دولياترأيسياسة

دونالد ترامب : “البوق” الذي لا تحبه ولا تكرهه!(واصف عواضة)

 

 

كتب واصف عواضة – خاص الحوارنيوز

غريب أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب..يحار المرأ كيف يتناول هذا الرئيس الفريد من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.

رجل يجمع كل التناقضات في شخص واحد ..

فأنت لا تستطيع أن تقول عنه إنه مجنون ،ولا تستطيع في الوقت نفسه أن تقول إنه عاقل.

هو مهرج من الدرجة الممتازة ،لكنه جدي في مواقفه وقراراته.

تخشى أحيانا أن يقود العالم إلى هاوية سحيقة ،لكنك لا تلبث أن تكتشف أن حساباته دقيقة.

تجده أحيانا متغطرسا مغرورا متجبرا مزهوا بنفسه ،ثم تكتشف أنه بسيط وعفوي في بعض الأحيان.

 تحار في معظم الأحيان في تصنيفه كرجل دولة أم زعيم عصابة أو رجل مافيا.

لا يمكنك أن تكرهه ،ولكن لا يمكنك أن تحبه.

هو ليس بثقيل الظل ،ولكنه ليس “مهضوما”.

صار العالم بأسره ينتظر كل صباح ومساء ماذا سيفعل دونالد ترامب،لدرجة أن كل حكام العالم وقادته باتوا يتحسسون رقابهم يوميا كي لا ينالهم هذا الرئيس بموقف أو قرار يطيح برؤوسهم.

 

كل رؤساء أميركا كانت لهم مناقب ومثالب،لكن لم يبلغ أحد من قبل صفات دونالد ترامب.ولعل افضل من كتب عن رؤساء أميركا ،هو الكاتب الصحافي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه الشهير “زيارة جديدة للتاريخ “. فلو كان هيكل حيّا اليوم، فماذا عساه كان يقول في دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية.

في كتابه الصادر في العام 1985 يخصص هيكل فصلا عن الولايات المتحدة الأميركية، يتناول فيه بعض الرؤساء الاميركيين الذين توالوا على السلطة، فيسأل بشيء من الاستغراب والسخرية: هل يمكن أن يكون القرار الأميركي في يد شخص من هؤلاء:

ـ ليندون جونسون الذي كان يخلع سترته ويرفع قميصه وملابسه الداخلية لكي يتمكن الصحافيون والمصورون من مشاهدة أثر جرح لعملية أزالوا فيها مرارته؟

ـ ريتشارد نيكسون الذي ظهر على حقيقته من تسجيلاته لنفسه في ما عرف بـ«فضيحة ووترغيت»، فظهر بما لا يفرقه عن أحد أعضاء عصابة المافيا؟

ـ جيرالد فورد الذي كان جونسون يقول عنه إنه لا يستطيع أن يفعل شيئين في الوقت نفسه، فلا يمكنه أن يمضغ العلكة ويلعب الكرة في آن واحد؟

ـ جيمي كارتر الذي لم يكن أحد يعرفه لدرجة أن الرأي العام الأميركي كان يعرفه بتعبير «جيمي من»؟.

ـ رونالد ريغان الممثل من الدرجة الثانية في هوليوود، وهل يعقل أن تكون أزرار الحرب النووية تحت أصابعه، لدرجة أن الناس كانوا يتندرون بأن أميركا لم تجد من يمثلها فجاءت بممثل محترف يمثلها؟

لم يتحدث هيكل في الكتاب عن بيل كلينتون وجورج بوش الابن ومآثرهما، لأن الكتاب صدر قبل ولايتهما. ولو كان على قيد الحياة اليوم لكان أتحفنا بمآثر دونالد ترامب، بما يشكل مادة دسمة للبرامج والمسرحيات الهزلية.

كان السائد في السابق أن  هؤلاء الرؤساء ليسوا من يحكم ويتحكم بقرارات دولة عظمى كالولايات المتحدة الأميركية،وأن ثمة دولة عميقة لها دورها في إدارة هذا البلد العظيم.. وقد شهد التاريخ الأميركي قادة عظماء من طراز ايزنهاور وروزفلت ولنكولن وغيرهم، ومع ذلك لم يحكموا وحدهم، بل كانت الى جانبهم منظومة من المساعدين والمستشارين والخبراء، شاركت في إنتاج هذه الدولة العظمى، وحققت لها مجدها التليد.

هذا صحيح..ولكن دونالد ترامب كسر كل القواعد السابقة،فأمسك في آن معا بتلابيب الدولة وإدارتها، وبالدولة العميقة باعتباره أحد أعمدتها الكبار،وهو ما يطرح على العالم سؤالا محيّرا :ماذا بعد؟

لا يمكن التنبؤ سلفا بما يضمره ويبطنه دونالد ترامب للآخرين ،ولكن لا يمكنك إلا أن تتنبأ مفاجأة ما منه بين ساعة وأخرى !!

 

في المناسبة، كلمة «TRUMP» الإنكليزية لها في اللغة العربية أكثر من معنى، أبرزها “البوق” أو “النفير” أو “الورقة الرابحة”.. فأي عصر يعيشه العالم في ظل هذه المعاني؟

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى