عندما يعلن الرئيسان الصيني والروسي ، عبر اتصال بالفيديو ،ظهر امس ، عن تدشين خط انابيب الغاز بين روسيا والصين ، والذي يبلغ طوله الفي كيلومتر ، واستغرق تشييده خمس سنوات ، وعمل في تحقيق المشروع اكثر من عشرة آلاف عامل وفني ومهندس ، وبتكلفة زادت عن خمسة وخمسين مليار دولار ، وفِي مناطق وصلت درجة حرارتها الى خمسين درجة تحت الصفر ، فان ذلك يعني ما يلي :
1. اعلان قيام التحالف الأورو-اسيوي ، بين الصين وروسيا وغيرهما من الدول ، وبالتالي نشأة موازين قوى دوليه جديده ، ستقرر هي مستقبل العالم وليس الموازين التي تتوهم واشنطن انها ما زالت موجوده .
2. ان الولايات المتحده لم تعد قادرة على تنفيذ اجراءات الخنق الاستراتيجي لاقتصاد الصين ، سواءً من خلال العقوبات ، او من خلال منع اذناب الولايات المتحده ، من نواطير النفط الخليجيين من تزويد السوق الصينيه باحتياجاتها من الطاقه . وهو الامر الذي يعني ان الامن الاستراتيجي لوسائل الطاقه ، التي يحتاجها الاقتصاد الصيني ، قد اصبح مضموناً تماماً ، رغم عبث الولايات المتحده الاقتصادي والمالي والسياسي والأمني .
فلا تآمر الطرف الاميركي في هونغ كونغ ولا عقوباتها لاقتصاديهما ، على روسيا والصين ، تمكنت من زعزعة موقف هذين العملاقين او التأثير في قرارهما الاستراتيجي ببناء قطب دولي جديد .
3. وانطلاقاً من حسم طبيعة العلاقه بين العملاقين ، وتحولها الى علاقة استراتيجيه ، وضمان الامن الاستراتيحي لوسائل الطاقه ، التي يحتاجها الاقتصاد الصيني ، فان كل معارك الولايات المتحده ، ضد الصين وروسيا وايران وبقية دول محور المقاومه ، الى جانب كوريا الشماليه ، هي معارك خاسرة قطعاً على الصعيد الاستراتيجي . وذلك لان ضمان توفر الطاقه يعني ضمان النمو السريع لاقتصاديات الصين وتحولها الى الاقتصاد الأكبر في العالم ، وبالتالي الى الدوله الاكثر قدرة على التأثير ايجابياً في العلاقات الدوليه ، من خلال مشروع الطريق والحزام ، وهو ما يعني تحجيماً مباشراً ، على الصعيد الاستراتيجي والتكتيكي ، لهيمنة الولايات المتحده والشروع في بناء نظام دولي جديد ، قائم على علاقات يحكمها القانون الدولي وليس سمسار عقارات عنصري لا يعبد الا المال .
4. هذا هو يوم الحسم الاستراتيجي ، على الصعيد الدولي ، وهذه هي وسائل الحسم : الطاقه وأمنها وتوفيرها لضمان استمرار النمو الاقتصادي وخلع انياب الوحش الاميركي ، المنغمسة في ثروات الشعوب من اميركا اللاتينية عبر "الشرق الاوسط "وصولاً الى الصين وروسيا .
وهذا يعني ان لا فائدة من تآمر واشنطن مع عرب الخليج و"اسرائيل" ، لنشر الفتن والاقتتال الداخلي في لبنان والعراق ، ولا المؤامرة الكبرى ضد ايران ومحاولة نشر الفوضى فيها قبل ايّام ، ولا زيارات جنرالات واشنطن المتكرره الى الكيان الصهيوني ،ولا مكالمة ترامب الهاتفيه الليلة قبل الماضيه ، قادرة على تغيير موازين القوى في مسرح العمليات الدولي .
جميعها معارك ارتدادية للهزيمة الاستراتيجيه الاميركيه التي ستسفر قريباً جداً عن :
•زوال "اسرائيل "عن الوجود .
•انكفاء الوجود الاميركي عن المسرح الدولي وعودة الولايات المتحده الى انعزاليتها التاريخيه وتحولها الى دولة ، ان بقيت دون ان تتفكك من الداخل ، تشبه بريطانيا بعد نهاية الحرب العالميه الثانيه .