سياسة وليد بيك: خطوات تكتيكية تسبق الجميع(وائل ابو الحسن)

وائل فايز ابو الحسن -الحوارنيوز-المكسيك
يثير إعجابي وليد بيك، بطريقته الخاصة في التعبير، وبما يقوله ويصرّح به، وحتى من خلال تموضعه السياسي الذي لا يشبه سواه.
أحيانًا يضحكني بجرأته، وأحيانًا يدهشني بقدرته على قلب الطاولة بعبارة واحدة أو موقف مباغت، لكنه في كل مرة ينجح في البقاء خارج سرب التكرار والابتذال.
رجل لا يعير وزنًا لأحد، لا للرأي العام، ولا للمناصرين، ولا حتى للطقم السياسي اللبناني بكل ثقله ومقاماته.
لاعب مخضرم، يتقن السياسة وفنونها، ويعرف كيف ومتى يضرب، حتى لو بدت بعض خطواته، من حيث التوقيت والمضمون، غير منسجمة مع الواقع أو المنطق، وكأنها لا تركب على قوس قزح.
خذوا مثلًا حديثه الأخير عن تسليم السلاح. الإعلان، التوقيت، والإخراج، بدت جميعها وكأنها مقتطف من مشهد فكاهي لا يقنع أحدًا.
وهنا أتوقف أمام سؤال بسيط في شكله، لكنه منطقي. هل يُعقل أن تُسلَّم أسلحة، مهما كان تصنيفها خفيفًا أو متوسطًا، من دون أن يلاحظ أحد شيئًا؟
أيعقل ألّا يلفت الأمر نظر أحد؟ لا صحافي، لا مواطن، لا مراقب سياسي؟
وأين هي حركة الآليات؟ هل من الطبيعي ألّا يُشاهَد دخول أو خروج أي مركبة عسكرية لجمع هذه الأسلحة، لا من المختارة، ولا من عين زحلتا، ولا من أي مكان آخر؟
ألم يكن من المفترض أن يُرصد ولو أثر بسيط لهذا الحدث؟
لكن لا بد من التوقف عند ما هو أعمق. هذه الخطوة، بهذا الشكل وبهذا التوقيت، تندرج بوضوح ضمن الحراك التكتيكي الذي يتقنه البيك، والذي كثيرًا ما يُخفي خلف بساطته الظاهرة حسابات دقيقة وأهدافًا مدروسة.
في الواقع، وليد بيك لا يتسلى، بل يمارس نوعًا فريدًا من السياسة، قوامه المفاجأة، وكسر التوقعات، وإرباك خصومه.
هو يدير لعبته بذكاء، يعرف متى يفتح جبهة ومتى يُغلقها، وكيف يوجّه الأنظار إلى مكان، بينما يعمل بصمت في مكان آخر.
يتقن توظيف التناقض، ويحوّل حتى أكثر الخطوات غرابة إلى رسائل مُشفّرة يعرف جيدًا متى ومن يجب أن يلتقطها.
سياسي بالفطرة، لا يشبه أحدًا، والأكيد أنه لا يشبههم.
*محام مغترب.. مقيم في المكسيك



