مارسيل خليفة في صيدا .. ريس المينا حين رست المدينة على صوت الموسيقى (زينب اسماعيل)

زينب اسماعيل- الحوارنيوز
ليلة أمس، كانت صيدا تتلألأ على شاطئ المتوسط كما لو أنها عروس الجنوب التي استعادت شبابها. الأضواء تعانق وجوه الناس، والبحر يهمس بنسيمه الرطب، فيما الحناجر تستعد لتردد ما سيقوله القلب عبر أوتار العود وصوتٍ يعرفه الوطن منذ عقود. كانت المدينة أشبه بمرفأ كبير للذاكرة، يرسو فيه الحنين، وتبحر منه الأغاني نحو كل الجهات.
على خشبة المسرح، تزاوجت أنامل رامي خليفة على البيانو مع أوتار عود مارسيل، فشعرت وكأنك تعتنق دينًا جديدًا يعزف على أوتار القلب. البداية كانت مع “نشيد الموتى” بأداء الفرقة المبدعة، تلتها “إرحلوا” التي بدّد بها مارسيل كل الشائعات عن تخليه عن القضية. بالأمس، غنى للمقاومة، للشهداء، للحب، وللحرية. كلماته انطلقت من قلب دافئ وصوت صافٍ، تصل إلى المستمع كلحن يمنحه سلامًا داخليًا. لم ينسَ الجنوب وشهداءه، ولا غزة وأطفالها، وخصّ زياد الرحباني بتحية موسيقية بدت وكأنها محاولة لإعادة النبض إلى قلب صديقه الذي خانه.

وجاءت “يا بحرية” الأغنية التي انتظرها الجميع، مرددينها واقفين مع عودة مراكب الصيادين إلى الميناء.
في تلك الأمسية، أكد مارسيل موقفه، وأعاد إلينا النبض، وجعلنا نؤمن أننا نستطيع أن نجتمع من جديد. أهدانا الأمل بوطن يُستعاد بالحب، من “ريتا وعيونها” إلى “بغيبتك نزل الشتي”، من “يا نسيم الريح” إلى “ركوة على منقل عرب”، ومن “بالأخضر كفناه” إلى “منتصب القامة أمشي”.
لقد كان صوت الناس حاضرًا معه، يهتف ويغني، وكأن الأمسية كانت عقدًا جديدًا بين الفن والقضية. كل الشكر لمارسيل على ليلة أعادتنا إلى الزمن الجميل.
وربما كانت صيدا، وهي تصغي إلى موسيقاها وتصفق لرموزها، تذكّرنا أن هذا البلد، مهما اشتدت عواصفه، لا يزال يملك مرافئ آمنة، ترسو فيها الأرواح على أنغام الحب والحرية.


