سياسةمحليات لبنانية

العلامة الخطيب في خطبة الجمعة:المطلوب خروج البعض من خطاب الكراهية والتصنيف والإلغاء

 

الحوارنيوز – محليات

 

قال نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب “إنّ المطلوب من البعض الخروج من خطاب الكراهية والتصنيف والتشكيك بوطنية هذا المكوّن اللبناني او ذاك طالما ان اتفاق الطائف والدستور الذي انبثق منه يقول ب” لبنان الوطن النهائي لجميع ابنائه”. واضاف “ان  المطلوب الخروج من الخطاب الالغائي الذي يتقنه البعض وتعزيز خطاب “العيش الواحد” لا “العيش المشترك” بين اللبنانيين.

 

أدى العلامة الخطيب صلاة الجمعة اليوم في مقر المجلس على طريق المطار والقى خطبة تناول في مستهلها موضوع الحق والباطل ،ثم التطورات السياسية فقال:

أيّ زمن أسوأ من هذا الزمن الذي انحطت فيه هذه الامة الى هذا القعر، فهانت على نفسها واستهان بها عدوها وصدق فيكم قول الامام الحسين بن علي (ع): “تباً لكم أيتها الجماعة وترحاً وبؤساً لكم! حين استصرختمونا ولهين، فأصرخناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا، وحمشتم علينا ناراً أضرمناها على عدوكم وعدونا، فأصبحتم إلباً على أوليائكم، ويداً على أعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، ولا ذنب كان منا إليكم”.

لقد انتظرنا من الجامعة العربية أن يكون لها على الاقل موقف الى جانب لبنان، ولكن للأسف جاءنا مبعوث الجامعة العربية ليؤكّد على المطلب الامريكي الذي استجابت له الحكومة اللبنانية بنزع سلاح المقاومة، وكان المطلوب على الاقل ان يأتي متضامناً مع لبنان بطلب تنفيذ العدو للاتفاق حول القرار ١٧٠١، أصحيح ان ما يجري في غزة ليس أمرا جللاً يستحق أن تُعقَد من اجله قمة عربية؟..

مثل هذا الامر يستدعي قمة عربية عاجلة، ولكننا مع الاسف لم نلمس الا بيانات لا تُسمن ولا تغني من جوع، وكأننا فعلاً أمة نائمة كما سمتنا “غولدا مائير” صبيحة اليوم التالي لليوم الذي احرقت فيه اسرائيل المسجد الاقصى ونامت خائفة من زحف عربي سيهب عليها في اليوم التالي ويقتلعها من الجذور، ولكن هذا الزحف لم يحصل وفقالت عندها رئيسة حكومة العدو قولتها الشهيرة بأنها اكتشفت ان العرب “أمة نائمة” ففعلت بفلسطين والعرب ما فعلت ولا تزال تفعل بهم من قتل واحتلال منذ ذلك التاريخ، وهي اليوم تعمل لمحو فلسطين التاريخية عن الخريطة لتقيم مكانها الدولة اليهودية الخالصة من النهر الى البحر إن لم يكن ابعد من ذلك.

 فالله المستعان وحسبنا المولى ونعيم الوكيل.

على كل حال، فإن اللبنانيين يعرفون حقّ المعرفة انه لن يدافع عنهم الا سلاحهم، ولذلك فهم متمسكون بهذا السلاح حماية لبلدنا وسيادتنا التي تخلّت عنها السلطة وتخلّى عنها البعض من اللبنانيين الذين لا يمثلون إلا انفسهم، فالأكثرية الصامتة من اللبنانيين مؤيّدة لهذا السلاح الذي تعرف أن مصيرها مرهون به امام التهديدات التي تأتينا من كل الجهات جنوباً وشرقاً.

 

وان المبعوث الامريكي قال صراحة انه ليس في وارد ضمان تنفيذ تنفيذ الاتفاق، وسيأتي لاحقاً بعد ان اخذ القرار المشؤوم بنزع السلاح الذي شرط قيام العدو بوقف الحرب لاحقاً باتخاذه ليقول لكم ان الاسرائيلي يشترط تنفيذ نزع السلاح وهكذا، ولكننا لن نجاريكم بعد كل الذي قدمناه تسهيلاً للحكومة ثم انقلبتم على كل تعهداتكم ووقف رئيس الحكومة متباهياً بهذا (الانجاز) الذي حققه للمبعوث الامريكي الذي له خبرة جيدة بممارسة الخداع، وانتم ممن خدع حتى الان من الجحر مرات لا مرتين، ولكنكم مصرّون على الاصغاء وقبول الخداع مرة أخرى.

