إقتصادمصارف

التعميم 170 وانعكاساته :قرار سياسي معنوي محدود النتائج (عماد عكوش)

 

بقلم د.عماد عكوش – الحوارنيوز

أصدر مصرف لبنان قرارًا (التعميم  170  ) يحظر التعامل مع عدد من المؤسسات المالية غير المرخصة، من بينها جمعية “القرض الحسن” التابعة لحز.ب الله. وتُعد “القرض الحسن” من أبرز المؤسسات المالية المرتبطة بالحزب، وتلعب دورًا محوريًا في دعم بيئته الشعبية عبر تقديم خدمات مالية خارج إطار القانون النقدي والتسليفي اللبناني.

بداية ما هي القوانين والاجراءات التي تحكم عمل المصارف ؟

يحكم عمل المصارف في لبنان :

-     قانون النقد والتسليف

-     قانون السرية المصرفية

-     قانون مكافحة تبييض الاموال

-     قانون دمج المصارف

-     تعاميم مصرف لبنان

-     قانون التجارة في بعض بنوده

وفق هذه القوانين لا شيء منها يحكم عمل جمعية القرض الحسن، فهي لا تتعاطى اي وظيفة من وظائف المصارف التجارية والواردة في المواد من 122 لغاية المادة 127 من قانون النقد والتسليف ، وقد يترك هذا التعميم انعكاسات سلبية اذا ما ترافق مع تضييق قانوني لناحية استمرار عمل الفروع المنتشرة على مستوى لبنان .

يُعتبر حظر التعامل مع “القرض الحسن” خطوة سياسية لضبط ما يُسمى بـ”السلاح المالي” لحز.ب الله، والذي كان يعمل خارج النظام المالي الرسمي. هذا القرار يهدف إلى تقليص نفوذ الاقتصاد الموازي الذي يسيطر عليه الحز.ب، والذي يشمل تقديم قروض بدون فوائد ودعمًا ماليًا للمجتمعات الشعبية والفقيرة من كل الطوائف في لبنان ، وقد يؤثر القرار سلبًا على الفئات المحتاجة التي كانت تعتمد على قروض الجمعية، حيث تقدم الجمعية خدمات مالية للفقراء كأعمال خيرية ، ومع ذلك ، تتهم الولايات المتحدة الجمعية بأنها وسيلة لتمويل أنشطة حز.ب الله . في النهاية يأتي هذا القرار في ظل أزمة اقتصادية صعبة في لبنان ، ما قد يزيد من تعقيد الأوضاع المالية وبالتالي الاجتماعية للعديد من العائلات التي تعتمد على هذه الخدمات .

 يُعد القرار جزءًا من الرسائل السياسية التي يوجهها مصرف لبنان للخارج للخروج من “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي  FATF) )، والتي تضم دولًا تعاني من ضعف في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفق المفهوم الغربي . ان هذا القرار يحظر التعامل مع مؤسسات غير مرخصة مثل “القرض الحسن”، علما” ان هذا التعامل متوقف منذ العام 2010 تقريبا، وبالتالي لا قيمة مادية له على الارض . ان القرار يمكن اعتباره معنويا استجابة للعقوبات الأمريكية المتكررة على “القرض الحسن” منذ عام 2007، ويأتي بعد أيام من فرض عقوبات جديدة على مسؤولين مرتبطين بالجمعية في يوليو 2025 .

 ان تنظيم القطاع له علاقة باصدار قانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي والذي اقرته الحكومة وما زال داخل اللجان النيابية قيد الدرس ، كما له علاقة باصلاح مصرف لبنان وبالتالي تعديل قانون النقد والتسليف الذي كان سبب اساسي في الفوضى المصرفية ، كما له علاقة بمعالجة الفجوة الكبيرة لدى مصرف لبنان ومعالجة موضوع الودائع .

بالعودة الى التأثير على عمل القطاع المصرفي فإن القطاع  اليوم شبه متوقف عن العمل، واصدار هكذا تعاميم لا يقدم ولا يؤخر في اعادة تفعيلها . فالثقة بهذه المصارف مفقودة حتى لو تم منحها الثقة من الخارج، فما نفعها اذا كان معظم الشعب اللبناني لا يثق بها . قد يُجنب القرار المصارف اللبنانية عقوبات أمريكية ثانوية ، حيث كانت واشنطن تحذر من عواقب التعامل مع كيانات مدرجة على قوائم العقوبات ، لكن كما أسلفنا فإن المصارف اللبنانية كانت بالاساس تتجنب التعامل مع “القرض الحسن” بسبب العقوبات الأمريكية ومنذ اكثر من 15 سنة ، ما يجعل التأثير المباشر للقرار على القطاع المصرفي محدودًا .

في النهاية نقول إن اصدار هذا القرار يشكل رضوخا للضغوط الدولية ، إلا أنه قد يزيد من معاناة بعض الفئات الاجتماعية التي تعتمد على هذه الشبكة المالية الموازية.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى