
الحوارنيوز – صحافة
كتب جوزف القصيفي نقيب محرري الصحافة في صحيفة الجمهورية:
نظّم مركز الدراسات والأبحاث في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى مساء أول من أمس (الخميس) ندوة تحت عنوان: «تطبيق إتفاق الطائف… إخفاقات وتحدّيات»، وتحدّث فيها الوزراء السابقون: سمير الجسر، زياد بارود، عباس الحلبي والرئيس السابق للجامعة اللبنانية زهير شكر، الذين تناولوا الموضوع من جوانبه كافة، وأضاءوا على الأسباب التي حالت دون تطبيقه تطبيقاً سليماً، أو على الأقل كما يُفترض أن يُنفّذ وفق الآليات التي وردت في متن نصه، ليُصبح في الإمكان تحديد مواضع الخلل والنقص، لتصحيحها وتصويبها.
على أنّ كلمة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب التي افتتح بها الندوة، كانت على مقدار عالٍ من الأهمية. فهو ذكّر اللبنانيِّين أنّ الإمام المغيّب موسى الصدر هو صاحب المقولة الشهيرة «إنّ لبنان هو الوطن النهائي لجميع أبنائه»، وأنّ لا مشروع لدى الطائفة الشيعية بديلاً لإتفاق الطائف، وأنّ لا رؤية وطنية لديها خارج هذا الاتفاق. ودعا إلى تطبيق الاتفاق كاملاً بلا زيادة أو نقصان.
ودعا الشيخ الخطيب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى رعاية مؤتمر حوار جامع يضع «… الأسس الضرورية لاستكمال تطبيق مندرجات هذا الاتفاق، وهي واضحة تمام الوضوح، وقد باتت دستوراً…»، والأهم في كلمة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، مناشدته العرب الذين رعوا «الطائف» و»لاسيما منهم المملكة العربية السعودية والدول العربية الشقيقة، دعم هذا الحوار، وعدم ترك لبنان في مهبّ الرياح، ونحن بصراحة مطلقة ومن دون عقد، نعوّل على دور المملكة، وكذلك مصر الشقيقة في هذا المجال».
هذا الكلام استمع إليه السفير المصري والقائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان، اللذان حضرا الندوة.
وفي رأي مراقبين سياسيِّين، أنّ الشيخ الخطيب المعروف عنه انفتاحه، واعتداله، ومبدئيّته، وصلابة موقفه من القضايا المصيرية التي تتهدّد لبنان وطائفته، كان واضحاً تمام الوضوح في رسم الخط الوطني العريض للطائفة الشيعية، واضعاً الحدّ لكل اجتهاد في التفسير، ولكل التباس، وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها هذا الموقف، لكنّ ما قاله في الأمس كان بلغة مباشرة لا يشوبها غموض.
إنّ ما لفت في كلمة الشيخ الخطيب المكثفة والمقتضبة، هو ذكره المملكة العربية السعودية لمرّتَين في كلمته، وتعويله على دورها في رعاية أي جهد بانٍ وفاعل، من أجل استكمال تنفيذ اتفاق الطائف، وأي حوار وطني لبناني، نظراً للمكانة التي تتمتع بها لدى اللبنانيِّين، وقدرتها على نصح بعض الأفرقاء السَير في الاتجاه الذي يوطّد أركان الوفاق، لأنّ لبنان هو للجميع، وليس في استطاعة أحد أن يحذف أحداً من المعادلة الوطنية.
وكان السفير السعودي وليد البخاري تلقّى دعوة من الشيخ الخطيب لحضور الندوة، أثناء زيارة الأول للمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في 23 من تشرين الأول المنصرم، وقد تعاطى معها إيجاباً، ورأى فيها خطوة مهمّة على صعيد إطلاق الحوار الداخلي، وتقريب المسافات بين اللبنانيِّين. وكان جوابه لِمَن يسأله رأيه فيها ينمّ عن ارتياح إلى هذه الخطوة. وكان واضحاً تصريح السفير البخاري يومها، بأنّ لا خصومة للمملكة مع المكوّن الشيعي في لبنان وخارجه. وربما هذا التصريح كان أحد الدوافع الذي حدا بنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إلى تضمين كلمته في الندوة هذه الإشارة اللافتة إلى السعودية ودورها في لبنان.
ويرى المتابعون أنّ كلمة الشيخ الخطيب جاءت في التوقيت الصحيح، وهي خطوة لا بُدّ منها من أجل توفير مناخات تساعد على التهدئة العامة، وتهيئة الأرضية لبناء موقف وطني واحد من استمرار الإعتداء الإسرائيلي على لبنان، واستمرار الاحتلال، وعدم الإفراج عن الأسرى، وذلك بصرف النظر عن الاتصالات القائمة دولياً وعربياً لوقف الحرب. والأسئلة المطروحة:
أ – هل الأرضية الداخلية مهيأة لعقد مؤتمر حوار كالذي دعا إليه الشيخ الخطيب؟ وهل التحدّيات المتصلة بتداعيات الحرب على لبنان ونتائجها والمساعي الناشطة لإنهائها، تتيح لرئيس الجمهورية النهوض بأعباء الحوار في غمرة الإنشغالات والاستحقاقات التي يواجهها، مع حماسته للقيام بأي خطوة تخدم الوفاق من خلال حوار ينهي كل إشكالية، ابتداءً من البحث في استكمال بنود «الطائف» وتطبيقه نصاً وروحاً؟
ب – هل تقوم المملكة العربية السعودية انطلاقاً من حرصها على تطبيق «إتفاق الطائف» كاملاً، لأنّ لا مشروع سواه أو من خارجه، بخطوات لدفع الأفرقاء اللبنانيِّين إلى الالتقاء في مؤتمر وطني يلقى دعمها – كونها اللاعب الرئيس في الوسط السياسي – أو أنّ الظروف الدولية، الإقليمية والعربية تحتاج إلى مزيد من العمل والتحرك، لتأتي الخواتيم على النحو المرتجى؟
في أي حال، فإنّ كلمة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في الندوة حول «اتفاق الطائف» إيجابية على وجه الإجمال، ويُبنى عليها عند البدء الجاد في استكمال تنفيذ ما لم يُنفّذ من الاتفاق، الذي لم يحقق حتى الساعة إلّا وقف إطلاق النار والأعمال الحربية بين اللبنانيِّين.



