قالت الصحف: إضاءات حيال المواقف الخارجية من الملفات اللبنانية.. التجديد لليونيفل وخطة الجيش لحصر السلاح واستعادة الأموال المهرّبة

الحوارنيوز – خاص
تنوعت افتتاحيات صحف اليوم، وقد تقاطعت حول ابراز مواقف الدول المؤثرة في صناعة القرار اللبناني والتحديات التي تواجه لبنان، لاسيما العدوان الإسرائيلي المستمر وموضوع التجديد لقوات اليونيفل وحصر السلاح والقرار القضائي باستعادة الأموال المهرّبة، فماذا في التفاصيل؟
- صحيفة النهار عنونت: تكثيف المشاورات الفرنسية الأميركية حول اليونيفيل… دعم واسع لمواقف عون وسلام غداة زيارة لاريجاني
وكتبت تقول: أفادت مراسلة “النهار” في باريس أن المبعوث الرئاسي الأميركي توم برّاك أجرى محادثات في العاصمة الفرنسية مع مسؤولة الشرق الأوسط في الرئاسة الفرنسية آن كلير لو جاندر حول سوريا ولبنان وحول استقرار الأمن في كلا البلدين
على رغم تواصل الترددات التي أثارتها زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني لبيروت، بدأت الأنظار تتركز على سيناريو التطورات المرتقبة في المهلة الفاصلة عن نهاية آب الحالي، والتي منحها مجلس الوزراء إلى قيادة الجيش لإنجاز وتقديم خطتها الخاصة بتنفيذ قرار حصرية السلاح في يد الدولة. وإذ برزت غداة زيارة لاريجاني معالم التفاف سياسي داخلي واسع حول الموقفين البارزين اللذين اتخذهما رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام من التدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية، لم تخف جهات رسمية بارزة قريبة من الحكم والحكومة ريبتها الكبيرة حيال التزامن الذي برز في اندفاع كل من إيران وإسرائيل نحو الساحة اللبنانية، إذ ترجم بزيارة رئيس الأركان الإسرائيلي لمناطق جنوبية تحتلها إسرائيل في اليوم نفسه الذي زار فيه لاريجاني بيروت. واعتبرت أن المحاولات الإقليمية لاستباحة لبنان لا تزال تثير الخشية بما يثبت اتجاهات وقرارات الدولة اللبنانية نحو تحقيق حصرية سلطتها والدفع بقوة بالجهود الديبلوماسية عبر الوسيط الأميركي وغيره لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للنقاط والمواقع الجنوبية المعروفة. ولذا من المفترض أن يكون لبنان تبلّغ رسمياً موعد الزيارة الرابعة للموفد الأميركي توم برّاك لبيروت الأسبوع المقبل والتي يفترض أن تكتسب طابعاً تنفيذياً لجهة البحث المعمق مع المسؤولين اللبنانيين في تفاصيل ما تناولته ورقته التي أقرّ مجلس الوزراء أهدافها.
وليس بعيداً من هذه المناخات والأجواء، أفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين أمس أن المبعوث الرئاسي الأميركي توم برّاك أجرى محادثات في العاصمة الفرنسية مع مسؤولة الشرق الأوسط في الرئاسة الفرنسية آن كلير لو جاندر حول سوريا ولبنان وحول استقرار الأمن في كلا البلدين، وغادر برّاك العاصمة الفرنسية صباح أمس. وفي غضون ذلك، تجري مفاوضات بين الجانبين الفرنسي والأميركي في نيويورك حول التجديد لقوة “اليونيفيل” قبل نهاية آب. وتقول مصادر ديبلوماسية فرنسية لـ”النهار” إن الموقف الأميركي إزاء اليونيفيل صعب دائماً منذ سنوات قبيل التجديد لها، لكن في النهاية باريس تبدي تفاؤلا بأن الولايات المتحدة ستجدّد للقوة لسنة أخرى في نهاية هذا الشهر. فالاميركيون بحسب باريس ليسوا في منطق دعم هذه القوة خصوصاً وأن الكونغرس صوّت لتقليص الدعم المالي لقوات حفظ السلام في العالم ما سيؤدي في الخريف المقبل إلى احتمال تخفيض العدد في أماكن انتشار هذه القوات في العالم، علماً أن هنالك 10000 عنصر لليونيفيل في لبنان. وتضيف المصادر أن باريس تنظر أيضاً إلى ما يريده الرئيس اللبناني جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام بالنسبة لليونيفيل التي هي الآن تتحمل الضغط من البعض في المنطقة، فيجب أن يستمر الدعم اللبناني لهذه القوة لأن لا إسرائيل تحبذها، كما أنها تواجه ضغطاً من “حزب الله” في الجنوب. فالمطلوب دعمها من الجيش اللبناني وباريس تتفهم كون الجيش اللبناني أيضاً منتشر على الحدود اللبنانية- السورية ما يصعب مهمته للانتشار بالعدد المطلوب دعماً لليونيفيل. والمفاوضات حول التجديد لليونيفيل مكثفة حالياً في نيويورك، ولكن المصادر الفرنسية تتوقع التجديد لها.
تزامن ذلك مع إعلان قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي رافي ميلو، أن انسحاب الجيش من النقاط الخمس الحدودية مرتبط بوقف نشاط “حزب الله” جنوب نهر الليطاني، مؤكدًا في الوقت ذاته أن إسرائيل تحتفظ بخياراتها العسكرية إذا لم يتحقق ذلك عبر الوسائل السياسية أو الديبلوماسية.
وأوضح ميلو أن الحكومة اللبنانية أبدت نية “إيجابية جدًا” لجمع سلاح “حزب الله”، لكنه أشار إلى أن القدرات اللوجستية للدولة اللبنانية في هذا المجال “محدودة”، ما يثير تساؤلات حول قدرتها على تنفيذ ذلك على الأرض. وأشار إلى أن قدرات “حزب الله” على إعادة التسليح “تراجعت بشكل واضح” بعد الضربات التي استهدفت بنيته التحتية، مضيفًا أن التنظيم لم يتمكن حتى الآن من تعيين “مجلس جهادي” جديد، ما يعكس ارتباكًا داخليًا في صفوفه عقب الضربات الأخيرة. وشدّد على أن الجيش الإسرائيلي مستعد لاستخدام القوة عند الضرورة لتفكيك سلاح حزب الله، في حال لم يتم التوصل إلى تسوية تضمن إبعاد التنظيم عن الحدود وتنفيذ القرار 1701.
أما في المشهد الداخلي، فبرزت أمس ملامح التعبير عن الدعم الواسع لمواقف وقرارات رئيسي الجمهورية والحكومة. وفي السياق، جاءت زيارة الرئيس فؤاد السنيورة لرئيس مجلس الوزراء نواف سلام، حيث أعلن السنيورة من السرايا تعبيره “عن تقديري الشديد نتيجة القرارات الهامة والشجاعة التي اتخذتها الحكومة اللبنانية خلال الأسبوع الماضي، وأيضًا ما جرى التعبير عنه البارحة من قبل فخامة الرئيس ودولة الرئيس لدى زيارة الموفد الإيراني علي لاريجاني، وهذا الأمر فعليًا من الأشياء المهمة التي اتخذها لبنان، والتي ينبغي أن يُصَرّ على الاستمرار في التأكيد على أهمية حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وقواها الشرعية من جيش وقوى أمن داخلي، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع الدولة أن تستعيد سلطتها الكاملة وقرارها الحر على جميع أمورها. وبالتالي أود أن أشيد بالموقف الذي اتخذه فخامة الرئيس، وأيضًا أن نؤيده في هذا المسعى، كما وأن نؤيد وندعم دولة الرئيس نواف سلام في هذه المواقف التي اتخذها بشأن التأكيد على حصرية السلاح والتقدم باتجاه عودة الدولة لكي تصبح صاحبة القرار”.
كما أن الرئيس عون استمع إلى موقف مماثل من النائب ميشال معوض الذي وصف زيارته بأنها “زيارة دعم وتأييد لمشروع الدولة، ولمسار إعادة بنائها، وهو مسار لكل اللبنانيين. نحن نعيش مرحلة تحوّل تاريخي ولأول مرة نشعر أن الدولة تعود دولة بالفعل، وهي تقول إنها تريد احتكار السلاح، وبسط سيادة القانون على جميع اللبنانيين، وأن تكون هي المسؤولة عن إدارة علاقات لبنان الخارجية، على أسس السيادة والاحترام مع كل الافرقاء، ومصلحة لبنان”.
وينتظر أن يكون للامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم مواقف جديدة في كلمة يلقيها اليوم بعدما التقى لاريجاني والوفد المرافق مساء الأربعاء، علماً أن زيارة المسؤول الإيراني أبقت على وتيرة رفض “الحزب” لتسليم سلاحه مشدودة. وفي هذا الإطار، أكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة”، النائب علي المقداد أن “إيران دولة صديقة ساعدت لبنان على تحرير أرضه”. وسأل: “أين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة من الكلام الذي قاله أحد النواب عن منع مسؤول عربي كان أم أجنبياً من الدخول إلى لبنان ومن التدخلات الأميركية؟”. ولفت إلى أنّ “سلاح حزب الله باق وهو شأن داخلي لبناني”، قائلاً: “عندما تخرج إسرائيل من كل الأراضي اللبنانية وتوقف الاعتداءات ويعود الأسرى ويبدأ الإعمار عندئذ نبحث في موضوع الاستراتيجية الدفاعية”. أمّا في موضوع السلاح، فقال المقداد أنّ “السلاح باقٍ باقٍ باقٍ”.
- صحيفة الأخبار عنونت: السعودية تتقصّى المعلومات حول زيارة لاريجاني
اليمن بعد إيران: لبنان ليس متروكاً
وكتبت تقول: منذ وصول الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت، آتياً من بغداد، تركّزت الأنظار على حركته التي امتدّت ليوم كامل، وشملت المقار الرسمية والسفارة الإيرانية ولقاءً جمعه بالأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
وعلمت «الأخبار» أنّ الرياض وواشنطن استنفرتا لتجميع أكبر قدر من المعلومات والمعطيات، لا سيّما ما يتعلّق بما قاله لاريجاني والرسائل التي نقلها والمواقف التي أبلغها للمسؤولين اللبنانيين، خصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، عدا عمّا دار في الجلسة التي عقدها الضيف الإيراني مع عدد من الشخصيات السياسية اللبنانية.
وقد أجرى مسؤولون سعوديون، كما فريق السفارة الأميركية في بيروت، اتصالات بسياسيين ومستشارين وإعلاميين لتجميع كل الداتا المتاحة، مع التركيز على الشقّ المتعلّق بحزب الله تحديداً. ومن الأسئلة التي يتمّ البحث عن أجوبة لها: هل أتى لاريجاني بدعم مالي؟ هل طلب شيئاً من الحزب أو حتى من بري في ما يتعلّق بالتعامل مع الحكومة والجيش اللبناني؟
هل متّنت زيارته موقف الحزب في مواجهة الهجمة الداخلية والخارجية عليه؟ وهل ثمّة اتّفاق حصل معه في ما يتعلّق بطريقة المواجهة في الأيام والأسابيع المقبلة؟
ويبدو أنّ كلام لاريجاني عن دعم الحزب واعتبار إيران سلاح المقاومة، في لبنان والمنطقة، قضية مركزية لا يُمكن التخلّي عنها، كانَ محطّة للانتقال إلى مستوى جديد من التعامل مع الهجمة الأميركية الإسرائيلية وحتى السعودية، ويؤشّر إلى تموضع جديد على المستوى الخارجي بما لا يكرّس سقوط لبنان بالكامل في المحور الإبراهيمي، الذي انزلقت إليه البلاد تباعاً عبر القضم الممنهج للتوازنات التي انكسرت إلى حدّ كبير بعد الحرب. وهو أكّد أنّ المقاومة لن تُترَك كفريسة سهلة للاستفراد بها.
وعليه جاءت زيارة لاريجاني كرسالة أولى، قبل أن تتبعها كلمة لقائد حركة أنصار الله في اليمن السيد عبد الملك الحوثي حول مستجدّات العدوان على قطاع غزة والتطورات الدولية والإقليمية وكان للبنان مساحة واسعة فيها، حملت إشارات ورسائل متعدّدة.
كلام لاريجاني يؤشّر إلى تموضع جديد على المستوى الخارجي بما لا يكرّس سقوط لبنان بالكامل في المحور الإبراهيمي
الحوثي ذكّر في كلمته بأنّ «لأكثر من 40 عاماً والعدو الإسرائيلي في حالة اعتداء واستهداف للبنان واحتلال لأراضيه ومحطّات التحرير كانت بفضل الله على أيدي المجاهدين والمقاومة اللبنانية»، مشيراً إلى أنه «من الآن فصاعداً من الواضح أنّ الجيش اللبناني هو أبعد ما سيكون عن أن يوجّه له قرار سياسي رسمي بمواجهة إسرائيل». وأكّد أنّ «مصلحة لبنان في تجربة المقاومة التي أثبتت نجاحها على مدى 40 عاماً، ومن الخير للبنان أن تحظى المقاومة بالاحتضان الرسمي والشعبي، لا أن تحارب من قوى ومكوّنات موالية للعدو الإسرائيلي»، لافتاً أنّ «التوجّهات الرسمية في لبنان خاضعة للعدو الإسرائيلي وملبّية لإملاءاته، وهذا شيء مخزٍ بكل ما تعنيه الكلمة، وأنّ العدو الإسرائيلي يسعى إلى تجريد لبنان من سلاحه الذي يحميه لأنه يريد أن تبقى أراضي لبنان مستباحة له، وأن يتخلّص من العائق الحقيقي أمامه».
وقال الحوثي إنّ «الشيء الظريف الذي لاحظناه بالأمس في ما يتعلّق بالحكومة اللبنانية أنها تظهر الحساسية حتى تجاه عبارات التضامن مع لبنان وهي تطلق على مَن يساند لبنان عسكرياً وسياسياً تدخّلاً في شؤون اللبنانيين ويردّون بنبرة عالية وصوت جريء، في المقابل نرى الحكومة اللبنانية في حالة خضوع مسيء وذلّ أمام ما يفعله العدو الإسرائيلي من جرائم واعتداءات».
ورأى أنّ «ما يفعله الأميركي والإسرائيلي في لبنان أكثر من مسألة تدخّل، هو احتلال وانتهاك وقتل واستباحة تامة للسيادة اللبنانية»، معتبراً أنّ «بعض المسؤولين في الحكومة اللبنانية يظهرون لؤمهم حتى تجاه حزب الله والمقاومة وتجاه الشعب اللبناني، ومن اللؤم أن تتبنّى المنطق الإسرائيلي وأن تخضع للإملاءات الإسرائيلية ثم تواجه أي مواقف للتضامن مع بلدك وكأنك سيادي». وتوجّه إلى الحكومة اللبنانية، بالقول: «يا من تخضع للإملاءات الإسرائيلية وتتبنّاها ضدّ شعبك وضدّ أحرار شعبك، أنت لست سيادياً، والسعي لتجريد بلداننا وشعوبنا من السلاح الذي يحميها من الخطر الإسرائيلي هو أحد أركان المخطّط الصهيوني الذي يستهدف أمّتنا».
ولفت إلى أنّ «المغفّلين والجاحدين والعملاء يصوّرون للناس أنّ المشكلة هي في السلاح الذي بيد أحرار الأمة وشرفائها، أمّا السياديون الحقيقيون هم من يحمون الأوطان ويقفون بوجه المعتدي»، معتبراً أنّ «خضوع الحكومة اللبنانية للأوامر والإملاءات الإسرائيلية والأميركية دليل كافٍ وبرهان قاطع على أنّ الحكومة اللبنانية لن تحمي لبنان، وإذا كانت الحكومة اللبنانية بهذا المستوى من الخضوع، فكيف ستحمي شعبها وأبناء شعبها من عدو لبنان الحقيقي؟».
هذا الموقف، وهو الأول من نوعه يطلقه اليمن في وجه الحكومة اللبنانية، وهو أتى بعد زيارة لاريجاني، وفي الوقت الذي يتعرّض حزب الله فيه إلى المحاصرة والتهديد بأوراق عديدة، جنوباً وشرقاً وحتى بتفجير الوضع الداخلي في وجهه. وفي القراءة بين السطور، يُمكن فهم كلام الحوثي باعتباره رسالة ثانية بعد رسالة لاريجاني بأنّ حزب الله ليس متروكاً ولن يكون وحده في المواجهة وأنّ اللبنانيين مثل أهل غزة أيضاً غير متروكين، وتحمل في طياتها دعماً قد يترجم إسناداً في حال فرضت الظروف ذلك.
