قالت الصحف :الضغوط الأميركية على لبنان تحرج الدولة وترفع من حجم الصعوبات

الحوارنيوز – صحف
الضغوط الأميركية على لبنان تزداد وتيرتها وبينها مطالب مالية بتجفيف أموال الحزب ،ما يحرج الدولة اللبنانية ويرفع حجم الصعوبات عليها.
النهار عنونت: مطالب أميركية متشددة لتجفيف تمويل “الحزب” تصعيد قوس الغارات بين الجنوب والهرمل
وكتبت صحيفة “النهار”: لا تبدو نهاية رحلة لبنان مع “عواصف” الضغوط التي تحاصره قريبة، بل إن تقاطع هذه العواصف وتشابكها وتنوّع وجوهها من شأنه أن يفاقم المخاوف من تداعياتها وتأثيراتها الثقيلة على مجمل أوضاعه. ويصح في مشهد الوقائع والتطورات التي تعاقبت أمس، من دون ترابط شكلي مباشر في ما بينها، أنه شكّل نموذج الصدمات التي يتلقاها لبنان بتصاعد متدرّج من دون أن يتضح واقعياً بعد أي أفق عملي لتخفيف الضغوط التصاعدية عليه. ذلك أن ما سمعه وتبلّغه رئيسا الجمهورية والحكومة ووزراء ونواب ومسؤولين من الوفد الأميركي “المهيب” ذات التركيبة المالية والأمنية والاستخباراتية، ينذر بأن الولايات المتحدة الأميركية باتت تضع لبنان تحت وطأة معادلة تتساوى معها مسؤولية لبنان في تجفيف التمويل الإيراني وغير الإيراني لـ”حزب الله” مع مسؤوليته في نزع سلاح الحزب. ثم إن التهديدات الإسرائيلية بعملية واسعة في لبنان لم تعد في حاجة إلى رصد التقارير الإعلامية الإسرائيلية، بعدما تصاعدت وتيرة العمليات اليومية من مثل قوس الغارات الإسرائيلية التي حصلت أمس بين الجنوب والهرمل.
وبحسب مصادر تابعت لقاءات الوفد الأميركي في بيروت، والذي ضمّ مسؤولين من مكتب مكافحة تمويل الإرهاب والاستخبارات المالية في الخزانة، فقد شدّد على أنّ واشنطن “تملك معطيات دقيقة” حول دخول مبالغ نقدية ضخمة إلى لبنان في الأشهر الماضية، قدّرتها بأكثر من مليار دولار، من دون أن تمر عبر النظام المصرفي أو تخضع لأي رقابة رسمية. هذا الرقم، وإن لم يُقدَّم بصفة رسمية، أعاد فتح النقاش حول حجم السيولة النقدية المتداولة في السوق اللبنانية، وحدود قدرة مصرف لبنان والأجهزة المعنية على ضبطها. وأضافت المصادر أن الجانب الأميركي تحدّث بصراحة عن قلقه من توسّع اقتصاد الكاش في لبنان، واستغلاله من قبل شبكات تابعة لـ”حزب الله” سواء عبر شركات صرافة أو عمليات تجارية مموّهة”. كما أشارت إلى أنّ أحد أعضاء الوفد استخدم تعبيرًا لافتًا حين قال: “لبنان اليوم يشبه صندوقًا نقديًا مفتوحًا على البحر”. وطلب الوفد من لبنان اتخاذ خطوات محدّدة خلال الأشهر المقبلة، أبرزها تشديد الرقابة على شركات الصرافة وإلزامها بتقديم تقارير عن العمليات الكبيرة المشبوهة. وتفعيل وحدة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في مصرف لبنان ومنحها صلاحيات قضائية مباشرة. وفرض قيود على حركة الأموال النقدية عبر الحدود.
بازاء ذلك، لم تغب الضغوط على لبنان عن محادثات رئيس الجمهورية جوزف عون مع الرئيس البلغاري رومن راديف في زيارة الرئيس اللبناني أمس لصوفيا، إذ شدّد على “أنّ مهمةَ جيشِنا مصيرية، لأنّ عليه وحدَه، وأكررُ، وحدَه، من دون شريكٍ له، لا من خارجِ الدولة ولا من خارج لبنان، أن يبسطَ سلطةَ دولتِنا على كامل أراضيها وحدودِها وأن يفرضَ سيادتَها الكاملة، بحيث تتوقفُ الاعتداءاتُ الإسرائيلية على أرضِنا، وتنسحبُ اسرائيلُ من النقاط التي تحتلُها”. واعتبر أن “هذا ما يجب أن يترافقَ مع مسارٍ تفاوضي، نعتبرُه السبيل الوحيد لتحقيق أهدافنا الوطنية ومصلحة لبنان العليا”.
ولكن زيارة عون لبلغاريا لم تشهد الخطوة المنتظرة بتسليم لبنان مالك السفينة المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت عام 2020. ففي حين شدّد الرئيس اللبناني في مؤتمره الصحافي مع نظيره البلغاري على “أهمية التعاون القضائي والجنائي بين البلدين، خصوصاً في ملف انفجار مرفأ بيروت”، أفادت “وكالة الصحافة الفرنسية” بأن “القضاء البلغاري أرجأ النظر في تسليم لبنان مالك السفينة المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت عام 2020، طالباً من السلطات اللبنانية أن تؤكد أنها لن تطبق عقوبة الإعدام”. وأوضحت ناطقة باسم محكمة صوفيا أن القضاة البلغار اتخذوا هذا القرار خلال جلسة عُقِدَت الاثنين لاعتبارهم أن تصريحات السلطات اللبنانية في هذا الشأن مبهمة جداً.
وبالعودة إلى المشهد الداخلي، مضى “حزب الله” في تصعيد مواقفه الاستفزازية للدولة اللبنانية، فأعلن عضو المجلس السياسي في الحزب محمود قماطي من جبيل، أن “عندما نقول لن نسلم السلاح، فإنّ هذه العبارة بالأعراف السياسية والوطنية هي أقل عبارة يمكن قولها أمام هذا التهديد الوجودي لكل لبنان. ماذا يُطلب منا أن نقول لقوى تعتدي علينا يومياً؟ أن نقول سنسلم السلاح؟”.
وفي المقابل، أعلن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل تقديم اقتراح تعديل دستوري يهدف إلى إدخال مبدأ “الحياد” في مقدمة الدستور اللبناني. وشدّد على أن “الحياد سيعزّز الوحدة الداخلية، إذ لن يكون أيّ طرفٍ قادرًا بعد اليوم على الانخراط في محاور أو فرض تحالفات عسكرية على بقية اللبنانيين، ما يسهم في تحصين السلم الأهلي والوحدة الوطنية”.
أما رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، فشدّد على وجوب إجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها المحدّد. واعتبر “أن القصة بالنسبة للقوات اللبنانية ليست مقعداً هنا أو مكسباً هناك”، إنما الهدف من زيادة تكتل القوات النيابي يكمن في تعاظم تأثيرنا في مسار الأحداث والوصول إلى الوطن الذي نريد”. وجدّد التأكيد على وجوب انتخاب المغتربين لـ”128 نائباً، ولا سيّما أن هذا حق من حقوقهم، وبالتالي على الدولة اللبنانيّة اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا السياق للحفاظ على هذا الحق القانوني.
على الصعيد الميداني، صعّدت إسرائيل غاراتها واستهدف الطيران الحربي فجر أمس سيارة مدنية على الطريق الساحلي قرب بلدة البيسارية في الجنوب، ما أدى إلى سقوط قتيل. وأشارت المعلومات إلى أن المستهدف في الغارة هو أبو علي سمير فقيه مسؤول جمعية خدام الإمام الحسين. وظهراً، استهدفت مسيّرة منطقة الضهور في خراج بلدة الحميري في قضاء صور . أما بعد الظهر، فشنّ الطيران الحربي غارتين على تخوم السلسلة الشرقية في قضاء بعلبك، إحداهما على أطراف النبي شيت، والثانية على محلة الشعرة بالقرب من جنتا. وبالتزامن سجلت غارات إسرائيلية على سلسلة مرتفعات الريحان وعلى منطقتي القطراني والمحمودية. واستهدفت مسيّرة إسرائيلية بيك أب في الهرمل، من دون تسجيل إصابات. كما استهدفت غارات إسرائيلية جبل الرفيع في إقليم التفاح ومحيط الجرمق.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أن الجيش قضى على ثلاثة عناصر في “حزب الله” في ثلاث مناطق مختلفة في جنوب لبنان. ولفت أدرعي إلى أنه “منذ مطلع الشهر قضى جيش الدفاع على 15 عنصرًا من حزب الله، والذين شكّلت أنشطتهم تهديدًا على إسرائيل ومواطنيها وخرقًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان”، مشيراً إلى “أن جيش الدفاع سيواصل العمل لإزالة أي تهديد على دولة إسرائيل”.
