ساعات حاسمة للأزمة:فرصة أخيرة..وإلا فالقرار بالمواجهة
كتب واصف عواضة:
ساعات حاسمة يعيشها لبنان عشية الذكرى السادسة والسبعين للاستقلال.."لقد انتهت مرحلة الدلع ،وانتقلنا الى مرحلة المواجهة ،بعد إعطاء فرصة أخيرة للرئيس سعد الحريري لتشكيل حكومة تكنوسياسية لا فيتو فيها على أحد،تنتشل البلاد من الأزمة التي تمر بها".
بهذه الخلاصة تختصر مصادر موثوقة توجه قوى العهد والثنائي الشيعي وحلفائهما ،"لأن الوضع لم يعد يحتمل ،ولأن الأمور تكشفت على مصراعيها في ظل الوقائع على الأرض والتوجهات الأميركية والإقليمية التي لم تعد خافية على أحد".
تشرح المصادر طبيعة الأزمة الراهنة المستمرة منذ 36 يوما فتقول:كنا نعرف من الأساس أن ما جرى ويجري ليس بريئا ،وقد كانت له مقدمات رصدناها بكل دقة،على الرغم من براءة ونظافة الناس الذين نزلوا الى الشارع بمطالبهم وأهدافهم النبيلة والمشروعة ،لكن ثمة من كان يعمل في الخفاء مستغلا أوجاع الناس ومعاناتهم المزمنة،مصوّبا على المقاومة وحزب الله ،ومن ورائه العهد والحلفاء.وكان المخطط يقضي بتوتير المناطق المحسوبة على الحزب في الجنوب والضاحية والبقاع وبعض أحياء بيروت أملا في صراع داخل البيئة الحاضنة للمقاومة ،وجاء قطع الطرق بين هذه المناطق محفزا لاستفزازات تدفع الثنائي الشيعي الى الصدام مع بيئته ومع الآخرين .الا أن هذا الأخير وعى منذ اللحظة الأولى لهذا المخطط ،وحرص بأقصى درجات الحذر على عدم الانسياق وراءه ،على الرغم من بعض حالات التفلت التي حصلت في بيروت والجنوب من خارج إرادة القيادة وتم ضبطها ولملمتها.
تضيف المصادر:لقد سُخرت لهذا المخطط كل وسائل الدعم المادية والمعنوية واللوجستية ،فتم توفير أموال طائلة من دول خليجية معروفة،وتم تجنيد شخصيات أكاديمية بينها رؤساء جامعات ،وتم تحريك الطلبة والمنظمات المدنية المدعومة من الخارج،ولعبت بعض وسائل الاعلام دورا سلبيا في هذا المجال،وجاءت استقالة الحكومة لتفاقم الأوضاع السياسية والإدارية والاقتصادية ،كما لعبت المصارف دورا ضاغطا في هذا السبيل تحت واجهة حماية مصالحها ومودعيها ،ولم يكن مصرف لبنان على مستوى الحدث في وقت كان قادرا على مواجهة أزمة الليرة ،إذ أن الملاءة المالية متوفرة في لبنان ،وليس صحيحا الحديث عن حجم الأموال التي تم تهريبها الى الخارج.أما الجيش فقد مورست عليه أقصى درجات التهويل من أجل تحييده عن الساحات ،فتعامل مع الأزمة بكثير من الحذر حتى لا تسقط البلاد في لعبة الدم.
وتتابع المصادر:على الرغم من ذلك كله بقي "تحالف المقاومة " محافظا على رباطة جأشه ،سياسيا وعملانيا ،وعمل جاهدا على استعادة المؤسسات الدستورية دورها من خلال التمسك بالرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة المقبلة ،وخاض معه مفاوضات مضنية لم تصل الى نتيجة مبررا ذلك بالضغوط المباشرة وغير المباشرة التي كانت تهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور.كما سارع رئيس مجلس النواب الى الدعوة الى جلسة تشريعية لمناقشة العديد من مشاريع واقتراحات القوانين التي وردت أساسا في الورقة الإصلاحية للحكومة ،وهي جزء أساسي من مطالب الناس ،لكن هذه المشاريع جرت شيطنتها وتفسيرها على غير مراميها ،ما أدى الى تعطيل جلستي المجلس تحت ضغط الشارع،فتأكد أن المطلوب إحداث فراغ يطيح ،ليس بالمؤسسات فقط،بل بالبلد بصورة كاملة ،ما يهدد بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع.
تستطرد المصادر: كان ثمة رهان على سقوط محور المقاومة في المنطقة كمقدمة لانهيار المقاومة في لبنان،فليس بريئا أن تحتدم الساحات من قبل وبعد السابع عشر من تشرين الأول الماضي ،بدءا بالعراق ،الى استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ،الى الاغتيالات في غزة ودمشق،الى تحريك الشارع الإيراني بعد قرار رفع الدعم عن المحروقات.لكن كل هذه المخططات فشلت فشلا ذريعا ،فلا العراق استجاب للشارع ،ولا سوريا انزلقت الى الفخ الإسرائيلي ،وصمدت غزة وردت الصاع صاعين للعدو.أما إيران فقد عالجت أزمتها المستحدثة سريعا من خلال التعويض النقدي على الفئات الفقيرة كبديل للدعم على المحروقات وعادت الأمور الى طبيعتها.وكل ذلك يؤكد أن المعالجات تتوفر عندما تكون الدولة حاضرة ،بعكس ما يجري في لبنان حيث أسقطت أو تكاد كل مؤسسات الدولة.
تخلص المصادر الى القول:الأسبوع المقبل سيكون حاسما على صعيد الحكومة ،وسوف يدعو رئيس الجمهورية الى استشارات التكليف ،وسيكون الرئيس الحريري أمام فرصة أخيرة لحسم موقفه النهائي خلال الأيام الثلاثة المقبلة ،فإما الموافقة على حكومة تكنوسياسية ،أو الاعتذار ،وعندها سيكون البديل جاهزا ليتولى رئاسة حكومة تتمثل فيها الأحزاب والحراك بأسماء مقبولة واختصاصيين ذوي خبرة في معالجة الأوضاع .
وتطمئن المصادر الى أن الأوضاع الاقتصدية والمالية لن تكون بالسوء الذي يفترضه البعض في حال تأليف الحكومة واستعادة مجلس النواب دوره الطبيعي ،وكذلك لن تتدهور الأوضاع الأمنية لأن أحدا لا يريد حربا أهلية ،وسيقوم الجيش والقوى الأمنية بالدور المطلوب لحماية البلد من أي خضات متوقعة.