حروب ترامب ..تجارية لا عسكرية
واضح حتى الآن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يعتزم خوض حروب عسكرية مباشرة بواسطة جيوش الولايات المتحدة ،بل ما هو أخطر من ذلك:الحروب التجارية ،تارة بالعقوبات ،وطورا بالحصار والدولار والمقاطعة.
لقد أرسى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ثقافة استراتيجية خطيرة على سياسة الولايات المتحدة ،وهي ثقافة الخروج من الحروب المباشرة بواسطة القوات الأميركية التي سحب معظمها من ساحات الحروب ،واستبدالها بإشعال الجبهات بين الدول .ويبدو أن الرئيس ترامب منسجم مع هذه الثقافة ،بل أضاف اليها الحروب التجارية ، وآخرها مع العملاق الصيني الذي يحقق نموا سنويا منقطع النظير .
مضت سنتان وأربعة أشهر على ولاية ترامب ،حقق خلالها الكثير من المكاسب المادية للاقتصاد الأميركي على حساب الدول الغنية ،ومع مطلع السنة المقبلة سوف يبدأ التحضير لتجديد ولاية ثانية شأنه شأن كل الرؤساء الأميركيين .لذلك فهو يحاذر الدخول في أي حروب عسكرية تفاديا لسقوط ضحايا أميركيين ما يؤثر على حملته الانتخابية المقبلة.هو يرفع السيف في وجه العالم ،لكنه لا يضرب به .يستخدم أساليب أمضى من السيف بدأت تفعل فعلها لدى الخصوم.عقوبات تجارية وحصار مستحكم على روسيا وايران والصين وفنزويلا وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي ،وتبدو تركيا على الطريق،وكل من يعتبر أنه يهدد مصالح الولايات المتحدة ،ثم يشجع الآخرين على محاربة بعضهم البعض وشراء السلاح كي لا تتوقف مصانع الأسلحة الأميركية وشركاتها عن العمل،كل ذلك من أجل ابتزاز الدول الغنية والمنتجة لتقديم المزيد من الأموال للولايات المتحدة بطرق شتى.
وعليه يستبعد المراقبون أن يشن ترامب حربا غير مضمونة النتائج على إيران أو على غيرها،بل سيواصل حروبه التجارية التي تثبت فعاليتها ،نتيجة قصور العالم عن ابتكار نظام اقتصادي جديد يحرر الدول المتضررة ،من سطوة التحكم الأميركي بمصير العالم .
ان سياسة القهر والافقار والتجويع التي تمارسها الولايات المتحدة على العالم هي سيف ذو حدين.فعلى المدى القريب تحقق أميركا مكاسب معينة من وراء هذه السياسة ،لكنها لن تنقذ الاقتصاد الأميركي الذي يتداعى يوما بعد يوم ،ويتوقع له الخبراء انهيارا شبيها بما حصل عام 2008 ،لأن الديون الأميركية التي تجاوزت حتى الآن 22 ألف مليار دولار ،لا يمكن أن يستقيم أمرها على حساب الحروب التجارية .