الموقف الرسمي من الاحتلال الإسرائيلي: وزير الخارجية يناقض رئيسي الجمهورية والحكومة ؟!(حسن علوش)

حسن علوش – الحوارنيوز

خرج وزير الخارجية يوسف رجي عن إجماع اللبنانيين الذي عكسه البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، وعن خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وقال خلال لقائه المجلس التنفيذي للرابطة المارونية بأن حزب الله هو من “يتنصل من موجبات اتفاق وقف اطلاق النار”.
كلام رجي كان موضع انزعاج بيّن لكل من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والرئيس سلام لأنه ” خروج عن الوثيقتين الملزمتين للوزارء في محاكاة أي ملف سياسي وهما: خطاب القسم والبيان الوزاري”.
يوحي موقف رجي أنه يميل لتبني موقف حزبه السياسي وليس موقف الدولة اللبنانية، وهذا يؤسس، في حال استمراره، الى انقسام قد يعرقل عمل الحكومة ويجهض طموحات العهد، فهل هذا ما يحاول صنعه رجي وفريقه السياسي؟
وعلى مسافة ساعة من الوقت دحض رئيس الجمهورية كلام وزير الخارجية حيث اكد أمام وزيرة الخارجية الالمانية Annalena Charlotte Alma Baerbock
ان “استمرار احتلال اسرائيل لاراض وتلال في الجنوب يعرقل تنفيذ القرار 1701 ويتناقض مع الاتفاق الذي تم التوصل اليه في تشرين الثاني الماضي”، لافتا الى ان “الجيش اللبناني الذي انتشر في كل الاماكن التي انسحب منها الاسرائيليون يقوم بواجبه كاملا في بسط الامن ومصادرة السلاح على انواعه”.
وأكد الرئيس عون للوزيرة الالمانية ان “اسرائيل رفضت كل الاقتراحات التي تقدم بها لبنان لإخلاء التلال الخمس التي لا تزال تحتلها واحلال قوات دولية مكانها، ولا تزال المساعي الديبلوماسية والمفاوضات مستمرة من اجل ايجاد حل جذري لهذه المسألة”، مشيرا الى أن “اسرائيل لا تزال تحتفظ بعدد من الاسرى اللبنانيين ولم تسلم سوى خمسة منهم، علماً ان لبنان مصر على استعادة جميع الاسرى الذين اعتقلتهم اسرائيل مؤخرا”.
كلام واضح لرئيس الجمهورية نقضه رجي الذي سمع بإذنيه كلام الرئيس عون ومن ثم خالفه وأصر على قلب الحقائق.
وللوقوف على الأسس التي شكلت إجماعا لبنانيا سهل انتخاب الرئيس عون وتشكيل حكومة سلام نعرض في ما يلي ما جاء في خطاب القسم والبيان الوزاري.
ماذا جاء في خطاب القسم؟
يتحدث الرئيس عون عن “استراتيجة أمن وطني” ويقول:
“…عهدي أن أدعو الى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بما يمكّن الدولة اللبنانية، أكرّر الدولة اللبنانية، من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه عن كافة الأراضي اللبنانية.”
وبالتالي كيف يمكن للحكم أن يتحدث عن سحب سلاح المقاومة قبل اقرار هذه الاستراتجية، سيما وأن العدو لم يلتزم اطلاقا موجبات اتفاق وقف النار ويرفض تنفيذ القرار 1701 ويضاف الى ذلك الاعتداءات على السيادة اللبنانية على الحدود الشرقية، وهي اعتداءات تأتي بتوقيت مشبوه ومرتبط بالضغط الأميركي على لبنان للتنازل في ملف الترسيم جنوبا!
ماذا جاء في البيان الوزاري؟
يقول الرئيس سلام إن الدفاع عن لبنان “يستدعي إقرار استراتيجيّة أمن وطني على المستويات العسكرية والدبلوماسيّة والاقتصاديّة” ويوضح: “…وتلتزم الحكومة، وفقاً لوثيقة الوفاق الوطني المُقرّة في الطائف، بإتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتحرير جميع الأراضي اللبنانيّة من الاحتلال الاسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، بقواها الذاتيّة حصراً، ونشر الجيش في مناطق الحدود اللبنانيّة المُعترف بها دوليّاً. وتؤكّد حقّ لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء، وذلك وفق ميثاق الأمم المتحدة. وتعمل على تنفيذ ما ورد في خطاب القسم للسيد رئيس الجمهوريّة حول واجب الدولة في احتكار حمل السلاح.
وإننا نريد دولةً تملك قرار الحرب والسلم. نريد دولةً جيشُها صاحب عقيدةٍ قتاليةٍ دفاعية يَحمي الشعب ويَخوض أي حرب وفقاً لأحكام الدستور. إن الدفاع عن لبنان يستدعي إقرار استراتيجيّة أمن وطني على المستويات العسكرية والدبلوماسيّة والاقتصاديّة. ويترتّب على الحكومة أن تُمكِّن القوات المسلحة الشرعية من خلال زيادة عديدها وتجهيزها وتدريبها وتحسين أوضاعها مما يعزّز قُدراتها على التصدّي لأي عدوان وضبط الحدود وتثبيتها جنوباً وشرقاً وشمالاً وبحراً، وعلى منع التهريب ومحاربة الإرهاب.
لعل الوزير رجي وهو الدبلوماسي المتمرس غلّب في لحظة ضعف موقف حزبه على كونه وزيرا يمثل لبنان الرسمي والشعب اللبناني كل الشعب اللبناني وليس فئة حزبية منه.
على أمل أن يتم تصحيح مثل هذه المواقف، بمزيد من الإلتزام الوزاري مندرجات الدستور وخطاب القسم والبيان الوزاري.. ومن ليس بمقدروه ذلك فليستقل!