وهي رسالة ليست مفاجئة، فحكومة صنعاء هي الحكومة العربية الوحيدة التي تحارب إسرائيل تضامناً مع الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وهي الوحيدة التي لا تزال تعتبر أنها قضية العرب المركزية وقضية الأمة، رغم أنها على بعد 2000 كلم عن فلسطين المحتلة، بينما الأنظمة في دول الطوق مستسلمة أمام التوسّع العسكري الإسرائيلي، من محور فيلادلفيا مع مصر، إلى جنوبي سوريا ولبنان.
- صحيفة الديار عنونت: خطة الجيش لحصر السلاح… جانب سياسي وآخر تقني ــ عسكري؟
القرار القضائي يهز الوسط المالي: بداية رحلة استعادة الودائع؟
وكتبت تقول: في توقيت بالغ الدقة، وعلى وقع التحولات الإقليمية المتسارعة والاشتباك السياسي الداخلي حول مصير السلاح، شكّلت الزيارتان المتزامنتان، ان لم يكن حرفيا، إلا أنهما تقاطعتا سياسيًا وزمنيًا، لكلٍّ من الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، والمبعوث الأميركي المؤقت الى لبنان، توم براك إلى بيروت، محطة بالغة الدلالة في ميزان التوازنات.
فمن طهران وواشنطن، عكست رسائل متضادة ومتشابكة في آن، اكدت عليها تصريحات لاريجاني ولقاءاته، كما بيان التعليق الصادر عن وزارة الخارجية الاميركية، بما حملاه من أبعاد سياسية وأمنية تتعدى الداخل اللبناني، وتلامس ملفات كبرى، ما وضع لبنان أمام تحديات دقيقة في لحظة سياسية شديدة الحساسية، مؤكدة من جديد دوره كساحةً مفتوحةً لتقاطع النفوذ والتجاذب الإقليمي، ومعيدة تموضعه في قلب الاشتباك الجيوسياسي بين محوري واشنطن – طهران، لا سيّما بعد قرار الحكومة اللبنانية القاضي بحصر السلاح بيد الدولة، وهو ما اعتُبر بمثابة إعادة خلط للأوراق الداخلية والإقليمية.
فزيارة لاريجاني حملت بعدًا رمزيًا وعمليًا في آن، اذ اتت في سياق تثبيت دعم إيران لمحور المقاومة، ولحزب الله تحديدًا، في لحظة تحدٍّ وجودي لهذا المحور، في المقابل فان زيارة براك، ليست بعيدة، بدورها، عن سياق الرسائل الأميركية إلى الداخل اللبناني، وخصوصًا المؤسسة العسكرية، وما تمثله من توازن محتمل في المعادلة الأمنية والسياسية، لتبدو بيروت، ساحة مفتوحة للرسائل المتعارضة، ومسرحًا لقرارات كبرى تُطبخ بهدوء، لكنّ نتائجها قد تُشعل أكثر من جبهة دفعة واحدة، خصوصا عشية القمة الاميركية – الروسية في الاسكا، والتي ستطال تداعياتها كافة الصراعات على مساحة العالم، سواء حصل الاتفاق ام «الطلاق»، بين ترامب وبوتين.
زيارة لاريجاني
وفي هذا الاطار تؤكد مصادر دبلوماسية، ان الزيارة الايرانية، التي بدأ التحضير لها قبل اكثر من شهر، مع ترك تقدير تاريخ موعدها للسفارة في بيروت، الاعلم بالاوضاع الامنية، اعادت تثبيت دور طهران في لبنان، بوصفها طرفا رئيسيا لا يمكن تجاوزه في المعادلة اللبنانية في ظل التحولات الإقليمية، في اطار سعيها الى اعادة ترميم المحور بعد الخسائر التي مني بها، لذلك كانت رمزية حضور لاريجاني الى بيروت من بغداد المقصودة.
وتتابع المصادر، بان الزيارة اوصلت رسالة سياسية واضحة بدعم حزب الله، على اعتبار سلاحه جزءا من معادلة الردع الإقليمي، ورفض ضمني لقرار الحكومة اللبنانية بحصر السلاح بيد الدولة، علما ان لاريجاني وهو ارفع مسؤول امني، سيرفع تقريرا خاصا للسيد الخامنئي حول تقديره للموقف، ليبنى على الشيئ مقتضاه في طهران، كاشفة ان الضيف الايراني تقصد الايحاء في اكثر من لقاء، استعداد بلاده للعب دور الوسيط مع الحزب، تماما كما تعرض واشنطن ان تكون بدورها وسيطا.
