كلب سلوقي.. وذئاب منفردة
استمعت لوزيرة الداخلية بتمعن ولقائد القوى الامنية بعمق، القاتل ذئب منفرد، القاتل مبسوط مريض نفسي!كيف يكون "مبسوط ومريض"؟!.
بصفتي كلب سلوقي متقاعد، شعرت بالمسؤولية الوطنية. صور الشهداء إستنفرت قواي. قمت من قرب مستوعب لنفايات الخضار في رمل الظريف ومضيت في الأزقة وفي البال فقط عبارة واحدة الذئب المنفرد!
جثوت على الرصيف ،عند مفترق طرق كركول الدروز ومار الياس وحيّ اللجا، جثوت لأراقب، جثوت لأمارس دوري وهويتي وإنتمائي ككلب صيد سريع.
هالني ما رأيت. ذئاب منفردة تأتي وتذهب من كلّ صوب، ما مرّ ذئب منفرد من أمامي إلا عابسا ومكفهر الوجه، يحدث نفسه، حاملا كيسا من ادوية الاعصاب صناعة تركية، لاعنا حظه في الموت قبل الحياة،لاعنا وجوده قبل غيابه.
و مرت من أمامي ذئبة منفردة مكتملة الصفات العسكرية الاباحية، تبعتها، اقتربت منها أتلمس جسدها بنعمة حاسة الشمّ القوية، تأكدت من حمولتها،تحمل حزاما من البراكين الشهوانية الناسفة، عطرها عطر ياسمين وبارود، تمنّيت لو تفجر نفسها في أحضاني،في كياني، في وجداني لعلي أشفى من وطنيتي ومن حبي لبلادي، لعلي اتحول لذئب منفرد محتال و رأسمالي، بارودها حارق خارق ومتفجر في دماغي.
انتبهت، وقفت في مكاني، كيف اكون كلبا وطنيا وانا قابل لرشوة جنسية؟!
تركت الذئبة المنفردة تسير في طريقها، لتفجر نفسها في غيري،أعرف حظي التعيس، لا اريد اصطياد حبّ او عاطفة رغم جوعي الحيواني الشهواني المزمن للمال وللنساء .
كيف يتحدثون عن ذئب منفرد واحد وأنا لا أرى في الشارع الا ذئاب منفردة مكتئبة ومفصومة نفسيا و قابلة للتفجير بحزام نفسي مرضي ناسف او من دون حزام ،بل بطوق من الفقر والتعتير والبطالة؟
الجميع هنا موتى مؤجلون او منتحرون بمخدرات ونراجيل وقيادة دراجات نارية على دولاب واحد، او مشاريع موت غير معلن او شهداء ينتظرون اذن الإله بالرحيل لعجزهم عن الحصول على فيزا هجرة او لجوء والجميع هنا يعاني من اللاجدوى ومن انتظار المستحيل .
سمعت زمامير وضجة من بعيد، قالوا من حولي ان في الأمر موكبا سريعا، سيارات سوداء رباعيات الدفع من دون اجنحة تطير. سمعت ذئبة منفردة تشتري لهجرس بوظة لينتعش:
-لا تخف يا هجرس، هذا موكب سيد الذئاب المنفردين.
توثبت، حصلت على كلمة سرّية خطيرة ستجعلني أمير الكلاب الوطنيين، سأنقض على الموكب كفهد وليس ككلب ، انها فرصتي لأتخلص من كلبيّتي. سأقيّد المجرم المحتمل ،سيّد ذئاب المنفردين لأسلمّه للدولة ، للأمن، للقضاء ،لأسلمه لقدر الله ولقدرالمواطنين.
ما إن التصقت بعربات الموكب حتى هالني ما رأيت، وجدت ان هناك أيضا ذئبا منفردا رسميا وشرعيا وقانونيا من دون رب ومن دون دين او ضمير!
ارتعبت وارتجفت، إذن في البلاد ذئاب منفردة غير قانونية وغير شرعية تجول في طرابلس الحزينة والفقيرة،طرابلس سيدة المدن العريقة ، عاصمة الشرفاء والمؤمنين، انما ايضا في البلاد ذئاب قانونية، ذئاب اقتصادية، ذئاب سياسية، ذئاب دينية، ذئاب قضائية،ذئاب جنسية، ذئاب اعلامية، ذئاب طبية، ذئاب بيئية تجول في العاصمة بيروت وصيدا والنبطية، في بعلبك وجونية وزحلة وعالية وبتغرين وجميعهم يحملون أحزمة ناسفة، لتفجير الاقتصاد والوطن والعملة والاسواق والصحة والطبيعة والمستقبل والحاضر والماضي…
عدت لمستوعب القمامة، بحثت عن عظمة لم تهترىء بعد،مصصتها، مضغتها، تسليت بها كعلكة عند حافة الطريق، تركت اصطياد الذئاب المنفردة لغيري، عدت لتقاعدي من العمل، تذكرت اني بالأصل لست كلبا انما البلاد واقدارها جعلتني كلبا سلوقياً لا مهنة له غير انتظار المرض والموت بعد حين.
ذئب منفرد مريض نفسيا!
وكأن هذا الكلام لا ينطبق على كل الناس قادة ومواطنين!
عوووو عو عو عو عووووووو..تصبحون على خير يا اشرف القارئين.