قالت الصحف: لبنان ينتظر الرد على الرد ..وإسرائيل تصعد وترفض تنفيذ القرار 1701

الحوارنيوز – خاص
يبدو المشهد الداخلي أكثر وضوحا مع رفض إسرائيل تنفيذ تفاهم وقف النار كمقدمة لتنفيذ القرار 1701 ومواصلته تنفيذ اعتداءات يومية اخذت امس شكل التحركات البرية الميدانية في مؤشر على خطورة ما يضمره العدو!
ماذا في التفاصيل؟
- صحيفة النهار عنونت: صورة ضبابية ومتضاربة غداة زيارة برّاك… إسرائيل تطلق تحرّكات ميدانية في الجنوب
آلاف اللاجئين السوريين في لبنان يستعدون للعودة إلى ديارهم هذا الأسبوع بموجب أول خطة مدعومة من الأمم المتحدة تقدم حوافز مالية
وكتبت تقول: بدت صورة المشهد اللبناني غداة زيارة مثيرة للجدل قام بها الموفد الأميركي توم برّاك إلى لبنان وتسلّم خلالها الردّ اللبناني الرسمي على ورقة اتجاهات أميركية حيال لبنان لم يكشف مضمونه بعد، مشوبة بكثير من الضبابية وسط انتظار عودة برّاك بالرد على الردّ في غضون أسبوعين. وإذ تردّد أن الموفد الأميركي الذي ظهر أمس في دمشق راعياً محادثات بارزة جداً بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد “قوات سوريا الديموقراطية” مظلوم عبدي، سيعود إلى بيروت في 21 تموز الجاري في زيارته الثالثة منذ تكليفه ملف لبنان موقتاً حتى نهاية السنة، توزّعت صورة المواقف الأساسية من نتائج لقاءاته الأخيرة بين ترحيب مضمر من جانب الرؤساء الثلاثة جوزف عون ونبيه بري ونواف سلام، وترقّب حذر من جانب القوى والاتجاهات المؤيدة بشدة لنزع سلاح “حزب الله”، وتوظيف واضح من جانب “حزب الله” لعامل الوقت والإيحاء بامتلاك القدرة على التأثير في المفاوضات التي ستستكمل بين أركان السلطة اللبنانية والموفد الأميركي. غير أن الجانب الخارج عن المشهد اللبناني والمتصل بإسرائيل بدأ يتكشف بعد مغادرة براك عن مزيد من الخطوات المثيرة للمخاوف مع تعميق عملياتها الميدانية على الأرض اللبنانية، بما عزّز الخشية من بعض دلالات التصريحات التي أطلقها برّاك من بيروت والتي لمّح فيها إلى خطورة أن يبقى لبنان تحت سطوة العمليات الإسرائيلية ما لم يقم بما يمليه عليه هذا الواقع.
وتعمّدت إسرائيل الإعلان أمس، عن إطلاق عملية برية محدودة في جنوب لبنان، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، أن “قوات الفرقة 91 تواصل مهمتها على طول الحدود اللبنانية، بهدف حماية الإسرائيليين والقضاء على أي تهديد، وتعمل القوات على تفكيك البنية التحتية لحزب الله في جنوب لبنان، بتوجيه من فوج الإطفاء التابع للفرقة”. وأضاف، “بناءً على معلومات استخباراتية وتحديد أسلحة وبنى تحتية تابعة لحزب الله في مناطق عدة بجنوب لبنان، شنّ الجنود عمليات خاصة ومحددة لتفكيكها ومنع حزب الله من إعادة تمركزه في المنطقة”. ولفت إلى أنّه “في إحدى العمليات في منطقة جبل البلاط، عثرت قوات من اللواء 300 على مجمع يحتوي على مستودعات أسلحة ومواقع إطلاق نار تابعة لحزب الله، وقام جنود الاحتياط بتفكيك البنية التحتية. وفي عملية أخرى عثر جنود احتياط من اللواء التاسع على أسلحة مُخبأة في منطقة كثيفة في منطقة اللبونة، بما في ذلك قاذفة متعددة الفوهات، ومدفع رشاش ثقيل، وعشرات العبوات الناسفة”، لافتاً إلى أنّ “القوات صادرت وفكّكت المعدات والأسلحة العسكرية التي كانت موجودة في المنطقة”. وأضاف: “عُثر على مبنى تحت الأرض يُستخدم لتخزين الأسلحة، وتم تفكيك البنية التحتية له في عملية هندسية نفذتها قوات اللواء”، معلناً أنّه “يواصل عملياته للقضاء على التهديدات الموجهة ضد إسرائيل ومنع محاولات حزب الله لترسيخ وجوده، وفقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان”.
