دور الجيش في الميزان..ما له وما عليه
يوما بعد يوم ترتفع حدة النقاش حول دور الجيش اللبناني في هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها لبنان،وتدور على ألسنة العامة والخاصة أسئلة حائرة لم تجد جوابا شافيا ،في وقت تضغط عملية قطع الطرق على المواطنين في معظم المناطق ،لا سيما الخط الساحلي بين طرابلس وصيدا.
ثمة إجماع وطني على عدم المس بالمحتجين في الساحات العامة من قبل الجيش ،لكن الانقسام حول دوره في موضوع فتح الطرق العامة وتسهيل حركة المواطنين يأخذ منحى تصاعديا يصل الى حد الاتهام بالتواطؤ والسعي لمطامع سياسية،وهو ما ترفضه المصادر العسكرية المعنية بشدة .
يؤمن اللبنانيون بجيشهم ويثقون به تماما ،لكن النقاش حول دوره في هذه المرحلة بلغ ساحات الاعلام بلا خفر أو حذر.فالجيش اللبناني الذي كان لسنوات طويلة محل اجماع كالليرة والرغيف ، وخلافا لبعض الأجهزة الأمنية الأخرى، يبدو اليوم في خانة التشكيك،حيث يُنسج الكثير من الأقاويل عبر الشاشات وفي وسائل التواصل الاجتماعي ،ينم بعضها عن ضيق المواطنين من الواقع الصعب الذي يعيشونه يوميا على الطرق.
في المقابل ،الذين يتفهمون موقف الجيش يقولون إنه لا يملك قرارا سياسيا بفتح الطرق، ويشيرون الى أن بعض أركان السلطة يحذرون الجيش من المس بالمتظاهرين .لكن المعترضين على هذا الكلام يقولون إن الجيش لا يحتاج الى قرار سياسي ليقوم بواجبه ودوره الطبيعي في منع أعمال غير مشروعة كإقفال الطرق،تماما كالموظف الذي يذهب الى مكان عمله .
مصادر عسكرية تبرر بالقول:لا يريد الجيش أن يدخل في لعبة الدم مع المواطنين لأنها تورط البلد والجيش معا في واقع غير محمود النتائج.فالمشكلة سياسية وحلها يكون بالسياسة ،وعلى السلطة السياسية أن تعالج الأمور بحكمة لأن البلد على كف عفريت.وليس صحيحا أن لقائد الجيش مطامع وأهدافا سياسية،لأن ما يحصل يهدد بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع ،واذا ما حصل ذلك لن تبقى مواقع لأحد تحت سماء لبنان.
يستغرب المتفهمون لدور الجيش الدعوات الى القيام با نقلاب عسكري ينهي الحالة السياسية الراهنة .فالذين يطالبون بذلك يجهلون واقع البلد وتركيبة الجيش والمداخلات الخارجية ،ويخلصون الى القول إن هذه الطروحات خيالية وتندرج في اطار الأوهام.
ويخلص هؤلاء الى القول:الجيش اللبناني هو إبن هذه البيئة الاجتماعية والسياسية وليس مستوردا من الخارج ،وواقعه حساس للغاية ،وأي خطأ في الحسابات قد يورط البلد والجيش معا في أزمة معقدة تودي به الى الانهيار.وعليه يتعامل الجيش مع الأمور بحكمة الحريص على البلد ومستقبله.والآن بعد استقالة الحكومة با ت دور الجيش أكثر دقة ،وعليه أن ينتظر العلاج السياسي للأزمة.