الانتخابات العراقية: معركة أميركية – إيرانية

الحوارنيوز – صحافة
كتب فقار فاضل من بغداد في صحيفة الأخبار اليوم:
تتصاعد المنافسة بين واشنطن وطهران قبيل الانتخابات العراقية لتحديد ملامح السلطة المقبلة، وسط سعي كلٍّ منهما لترسيخ نفوذه في بغداد وتشكيل توازن سياسي جديد.
بغداد | في خضم الاستعدادات للانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في 11 تشرين الثاني المقبل، تتصاعد المنافسة بين الولايات المتحدة وإيران لتشكيل معادلة سياسية جديدة في العراق، وسط تحوّلات إقليمية ودولية تؤثّر بشكل مباشر على المشهد السياسي العراقي.
وتسعى طهران إلى المساهمة في رص صفوف حلفائها في العراق قبل الانتخابات، كما أظهرت تحركات ديبلوماسية مكثّفة، بما في ذلك زيارات مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى إلى بغداد، مثل قائد «قوة القدس»، إسماعيل قاآني، الذي التقى بقادة من «الإطار التنسيقي» لمناقشة التنسيق الانتخابي وتوحيد الصفوف.
في المقابل، تسعى الولايات المتحدة إلى فصل الملف العراقي عن الإيراني، في خطوة غير مسبوقة منذ سنوات. وقد تجسّد ذلك في إرسال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مبعوثه الخاص إلى العراق، ماك سافايا، وهو عراقي من أصول مسيحية، إلى بغداد للتأثير في تشكيل الحكومة المقبلة.
وتشير تحليلات سياسية إلى أن واشنطن قد تدعم تولي رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، المنصب لولاية ثانية، وذلك لتحجيم دور طهران في العملية السياسية العراقية.
ورغم دعمه من قبل فصائل مدعومة من إيران، يسعى السوداني إلى تحقيق توازن في علاقات العراق مع كل من واشنطن وطهران. وأظهر مرونة في التعامل مع الضغوط الأميركية، حيث انتقد العقوبات الأحادية على الفصائل المرتبطة بإيران، في الوقت الذي يدعو فيه إلى حصر السلاح بيد الدولة وهو شعار تتبناه واشنطن، وتعارضه فصائل المقاومة.
ترامب يرسل مبعوثه الخاص إلى بغداد للتأثير في تشكيل الحكومة المقبلة
وفي هذا السياق، يرى القيادي في «الإطار التنسيقي»، علي الموسوي، أن تدخل الولايات المتحدة في الشأن العراقي قبيل الانتخابات، يعد استمراراً للتدخلات السابقة، مشيراً إلى أن إيران لم تفرض إرادتها على العراقيين كما تفعل واشنطن، بل كانت تسعى إلى تحقيق مصالحها.
ومن جانبه، يرى الباحث في العلوم السياسية، صباح عطوان، أن الولايات المتحدة ستواصل سعيها إلى تقليص نفوذ إيران في العراق والمنطقة، خاصة بعد التطورات الأخيرة في قطاع غزة. ويضيف أن واشنطن تسعى إلى دعم قوى سياسية غير مرتبطة بإيران لضمان تشكيل حكومة تتماشى مع مصالحها الاستراتيجية.
وفي إطار التفاعلات السياسية المعقّدة التي يشهدها العراق عشية الانتخابات، يطرح كل من الكاتب والناشط السياسي، أحمد النعيمي، وعضو مركز «عراق الغد»، أحمد الأنصاري، رؤى حول تداخل النفوذ الإيراني والأميركي في الساحة العراقية.
ويرى النعيمي أن «العراق يعيش حالة من التداخل المعقّد بين القوى الإقليمية والدولية، ما يجعله ساحة لتصفية الحسابات بين إيران والولايات المتحدة». ويشير إلى أن «طهران تحاول الحفاظ على نفوذها من خلال دعم فصائلها التقليدية، بينما تسعى واشنطن إلى تقليص هذا النفوذ عبر دعم قوى سياسية غير مرتبطة بإيران». ويضيف أن «هذا الصراع يضع العراق أمام تحديات كبيرة في الحفاظ على سيادته واستقلال قراره السياسي».
من جانبه، يعتبر الأنصاري أن «الانتخابات المقبلة تشكّل مفترق طرق لتحديد هوية العراق السياسية في المرحلة القادمة»، مؤكداً أن «تزايد التدخّلات الخارجية، سواء من إيران أو الولايات المتحدة، يعكس حالة من عدم الاستقرار السياسي الذي يعاني منه العراق». ويشدّد على ضرورة أن تكون القوى السياسية العراقية قادرة على تجاوز هذه التدخّلات والعمل من أجل مصلحة البلاد بعيداً من الأجندات الخارجية.