ولم تكن هذه الأجواء بعيدة عن المحادثات التي أجراها أمس رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في زيارته الرسمية لقبرص التي أتت تلبية لدعوة من نظيره القبرصي نيكوس خريسودوليدس، والتي أكدت في نتائجها الرسمية “ترسيخ العلاقات القائمة بين البلدين وتعزيزها على كل الصعد”، وشملت محادثات تناولت كيفية مواجهة التحديات والمشاكل التي تعترض المنطقة ككل.
وأكد الرئيس عون لنظيره القبرصي، أن “لبنان يتطلع إلى قبرص كونها البلد الذي لطالما كان الداعم له وسيبقى”. وقال: “تحوّلنا معاً مستقراً لكل من يسعى إلى السلام والحرية، وهذا هو أكثر ما يجمعنا اليوم وأعمقُ ما نريده لبلدينا وشعبينا ومنطقتنا والعالم. السلام العادل، عبر الحوار، لتبادل كل الحقوق، والحرية المسؤولة، الحاضنة لكل ازدهار وإبداع، وتطور لحياة البشر وخيرهم”.
وبدوره، أكد الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، “أن رخاء لبنان واستقراره هما ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لقبرص والاتحاد الأوروبي”. وحيا الجهود التي يقوم بها الرئيس عون “للتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، وأيضاً اتفاق وقف الأعمال العدائية بتاريخ 27 تشرين الثاني 2024، وشدّد على “أن لبنان الذي يتمتع بالإستقرار والسلام والقوة، من الممكن أن يقود منطقة شرق المتوسط كي تكون أقوى وأكثر سلاماً. وكشف أن الدعم المادي الذي أقرته المفوضية الأوروبية للبنان، بقيمة مليار يورو، بات اليوم في المرحلة الأخيرة لإتاحته، من أجل دعم قطاعات عدة فيه”.
اما التطور الايجابي الذي برز أمس بعيداً من الملف اللبناني- الإسرائيلي، فتمثل في ما كشفته وكالة رويترز، من أن آلاف اللاجئين السوريين في لبنان يستعدون للعودة إلى ديارهم هذا الأسبوع بموجب أول خطة مدعومة من الأمم المتحدة تقدم حوافز مالية، بعد أن أبدى حكام سوريا الجدد ترحيبهم بعودة جميع المواطنين إلى بلدهم رغم الأضرار الكبيرة التي خلّفتها الحرب والمخاوف الأمنية.
وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية في لبنان حنين السيد، إن السوريين العائدين سيحصلون على 100 دولار لكل منهم في لبنان و400 دولار لكل أسرة عند الوصول إلى سوريا. وأضافت أن الخطة تغطي النقل وأن سلطات الحدود قررت إعفاءهم من الرسوم.
وقالت لرويترز: “أعتقد أنها بداية جيدة ومهمة. أجرينا مناقشات وننسّق هذا الأمر مع نظرائنا السوريين، وأعتقد أن الأعداد سترتفع في الأسابيع المقبلة”.
ولم يرد متحدث باسم وزارة الداخلية السورية على طلب للتعليق. ويوجد في لبنان أكبر تجمع للاجئين في العالم مقارنة بعدد السكان، إذ يستضيف نحو 1.5 مليون سوري بين نحو أربعة ملايين لبناني.
وقالت الوزيرة، إن نحو 11 ألفاً سجلوا أسماءهم للعودة من لبنان في الأسبوع الأول، وإن الحكومة تستهدف بموجب هذه الخطة أن يتراوح عدد العائدين بين 200 و400 ألف هذا العام. وأضافت أن الحكومة اللبنانية تركز على المخيمات غير الرسمية في لبنان حيث يعيش نحو 200 ألف لاجئ، وربما تمنح الأشخاص الذين يعيلون أسرهم ويبقون في لبنان تصاريح عمل في قطاعات مثل الزراعة والبناء إذا عادت أسرهم إلى سوريا.
