
بقلم د. عماد عكوش – الحوارنيوز

نقابات المهن الحرة هي منظمات مهنية تهدف إلى حماية مصالح الأعضاء والدفاع عن حقوقهم ، وتطوير المهنة ، والإسهام في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد . في لبنان تعاني هذه النقابات من تحديات كبيرة في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية ، والتي أثرت بشكل مباشر على قدرتها على أداء دورها وتحقيق أهدافها .
تسعى نقابات المهن الحرة في لبنان إلى تحقيق عدة أهداف منها :
- حماية المصالح المهنية: الدفاع عن حقوق المنتسبين وتحسين ظروف عملهم ومستوياتهم المعيشية.
- تنظيم الممارسة المهنية: وضع المعايير والأخلاقيات المهنية وضمان التزام الأعضاء بها.
- تمثيل الأعضاء: تمثيل المنتسبين أمام الجهات الرسمية والخاصة والدولية.
- التنمية المهنية: تنظيم برامج التدريب والتأهيل لتطوير قدرات الأعضاء.
- الخدمات الاجتماعية: تقديم خدمات اجتماعية وصحية للأعضاء عبر صناديق تعاضدية متخصصة .
- خدمات تقاعدية : تأمين تقاعد مناسب للاعضاء يحفظ كرامتهم .
تمتلك نقابات المهن الحرة في لبنان عدة مزايا إيجابية:
- الحماية المهنية: توفر النقابات حماية قانونية ومهنية للأعضاء في النزاعات والعمل.
- التمثيل الجماعي: تمثل قوة ضغط مهمة للدفاع عن مصالح الأعضاء وتحسين سياسات القطاع.
- الخدمات التعاضدية: تقدم خدمات صحية وتقاعدية وتعاضدية عبر صناديق مخصصة لهذا الغرض.
- التنمية المهنية: تنظم دورات تدريبية وورش عمل لتطوير مهارات الأعضاء وخبراتهم.
- التشبيك المهني: توفر منصة للتواصل وتبادل الخبرات بين الأعضاء والجهات المحلية والدولية ذات العلاقة .
التحديات والسلبيات
تواجه نقابات المهن الحرة في لبنان عدة تحديات وسلبيات:
- التدخل السياسي: تخضع بعض النقابات لهيمنة الأحزاب السياسية ، ما يؤثر على استقلاليتها وقدرتها على اتخاذ القرار .
- الفساد الإداري: تعاني بعض النقابات من سوء الإدارة والفساد والمحسوبية ، وكثير من المشاكل تم احالتها الى القضاء مما يؤثر على مصداقيتها وأدائها .
- الأزمة المالية: تواجه النقابات صعوبات مالية كبيرة في ظل الأزمة الاقتصادية وانهيار الليرة اللبنانية وسوء ادارة موجوداتها .
- احتجاز الودائع : تعاني صناديق النقابات من احتجاز ودائعها في المصارف دون قدرة على سحبها أو استخدامها .
- الانقسامات الداخلية: تعاني بعض النقابات من انقسامات داخلية وتنافس غير صحي بين الأعضاء .
شهدت نقابات المهن الحرة في لبنان تفاوتاً في درجة نجاحها وأدائها:
- نجاح نسبي: حققت بعض النقابات مثل نقابات الأطباء والمهندسين والمحامين نجاحاً في الدفاع عن مصالح الأعضاء وتقديم الخدمات لكن بالاعتماد بشكل كبير على المزايا التي قدمتها لها الكثير من التشريعات الحكومية والنيابية والتي تحملها في النهاية المواطن اللبناني .
- تأثر بالأزمة : أدت الأزمة الاقتصادية والمالية إلى تراجع كبير في قدرة النقابات على أداء دورها نتيجة فقدانها للسسيولة والتي كانت متوفرة لها قبل الازمة .
- احتجاز الودائع: تعرضت صناديق النقابات لخسائر كبيرة بسبب احتجاز ودائعها في المصارف ورفض تسليمها .
- تحركات احتجاجية: قامت النقابات بتحركات احتجاجية وقانونية ضد المصارف ومسؤولين لاستعادة ودائعها .
- فشلت في انشاء صناديق استثمارية استراتيجية منتجة تتم ادارتها من فريق من المحترفين في عالم الاستثمار مما حرمها من أموالها التي تم تجميدها لدى المصارف ، وحرمها من عائد كبير كان يمكن ان تحصل عليه نتيجة هذا الاستثمار .
تحتاج نقابات المهن الحرة في لبنان إلى عدة إجراءات للنهوض بأدائها وتحقيق أهدافها:
- الإصلاح الداخلي: تعزيز الشفافية والنزاهة في إدارة النقابات ومحاربة الفساد والمحسوبية.