وفيما رات المصادر في الزيارة نوعا من اعادة للتوازن الى الساحة في مقابل التحركات الأميركية في لبنان، اكدت ان ما رافقها من حركة شعبية ومروحة لقاءات، وحتى مواقف مناهضة، انما اثبت نجاح طهران في كسر محاولات عزلها وإبعادها من العراق الى لبنان.
خطة الجيش
وفي انتظار وصول براك الى بيروت لاطلاق جولة مشاورات جديدة، ستكون اليرزة محطتها الابرز، تعكف قيادة الجيش وعقب عودة قائد الجيش العماد رودولف هيكل من جولته البريطانية – الأميركية، وزياراته المكوكية على الرؤساء، على وضع الخطة التي كلف بها من قبل مجلس الوزراء، على ان يطرحها في جلسة للحكومة اتفق على موعدها في الثاني من ايلول، حيث تشير اوساط مواكبة الى ان خطة الجيش تنقسم الى شقين اساسيين، الاول، سياسي، يتضمن تصورا لكيفية حصر السلاح والفرضيات المحتملة ومكامن الخطر او امكان حصول صدامات، سواء مع حزب الله او مع القوى الفلسطينية، على ان يتضمن سلسلة من الافكار والخطوات الكفيلة بسحب اي فتيل لانفجار في الشارع، تقوم على ضرورة الحوار مع الحزب حول الآلية التنفيذية التي على الجيش تطبيقها.
اما الثاني، والكلام للمصادر، فهو تقني – عسكري، يتماهى مع التقسيمات الزمنية والجغرافية التي حددتها ورقة باراك، والتي تقتضي الانتشار على اربع مراحل: منطقة جنوب الليطاني، محافظة الجنوب بالكامل، بيروت الكبرى من الاولي الى نهر الكلب وصولا الى اعالي المتن وصولا الى ضهر البيدر، محافظة البقاع.
وتابعت المصادر، بان طرح قيادة الجيش سيتضمن تحديدا للموارد المطلوبة لنجاح تنفيذ العملية، لجهة تامين العديد البشري المطلوب، المعدات والتجهيزات الضرورية، والتمويل، والتي يقع على عاتق الولايات المتحدة تامينها الى جانب اصدقاء لبنان، وفقا لما تنص عليه ورقة براك، الا ان الاهم يبقى بان نجاح الخطة والمواعيد يتوقف على مدى التزام وتعاون حزب الله، وهو ما سيركز عليه قائد الجيش امام مجلس الوزراء.
تحصين موقع جديد
وفي تطور ميداني لافت، شرعت اسرائيل قبل ايام، ومقابل توسيع الدولة اللبنانية «لبيكار» حصر السلاح، الى تحصين وتعزيز المواقع التي تحتلها جنوبا، رغم انه مع اقرار خطة الجيش في مجلس الوزراء يتوقع ان تخطو اسرائيل من جهتها على الارض عبر الانسحاب من بعض النقاط التي تحتلها، وهو ما لا توحي به التطورات الميدانية راهنا.
غير ان المثير للاهتمام، بحسب مصادر ميدانية، تركيز اسرائيل على تعزيز وتجهيز، الموقع الذي اقامته في خلة المحافر، بعد وقف اطلاق النار، في عمق بلدة العديسة والذي يقع قبالة مستوطنة مسكاف عام، باجهزة مراقبة وابراج اتصالات تسمح بعمليات الرصد والمراقبة، وصولا الى مجرى الليطاني، ووادي هونين جنوبا، ويسمح لها بربط مراكزها العسكرية من الشرق في خلة المحافر الى الغرب في الدواوير شرق مركبا.
هكذا تكون، اذا تلة المحافر قد انضمت الى النقاط الخمس، في اللبونة وجبل البلاط الواقع بين رامية ومروحين، وجل الدير قبالة عيترون والدواوير بين مركبا وحولا، وتلة الحمامص في الخيام، وموقع حدب عيتا الشعب الذي يعود اصلا للجيش اللبناني، فيما تعزز تواجدها في مركز الدواوير عبر شق طريق باتجاه مركز العباد، في موازاة استحداثها لمناطق عازلة في الضهيرة الفوقا، وبين كفركلا والعديسة.