إنّ المطلوب من البعض الخروج من خطاب الكراهية والتصنيف والتشكيك بوطنية هذا المكوّن اللبناني او ذاك طالما ان اتفاق الطائف والدستور الذي انبثق منه يقول بــ ” لبنان الوطن النهائي لجميع ابنائه”. وكذلك المطلوب الخروج من الخطاب الالغائي الذي يتقنه البعض وتعزيز خطاب “العيش الواحد” لا “العيش المشترك” بين اللبنانيين، لأنهم ينتمون الى أمة واحدة عربية واسلامية، والتزام الجميع مشروع الدولة الواحدة دولة المواطنة والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص التي ينادي بها “الطائف” الذي يتعرض نتيجة ممارسات البعض لتدمير ممنهج.

كما لا يمكن لأحد ان يدّعي السيادية وان يتهم غيره بالتبعية، فيما هو غارق في وحل هذه التبعية الى الرأس، كذلك لا يمكن لأحد ان يُنصّب نفسه وصياً على أحد وهو غارق في وحل الوصايات التي استجلبها او توسّلها، لأنها لا تخدم إلا مصلحته الخاصة على حساب مصالح البلد.

   ذكرى السيد مرتضى

وكان العلامة الخطيب ألقى  كلمة في احتفال بالذكرى السنوية لرحيل العلامة المحقق اية الله السيد جعفر مرتضى، والذي اقيم في في مجمع الامام الصادق ع الثقافي، بحضور حشد من علماء الدين وممثلي المرجعيات الدينية وشخصيات سياسية و دبلوماسية وثقافية وتربوية واجتماعية ومواطنين.

وبعد تلاوة اي من الذكر الحكيم وتقديم الشيخ نزار سعيد للحفل، تحدث العلامة الخطيب عن الراحل فقال:

السيد جعفر لم يكن عالماً عادياً، هو عالم لأنه استحق أن يكون محققاً، عمله أتى عن تتبع وتحقيق والوصول الى القناعة عن هذا الطريق، وليس بالوراثة وبالاشاعة، وإنما عن طريق المعرفة الحقة التي أعلاها أن يأتي عن طريق التحقيق. هو محقق  النهج العلمي الذي يبتغي الحقيقة، لم يكن سلوكه ناتجا عن شعور طائفي أنه يريد أن يدافع عن المذهب الذي يعتنقه كيفما كان تعصّباً، وإنما أراد أن يصل الى الحقيقة ليقول الحقيقة، وقد فعل هذا، فهو اتبع المنهج العلمي للوصول الى النتائج التي وصل اليها، وهذا شأن العالم وهذا واجب العالم أن ينهج النهج الحق للوصول الى النتيحة الصحيحة، لذلك استحق أن يكون عالماً وأن يكون محقّقاً في كل مؤلفاته التي أمتعنا بها وأنتجها وفي كل محاضراته وخطبه كان هذا هو نهجه، وقد استحق أن يكون الى صف العلماء الكبار الذين نعرفهم في تاريخنا والذين ألّفوا المصنفات الكبيرة والمتعددة، لكنه على هذا المستوى، حيث وصلت مؤلفاته الى أكثر من 250 مجلداً وهي ثورة علمية كبيرة في هذا العصر لم نعهدها عند أحد من العلماء حسب فهمي  وتتبعي القاصر.

السيد جعفر مرتضى هو واحد ربما ليس له نظير آخر بين المؤلفين والمحققين والعلماء، نحن خسرنا رجلاً بهذه القدرات وبهذا الصدق وبهذا التحري عن الحقيقة وخدمة الشريعة، ولا اقول بخدمة المذهب لأن المذهب يُخدم حين نريد الحقيقة . وحين ننصر الحق والحقيقة ننصر حينئذ هذا المذهب.  

 وتحدث عن الشأن الداخلي فقال : المقاومة قدمت للدولة اللبنانية ولمساعدة الدولة اللبنانية وللمسؤولين اللبنانيين، قدمت لهم بعض القضايا التي ليست من واجبها أن تقدمها، مثل سرعة الانسحاب من جنوب الليطاني وتسليمه للجيش اللبناني. لم يكن هذا منطوق القرار ولا لازم القرار ولا مفهوم القرار، بهدف إعطاء المجال للحكومة الجديدة ولرئيس الجمهورية الجديد مجالاً لما ذكروه أنه ما لا يحل الآن نحن نحله بالدبلوماسية. أصبحت الدبلوماسية  “تراجعوا، تراجعوا، تراجعوا، تنازلوا، وتنازلوا”، ووصلت في الأخير أن سلموا سلاحكم. مقابل ماذا؟ ..لا شيء.

