معهد باسل فليحان: تحديث الشراء العام من اهم متطلبات مكافحة الفساد
يعتبر قانون أو الأسس والمباديء التي تحكم الشراء العام ( المناقصات) من المعايير الرئيسية التي تحدد مستوى الشفافية في الدول مدخلا لمكافحة الفساد وتقليصها الى الحدود الدنيا.
وإنسجاما مع التوجه الرسمي لجهة المضي قدما لمكافحة الفساد وتنفيذ حزمة إصلاحات إدارية كمدخل لا بد منه لإستعادة ثقة المؤسسات الدولية والدول المعنية بتمويل مقرارات سيدر، نظم معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي – وزارة المال ورشة عمل بعنوان "تجارب رائدة في تحديث الشراء العام"، بالتعاون مع مبادرة "سيغما" المشتركة بين منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والاتحاد الأوروبي، وفي حضور لافت من المؤسسات الدولية والسفارات والقطاع وعدد من مسؤولي الشراء في الادارات والمؤسسات والبلديات ومراقبين من المجتمع المدني.
وألقت رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي لمياء المبيض بساط كلمة خلال الجلسة الافتتاحية، لاحظت فيها أن "تحديث الشراء العام من أهم متطلبات مكافحة الفساد وتعزيز أطر النزاهة والشفافية التي التزمت بها الحكومة اللبنانية خلال مؤتمر سيدر، وأكد عليها البيان الوزاري للحكومة الجديدة، وهو يدرج للمرة الأولى في صلب البيان الوزاري".
وأشارت إلى أن "الشراء العام يقع في صلب الاصلاحات الهيكلية لإدارة المال العام التي من شأنها تحسين الحوكمة المالية وكسب ثقة المستثمرين واستعادة التنافسية الاقتصادية".
وذكرت "بالتحديات المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان، وأهمها ضيق هامش الانفاق الاستثماري للدولة، والتراجع الملحوظ للتنافسية الاقتصادية".
واشارت إلى أن "الفساد وتضارب المصالح لا يزالان يشكلان عائقا كبيرا أمام الفرص الاقتصادية، وأن تنفيذ برنامج الانفاق الاستثماري يحتاج إلى الفاعلية والشفافية، مما يتطلب اقرار قانون شراء عصري، ويدعو إلى ملاءمة إجراءات تلزيم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص مع أحكامه".
ولاحظت "أن بين التحديات النقص الملحوظ في القدرات والمهارات، مما يستدعي تعزيزا للقدرات والكفايات المهنية لدى جميع العاملين في الشراء العام لضمان أعلى مستويات الفاعلية والجودة والشفافية".
واعتبرت "أن هذه التحديات تؤكد أن ثمة حاجة إلى قانون عصري للشراء العام، يتوافق مع المبادىء الدولية والممارسات الجيدة، ويترافق مع إطار مؤسسي وتنظيمي متجانس مع تحديد الأدوار بين المؤسسات ومنع التداخل الوظيفي غير الفاعل بما يسمح بتحقيق الأهداف وتحسين جودة الخدمات، ورفع الكفاءة والفاعلية".
وأشارت إلى "أن وزير المال علي حسن خليل، يولي تحديث الشراء العام أهمية كبيرة، إذ كلف المعهد المالي متابعة تطبيق توصيات المؤتمر الوطني الأول حول الشراء، وأطلق ثلاثة مسارات عمل متوازية، أولها قانون جديد للشراء العام، منسجم مع المبادئ الدولية، لاسيما المبادئ الــ 12 لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وثانيها تيويم دفاتر الشروط النموذجية الخمسة التي كانت قد أعدتها وزارة المال عام 2013 بالتعاون مع البنك الدولي، ليصبح استخدامها ملزما، والمسار الثالث مسحMAPS وهو منهجية تقييم دولية لنظم الشراء العام، تنفذها الوزارة بدعم من البنك الدولي والوكالة الفرنسية للتنمية، وتندرج في إطار المتطلبات الدولية لوضع قواعد لنظام شراء عصري، وتوزيع المسؤوليات لدى المؤسسات المعنية والتحضير للشراء الإلكتروني".
بوزاي
ثم تحدثت المستشار الأول في الشراء العام في المبادرة المشتركة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والاتحاد الأوروبي لتحسين الحوكمة – سيغما ايريكا بوزاي، فأبدت ارتياحها إلى أن "خطوات عدة نفذت منذ المؤتمر الأخير في حزيران 2018"، مؤكدة استمرار دعم "سيغما للخطوات الرامية إلى تحديث الشراء العام في لبنان".
وشددت على "الحاجة إلى توفير فريق محترف ومتخصص في الشراء العام في كل إدارة عامة وفي مؤسسات الرقابة، مبرزة أهمية التدريب في هذا المجال".
ورأت "وجوب قيام حوار دائم ومستمر بين القطاعين العام والخاص في مجال الشراء العام. كذلك رأت ضرورة الحوار بين الدول وتبادل الخبرات في هذا المجال".
الجلسات
وخلال الجلسات، اطلع المشاركون على تجارب ونماذج لتحديث الشراء في دول كمصر وتونس وغيرها، وعلى المقاربات الجيدة المعتمدة، والتحديات المرافقة. كذلك ناقشوا المبادىء الــ 12 حول الشراء العام التي أصدرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من خلال حالات عملية تحاكي الواقع داخل الادارات والمؤسسات اللبنانية، في محاولة لبلورة مبادىء الشراء العام في لبنان. وبين المتحدثين الخبير الدولي ستين برون-نيلسن، والمدير الاقليمي لمعهد المشتريات والتوريد في بريطانيا سام أشامبونغ، ومساعد وزير المالية للتطوير الإداري والفني في مصر خالد نوفل الذي عرض تجربة مصر الرائدة في تحديث الشراء العام في نهاية العام المنصرم. أما تجربة تونس التي كانت الأولى بين الدول العربية في اعتماد نظام الشراء العام الإلكتروني، فتحدثت عنها رئيسة المرصد الوطني للمشتريات العامة في تونس ريم زهري.