم يكن النائب حسن فضل الله موفقا في كسب ثقة الناس ،اذ تحدث بالعموم ومن دون ذكر الاسماء التي اعاقت ملف الانترنت والتنصت بغير عبارة ان النائب العام المالي كلما استلم ملفا سحب منه!!!
لم يكن السيد فضل لله على مستوى آمال المشاهدين في حربه ضد الفساد، بل كان مهادنا حين لمح الى البدء من جديد او معالجة الفساد في السرّ وليس في العلن .ان كان هناك من إحراج ما ،وهذا كلام مهادنة وتراجع وليس اتهاما واقتحاما بالاسماء وعلنا ،فلا يليق بحزب المقاومة التراجع او الاقتحام بخجل وبمسايرة.
اليوم فاز النائب جميل السيد على زميله النائب حسن فضل بالنقاط ،وفاز في الاقتراب من خط المنطق العام الذي تنشده الناس. وبما ان الناس تعشق اخبار الفضائح والزجل والمسلسلات الدرامية ،فبلا شك سيحقق النائب جميل السيد نجاحات اكثر وسيصنع كعادته اعداء أكثر ،مما سيجعله هدفا للاغتيال و ربما لا، على الاقل هدفا للاغتيال السياسي لان غيابه سيريح كثيرين.