 حتى الآن العدو الإسرائيلي وبعض مسؤوليه يقولون بشكل صريح وواضح أننا لن ننسحب من الأراضي التي احتلها، ولن نوقف العدوان ولن نعطي أي ضمان. مع هذا يقول بعضهم للأسف “أن اللبنانيين جميعاً متفقون على نزع السلاح”. فماذا يعني ذلك ،وماذا يقول لنا؟ فهل يقول إننا غير لبنانيين؟.. الذين يتمسكون بالسلاح للدفاع عن لبنان هل هم غير لبنانيين؟.. هذه الطائفة كلها الآن التي لها رأي واحد، هؤلاء ليسوا لبنانيين؟ ثم أنت تتكلم بإسم كل اللبنانيين، فمن نصّبكم لهذا الأمر؟.. تكلم عن نفسك وأعط رأيك، فاختلاف الآراء ليس مشكلة. هناك أراء مختلفة في هذا المجال ومختلفون على هذا الموضوع. من نصّبكم وليا على الشيعة اللبنانيين وعلى غير الشيعة من اللبنانيين الذين يقفون ضد تسليم السلاح في هذا الظرف الذي يصرّ فيه الإسرائيلي على الاحتلال وعلى ممارسة المزيد من العدوان ومن القتل ومن الاغتيال لأناس لبنانيين أكثر من كثير من الذين يدعون أنهم لبنانيون، وبعضهم طارئ على لبنان واستحصلوا على الجنسية اللبنانية حديثاً؟..  نحن لبنانيون قبل أن يكون أحد في هذا البلد لبنانيا.. ما هو المقصود من هذا المنطق؟ يعني وضع الزيت على النار لإشعال البلد، ثم يقولون ليس هناك فتنة داخلية.  أنتم تمارسون فعل الفتنة. نحن نصبر ونحن  نتحمل ونحن نتمالك أنفسنا وأبناءنا على ألا يقوموا  بردات فعل على الشيء الذي تريدونه، وهي الحرب الأهلية. حقيقة أنتم تريدون الوصول إلى حرب أهلية في لبنان على خلاف ما تدّعون. لسانكم يقول شيء وباطنكم يقول شيئا آخر.

القائد يحتاج إلى حكمة لمصلحة شعبه ولمصلحة وطنه. من المفترض أن يهدّئوا الشارع ويهدّئوا الناس ويحافظوا على السلم الأهلي ويحافظوا على سيادة البلد وعلى مصلحة البلد وعلى مصلحة اللبنانيين جميعاً، لا أن تكون آذانهم موصولة بمصالحهم حينما يريدون أن ينطقوا فينطقوا حسب ما يصل إلى آذانهم . نحن لا نريد الإساءة إلى أحد، ولكن لا نريد لأحد أن يسيئ إلى الوطن. أنتم تسيئون إلى لبنان وتسيئون إلى السلم الأهلي وتسيئون إلى العلاقات بين اللبنانيين وبين الطوائف اللبنانية وتدفعون بالوطن إلى الهاوية. لن نعطيكم هذه الفرصة. لن نعطي هذه الهدية لأخذ البلد  حيث يريد العدو الإسرائيلي، وإلى حيث الهدف الإسرائيلي بدفع البلد إلى الاقتتال الداخلي.

 نحن الذين دفعنا في السابق الفتنة الداخلية وتحملناها بجلدنا وبشهدائنا الذين اعتدي عليهم لسلامة البلد، ونحن الذين تحملنا نتائج الحرب ونتحمل الآن. أبناؤنا يغتالون على الطرق بواسطة الطائرات المسيّرة من أجل حماية كل لبنان حتى لا يتعرض بقية لبنان إلى السوء، وأن يبقى هناك مجال للبنانيين، وأن تكون هناك حياة لكن على حسابنا. عليكم أن تقدّروا هذه التضحيات الكبيرة من أهل المقاومة ومن بيئة المقاومة ومن جمهور المقاومة. الإنصاف يقتضي منكم أن تقدروا لا أن تقولوا أن هؤلاء لم يكونوا شهداء لبنان، وإنما كانوا شهداء إيران. هذا الكلام معيب ولا ينبغي أن يصدر عن جاهل فضلاً أن يصدر عن مسؤول .

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى