رأي

من السويداء إلى المختارة: هل يُترك جنبلاط وحيدا؟ (وائل ابو الحسن) 

 

وائل فايز ابو الحسن* – الحوارنيوز

 

لا أعلم إلى أي مدى يمكن لوليد جنبلاط أن يستمر في صموده ورفضه الإذعان للأمر الواقع، والتسليم بواقع التدخل الإسرائيلي في جنوب سوريا تحت ذريعة “حماية الدروز”، في ظل غياب موقف عربي أو إسلامي رسمي واضح، يُسند موقفه ويخفف عنه الضغوط المتزايدة الناتجة عن مواقفه السابقة و الحالية. منذ زيارته الأولى إلى دمشق ولقائه بالرئيس المعيَّن لسوريا، أبو محمد الجولاني، وهو يتحمّل عبء الدفاع عن خيار درزي تاريخي.

 

فلا المملكة العربية السعودية، ولا دولة الإمارات، ولا دولة قطر، ولا جمهورية مصر العربية، ولا حتى الجمهورية التركية، أصدرت موقفًا واضحًا أو حازمًا إزاء ما يجري في جبل العرب، وتحديدًا في السويداء، بما يُعطي الغطاء أو الدعم الضروري لموقف جنبلاط المبدئي، ويحدّ من الإحراج الكبير الذي يواجهه أمام جمهوره، ومناصريه، والرأي العام الدرزي عمومًا، في لبنان وفي بلاد الانتشار.

 

هل يتمكّن وليد جنبلاط، انطلاقًا من تاريخه السياسي الطويل القائم على المبادئ والثوابت، من الاستمرار طويلًا في رفضه الانخراط في هذا التحوّل الإقليمي الحاد، وفي مقدمته القبول بالتدخل الإسرائيلي، الذي لا يستهدف حماية الطائفة كما يُدّعى، بل يخدم مصالح إسرائيلية صرفة، ترتكز إلى بُعد استراتيجي هدفه إعادة رسم خرائط النفوذ والتفتيت؟

 

وهل تملك تركيا الإرادة السياسية للتدخل بشكل جدي، وضبط المجموعات المسلحة المرتبطة بها، والتي تتحرّك بتنسيق ميداني مباشر، وتساهم في تغذية الفوضى جنوب سوريا؟ ألا تستطيع، إن شاءت، أن تفرمل هذا التصعيد، وتمنع تحوّله إلى مدخل يُرغِم جنبلاط على القبول بالأمر الواقع الإسرائيلي، بعدما استُنفدت البدائل، وسقطت كل الرهانات على موقف عربي أو إسلامي يحول دون الوصول إلى هذا المنزلق؟

 

إن القبول بالدور الإسرائيلي، تحت أي ذريعة كانت، ليس خيارًا، بل فخ تاريخي يهدد وحدة الدروز، ومستقبل لبنان، ويضعهما في مواجهة مصيرية خاسرة، لا لصالح القضية الفلسطينية، ولا لصالح الأمن القومي العربي، ولا حتى لصالح الطائفة التي لطالما رفضت أن تكون أداة لأي مشروع خارجي.

 

وليد جنبلاط، كما قلت وكررت مرارًا، هو رجل كل المراحل. خَبِرَ الأزمات، وعَبَرَ النيران، وواجه المحن بشجاعة واقتدار. وأنا على يقين أنه، كما كان دومًا، سيجد المخرج المناسب في الوقت المناسب، ولن ينزلق إلى ما لا يريده، ولن يختم مشواره السياسي بما يخالف قناعاته الراسخة.

 

نسأل الله أن يكون في عونه.

*محام مغترب مقيم في المكسيك

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى