حسن اللّقيس*: ثقة اللبنانيين بالجامعة الإسلامية عادت وتتزايد

الحوارنيوز – صحافة
تتعرّض الجامعة الإسلامية لهجمات إعلامية، واتهامات بالفساد والتزوير للتصويب على المستوى التعليمي. ويرى رئيس الجامعة حسن اللقيس أنّ السبب واضح: «تصنيف الجامعة المتقدّم، وانتشارها الجغرافي وافتتاح فرعين جديدين، والتحضير لافتتاح كليات جديدة كالطب والزراعة، مقابل تحديد أقساط لا تصل إلى ربع قيمتها في جامعات أخرى»، ما أثار، برأيه، الجامعات المنافسة، علماً أنّ الجانب العراقي لم يثبت أي حالة تزوير للشهادات من الجامعة الإسلامية. وانطلاقاً من رسالتها «جامعة لكلّ اللبنانيين، خاصة للطبقات المحرومة وذوي الدخل المحدود»، أعادت الجامعة ثقة اللبنانيين بها، فارتفعت نسبتهم من 33% إلى 90% في السنوات الثلاث الأخيرة.
في ما يأتي نص الحوار:
■ خرجت أخيراً اتهامات للجامعة الإسلامية بالفساد، وابتزاز الطلاب العراقيين للحصول على معادلات لشهاداتهم، وتزوير الشهادات، وتراجع المستوى التعليمي بشكل يهدد استمرارية الجامعة.
هذا محض خيال الصحافي الذي لا يملك دليلاً واحداً على اتهاماته. الجامعة في حالة تقدّم مستمر، ونجحت في تحسين سمعتها مع إنجاز تجديد الاعتراف ببرامج أكثر حداثة وتجاوباً مع متطلبات سوق العمل بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، كذلك تجديد الاعتراف بالدكتوراه في مختلف الكليات.
غير أنّ المناهج الجديدة التي أطلقناها اعتمدتها وزارة التربية وعمّمتها على الجامعات الخاصة. وأفراد الهيئة التعليمية والمشرفون على أطروحات الدكتوراه هم أساتذة مشهود لهم بالسمعة الحسنة مثل رئيس هيئة الشراء العام القاضي جان علية، وعضو مجلس القضاء الأعلى القاضي حبيب مزهر، وعضو المجلس الدستوري القاضي فوزات فرحات، والقضاة حسن الشامي، نورما شومان، علاء بشير، ورئيس الجامعة اللبنانية السابق زهير شكر، فما رأي من يدير الحملة على الجامعة الإسلامية بكل هذه الأسماء؟ هل كلها فاسدة؟
■ سبق أنّ تعرّضت الجامعة لحملة اتهامات حول تزوير الشهادات للطلاب العراقيين، كيف تفسرون التصويب إعلامياً على الجامعة الإسلامية؟
هذا إعلام مأجور. وتصنيف الجامعة المتقدّم، واحتلالها المرتبة 36 في تصنيف «كيو أس» السنوي لعام 2022 لأفضل 800 جامعة في العالم أحدث صدمة لدى بعض الجامعات الخاصة التجارية التي وجدت نفسها في منافسة شرسة مع جامعة ذات مستوى تعليمي جيد وأقساط تعليمية تشجيعية ومنافسة.
وإلى جانب السمعة، لم يرق لهذه الجامعات انتشار الجامعة الإسلامية على صعيد افتتاح فرعين جديدين في برج البراجنة (المتن الجنوبي) وتضم 900 طالب، وفي سحمر (بقاعاً)، والتحضير لافتتاح الثالث في دير انطار (جنوباً) حيث شيّد المبنى بانتظار الحصول على الترخيص.
إنجاز ترخيص كلية الطب في نقابة الأطباء بانتظار إقرار مرسوم له
إضافة إلى توسعة الفروع الموجودة في بعلبك وصور. وعلى صعيد التخصّصات الجديدة، قمنا بإضافة 8 ماسترات جدد في كلية الحقوق، ونحن بصدد الحصول على ترخيص لكلية الطب بعدما حصلنا على الموافقة من نقابة الأطباء، ونقوم بالتلزيم لتشييد مبنى لها في مستشفى الزهراء الجامعي، تمهيداً لإصدار مرسوم لها.
كما ننتظر الترخيص لافتتاح كلية الزراعة في بعلبك، وقسم للعلوم التربوية، وآخر للإعلام والصحافة. كذلك استحدثنا مستوصفاً آخر للعلاج الفيزيائي والنطق في بعلبك. هذا كله سحب الأضواء عن الكثير من الجامعات، فلجأت إلى محاولات بائسة لتشويه صورة الجامعة الإسلامية.
■ كيف تعاطى الجانب العراقي مع هذه الأخبار؟
بعدما أثيرت الشائعات في الصحف اللبنانية، أرسلت النائبة العراقية زيتون الدليمي كتاباً إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للاستفسار، فردّت الوزارة ببيان عام 2024 تقول فيه: «لم يثبت أي حالة تزوير بالنسبة إلى الشهادات الصادرة عن الجامعة الإسلامية في لبنان التي تم تقييمها في دائرتنا»، ما يدحض كلّ هذه الاتهامات.
■ هل لا يزال الطلاب العراقيون يشكلون الغالبية الكاسحة من مجموع الطلاب؟
عندما تسلمت رئاسة الجامعة قبل ثلاث سنوات، تنبهتُ لارتفاع عدد الطلاب العراقيين، وكانت الجامعة آنذاك تضمّ ما بين الـ 11 و12 ألف طالب، 4 آلاف منهم لبنانيون فقط، والباقي أجانب.
وهذا يتنافى مع رسالة الجامعة منذ تأسيسها عام 1996 على يد رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى آنذاك الإمام الشيخ محمد شمس الدين، ونزولا عند رغبة الإمام المغيّب السيد موسى الصدر أن تكون «جامعة لكلّ اللبنانيين خاصة للطبقات المحرومة وذوي الدخل المحدود، مقابل الجامعات الخاصة العريقة».
وهذا المسار حافظنا عليه بمتابعة حثيثة لكل تفاصيل وأمور الجامعة من قبل دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري وكذلك بالتعاون مع نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى رئيس مجلس أمناء الجامعة العلامة الشيخ علي الخطيب، وبالفعل اليوم، عادت ثقة الطلاب اللبنانيين بالجامعة الإسلامية، وارتفعت نسبتهم من 33% إلى 90% من إجمالي عدد الطلاب.
■ ألا يؤدي ذلك عزل الجامعة عن الخارج؟
نحن نرحّب بجميع الطلاب، لكن هدفنا الأول تأمين تعليم اللبنانيين. ولا يعني ذلك أننا غير منفتحين على العالم الخارجي. فقد أبرمنا اتفاقيات أكاديمية مع جامعات عريقة ومراكز تدريب في فرنسا، الإمارات العربية المتحدة، روسيا، تركيا، الهند، ماليزيا، كازاخستان، إيطاليا، العراق، إيران… تقوم على تبادل أساتذة وتنظيم أبحاث مشتركة، إلى جانب إبرام اتفاقيات مع شركتي الاتصالات «تاتش» و«ألفا» لتأمين فرص عمل لطلابنا أثناء دراستهم، واتفاقيات مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية، والهيئة الوطنية للعلوم والبحوث، ومع عدد من المستشفيات.
■ انطلاقاً من اسمها «الجامعة الإسلامية»، هل تفرضون معايير محددة لها علاقة باللباس المحتشم وغيره؟
صحيح أنّ اسمها «الجامعة الإسلامية» لكنّ المفارقة أنّ أصغر كلية فيها هي للدراسات الإسلامية وتضمّ 100 طالب فقط، من أصل 10 آلاف طالب. والجامعة تضم طلاباً وأساتذة وموظفين من مختلف الأديان والطوائف والمناطق… هي بالفعل لكل الوطن كما أرادها المؤسس الإمام الصدر.
