ملاحظات على هامش الحراك الشعبي
على هامش الحراك الشعبي المستمر منذ ثلاثة أيام يمكن تسجيل الملاحظات الآتية:
1- إن ما جرى ويجري أحدث اهتزازا داخل الطبقة السياسية بمجملها ،ويستدعي مراجعة جدية من قبل جميع الأحزاب اللبنانية لمناهجها السياسية وتصرفاتها العملية ،سواء تلك المشاركة في الحكومة أم غير المشاركة.
2- إن الحراك الشعبي الذي تشهده كل المناطق اللبنانية ،بعيدا عن الأحزاب والطوائف يعبر فعلا عن وجع الناس بعيدا عن محاولات الاستغلال،وهو ليس نهاية الطريق ،إنما هو البداية للبنان جديد وجمهورية ثالثة يجب أن تقوم على المواطنة وليس على الطائفية.
3- يفترض أن يكون مفهوما أن بين الممكن والمستحيل شعرة واحدة .وفي هذا الاطار يبرز شعار "اسقاط النظام" كشعار خيالي في بلد كلبنان .فالنظام في لبنان ليس رجلا حاكما مطلقا ،ولا هو عهد مسؤول عن كل أمور البلد ، ولا حكومة يعني اسقاطها نهاية الطريق،ولا مجلس نيابي يكفي حله لإنقاذ البلد ،بل هو كل هؤلاء مجتمعين،وليس سهلا تحقيق هذا الهدف بين ليلة وضحاها.
4- لم يعد الاستقرار في البلد محصورا بورقة إصلاحية تلبي بعض مطالب الناس وتعالج أوجاعهم فقط ،بل بات على الطبقة السياسية أن تصحح أوضاعها أولا وتبدأ في مناقشة إصلاحات سياسية جذرية تنقل البلد من حالة النظام الطائفي الى نظام سياسي وطني يتجاوز المحاصصات والزبائنية . ولعل الخطوة الأولى في هذا المجال تنطلق من الدستور اللبناني لجهة تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية المنوه عنها في المادة الخامسة والتسعين من الدستور.
5- إن الرهان على الجيش للقيام بحركة انقلابية في بلد كلبنان ،يحمل الكثير من الوهم .فلا الجيش في وارد القيام بهذه الحركة ،ولا هو مؤهل لذلك ،إنطلاقا من تركيبته التي لا تحتاج الى شرح وتفسير.وبالتالي لا تسمح التركيبة اللبنانية المعقدة بانقلابات عسكرية.
6- يفترض المباشرة في اعداد رؤية اقتصادية سليمة للبلد تغادر مفهوم الاقتصاد الخدماتي والمصرفي الريعي،الى الاقتصاد الاستثماري الإنتاجي، بدءا بالزراعة والصناعة ثم التجارة .
7- البدء فورا باسثمار خيراتنا النفطية عبر البدء بالتنقيب من دون عراقيل سخيفة ،وذلك لتسديد ديوننا التي ترهق الخزينة بفوائدها المضنية.
8- ان استعادة الأموال المنهوبة تتطلب قضاء مستقلا نزيها نظيفا جريئا يُعطى كل الصلاحيات للقيام بمهمة فدائية لا تستثني رأسا من الرؤوس التي أثرت من المال العام وعلى حساب الناس.
قد يبدو في هذه الملاحظات شيء من الطوباوية ،لكن طريق الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ،ولا سبيل لاستعادة الدولة الا بسلوك هذا الطريق.. وإلا فإن البديل هو الخراب والانهيار وسقوط الهيكل على رؤوس الجميع..ولات ساعة مندم!!