- الاستقلالية: تقليل تأثير الأحزاب السياسية والطوائف على قرارات النقابات وضمان استقلاليتها.
- التحديث التقني: تبني أنظمة إلكترونية متطورة لإدارة العمليات المالية والإدارية بشفافية.
- التعاون المشترك: تعزيز التعاون بين النقابات المختلفة لزيادة قوتها التفاوضية وتوحيد مطالبها .
- العمل على وقف المنافسة الغير شريفة بين اعضائها من خلال وضع معايير وقواعد مهنية تلزم اعضائها بها .
حماية الأعضاء من المنافسة الداخلية
لحماية الأعضاء من المنافسة غير العادلة بين أعضاء النقابة نفسها، يمكن اتخاذ الإجراءات التالية:
- وضع معايير مهنية: وضع معايير وأخلاقيات مهنية واضحة تلزم جميع الأعضاء بالالتزام بها.
- آليات فض النزاعات: إنشاء لجان متخصصة لفض النزاعات بين الأعضاء ومعالجة الشكاوى بشكل عادل.
- توزيع الفرص: ضمان توزيع عادل للفرص والموارد بين الأعضاء دون تمييز.
- التدريب والتأهيل: تنظيم برامج تدريبية لتعزيز مهارات الأعضاء وزيادة فرصهم في المنافسة العادلة .
- الزام الاعضاء بكتاب عدم الممانعة .
- الزام الاعضاء بالتصريح عن العقد في حال التعاقد مع عميل جديد سبق ان تعامل مع زميل سابق وضرورة ان يبين هذا العقد الالتزام بالحد الادنى الموضوع من قبل النقابة .
آليات التمويل المستدام
لتمويل النقابات بشكل فعال دون تحميل الأعضاء تكاليف باهظة، يمكن اعتماد الآليات التالية:
- تنويع مصادر الدخل: البحث عن مصادر تمويل متنوعة مثل الاستثمارات الآمنة والشراكات مع القطاع الخاص.
- إدارة فعالة للصناديق: تحسين إدارة صناديق النقابات واستثمار أموالها بشكل يحقق عوائد مجزية.
- الشراكات الدولية: التعاون مع منظمات دولية للحصول على منح ودعم تقني ومالي.
- خفض التكاليف: ترشيد النفقات والإدارة الكفئة للموارد المتاحة من خلال المكننة واليات الدفع والقبض الرقمية .
الرقابة على الموازنات وضمان صحتها
لضمان صحة الموازنات المالية للنقابات وشفافيتها، يمكن تطبيق الآليات التالية:
- مراجعة خارجية: إجراء مراجعة خارجية مستقلة للموازنات والحسابات المالية بشكل دوري.
- الإفصاح العلني: نشر الموازنات والتقارير المالية على الأعضاء والجهات المعنية لضمان الشفافية.
- لجان رقابية: تشكيل لجان رقابية من الأعضاء للإشراف على إعداد وتنفيذ الموازنات.
- أنظمة إلكترونية: استخدام أنظمة إلكترونية متطورة لإدارة الموازنات وتتبع المصروفات .
- الرقابة على اعداد الموازنة والمصادقة عليها من قبل مدقق الحسابات الخارجي قبل عرضها على الجمعية العمومية لاقرارها للتأكد من صحة الارقام التي بنيت عليها هذه الموازنة .
للتطوير ومعالجة مشاكل نقابات المهن الحرة في لبنان، يمكن تقديم المقترحات التالية:
- إصلاح قانوني: تعديل القوانين المنظمة لعمل النقابات لضمان استقلاليتها وشفافية إدارتها.
- تعزيز المشاركة: تشجيع الأعضاء على المشاركة الفاعلة في أنشطة النقابات وانتخاباتها.
- بناء القدرات: تنظيم برامج تدريبية لبناء قدرات القيادات النقابية وتحسين أدائها.
- حملات توعوية: تنظيم حملات توعوية لأهمية النقابات ودورها في حماية المصالح المهنية.
- التعاون الإقليمي: التعاون مع نقابات مهنية في دول أخرى لتبادل الخبرات والمعارف .
نقابات المهن الحرة في لبنان تواجه تحديات كبيرة في ظل الأزمة الاقتصادية ، المالية، والسياسية ، ولكنها تمتلك إمكانيات كبيرة للتطوير والنهوض من خلال الإصلاح الداخلي ، تعزيز الاستقلالية ، وتحسين آليات الإدارة والتمويل ، كما يمكن لهذه النقابات أن تعزز دورها في حماية مصالح الأعضاء والإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في لبنان اذا ما قامت بوضع استراتيجيات عشرية ملزمة للمجالس النقابية تتبناها الجمعيات العمومية .



