في ذكرى الامام الصدر: ما أجمل حضورك (الشيخ وسام سليقا)

الشيخ وسام سليقا – الحوارنيوز
في زمنٍ يغيب فيه الكثيرون عن جوهر المعنى،
ويستولي الضجيج على الساحات، يظلّ الأمل حاضراً في القلوب كنبضٍ خفيّ لا ينطفئ.
وفي ذكرى الألم لامام وسيد الامل سماحة الامام السيد موسى الصدر،
نستيقظ على قيمٍ لا تُمحى،
ونستعيد وجهاً يشرق بالأخلاق، ويعكس نور الايمان
ويجعل من السعي الاجتماعي والوطني رسالةً لا تنقطع.
أيها الغائب الحاضر،
لقد ترك في الغياب حضوراً أقوى من كل حضور.
لم تكن كلماته حروفاً عابرة،
بل كانت عهداً يُملي على العقول أن تفكّر،
وعلى القلوب أن تتطهر، وعلى النفوس أن تتسامى في مدارج الرقي والفضيلة الى أعلى الدرجات .
كان يرى الأخلاق ميزان الإنسان، والركيزة التي يقوم عليها البناء. في زمنٍ انهارت فيه القيم تحت وطأة المصالح،
كان الامام السيد موسى الصدر يذكّرنا أن الإنسان بلا أخلاق جسد بلا روح
. لم يكن يرضى أن تكون الكلمة سيفاً جارحاً، بل أرادها بلسمَ رحمة.
وكان يؤمن أن الصدق لا يُفنى، وأن الكرامة لا تُشترى، وأن الوفاء لا يُباع في أسواق الغدر.
> “من أراد أن يُصلح أمة، فليبدأ بإصلاح نفسه وإيقاظ ضميره.”
نظرته الدينية
لم يرَ الدين
طقوساً جامدة، بل حياةً متدفقة بالرحمة. كان يرى أنّ العبادة لا تكتمل إلا إذا ترجمتها المعاملة، وأنّ الصلاة التي لا تُثمر عدلاً ورحمة ومحبة إنما هي صلاة ناقصة. كان يذكّرنا أن الدين رسالة محبة، لا مشروع خصومة،
لقد عاش الدين كما عاش الأخلاق: صفاءً في السريرة، ورأفةً في القول، وعدلاً في الفعل.
نظرته للإنسان
لم يرَ في الإنسان لوناً أو مذهباً أو انتماءً ضيقاً، بل رآه مخلوقاً مشرّفاً كرّمه الله بالعقل والحرية والكرامة. كان يقول: “أعظم ما في الإنسان إنسانيته، فإن ضيّعها، ضاع معها كل شيء.”
لذلك كان إذا التقى إنساناً التقى قلباً قبل أن يلتقي وجهاً، وكان إذا خاطب الناس خاطب ضمائرهم قبل أن يخاطب عواطفهم .
لقد كان يُبصر في كل إنسان مشروع حياة، ويرى أن ضعف الفرد ضعف للجماعة، وأن قوّته قوّة للوطن.
سعيه الاجتماعي والوطني
لم يحبس الامام السيد موسى الصدر نفسه في عزلة العارفين،
بل نزل إلى الناس، حمل همومهم، وشاركهم آلامهم وآمالهم. رأى في الوطن بيتاً للجميع، وفي المجتمع جسداً واحداً؛ إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى.
لقد سعى ليبني لا ليهدم، ليوحّد لا ليفرّق، ليزرع الأمل في زمن الالم
كان يعلّم أن الوطنية ليست شعارات، بل هي عرقٌ يتصبّب في خدمة الناس، ودمعة تذرف عند آلم المتألمين
وبسمة تُرسم على وجوه الفقراء والمساكين والمحرومين .
في زمن الغياب
في غيابك نكتشف أنّ الحضور لا يُقاس بالسنين والاعوام
لا بل بما زرعه من خير وأضاءه من ايمان
ومن وعيٍ لا يزول. مهما بلغ الركام
نستيقظ إليك كأنك تنادي من بعيد: أن لا نُسلم عقلنا للجهل،
ولا قلبنا للكراهية،
ولا وطننا للتفرقة
إنّ ذكراك ليست مرآة للماضي وحده، بل نافذة للمستقبل. تذكّرنا أن الشعوب لا تنهض بالمال فقط،
بل تنهض بالضمائر،
وأنّ الحضارة لا تُبنى بالحجارة وحدها،
بل تُبنى بالإنسان الحرّ الكريم.
“هنيئا لمن جعل من حياته جسراً يعبر عليه المتألمون إلى الامل
*رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في لبنان



