رأي

أزمة الهويّة ومهام حكومة الشرع في تجذيرالمواطنة (عدنان عويّد)

 

د. عدنان عويّد – الحوارنيوز 

 

الهويّة لغة:

     جاء في معجم المعاني الجامع: 

     بأن هُوِيَّةُ الْإِنْسَانِ هي حَقِيقَتُهُ الْمُطْلَقَةُ وَصِفَاتُهُ الْجَوْهَرِيَّةُ.

     والْهُوِيَّةُ الْوَطَنِيَّةُ : هي مَعَالِمُهَا وَخَصَائِصُهَا الْمُمَيَّزَةُ وَأَصَالَتُهَا

     وبِطَاقَةُ الْهُوِيَّةِ: هي الْبِطَاقَةُ الشَّخْصِيَّةُ التي تَحْمِلُ اسْمَ الشَّخْصِ وَتَارِيخَ مِيلاَدِهِ وَعَمَلَهُ وَجِنْسِيَّتَهُ.

 الهويّة اصطلاحاً:

      هي إحساس الفرد بنفسه وفرديّته وحفاظه على تكامله وقيمته وسلوكيَّاته وأفكاره في مختلف المواقف. أي هي مصطلح يستخدم لوصف مفهوم الشخص وتعبيره عن فرديته وعلاقته مع الجماعات (الدينية أو الوطنية أو العرقية…).  كما راح يستخدم المصطلح خصوصا في علم الاجتماع وعلم النفس، ويجد له مكانة عالية بشكل كبير في علم النفس الاجتماعي… 

     والهوية  فلسفيّاً: هي حقيقة الشيء أو مجمل السمات التي تميز شيئا عن غيره، أو شخصاً عن غيره، أو مجموعةً عن غيرها.

     وكما للهويّة حضورها الايجابيّ، فلها أزمتها أيضاً، وأزمة الهويّة هي الاضطراب الذي يصيب الفرد أو المجتمع في ما يختصّ بدورهما في الحياة، فأزمة الهويّة الفرديّة، تكمن في حالة الشك والريبة  التي تصيبه في فهم قدرته أو رغبته في ممارسة حياته، طبقًا لما يريده هو ذاته من هذه الحياة، أو ما يريده الآخرون منه، بحيث يصبح غير متيقن من مستقبل شخصيته إذا لم يتيسّر له تحقيق ما يتوقَّعه هو أو الآخرون منه فيصبح في أزمة. 

     والأزمة بالنسبة للمجتمع، هي ذاك الاضطراب الذي يصيب بنية المجتمع، بحيث يقفد توازنه بسبب ذلك الاضطراب في بناه الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة، وبالتالي لا بد من إعادة تفكيك بنية المجتمع من قبل المهتمين بقضايا المجتمع على كافة المستويات، وتبيان حالة التردي فيه،  ثم إعادة تركيبه من جديد بما يحقق تجاوزه لأزمته.

     إذن، الهويّة هي إثبات للذات وتميزها ونموها وتقدمها، وبالتالي تحقيق ذاتها أمام نفسها وأمام الآخرين، وما ينطبق على الفرد ينطبق على الدولة والمجتمع. وعلى هذا الأساس تسعى الشعوب ودولها ونخبها السياسيّة والثقافيّة والعلميّة على تأكيد هذه الهويّة.

والسؤال المشروع الذي يطرح نفسه علينا في سورية هو: هل نحن اليوم نعيش أزمة هويّة؟. 

     أعتقد بل أجزم أن أزمة الهويّة في مجتمعنا السوري قد حلت مع أحدث ثمانينيات القرن الماضي بين النظام الحاكم و(الإخوان المسلمين). هذه الأزمة وما خلفت من صراع حول الدعوة إلى تطبيق (الحاكمية لله) أو لحكم البعث بقيادة حافظ الأسد، فمع هذا الصرع شعر حافظ الأسد وخاصة بعد حادثة المدفعيّة في أواخر عام 1979، أن حكمه على كف عفريت، فأصدر القانون الذي يجرم الإخوان ومن ينتمي إليهم. ثم راح يجذر سياسات تخالف تماماً فكرة الهويّة والانتماء للوطن، مثل: 

     1- تجسيد فكرة الولاء للقائد الملهم مع نشر وتعميم شعار (للأبد ياحفظ الأسد،) والذي امتد إلى ابنه بشار. هذا الشعار الذي حول حافظ وبشار إلى بديل عن الوطن والله معاً. 

     2- تغييب فكرة المواطنة من خلال اللعب على ورقة الدين بحيث أصبح الدين المسيّس بديلاً عن فكر المنطلقات النظريّة للحزب، التي غيبت ووضعت على الرف.

     3- الاشتغال على العقليّة الطائفيّة، بدل من الاشتغال على فكرة المواطنة، ما جسّد الفرقة والحقد بين مكونات الشعب السوري، ومع الأزمة هاجر الوطن أكثر من عشرة مليون مواطن دون أي اعتبار للوطن ومصالحه.

من هنا نقول: ما نتمناه من الحكومة الجديدة بقيادة الشرع، أن تعيد حس الانتماء للوطن، من خلال استيعاب كل مكونات الشعب السورية تحت راية الوطن، وليس راية الشريعة، فعندما تختلف توجهات راية الوطن مع التوجهات الضيقة أو الواسعة للشريعة عند من يؤمن بالفرقة الناجية، أو بأممية الإسلام، عندها ستضيع المواطنة والمواطن معاً…الوطن ومصلحته قبل كل شيء، والشريعة يجب أن تعمل في مقاصدها لمصلحة الوطن والمواطن.

*كاتب وباحث من سوريّة

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى