تدافع خلال رقص السياسيين عند حافة الهاوية..
بينما يتحدث الجميع عن حالة اقتصادية خطيرة تهدّد البلاد بالويل والثبور ،وبينما يؤكد المرشد الاقتصادي حسن خليل ان الدولة تدفع رواتب موظفيها من ودائع المواطنين في المصارف، تأتي الاحداث السياسية الأخيرة في الجبل وما قبل الجبل، لتثبت عدم أهلّية القادة السياسيين لتبوء الحكم في السلطة، إذ لا يكفي احدهم تضخم أناه التي أصبحت اكبر من مقاييس حجمه بكثير، بل راح يغذي افكاره البطولية الوهمية بصور واحداث من ذاكرته المجروحة، التي عاش زمانها على ما يبدو في حال من الهزيمة والاحباط واليأس وعدم القدرة على الرد والانتقام قرب جهاز الراديو في بيته ،ليستغل الحاضر لتصفية حسابات ثأرية واعادة ما يعتقده من امتيازات مسروقة لطائفته التي يظنها سُرقت في ليلة من ليالي"الطائف" ،وعليه كواجب في لحظة انشغال أعداء البارحة و خصوم اليوم في معارك اقليمية ومحلية ،ان يعيد رسم الخريطة السياسية بحدّ صليب معقوف ومن جديد، متقمصاً في لا وعيه شخصيات عسكرية وسياسية من زمان الحرب الاهلية ،متجاهلا ان غيره حاول ذلك بهلال معقوف واندحر.
التطاحن السياسي بين القادة طبيعي في زمن يشعرون به بصعوبة الحفاظ على جماهيرهم التي تغيّرت وتبدّلت وأمست من شرائح عمرية تفوق عمر الخمسين سنة مصابة بالاحباط وتحلم بالسرقة ،عجز القادة عن ربح الاجيال المراهقة والشبابية الصاعدة رغم الجمعيات الكشفية والاندية الرياضية والنشاطات الترفيهية لاحزابها لجذب اليافعين ولغسل ادمغتهم ليصبحوا اتباعا ومؤيدين ومشاريع شهداء عند الحاجة وغبّ الطلب، لارتباط الاجيال الشابة بثقافة العولمة المعاصرة الالكترونية وبمفاهيم عمل وارتباط اجتماعي ابعد ما يكون عن مفهوم الاحزاب.
لقد سقطت الاحزاب وانتهى زمانها، زمن اليمين واليسار ، كما لم تنجح الاحزاب الاسلامية بثقافتها حيث فشل اليسار واليمين وما بينهما.
القادة السياسيون اللبنانيون يعرفون تماما كيف تُحشد لهم الجماهير، وكيف يكمنون لها في ذكرى وفاة و ذكرى اسبوع وفي مناسبات دينية ،و يعرفون ان ما رسموه من حدود وهمية لكانتوناتهم الحزبية والطائفية في البلاد لن تصمد طويلا امام مغامر سياسي شاب وذكي ومقتدر يحمل حاسوباً من هنا او فاقد للتوازن الثوري وطامح في كسر الحواجز لإمارات سياسية ومالية يحمل ايفونا من هناك. الخطر القادم آت من تدفيش جيل الكتروني لجيل اتوماتيكي سابق …
تطورات الاوضاع الاقليمية فرضت على السياسيين اللبنانين ان يرقصوا رقصتهم الاخيرة وان يتدافعوا في ما بينهم عند حافة الهاوية ،ليسقط الاضعف وليستمر الاقوى وفق القوانين الفيزيائية-السياسية.
اغلب المتقاتلين يدفعهم الثأر القديم. فمنهم من يثأر لوالده ومنهم من يثأر لطائفته ومنهم من يثأر لمكانة اجداده المسلوبة ومنهم من يثأر لفقره ولحرمانه القديم، ومنهم من يثأر لإمامه ومنهم من يثأر لربّه ومنهم من يثأر لهزيمة ولجريمة سابقة ، الجميع يثأرون والويل لمن ليس له ثأر بين حاقدين!
الويل لمن ليس له ثأر بين حاقدين ،لانهم سيسحقونه بمكرهم و بشرّهم.
ان اللبيب من الاشارة يفهم.