قائد اليونيفيل
وكان اعلن قائد قوات اليونيفيل الجنرال ديوداتو أباغنارا ان «الجيش اللبناني انتشر في أكثر من 120 موقعا دائما في جنوب البلاد»، لافتا الى ان «تعزيز قدراتهم من خلال الأنشطة المشتركة والتمارين التدريبية أمر حيوي ليس فقط لنا، بل أيضًا للمجتمع الدولي للحفاظ على الاستقرار«.
في هذا الاطار أكد ان «دعم الجيش في انتشاره الكامل في الجنوب سيكون أساسيا لبسط سلطة الدولة وهذا يتطلب الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من المناطق التي تتواجد فيها حالياً».
جلسة مجلس الوزراء
هذه الاجواء المتوترة خرقتها سلاسة النقاشات التي شهدتها الجلسة الماراتونية التي عقدت في السراي، على مدى يومين، برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام، والتي انتهت الى سلسلة من القرارات، وصفها البعض « بالمفصلية»، ابرزها نقاط اربع، سيكون لها تاثيرها الكبير على اكثر من ملف:
– تحويل سلفة خزينة من احتياطي الموازنة لتمويل دفع 12 مليون ليرة شهريا لمتقاعدي القطاع العام، ما ساواهم بمتقاعدي القوات المسلحة، بعد الازمة التي اثارتها مسالة عدم المساواة، على ان يتم النظر في اوضاع القطاع العام خلال جلسة حكومية لاحقة.
– منح اصحاب المولدات مهلة 45 يوما لتسوية اوضاعهم، لجهة الالتزام بالتسعيرة الرسمية وتركيب عدادات، حيث سيتم تنظيم محاضر ضبط وحجز المولدات عند الاقتضاء في حال استمرت المخالفات، في محاولة لفكفكة «مافيا المولدات» وفقا لتوصيف احد الوزراء، رغم تشكيكه بنجاح المحاولة، في ظل تراجع التغذية بالتيار نتيجة الاعطال في مؤسسة كهرباء لبنان، والعجز عن تامين الاوال الكافية للصيانة وشراء الفيول اويل.
وكانت الجلسة شهدت طرحا لمسالة الزيادة على رواتب العسكريين، من باب اعادة البحث بمسالة الضريبة على المحروقات، الا ان الامر جوبه برفض داخلي، الذي اعاد التاكيد على ضرورة تامين موارد مالية من مصدر آخر، ليعلق عند هذا الحد البحث.
– عدم الموافقة على اقتراح قانون يرمي الى تعديل المادة 362 من قانون المحاكمات الجزائية لجهة صلاحيات «المحقق العدلي» فيما خص قبول المذكرات وقرارات التوقيف واخلاء سبيل كافة واخضاعها لطرق مراجعة وطعن معينة، في جرعة دعم اضافية للمحقق العدلي في قضية انفجار مرفا بيروت طارق البيطار.
-تاجيل البت في اقتراح خفض السنة السجنية الى ستة اشهر بدلا من تسعة، مراعاة لاوضاع مساجين مرضى، بعد وفاة البعض داخل السجون، واعادته لمزيد من الدرس والتدقيق وتحديد المواد والعقوبات.
وفي هذا الاطار رات اوساط متابعة ان ثمة محاولات التفافية لاخراج بعض الاسلاميين الموقوفين والمحكومين بتهم ارهابية تحت العنوان الصحي، ومن بينهم احمد الاسير في اطار «مسعى» يعمل عليه مع دمشق» املا في احداث خرق في ملف الموقوفين والمحكومين.
قرار تاريخي واستثنائي
وفي تطور مالي – قضائي مفاجئ، يتوقع ان يثير موجة من الانقسامات والاعتراضات حوله وفي شان آلية تطبيقه، خصوصا في ظل عدم وجود قانون «الكابيتال كونترول»، اصدر النائب العام المالي، ماهر شعيتو قرارا طلب فيه من الاشخاص الطبيعيين والمعنويين، بايداع اموال في المصارف اللبنانية، تساوي تلك التي قاموا بتحويلها الى الخارج خلال الازمة المصرفية والمالية منذ 2019، وبنفس نوع العملة، خلال مهلة شهرين، حيث كشفت المصادر بان الخطوة اتخذت بعدما تسلمت النيابة العامة المالية لوائح باسماء الاشخاص والجهات والحسابات التي تم تحويلها الى الخارج وقيمتها. فهل بدات رحلة الالف الميل لاستعادة الودائع؟