وتقول الحكومة السورية الجديدة التي يقودها إسلاميون منذ توليها السلطة، إن جميع السوريين مرحب بعودتهم إلى ديارهم. وأظهر استطلاع أجرته الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام أن ما يقرب من 30 في المئة من اللاجئين الذين يعيشون في دول الشرق الأوسط يرغبون في العودة بعد أن كانت النسبة اثنين في المئة عندما كان الأسد في السلطة.
- صحيفة الأخبار عنونت: أهل الحكم ينفّذون ورقة سرّية لأورتاغوس: إصلاحات وفق الرغبات الأميركية | برّاك عائد: فَلْنَرَ إن كان ممكناً وقفُ خروقات إسرائيل!
وكتبت تقول: توم برّاك عائد إلى لبنان قبل نهاية الشهر الجاري. وهذه المرة، يُفترض ألّا يقتصر ما في جعبته على ورقة وردّ وردّ على الردّ، بل مقترحات عملية تستهدف ما يعتقد الموفد الأميركي أنه ممكن في المرحلة الحالية.
ورغم كل الكلام الإيجابي الذي نقله من التقوا الرجل في زيارته الأخيرة لبيروت، يدعو مطّلعون على الموقف الأميركي إلى الابتعاد عن “الرغبوية” التي يتميّز بها السياسيون في لبنان.
بالنسبة إلى برّاك، لبنان ليس مطلق اليدين في ما يمكن أن يقوم به. صحيح أنه تعمّد أن يكرّر أمام من التقاهم، وفي الإعلام، أن المسألة في النهاية تخصّ اللبنانيين، وأن المبادرة في أيديهم، إلا أنه يدرك جيداً أن لبنان ليس في وضع من يدّعي القدرة على معالجة أموره بنفسه. وما أشار إليه الموفد الأميركي حول “مسؤولية اللبنانيين أولاً”، كان الهدف منه أن يعرض خدماته على اللبنانيين، وأن يبلغهم بتكليف من رئيسه دونالد ترامب أنه يمكنهم اللجوء إلى الولايات المتحدة لمعالجة مشكلاتهم الكثيرة، وفي مقدّمها ملف الصراع مع إسرائيل، ولكن ضمن سياق مُقنِع لواشنطن أولاً، وقابل للتطبيق ثانياً، مع آلية تضمن التزام اللبنانيين ثالثاً.
كثيرون أشاروا إلى أن برّاك لم يناقش الردّ اللبناني في اجتماعاته الأخيرة. لكنّ الواقع أنه كان على معرفة، مُسبقاً بغالبية النقاط التي وردت فيه، وكان مطّلعاً على المداولات الجارية بين اللبنانيين، وأنه كان هناك من يشاور الأميركيين أثناء كل اجتماع أو بعده، في محاولة لفهم ما الذي يرضي واشنطن. وهو بالطبع لم يكن يتوقع أن يحضر إلى بيروت، ليجد مجلس الوزراء قد أعدّ خطة مفصّلة على مستوى المراحل والوقت، لتلبية دعوة واشنطن إلى إنجاز اتفاق سلام مع إسرائيل.
كما أن برّاك الذي حرص على نفي وجود مهلة زمنية لم يكن يقول الحقيقة كاملة. فقد تحدّث بصراحة عن مساحة زمنية تمتد لثلاثة أشهر على أبعد تقدير. ولم يجب عن سؤال حول ما قصده عندما قال إن صبر ترامب ينفد سريعاً.
ويُنقل عن مرافقين للمبعوث الأميركي أن الأخير ليس دبلوماسياً بالمعنى التقليدي، بل رجل أعمال، لديه اطّلاع عام على السياسة، لكنه خبير في التواصل والتفاوض. وهو يعرف ترامب بصورة شخصية، ويدرك أن الأخير عندما طلب منه أن يلعب دوراً إلى جانبه، إنما فعل ذلك لأنه يريد تحقيق إنجازات في الملفات الصعبة خلال وقت قصير نسبياً.
وبحسب المصدر نفسه، فإن هناك تنافساً جدياً بين مجموعة من المبعوثين الذين كلّفهم ترامب بمهام صعبة، وزاد من ضغوطه عليهم في ضوء أمرين:
الأول، صدمته من عدم قدرته على إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحل سريع للمسألة الأوكرانية، بعدما أوحى للعاملين معه بأنه واثق من رغبة بوتين بإنهاء الحرب. ولا يهتم الرئيس الأميركي إن كانت هذه النهاية على حساب أوروبا، لكنه لا يريد اتفاقاً يكرّس انتصاراً روسياً يكون له أثره الكبير على المدى الاستراتيجي. وما زاد في إحباط ترامب أنه اختار مسؤولين في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي ممن لا يعيقون عمل المبعوثين الخاصين. ومع إدراكه أن الإدارة العميقة في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي ليست مرتاحة لحجم التفويض المُعطى للوسيط ستيف ويتكوف، إلا أن ترامب يمنع على هؤلاء التدخّل. ومع ذلك، لم يكن يتوقّع أن يعود إليه ويتكوف بأخبار سيئة، ويبلغه أن لا إمكانية لاتفاق قريب مع روسيا.
الثاني، إن ترامب أراد للحرب التي خاضها ضد إيران أن تنعكس تسريعاً تسويات لملفات كثيرة في المنطقة، من بينها الملف السوري، وإعادة تنظيم الوضع في العراق، وإنجاز اتفاق يناسبه في لبنان. ولكن، عندما انتهت الجولة إلى تعادل سلبي، وجد نفسه مضطراً إلى ممارسة ضغط أكبر في ملفَّي سوريا ولبنان، وهو يريد مجموعة من الإنجازات الخارجية، تضاف إلى ما يعتبره إنجازات داخلية على مستوى خفض العجز في الموازنة العامة، وإعادة تنظيم علاقة الدولة بالمواطن في أميركا، بما يجعله مرتاحاً في خوض معركة الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة خريفَ العام المقبل، خصوصاً أنه، على ما يبدو، يخشى مضاعفات داخلية لما يصدره من قرارات وما يقرّه نوابه من قوانين.
هذه الاعتبارات حاضرة بقوة في حسابات كبار موظفي الإدارة الأميركية. لكن بعض عارفي المبعوث برّاك يعتقدون أنه يختلف عن بقية المبعوثين. ويقول هؤلاء إنه من الفريق الذي يريد النجاح لترامب، لكنه، في ملف لبنان، يتعامل بشكل مختلف. ويُنقل عنه أنه عندما ناقش الملف اللبناني في زيارته الأخيرة لبيروت، استمع بجدّية إلى ملاحظات كرّرها الرؤساء الثلاثة ومسؤولون آخرون على مسامعه، من أن ما تقوم به إسرائيل بصورة متواصلة في لبنان، ومنع عودة سكان القرى الحدودية إلى منازلهم، وتعطيل عملية إعادة الإعمار، كلها أمور من شأنها تعقيد مهمة إقناع حزب الله بالدخول في برنامج لتسليم السلاح.
ولم يكن المبعوث الأميركي على أيّ حال غافلاً عن هذه النقطة. فبعد عودته من جولته الجنوبية، وبعد اطّلاعه على تقرير مفصّل عما أنجزه الجيش اللبناني من خطوات في جنوب الليطاني، قال إن الدمار الذي شاهده كان فظيعاً للغاية، وإنه كان مبهوراً بما فعله الجيش اللبناني. وتبيّن لاحقاً أن لهذا الكلام أبعاده، سواء لناحية النقاش في الولايات المتحدة حول توفير دعم إضافي للجيش، حيث توصي وزارتا الخارجية والدفاع بضرورة توفير نحو مليار دولار سنوياً لدعم الجيش بين رواتب وتجهيزات، أو لناحية أن يطلب برّاك من رئيسه تقديم العون لمشروع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الهادف إلى جمع مليار دولار لدعم عملية إعادة الإعمار في لبنان.
وحول برنامج عمل برّاك في الفترة الفاصلة عن عودته إلى بيروت، قال مصدر لبناني قريب من أحد الرؤساء إن الموفد الأميركي أقرّ بوجوب إلزام إسرائيل بالتوقف عن الكثير من العمليات القتالية في لبنان. وقال مسؤول لبناني آخر إن برّاك يستعد لمناقشة الجانب الإسرائيلي في آلية لضبط أعماله القتالية والخروقات اليومية للسيادة اللبنانية، وإنه يأمل أن يحصل من إسرائيل على خطوة تساعده في إقناع المسؤولين في لبنان بأن هناك ما يتغيّر في الأداء الإسرائيلي، ما يفتح الباب أمام نقاش يتعلق بسلاح حزب الله.
إلا أنه يكرّر أن بلاده ليست في وارد تقديم أي ضمانات بشأن ما يمكن أن تقوم به إسرائيل. لا بل كان صريحاً عندما قال إن الحرب لم تتوقف أصلاً، ولو كانت تحصل من طرف واحد. وهذا يعني أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يعمل بشكل جيد، مشيراً إلى أن آلية عمل لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق فشلت في تحقيق أهدافها.
عند هذه النقطة، كان لبنانيون يستمعون إلى برّاك يتوقّعون منه أن يحمّل إسرائيل مسؤولية فشل الاتفاق، أو أن يشير إلى تغيير يمكن أن يحصل في دور الولايات المتحدة. لكنّ الرجل ليس مهتماً بإلقاء المسؤوليات، بقدر ما يهمّه أن يقول إن هذا الاتفاق غير فعّال، وهناك حاجة إلى شيء بديل. وهو ما فهم رداً على موقف حزب الله الذي اختصره الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بأن على الجميع العمل على إلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق، قبل البحث في اتفاق جديد. وبرّاك، الآتي من عالم الصفقات، يقول إن فشل الاتفاق، أمر يمكن أن يحصل، وإن المهم تحقيق النتائج، وبالتالي، لا يجب أن يكون هناك رفض لعقد اتفاق جديد.
هناك جانب آخر في مهمة برّاك لا يهتم الأميركيون بتظهيره، ويحرص المسؤولون في لبنان على تغييبه عن دائرة النقاش، وهو المتعلق بملف الإصلاحات المالية والاقتصادية. وإذا كان البعض في لبنان، يعتبر أن طلبات أميركا بما خصّ الإصلاحات هي أفكار لخدمة اللبنانيين فهو واهم. فقد تبيّن أن الموفدة السابقة مورغان أورتاغوس، كانت قد أعدّت ورقة مفصّلة حول الإصلاحات والقوانين، وسلّمتها للرؤساء الثلاثة ولآخرين.
وبحسب مصدر دبلوماسي غربي “فإن لبنان يشهد مفاجآت غريبة عن سلوك سياسيّيه وإعلاميّيه، وإذا كان براك ممتنّاً لعدم تسريب ورقته الأولى إلى الإعلام، فإن الأميركيين لن يتورّطوا في تسريب الردّ اللبناني. لكنّ الأهم، هو أنه لا يُتوقّع أن يبادر أي مسؤول لبناني إلى تسريب ورقة أورتاغوس”.
والسبب، وفق مصدر مطّلع، “أن ورقة أورتاغوس، هي عبارة عن سلسلة من الشروط القاسية التي تتطلب إدخال تعديلات على كثير من القوانين المعمول بها، أو على مشاريع ومقترحات قوانين جديدة، وأن الرؤساء الثلاثة وقوى بارزة في البلاد تعهّدوا بتنفيذها، لكنهم يريدون ذلك بعيداً عن الأضواء”. وقال المصدر: “لقد نجح كل هذا الفريق في جعل بند نزع السلاح، بنداً وحيداً على طاولة النقاش، وأبعد الملفات الأخرى عن الأضواء، والسؤال هو عن قدرة خصوم حكام لبنان اليوم على تظهير هذه الأمور”.
تروي شخصية لبنانية على تواصل مع برّاك أنها عبّرت له عن استغرابها إصرارَه على رمي كرة النار في أحضان القيادات اللبنانية التي لا تبدو قادرة على فعل شيء. ولمّا سأل برّاك عن السبب، أجابته الشخصية بـ: “إنكم في أميركا، كما نحن في لبنان، نعرف أن ما تبحثون عنه متصل بتسوية كبرى يجب أن تحصل في المنطقة. وإنه من دون اتفاق واسع وثابت ومستقر مع إيران، ووقف تام للحرب على غزة، سيكون من الصعب الوصول إلى حل في لبنان”. وبحسب الشخصية فإن برّاك، ابتسم وقال: “نعمل على الخطوط كافة، والرئيس ترامب لا يزال متفائلاً بالوصول إلى اتفاق قريب ومتين مع إيران، لكنّ أولويته اليوم، إنجاز الاتفاق حول غزة”!
غادر برّاك لبنان تاركاً خلفه الكثير من الأسئلة، لكنّ الأهم، هو أن من يتصرف براحة إزاء ما قام به الرجل وما قاله يكون ساذجاً، إذ إن السياسة الأميركية في المنطقة تقوم على الخداع. هذا ما حصل مع لبنان صيف 2024، عندما تمّ إنضاج فكرة اتفاق لوقف إطلاق النار فقامت إسرائيل باغتيال الشهيد السيد حسن نصرالله، وما حصل لاحقاً في سوريا عندما جرى الحديث عن نجاح الثوار في إسقاط النظام، ليتبيّن أن واشنطن كانت – كما إسرائيل – صاحبة دور في العملية، وصولاً إلى المفاوضات مع إيران، حين كان ويتكوف يُغرِق الإيرانيين في الكلام المعسول عن الاستعداد لاتفاق قريب، لتبدأ الحرب الإسرائيلية على إيران، قبل أن تنضم إليها أميركا.
في لبنان جهات تعي هذا الأمر، ولا تنام على حرير الكلام المعسول، بل تراقب ما يمكن للعدو أن يقوم به من جديد ضد لبنان، أو ما يمكن أن يخترعه البعض من مشكلات على الحدود مع سوريا… وهي أمور تحصل على قاعدة أنه لا يمكن للمؤمن أن يُلدَغ من الجحر ذاته مرّتين!
- صحيفة الديار عنونت: بيروت تــُحاور و«إسرائيل» تقصف… هل نثق بالدبلوماسية الأميركية؟
وكتبت تقول: من المنتظر أن يعود الموفد الأميركي توم باراك إلى بيروت خلال ثلاثة أو أربعة أسابيع، حاملاً أجوبة من الإدارة الأميركية حول الورقة اللبنانية التي لقيت استحسانه، رغم أنها لم تتضمّن مهلة زمنية واضحة لتنفيذ ما ورد فيها من بنود، بل جاءت كخارطة طريق حول سلاح حزب الله.
وفي ظل هذا المسار الدبلوماسي المستجد بين بيروت وواشنطن، يطرح السؤال نفسه: هل يمكن الوثوق بالمواقف الأميركية، أم أن ما يُقال علنًا يختلف كليًا عمّا يُخطط له فعليًا؟ وهل الدبلوماسية الأميركية هي فعلاً وسيلة للحلول أم مجرد واجهة تخفي أجندات تناقض ظاهر الخطاب؟
تجربة لبنان مع واشنطن لا توحي بكثير من التفاؤل. ففي تموز 2024، قدّم الموفد الأميركي السابق آموس هوكشتاين “ضمانات” للسلطات اللبنانية بأن العدوان الإسرائيلي لن يشمل العاصمة بيروت. لكن الأحداث سرعان ما كذّبت هذه الوعود، إذ شنّت إسرائيل غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية في أواخر تموز وامتدت لاحقًا في أيلول، متجاوزة كل ما سُمّي بـ”الخطوط الحمراء”. وهذا يُعد دليلاً صارخًا على أن الدبلوماسية الأميركية آنذاك لم تكن سوى غطاء للخداع والتضليل.
واليوم، تعود الإدارة الأميركية لتقارب الملف اللبناني من بوابة حسّاسة مجددًا، تتعلق بسلاح حزب الله. ورغم أن توم باراك أبدى رضاه المبدئي على الرد اللبناني، إلا أن الحذر هو سيد الموقف، إذ يترقّب الجميع ما ستؤول إليه الخطوات الأميركية الفعلية، خاصة بعد اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب برئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.
وهكذا، تبقى الأسابيع المقبلة كفيلة بكشف النوايا الحقيقية: فهل ستترجم واشنطن أقوالها إلى أفعال؟ أم أننا أمام جولة جديدة من الخداع السياسي المقنّع بشعارات دبلوماسية حيث تسمح “لاسرائيل” بتوسيع هجماتها للضغط على لبنان للرضوخ للشروط الاميركية؟
كيف تعمل اميركا مؤخرا في مقاربتها لمنطقة الشرق الاوسط؟
الى ذلك، يرى ديبلوماسي رفيع المستوى في حديثه لـ”الديار” ان السياسة الاميركية الجديدة تعتمد على حل مسألة واحدة في وقت معين ومن ثم تنتقل الى معالجة عقدة اخرى وعليه التركيز الاميركي الفعلي حاليا يكمن في سوريا وفي عملية التطبيع بين بلاد الشام و”اسرائيل”.
وفي لبنان، تدرك واشنطن جيدا ان لبنان ليس لديه القدرة على السير في التطبيع وعليه يشير الديبلوماسي الى ان الاميركيين يميلون الى توظيف بعض القوى في سوريا بتنفيذ ضربة في لبنان. وتابع الديبلوماسي ان الحل في لبنان لن يتضح الان بل ستتوضح الصورة اكثر فاكثر بعدما تطبق واشنطن خططها المرسومة لسوريا.
من هنا، يبدو ان استقرار لبنان لا يزال معرض لعدة “خضات” وان الحل مؤجل الى ان تتوضح ملامح الاتفاقيات التي ستشمل سوريا ومستقبلها.
مصادر مقربة من المقاومة: كلام باراك يحمل في طياته تهديدات مبطنة
من جانبها، رأت مصادر مطّلعة على موقف المقاومة أن الموفد الأميركي، توم باراك، لم يعرب عن إعجاب بمضمون الرد اللبناني، إذ لم يتناول مضمونه بتاتًا، بل اكتفى بالإشادة بسرعة صدور الرد من الدولة اللبنانية، دون أي تعليق على فحواه.
واعتبرت المصادر أن هذا التجاهل يعكس نمط الدبلوماسية الأميركية المعروفة بالمراوغة، حيث تضمّن حديث باراك إشارات مبطّنة تحمل طابعًا تهديديًا، منها إعلانه الصريح بأن الولايات المتحدة ليست من ضمن الأعضاء الضامنين في لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار، وهو إعلان اعتبرته المصادر شكلًا من أشكال التضليل.
وأضافت أن الأخطر من ذلك هو انتقال واشنطن، بوقاحة، من دور الضامن إلى دور الوسيط، إذ أوحى باراك بأن بلاده تكتفي بلعب دور الوسيط بين لبنان والكيان الإسرائيلي، وتسعى فقط لتسهيل التسوية، متخلّية فعليًا عن أي التزام بحماية وقف إطلاق النار.
وبحسب هذه المصادر، فإن الرسالة الأميركية كانت واضحة: إذا لم تُحقّق واشنطن أهدافها عبر الوساطة، فعلى لبنان أن يتدبّر أمره مباشرة مع “إسرائيل”، إذ إن الإدارة الأميركية لا تعتبر نفسها معنية بما قد يُقدِم عليه العدو، سواء هجومًا أو عدوانًا، ما يعني عمليًا رفع الغطاء الأميركي عن لبنان.
وفي السياق ذاته، اعتبرت مصادر قريبة من حزب الله أن حديث باراك لم يحمل أي مؤشرات إيجابية، بل جاء سلبيًا بشكل واضح، خصوصًا حين أشار إلى أن المنطقة تمرّ بمرحلة تحوّلات كبرى، وعلى لبنان أن يواكبها وإلا سيتخلّف عنها. وهو ما فسّرته المصادر كنوع من الضغط السياسي المكشوف.
وأكدت هذه المصادر أن الحقيقة الجلية هي أن الولايات المتحدة نفسها تدفع “إسرائيل” لمواصلة الضغوط على حزب الله، من خلال استمرار عملياتها العدوانية، في انتهاك صريح للقرار 1701، الأمر الذي يعكس تورطًا أميركيًا غير مباشر في التصعيد.
من جهة أخرى، أشادت المصادر بمواقف الرؤساء الثلاثة في لبنان، ووصفتها بالوطنية والمسؤولة، خصوصًا لناحية التأكيد على ضرورة التزام العدو الإسرائيلي بالقرار 1701، وانسحابه من الأراضي اللبنانية المحتلة، مشيرة إلى أن الدولة اللبنانية والمقاومة ملتزمتان بهذا القرار بشكل كامل.
أما بخصوص الاعتداءات المتكررة التي تستهدف ما تزعم “إسرائيل” أنها مخازن أسلحة أو تنفّذ عمليات اغتيال، فقد اعتبرت المصادر أنها محاولات يائسة من جيش الاحتلال الذي يعيش حالة من الإفلاس العسكري. وأوضحت أن العدو بات عاجزًا حتى عن الوصول إلى قادة من الصفين الثالث أو الرابع في حزب الله، وأن هذه العمليات تأتي في إطار الترويج الداخلي، لتسويق “إنجازات” وهمية لجمهوره.
مصادر عسكرية لـ”الديار”: احتمال كبير بحصول تصعيد اسرائيلي على حزب الله
في غضون ذلك، أفادت مصادر عسكرية لصحيفة “الديار” أن المؤشرات الحالية ترجّح احتمالية تصعيد “إسرائيلي” مرتقب يستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، مع استمرار سياسة الاغتيالات التي باتت تطال مدنيين وليس فقط عناصر من حزب الله.
لكن، وبحسب المصادر، فإن المقاومة تدرك جيدًا أن جيش الاحتلال غير قادر على خوض حرب شاملة على لبنان، وذلك بسبب افتقاره إلى بنك أهداف فعّال، ما يجعله عاجزًا عن إدارة مواجهة موسّعة.
وأشارت المصادر إلى أن الجيش الإسرائيلي يدرك مسبقًا أن أي توغل ميداني في الأراضي اللبنانية سيُمنى بفشل ذريع، خاصة بعد أن أثبتت المعارك السابقة تفوّق عناصر المقاومة في القتال المباشر، الأمر الذي ترك انطباعًا راسخًا لدى القيادة العسكرية الإسرائيلية بأن كلفة الحرب ستكون باهظة ومصيرها الهزيمة.
وأضافت أن “إسرائيل” قد تلجأ إلى تكثيف استخدام سلاح الجو لتنفيذ ضربات إعلامية الطابع تهدف إلى إظهار قوة معنوية أمام الرأي العام الداخلي، لكنها في الواقع تفتقر إلى أي إنجاز ميداني حقيقي. كما أن الذرائع التي تسوّقها لتبرير استهداف مبانٍ مدنية، بحجة احتوائها على أسلحة، لا تعدو كونها أكاذيب مكشوفة ومحاولة لتبرير الفشل العسكري المتواصل.
خطر التطرف يتسلّل إلى الداخل اللبناني: مؤشرات مقلقة واستنفار أمني
يشهد لبنان في الاونة الاخيرة مؤشرات دخول وانتشار عناصر أصولية ومتشددة، سواء من خلال الحدود المفتوحة مع سوريا أو عبر تجنيد داخلي في بعض المناطق التي تعاني من الفقر والتهميش.
وتُبدي مصادر أمنية لبنانية قلقها من هذا التمدد، لما يشكله من خطر مباشر على الاستقرار الداخلي. فمن الناحية الأمنية، يشكّل وجود المتطرفين تهديدًا فعليًا لاحتمال عودة التفجيرات أو تنفيذ عمليات تستهدف مناطق ذات طابع طائفي، ما يُعيد إلى الأذهان مشاهد الفوضى والعنف التي شهدها لبنان في مراحل سابقة. أما من الناحية الاجتماعية، فإن الخطاب الأصولي يهدد النسيج اللبناني القائم على التنوع، من خلال نشر ثقافة الكراهية والتكفير والتشكيك بالآخر المختلف.
سياسيًا، تداخل الساحة اللبنانية مع الصراع السوري، ووجود جماعات متطرفة عبر الحدود، يضاعف من تعقيد المشهد، ويجعل من لبنان ساحة محتملة لنشاطات مرتبطة بتنظيمات إقليمية متشددة.
اصوليون سوريون حاولوا تنفيذ عملية طعن في جونية
في سياق متصل، حصلت حادثة في جونية في احدى السهرات حيث حاول سوريون اصوليون تنفيذ عملية طعن بالسكين لمواطنين لبنانيين الا ان الاخيرين استطاعوا ردعهم ومنعهم من تحقيق اهدافهم الاصولية البربرية.
مصادر الممانعة لجعجع: موقفه قانوني ولكن التوافق السياسي أقوى
وفي سياق متصل، ردا على كلام رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، قال مصدر مقرب من الممانعة ان ما يقوله جعجع كلام صائب من المنطلق الدستوري والقانوني لناحية بحث الرد اللبناني ومن ثم التصويت عليه في مجلس الوزراء ولكن في الوقت ذاته اشار المصدر الى انه في الصيغة اللبنانية، اذا حصل توافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب على ملف معين بما ان الرؤساء الثلاث يمثلون بيئتهم عندها لا يعود البت بالرد اللبناني بينهم مخالفا للقانون. ولفت المصدر المقرب من الممانعة الى انه في حال طبقنا ما طرحه الدكتور سمير جعجع فان معظم الوزراء تابعين للرؤساء عون وسلام وبري بينما الوزراء المعارضين هم فقط وزراء القوات وبالتالي جلسة التصويت ستكون لصالح توجه ومقاربة الرؤساء الثلاث ازاء وثيقة الموفد الاميركي توم باراك.


