رواية قصيرة جدا عن حلم يراودني دائما!
رأيت فيما يرى النائم أنني قبضت على ثروه عظيمه وكنز كبير يفوق حاجة البشر من الحكمه والسعاده والفنون والمال والذهب والماس والياقوت بكثير ، فسارَ إليَّ القوم من كل جنس وحدب وصوب يحجون ويطلبون الماعون ، وانا أوزع بينهم بكرم وتدبير وسرور ما تيسّر عندي من ثروتي على كل سائل منهم ومحروم . ولم يلاحظ أحدٌ من الجمع انني كلما وزعت عليهم كلما زادت ثروتي من الحِكمه والمال والرؤيه والجاه .
جاء رجل يطلب ذهباً ومال ، وهذه تطلب سلطان ونفوذ ، وذاك يريد تلك المرأه للمجون .. ورجل يبغي لعشيقه بيتاً بعيداً عن العيون ، وتلك تطلب رجل بها مفتون .. ومعه الكثير من الذهب والجاه والياقوت ، واحدهم يريد عنوان سيدنا المسيح يسوع ، وآخر يطلب رضا الحسنين وشفاعة ال بيت الرسول !.. وآخر يريد عجيبه من مار شربل و رفقا والحرديني ومار مارون مجتمعين !!! . اخرون جاؤوني يسألون عن الجنه التي بشّر بها الامام علي آل همدان المحترمين ليدخلوها من الباب الريّان وهم مكرّمون ، ثم جاءني قوم حائرون ، يريدون ان يخرجوا عن نسبهم وعائلاتهم ليكونوا الى عوائل ال المروءه منتسبين .. وجاءتني عشائر تريد الانتقام لمغدور ،ونساءُ جئن يردن الطلاق من القدر المحتوم ، واخرون يريدون حور العيون بنيّة النكاح بلا تفجير وارهاب ومجون ، كل هذا وانا صابر اعطيهم بكرم تارة وصبرٍ وجود لا يقدر عليهما لا عاقلٌ ولا مجنون .. وبغضبٍ كنت اساعدهم وأنا اقرأ رغباتهم بلغةِ العيون … ولكني وبعد صبر جميل انتظرت وانتظرت وانتظرت ، ثم عدت من جديد لأعطي وأعطي وأعطي وكأنني مالك الملك ، وانتظرت وانتظرت .. ولما لم يطلب مني احد قصيده حُرّه او منظومه على بحر موزون او أُخرى حديثة بلا تفاعيل وبحور .. ولمّا لم يسألني احد عن لوحة جميله او منحوته ليقتنيها من اي نوع معروف.. او موسيقى بمقام مسموع او مجهول ولا حتى بنظام الميجور او المينور ..ولا اغنيه بموال او مؤركسه على مقام قديم ومرغوب ، ولا حتى أي روايه عظيمه ليقرأها سواء طويله كروايات دوستويفسكي وتوليستوي كانت ، او قصيره كقصص ومسرحيات انطون تشيخوف ! ولم يطلب احد مشاهدة رقصه حرّه يشاهدها بفرح سواء حديثة او موقّّعه على أي نوع من أنواع الفلكلور ، ولم يطلب احد زياده لموهبه فريده ، ولا حبيبة مخلصه وهائمه بحبيبها ليسعى هو اليها باخلاص كما تسعى هي له بمكرمه . عندها ضاقت بي الدنيا .. وادركت ان الرفيق العلاّمه تشارلز داروين قَدّس الله سره في بحر العلوم ، لم يخطئ في ما هو اصلنا وقرابتنا لأولاد عمنا القرود .. وأنه لربما ايضاً كان من الأفضل لنا ان نبقى على حالنا السابقه لاجدادنا واولاد عمومتنا السعادين والقرود ، ونبقى معهم هكذا لننضج كبشر متحضِّرين في أجَلٍ غير معلوم .. ادركت عندها ان القليلين والنادرين منا فقط من يستحق نعمه الانتساب للبشر الأحرار كما أراد لنا الخالق ان نكون ، فانتفضت عندها امام القوم وشرحت لهم مصيرنا المحتوم اذا ما داموا على حال الغرائز التي تفتك فيهم كفرد في قطيع أو فينا كمجموع ، ولما لم اجد منهم أذناً تسمع ،ولا عينا ترى ، ولا عقلا يعقل ، ولا من يريد ان يسمع ، عندها ضاقت بي الدنيا واهلها وطلبت من ملك الأحلام ان يسترجع عطاياه من أشباه القرود ويطلقني مما انا فيه من صدمه جاءتني بها هذه الثروه لتصيبني بهذا الجحود ، فأبى ملك الاحلام وقام ينهرني ويستعظم عليَّ هكذا خاتمه ونهايه للأمور ، فما كان مني الا ان غافلته فجأه وأيقظت نفسي غصبا عنه لأروي لكم قصة حلمي المزمن هذا قبل ان أنساه وانا بين الغائب النائم والحاضر المهزوز وقد استيقظ من حلم ما زال يتكرر يومياً بشكل مقصود، ليراودني دائماً كلما حاولت نوماً فيصطادني عبره من جديد لأعود وأنهض منه بكامل إرادتي . .