الفقراء لا يصنعون ثورة
يسألون لماذا لم ينتفض فقراؤنا ولماذا لم يلتحقوا بالطبقة الوسطى المترنحة في الساحات؟
فقراؤنا لا يصنعون ثورة ،لأنهم اسرى الحياة اليومية ولانهم اسرى مصالحهم المباشرة واسرى الأحداث المفاجئة والتي لا يحمل مفاتيح النجاة منها، من الحاجة ومن العوز، غير مؤسسات الطوائف وغير ادارات الدولة التي تحكمها الأحزاب.
فقراؤنا يساهمون في صنع مقاومة،يصنعون بطولة و شهداء، يصنعون جماهير تؤيد وتصفق وتبارك ،انما لا يصنعون انتفاضة او حراكا او ثورة.
الحراك والانتفاضة يصنعهما الطلبة والمثقفون الوطنيون والواعون لآلامهم والعارفون بسبل النجاة الحقيقية للوطن.
الفقراء اسرى حالة استلاب نفسية من قادة روحيين وسياسيين يشبعونهم وهماً وخيالاً بحلول الهية ارقى من الواقع ومن الاساطير، ويرشونهم بخدمات اوّلها من الصدقات والزكاة و الخُمس وهدايا يسوع وآخرها مدارس ومستشفيات تحمل اسماء الربّ والانبياء والأئمة والمقدسين وبناء الاضرحة وأثمان التوابيت، وإن تحسن حال الفقير فمن الربّ ومن الدعاء ،وان ازداد فقراً فمن الابتلاء والبلاء والنحس ومما ارتكبته يداه.
فقراؤنا لا يصنعون ثورة انما يصنعون عصابات ،ويبدعون فيها ان جار الزمان على البلاد وإن شحّت موارد العيش الى درجة الاختناق.
درجة الاختناق آتية لا ريب فيها والعصابات جاهزة من الآن.
ان تألمت الطبقة الوسطى من ترنحها، وان ارتقى الوعي الوطني، وان ارتفعت مشاعر التضامن الانساني عند الشرفاء ،يصنعون حراكا وانتفاضة والوية حمراء و"مولخا"، اما ان جاع الفقراء فانهم يصنعون فوضى بدل الثورة ويصنعون عصابات اجرامية بدل الحراك والانتفاضة.
يا ايها الناس،
عندما قال الامام موسى الصدر:
ستمرّعلينا محن كثيرة وسنعيش في عالم تملأه الذئاب لم نع قوله ابدا، كان على حق ، الذئاب ستخرج من كل ناحية ولن تقوى عليها لا حكومة السيد دياب ولا وزيراته الحسناوات…
اصعب المهمات ليست تحرير الأرض، انما تحرير الفقراء من اسرهم ومن احتلالهم.