وأفادت “رويترز” نقلاً عن مسؤولين لبنانيين وإسرائيليين، أنّ “إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني ليكون أكثر حزماً في تنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله”. وأضاف المسؤولون: “إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني لتفتيش منازل في جنوب لبنان بحثًا عن الأسلحة”، لافتين إلى أنّ “الطلب الإسرائيلي قوبل بالرفض من قيادة الجيش اللبناني تفادياً لإشعال نزاع داخلي وتقويض الاستراتيجية الدفاعية”. كما نقلت “رويترز” عنهم قولهم إنّ “خطة الجيش لا تشمل تفتيش الممتلكات الخاصة، وإسرائيل طالبت بتنفيذ مداهمات للمنازل خلال اجتماعات آلية الميكانيزم في تشرين الأول الماضي”. ولاحقاً، نُقل عن مسؤول إسرائيلي قوله “إذا نزع الجيش اللبناني سلاح حزب الله فسننسحب تدريجيا”.
الأخبار عنونت: طلبات أميركية بإجراءات لوقف تدفّق الأموال إلى حزب الله | الحاكم بإمرة واشنطن: إغلاق «القرض الحسـن» مسألة وقت
كتبت صحيفة “الأخبار”: على وهج المناخات التصعيدية التي تُشيعها عن نيتها القيام بعمل ما على الجبهة اللبنانية، أعلنت إسرائيل على لسان بنيامين نتنياهو أمس، أنها «عازمة على فرض اتفاقات وقف إطلاق النار حيثما وجدت بيد من حديد، ونعمل ضد من يسعون إلى تدميرنا، ويمكنكم أن تروا ما يحدث يومياً في لبنان»، مضيفاً: «إن الحرب لم تنتهِ بعد، أعداؤنا يُعيدون التسلّح. لم يتخلّوا عن رغبتهم بتدميرنا جميعاً».
ولأن الأمر لا يستوي بالضربات العسكرية، واصلت الولايات المتحدة استراتيجية الضغط المتعدّد الأوجه، لتحقيق الهدف نفسه، القاضي بنزع سلاح حزب الله بالقوة، من خلال إطباق الحصار عليه من جميع الجهات، ولا سيّما المالية منها. وللغاية، جاءت زيارة وفد الخزانة الأميركية إلى بيروت، والتي لا يُمكن فصلها عن جولته في المنطقة، حيث مرّ بتركيا وإسرائيل قبل لبنان، فهي تتصل بالتنسيق الاستخباراتي والتقني لمكافحة طرق حزب الله في إدخال الأموال إلى لبنان، إذ تؤكّد المعلومات أن الأميركيين يواجهون صعوبة كبيرة في مواجهة الآليات، لذا فإن خطتهم في المرحلة الراهنة هي تشديد الرقابة على كل ما يُمكن أن تكون له صلة بتمويل الحزب.
وطالبت أميركا لبنان بـ«بـ«إغلاق قنوات تمويل حزب الله، مهما كان شكلها»، ودعته إلى تشديد تطبيق الإجراءات المالية القانونية التي اتّخذها لإنهاء الاقتصاد النقدي الذي يستخدمه الحزب لتمويل عمله، وعدّ ذلك مهمّة يجب تنفيذها إلى جانب مهمة نزع السلاح التي تراها ذات أولوية، وأن على الدولة اللبنانية تنفيذها التزاماً بتعهّداتها بحصرية السلاح.
وبحسب مصدر رسمي فإن الجانب الأميركي يحمل مجموعة من المُقترحات التي سيطلب إلى الأجهزة الحكومية والأمنية والمالية العمل بها، من أجل ضمان عدم تدفّق الأموال إلى الحزب، لا عن طريق مكاتب تحويل الأموال الشرعية أو غير المُرخّصة، وأن يكون هناك برنامج تدقيق في البيانات يلبّي الحاجة، كذلك التثبّت من عمليات الاستيراد والتصدير والمدفوعات المالية، وذلك على خلفية معلومات سرّبها العدو خلال الأيام العشرة الماضية، عن عمليات مالية كبيرة يقوم بها حزب الله عن طريق مهرّبين أو عن طريق تجّار لديهم وضعية قانونية، أو حتى من خلال شركات تحويل الأموال.
وكشف المصدر أن الملف نفسه كان مَدار بحث بين مسؤولين أميركيين وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد خلال وجوده في واشنطن، وأنه أجاب على أسئلة حول «جمعية القرض الحسن»، قائلاً: «إنها جمعية مُعطّلة قانونياً، وتعمل بصورة غير شرعية، لكنّ توقيفها عن العمل بصورة كاملة، يتطلّب إجراءات من الحكومة، وأعتقد أنها مسألة وقت فقط».
وجاءت المطالب الأميركية خلال زيارة وفد وزارة الخزانة، الذي ترأّسه المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأميركي، الدكتور سيباستيان غوركا، وضمّ وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون هيرلي، والمختصّ في مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي رودولف عطالله وآخرين. وقد التقى الوفد مساء الأحد الرئيس جوزيف عون، كما التقى شخصيات رسمية وسياسية من بينها وزيرا العدل عادل نصار والداخلية أحمد الحجار، والنائبان سامي الجميل وفؤاد مخزومي.
وعلمت «الأخبار» أن الوفد الأميركي يضم شخصية كانت تتولّى مهمة تدريب الضباط الوافدين من دول صديقة إلى الولايات المتحدة، وأن الرئيس عون كان مشاركاً في دورة حاضر فيها الضابط المذكور، والذي توجّه إلى عون مُذكِّراً بتاريخ العلاقة بينهما، ولكنه وجّه إليه «لوماً قاسياً، لعدم القيام بما يلزم من أجل نزع سلاح حزب الله، ومنع هذا التنظيم من الاستمرار في العمل في لبنان».
وقالت مصادر مواكِبة للزيارة، إن الوفد «لم يكن يهتم حصراً بمكافحة تبييض الأموال والاقتصاد القائم على النقد، وإغلاق القرض الحسن وكل ما يتعلق بحزب الله»، بل إنه «يرصد أيضاً كل ما له علاقة بالفساد، حتى إن معلومات تؤشّر إلى أنه وضع لائحة من الأسماء التي يُمكن أن تُفرض عليها عقوبات ولا علاقة لها بالحزب وإنما بالنظام السياسي اللبناني».
من جانبه، كرّر الرئيس عون، أن «المسار التفاوضي مع إسرائيل هو السبيل الوحيد لتحقيق مصلحة البلاد العليا»، وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس البلغاري رومن راديف: «إن الجيش أمامه مهمة مصيرية في بسط سيطرته على كامل أراضي البلاد»، بينما كان العدو يوسّع من رقعة اعتداءاته، حيث شنّت مقاتلاته سلسلة غارات على مناطق في الجنوب والبقاع، بالتزامن مع تحليق كثيف للطائرات المُسيَّرة فوق الجنوب والبقاع وبيروت.
وفي السياق، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين لبنانيين وإسرائيليين أنّ إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني ليكون أكثر حزماً في تنفيذ خطة نزع سلاح «حزب الله». ووفق المصادر، طالبت إسرائيل خلال اجتماعات «الميكانيزم»، في تشرين الأول الماضي بأن يشمل دور الجيش تفتيش المنازل والممتلكات الخاصة، إلا أنّ مندوب الجيش اللبناني رفض الأمر بشكل قاطع، محذّراً من أنّ تنفيذ مداهمات داخل القرى الجنوبية سيولّد توتّراً داخلياً ويمسّ بالاستراتيجية الدفاعية. وأضاف أن هذا الطلب طُرح في الأسابيع القليلة الماضية، ورفضته قيادة الجيش اللبناني خشية أن يؤدّي إلى إشعال فتيل نزاعات أهلية وعرقلة استراتيجية نزع السلاح التي يرى الجيش أنها استراتيجية تتوخّى الحذر لكنها فعّالة.
الديار: واشنطن ترفع حدّة الضغوط… ولبنان أمام خيارات صعبة؟!
