
الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب صلاح سلام في صحيفة اللواء يقول:
ثمة مناسبات حصلت مؤخراً، حملت دلالات مهمة عن مدى الإهتمام العربي والدولي المستمر بالوضع اللبناني، أمنياً وإقتصادياً ومالياً، رغم التطورات المتسارعة على المسرح الإقليمي، والزوبعة العالمية التي أثارها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حربه الجمركية، على الحلفاء كما على الخصوم.
من الحفاوة السعودية المميزة التي أحاطت بزيارة رئيس الحكومة نواف سلام إلى المملكة لأداء صلاة العيد مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وما تبعها من محادثات ثنائية، أكدت وقوف المملكة الدائم إلى جانب لبنان.
إلى زيارة العمل الرئاسية للعماد جوزاف عون إلى باريس، وما تخللها من محادثات في الأليزيه مع الرئيس أيمانويل ماكرون لوقف الخروقات الإسرائيلية، والإعداد لمؤتمر دعم لبنان المقرر إنعقاده في العاصمة الفرنسية في الشهر الجاري.
إلى الزيارة المنتظرة منذ فترة، للموفدة الأميركية مورغان اورتاغيس لبيروت، للبحث في الخلافات الحدودية مع العدو الإسرائيلي، والمطالبة اللبنانية بالإنسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس على الحافة الأمامية، فضلاً عن التطرق إلى ملف الحدود القديم، ولكن دون إنجرار لبنان إلى مفاوضات سياسية أو ديبلوماسية، كما يطالب الجانب الإسرائيلي.
وجاءت الإشادة الأميركية بالنهج الإصلاحي للحكومة ورئيسها، وما حققته من إنجاز قوانين للإصلاح المالي والمصرفي، لتُشير من جديد أن مسألة الإصلاحات المالية، تحتل أولية موازية لمسألة حصر السلاح، وبقاء قرار الحرب والسلم مع الدولة، وما يستدعي ذلك من إنهاء ملف سلاح حزب الله.
وإذا أضفنا مباحثات وفدي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى بيروت، قبيل الإجتماعات الربيعية الدورية في واشنطن، تكتمل معنا صورة الإهتمام العربي والدولي في لبنان، والحرص على مساعدته للخروج من جحيم أزماته المتكاثرة منذ خمس سنوات.
ولكن من دواعي الأسف أن ذلك الإهتمام العربي والدولي لا يقابله لبنان بما يستحق من ديناميكية وخطوات سريعة في العمل والإنجاز، ليُجاري المتطلبات العربية والغربية في تنفيذ الخطوات الضرورية لإستعادة الثقة الخارجية، وفتح أبواب المساعدات، وعدم تفويت الفرص المتاحة حالياً، كما كان يحصل في الماضي القريب.
ويبدو أن مسألة سلاح حزب الله تتقدم على غيرها من المسائل ذات الأولية في الأجندات الخارجية المعنية بالوضع اللبناني. وقد أشارت الموفدة الأميركية بصراحة إلى هذا الملف، مع تسريبات بأنها حددت مهلة زمنية لبضعة أسابيع لإنجازه من قبل الدولة اللبنانية.
ولم يعد سراً أن إنجاز هذا الملف الحساس داخل البيت اللبناني يقطع دابر الإعتداءات الإسرائيلية اليومية، على مناطق في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، بزعم العمل على القضاء على البنية العسكرية لحزب الله، وإغتيال المزيد من قياداته الميدانية، فضلاً عن توفير دفع قوي للمساعدات الخارجية.
الواقع أن المهلة الزمنية بأسابيع التي حددتها أورتاغيس للجانب اللبناني، غير كافية لمعالجة سلاح الحزب، والبعض يعتبرها غير واقعية، لأن ملف السلاح الصاروخي الثقيل مازال مرتبط إلى حد كبير بالمرجعية العسكرية الإيرانية، وبالتالي لا بد من إنتظار نتائج التهديدات الأميركية المتصاعدة، كلامياً، ضد طهران، لمعرفة اتجاه الحلول المطروحة، وهل ستسلك الطريق العسكري، أم يبقى خيار الحل الديبلوماسي وارداً في واشنطن وتل أبيب.
أما على صعيد الإصلاحات المالية والإدارية المنتظرة،والتي تعتبر شرطاً أساسياً للبحث في المساعدات المالية والعينية التي يحتاجها لبنان لإعادة الإعمار، والنهوض من كبوته الراهنة، فما زالت تحبو على طريق الإنقاذ، وتسير بخطوات بطيئة، قياساً على الحاجات الملحة التي يفتقدها البلد، والتي تحتاج إلى ديناميكية ناشطة، تستطيع حرق المراحل، وتجاوز العقبات الروتينية، والبيروقراطيات المعيقة، والتخلص من مكامن الفساد المعشش في إدارات الدولة.
طبعاً لا أحد في لبنان يملك عصا موسى. ولكن البلد بحاجة إلى إعلان «إستنفار إنتاجي»، على مستوى الحكومة، وصولا إلى الوزارات والإدارات العامة، والإسراع في ملء المراكز الشاغرة، ووضع خطط طوارئ لمشكلتي الكهرباء والبيئة، وتحقيق كل يوم إنجازاً، مهما كان بسيطاً، تعزيزاً لقدرة الدولة على مواجهة التحديات والصعوبات.
الإهتمام الإستثنائي، العربي والدولي، بوطن الأرز فرصة نادرة وعلى جانب كبير من الأهمية، ولكن مثل هذه الفرص تمرّ بسرعة البرق، ولا تدوم .. ولا تدوم!