شهران لإثبات الجدارة… والجيش يرفض «إملاءات إسرائيليّة»
ترقب لقمّة ترامب ــ بن سلمان… وحذر من التنازلات السوريّة
وكتبت صحيفة “الديار”: اذا كان «المكتوب يقرأ من عنوانه»، فاعلان رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو بان «اسرائيل» عازمة على فرض وقف إطلاق النار في لبنان وغزة «بيد من حديد»، يفسر التصعيد الميداني المتدرج، ويفسر ايضا عدم اكتراث حكومة اليمين المتطرف للدعوات اللبنانية الرسمية للتفاوض.
واذا اردنا ان نعرف اسباب اللهجة الحازمة للوفد الاميركي المالي في بيروت، والتهديد باجراءات صارمة، اذا لم تثبت الدولة اللبنانية جديتها في محاصرة حزب الله ماليا، وفي مسألة «نزع السلاح»، فيجب النظر الى ما يجري في واشنطن، حيث فتحت ابواب «البيت الابيض» للرئيس السوري المؤقت احمد الشرع، وعلقت مفاعيل قانون «قيصر»، مقابل اجراءات سورية ميدانية تجاه النفوذ الايراني، وانتقال كامل الى «حضن» المعسكر الاميركي- «الاسرائيلي»، حيث يرتقب توقيع اتفاقية امنية مجحفة بحق سوريا.
وهو ما تحاول كل من واشنطن و»تل ابيب» فرضه على لبنان، الذي يترقب زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى الولايات المتحدة، دون آمال كبيرة باحتمال وجود الملف اللبناني على «الطاولة»، في ظل اعادة رسم خريطة المنطقة التي بدأت فعليا في غزة، عبر تفعيل خطة تهجير نحو مليون فلسطيني، لاعادة احياء مشروع تقسيم القطاع وتسويقه كمنتجع سياحي، توجد مقابل شواطئه حقول غاز كبيرة، هي جزء من مشروع مناهض «لطريق الحرير» الصيني ، الذي تشارك فيه قبرص التي حصلت على تنازلات لبنانية مجانية في الحدود البحرية، التي تشكل العنوان الرئيسي لكل الحروب الدائرة في المنطقة.
لبنان بين «المطرقة والسندان»
هذه التطورات تضع لبنان بين «سندان» الضغوط الاميركية المالية، و»مطرقة» التصعيد العسكري الاسرائيلي، الذي تواصل بالامس غارات واغتيالات، وبات من الواضح ان ثمة خطة منسقة «لهزيمة» حزب الله، واستدراج للبنان لتفاوض مباشر تحت «النار»، لتوقيع اتفاق امني على غرار ما يحصل مع سوريا، وتبقى الدولة اللبنانية دون استراتيجية واضحة للتعامل مع التطورات المتلاحقة؟
لا «للنوايا الحسنة»!
وتصطدم «النوايا الحسنة» اللبنانية، بتعنت العدو الاسرائيلي، الذي لا يجد اي ضرورة للجلوس على «طاولة» التفاوض، وهو يستثمر بتنصل الدول الضامنة لاتفاق وقف النار، باريس وواشنطن، من التزاماتها في ضمان تنفيذه. ففيما تبدو فرنسا عاجزة، وباتت «ِشاهدة زور»، تمنح الولايات المتحدة «اسرائيل» التغطية الكاملة لمواصلة ضغطها العسكري، ولا تكتفي بذلك بل تواكبها بممارسة ضغوط مالية وسياسية على لبنان، لاجباره على الاستسلام «للشروط الاسرائيلية»، ومن غير المعلوم بعد، اذا كانت المهلة الممنوحة للحكومة اللبنانية لتنفيذ التزاماتها قبل نهاية العام مهلة نهائية، قبل منح جيش العدو «الضوء الاخضر» لاطلاق عملية عسكرية واسعة ضد لبنان، يجري التمهيد لها «بحملة اعلامية اسرائيلية»، تواكبها حملة مماثلة من «خصوم» حزب الله في الداخل.
ترقب التغييرات الاميركية
ويترقب المسؤولون اللبنانيون ايضا، وصول السفيرالاميركي الجديد ميشال عيسى الى بيروت نهاية الاسبوع، ويأملون بمقاربة اميركية مختلفة مع نهاية مهمة الموفد الاميركي توم براك في لبنان، الذي سيبقى سفيرا في تركيا ومسؤولا عن ملف سوريا.
اما نائبة المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط مورغان ارتاغوس، فمرجح ان تبقى ممثلة بلادها في لجنة «الميكانيزم»، الى جانب الفريق الاميركي بقيادة الجنرال جوزف كليرفيلد ، وهي مرشحة ان تلعب لاحقاً دورا في اي مفاوضات مفترضة مع كيان العدو.
«رسالة» اميركية حازمة
وفي هذا السياق، وجّه وفد وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، رسالة «حازمة وواضحة» إلى المسؤولين اللبنانيين، طالبهم فيها بالعمل بشكل فعّال من أجل مكافحة تبييض الأموال.
ووفق مصدر مطلع فان الوفد الأميركي طالب السلطات بأفعال حقيقية قبل نهاية العام، وطلب من السلطات اللبنانية أن تكافح تبييض الأموال والاقتصاد القائم على النقد، وإغلاق مؤسسة القرض الحسن.
وعلمت «الديار» ان الوفد يعتبر مهلة الشهرين ليست لانهاء ملفي السلاح وتجفيف الموارد المالية لحزب الله، بل القيام باجراءات عملانية تثبت جدية السلطات اللبنانية في هذا المسار. كما طالب الوفد بالمزيد من التشدد في الاجراءات الامنية في المطار والمرفأ، طالبا انهاء وجود حزب الله هناك، واحراز تقدم ملموس في المفاوضات لتوقيع اتفاق مع صندوق النقد.
وكان رئيس الوفد صريحا حين ابلغ المسؤولين اللبنانيين بان عليهم الاستفادة من اهتمام الرئيس ترامب بالملف اللبناني، لان الفرصة لن تبقى مفتوحة..اما مسألة العقوبات، فلم يتحدث الوفد عن عقوبات جديدة بحق المسؤولين اللبنانيين..
الجيش يرفض ضغوط اسرائيلية
وفي سياق متصل، نقلت وكلة «رويترز» عن مسؤولين لبنانيين و»إسرائيليين»، أنّ «إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني ليكون أكثر حزماً في تنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله». وأضاف المسؤولون: «إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني لتفتيش منازل في جنوب لبنان بحثًا عن الأسلحة»، لافتين إلى أنّ «الطلب الإسرائيلي قوبل بالرفض من قيادة الجيش اللبناني، تفادياً لإشعال نزاع داخلي وتقويض الاستراتيجية الدفاعية».
كما نقلت «رويترز» عنهم قولهم إنّ «خطة الجيش لا تشمل تفتيش الممتلكات الخاصة، و»إسرائيل» طالبت بتنفيذ مداهمات للمنازل خلال اجتماعات آلية الميكانيزم في تشرين الأول الماضي». ونُقل عن مسؤول «إسرائيلي» قوله «إذا نزع الجيش اللبناني سلاح حزب الله فسننسحب تدريجيا».
الوضع سيء… ونموذج غزة
وتصف مصادر ديبلوماسية الوضع بالسيء جدا، لان كل النماذج المحيطة بلبنان تبدو محبطة، فعلى الرغم من وقف النار في غزة، فان المساعي الأميركيّة لإعادة ترسيم الحدود في القطاع، تشير الى ان الخطط الأميركيّة التي تتحدث عن «غزة جديدة»، تقوم على انشاء 6 تجمعات ووصاية تمتد 10 سنوات، والحديث عن اعادة الإعمار سيكون بكلفةٍ إنسانيّةٍ باهظةٍ. وما يُسوَّق كحلٍّ سريعٍ يبدأ من رفح، سيعني على «ارض الواقع» تهجير قرابة مليون فلسطيني، كمقدمة للتقسيم وإبقاء السيطرة الإسرائيليّة بكلّ ثقلها على ثلثي القطاع.
ووفق الخطة الاميركية ستقام «غزة الجديدة» إلى الجانب الشرقيّ من الخط الأصفر، ووفقًا لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، فإنّ الإدارة الأميركية أعدت خطةً لقطاع غزة ما بعد الحرب، تشتمل على تهجير «طوعي» للسكان، وتكرّس السيطرة الأميركية في القطاع. ويتم التعامل مع فلسطينيي غزة كحمولةٍ فائضة، ويطرح تهجير جزء منهم، ليس لمجرد بناء ما دُمّر وإعادتهم لاحقا، بل بتهجير طوعيّ دائم لخدمة رؤية استثماريّة اقتصاديّة وسياسيّة.
وهذا النموذج يذكر بما سبق وطرحه توم براك حول المنطقة الاقتصادية في قرى الحافة الامامية في الجنوب، ما يعني حكما تهجير السكان الى مناطق اخرى. فهل يمكن للبنان ان يقبل بمثل هذه الخطط؟
التنازلات السورية؟
اما النموذج السوري فليس اقل سوءا من غيره، فوجود الرئيس المؤقت احمد الشرع في البيت الابيض امس لم يكن دون تنازلات، وما يقوم به من أداء لا غبار عليه من وجهة النظرالأميركية، أكان في إخراج «النفوذ» الايراني من سوريا، او في المضي قدما بتوقيع اتفاق امني مع «اسرائيل»، التي تريد من الجيش اللبناني ان يلعب الدور نفسه الذي تقوم به قوات الامن العام السورية، حيث تشن حملة على كل تهديد محتمل في مختلف المحافظات السورية، ورضيت بوجود منطقة عازلة خالية من الاسلحة الثقيلة على طول الحدود، فضلا عن «غض النظر» عن وجود قوات الاحتلال في المناطق التي دخلتها بعد سقوط النظام السابق، وخصوصا قمة جبل الشيخ. اما الجولان المحتل فليس ضمن قائمة التفاوض اصلا؟!
هذا السلوك فتح ابواب البيت الأبيض امام اول رئيس سوري، وفتح ابواب المساعدات والدعم الدوليين امام سوريا، فلماذا سيقبل الاميركيون من لبنان عدم تقديم تنازلات مشابهة؟ ولماذا تقبل «اسرائيل» الذهاب الى تفاوض على اسس اقل من ذلك؟
العلاقة السعودية – الاميركية
في سياق متصل، يبقى السؤال هل سيكون الملف اللبناني جزءا من ملف المباحثات الاميركية – السعودية في واشنطن في 18 الجاري؟ وفق ديبلوماسي عربي، فان اللقاء المرتقب بين ولي العهد السعودي بن سلمان، والرئيس الأميركي ترامب في البيت الأبيض، قد يكون لحظة تأسيسية – ليس فقط في العلاقات بين الرياض وواشنطن، بل للشرق الأوسط كله.
وحتى الان، لم يتبلغ المسؤولون اللبنانيون اي مؤشرات سعودية حيال وجود الملف اللبناني على جدول الاعمال، من عدمه، وينتظر ان تتبلور الصورة مع الزيارة المرتقبة للامير يزيد بن فرحان الى بيروت خلال الساعات المقبلة. علما ان مسؤول سياسي بارز، يستبعد ان يكون لبنان جزءا من تلك المباحثات، باعتباره ليس من الاولويات، ومساعي تطويقه تجري على «قدم وساق» عسكريا واقتصاديا.
في المقابل، فان الهدف من تعزيز العلاقة السعودية – الاميركية، ليس فقط تحسين أمنها ومكانتها السياسية، بل أيضاً لأنه يعزز ارتباطها مع المعسكر الأميركي، المعارض لزيادة نفوذ الصين في الخليج.
تصعيد اميركي
فقد صعّد وفد وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض لهجته امام المسؤولين اللبنانيين، الذين اجرى معهم جولات نقاش موسعة، شملت شريحة واسعة من الرؤساء والوزراء والنواب، أما «اسرائيل» فعلى تصعيدها الميداني جنوباً وبقاعاً.
وقد واصل الوفد الأميركي من وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض برئاسة سيباستيان غوركا، جولته التي بدأت امس الاول من قصر بعبدا، وزار السراي حيث استقبله رئيس الحكومة نواف سلام، الذي أكد خلال اللقاء التزام الحكومة باستكمال مسيرة الاصلاح، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وترسيخ سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية.
ووفق المعلومات، فان لقاء وفد الخزانة الأميركية مع سلام تناول الشق التنفيذي لإجراءات ضبط تبييض وتهريب الأموال، ووضع حدّ نهائيّ للعمليات المالية غير الشرعية.
كما ان وفد الخزانة الأميركية غير راضٍ عن تعامل لبنان مع القرض الحسن التابع لحزب الله، وقال إنّ «لبنان سيُترك لمصيره إذا لم ينزع السلاح ولم يقرّ إصلاحات مالية».
اشادة بالرئيس عون
وزار الوفد حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، ووزيري العدل عادل نصار والداخلية أحمد الحجار، الذي اكد التزام لبنان محاربة تبييض الاموال وتعزيز الامن..اما النائب فؤاد مخزومي فاقام حفل عشاء تكريمي للوفد.
من جهته أثنى غوركا، في منشور على منصة «أكس» على الرئيس عون قائلاً إنه «في موقع يمكنه من خلاله المساهمة في تحقيق رؤية الرئيس دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، في إطار جديد وأوسع للاتفاقات الإبراهيمية».
حزب الله:لا للأملاءات
في المقابل، أكد عضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي أن «من حقنا الوطني واللبناني، أن نرفض أن يقول الأميركي للحكومة اللبنانية افعلوا كذا وكذا خدمةً للإسرائيلي، هذا أقل حقوقنا». واشار من جبيل الى أنه «عندما نقول لن نسلم السلاح، فإنّ هذه العبارة بالأعراف السياسية والوطنية هي أقل عبارة يمكن قولها، أمام هذا التهديد الوجودي لكل لبنان. ماذا يُطلب منا أن نقول لقوى تعتدي علينا يومياً؟ أن نقول سنسلم السلاح؟
الاعتدءات تتصاعد
ميدانيا، استهدف طيران العدو فجر امس سيارة مدنية على الطريق الساحلي قرب بلدة البيسارية في الجنوب، ما أدى إلى ارتقاء شهيد. كما استهدفت مسيرة منطقة الضهور في خراج بلدة الحميري في قضاء صور.. وشن الطيران الحربي غارتين على تخوم السلسلة الشرقية في قضاء بعلبك، إحداهما على أطراف النبي شيت والثانية على محلة الشعرة بالقرب من جنتا.
بالتزامن سجلت غارات اسرائيلية على سلسلة مرتفعات الريحان، وعلى منطقتي القطراني والمحمودية في الجنوب. كما استهدفت مسيرة معادية «بيك أب» في الهرمل ، من دون تسجيل إصابات.
واستهدفت غارات إسرائيلية جبل الرفيع في إقليم التفاح ومحيط الجرمق. كما فجّرت «قوة إسرائيلية» عند الأولى من بعد منتصف ليل الاحد – الاثنين، ثلاثة منازل في بلدة حولا – قضاء مرجعيون تعود لأشقاء من آل شحيمي.
انفجار المرفا
وفي ملف جريمة المرفأ، ارجأ القضاء البلغاري النظر في تسليم لبنان مالك السفينة «روسوس»السلطات اللبنانية، زاعما انها لن تطبق عقوبة الاعدام! وأوضحت ناطقة باسم محكمة صوفيا أن القضاة البلغار اتخذوا هذا القرار خلال جلسة عُقِدَت امس، لاعتبارهم أن تصريحات السلطات اللبنانية في هذا الشأن مبهمة جداً.
وكانت السلطات اللبنانية أعلنت أنّ المواطن الروسي القبرصي إيغور غريتشوشكين البالغ 48 عاماً هو مالك السفينة روسوس، التي كانت تنقل شحنة من نيترات الأمونيوم تمّ تخزينها في مرفأ بيروت. وأوقِف غريتشوشكين في 5 ايلول الفائت في مطار صوفيا، بموجب نشرة حمراء من الإنتربول..
وكان ممثلون لسفارتَي لبنان وقبرص حاضرين خلال جلسة الامس، وقد شدّد الرئيس اللبناني جوزف عون في مؤتمر صحافي خلال زيارته صوفيا، على «أهمية التعاون القضائي والجنائي بين البلدين، خصوصاً في ملف انفجار مرفأ بيروت». وأضاف: «لا تراجع عن تصميمنا على كشف ملابسات هذه القضية وجلاء حقيقتها».
اطلاق القذافي
قضائيا، أُفرج مساء امس عن هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، بعد نحو تسع سنوات من توقيفه في لبنان، بعد دفع كفالة بقيمة 900 الف دولار.
وكان هانيبال القذافي قد أوقف في لبنان عام 2015، على خلفية اتهامه بكتم معلومات حول اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا عام 1978. ويرتقب ان يتوجه القذافي بعد الإفراج عنه إلى دولة ثالثة، لم يعلن عنها لاسباب امنية، في ظل ترتيبات ديبلوماسية تضمن خروجه الآمن من لبنان..