العدوان الإسرائيلي
■ هل تضررت أحد فروعكم جراء العدوان الإسرائيلي؟
تعرّض مبنى برج البراجنة لأضرار كبيرة جراء عملية استهداف السيد هاشم صفي الدين في المريجة، إلى جانب بعض الأضرار الخفيفة في فرعي صور وبعلبك، لكننا رمّمناها كلّها.
■ هل انتظمت العملية التعليمية بسرعة بعد الحرب خاصة أنّ الجامعة استقبلت النازحين في فرعي خلدة والوردانية؟
غالبية النازحين الذين بلغ عددهم 1200 شخص في كل فرع غادروا عند الرابعة فجراً، لحظة دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، وعدد قليل منهم بقوا لأيام ريثما وجدوا مأوى بديلاً من منزلهم الذي دُمّر.
ارتفعت نسبة اللبنانيين
من 33% إلى 90% خلال
السنوات الثلاث الأخيرة
لكننا أعطينا الطلاب بعض الوقت لتأمين عودتهم وتابعنا التعليم من بعد في الفصل، وقررنا إجراء الامتحانات حضورياً، والعودة إلى التعليم الحضوري في الفصل الثاني.
■ كيف تقيّمون تجربة التعليم من بعد؟ وهل تشجعون على اعتمادها بديلاً من الحضوري أو إتاحة المجال للطالب لاختيار الطريقة الأنسب له؟
عموماً، التحوّل الكامل إلى التعليم «أون لاين» يحتاج إلى قرار من وزارة التربية. ونحن لا نحبّذه رغم الاستفادة من خدمات شركة RDC، المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات، واعتماد نظام «الموديل» الذي يتيح تسجيل المحاضرات، وظهور جميع الصفوف «أون لاين» في اللحظة نفسها. فبعد تجربتنا مع التعليم الإلكتروني تبيّن أن فعاليته قد تصل إلى 70% من فعالية التعليم الحضوري. أما إن قمنا بتخيير الطلاب فلن يأتِ أحد إلى الجامعة بسبب الظروف الاقتصادية وكلفة النقل…
الأزمة الاقتصادية
■ هل أثرت الأزمة الاقتصادية عام 2019 في عدد الطلاب لجهة قدرتهم على تسديد الأقساط؟
الجامعة اليوم وصلت الى أقصى قدرتها الاستيعابية في جميع الفروع في خلدة وبعلبك وصور، باستثناء فرع الوردانية الذي يتسع للمزيد نظراً إلى موقعه الجغرافي.
وهذا لم يكن موجوداً قبل الأزمة الاقتصادية، لكن تراجع الأقساط بشكل لا تصل إلى ربع قيمتها في جامعات أخرى جذب الطلاب. إذ تُراوح الأقساط بين 1800$ و2500$ لمرحلة الإجازة، 3200 لمرحلة الماجستير، و4500 لمرحلة الدكتوراه. عدا التساهل في تسديدها وعدم حرمان أي طالب من الامتحانات لأسباب مادية، وتقديم المنح التعليمية التي بلغت قيمتها 250 مليار ليرة في السنة الماضية، وحصل عليها 70% من الطلاب (عددهم الإجمالي 14052)، و87 مليار ليرة خلال الفصل الأول من هذا العام لـ73% من الطلاب (عددهم الإجمالي 9554).
■ في المقابل، ألم يغادر طلاب من الجامعة لعدم قدرتهم على تسديد هذه الأقساط؟
كلا، لم يحصل ذلك في السنوات التي تلت الانهيار الاقتصادي. هذه السنة تخلّف عدد من الطلاب عن التسجيل في الفصل الأول بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، لكنهم سيسجلون في الفصل الثاني.
■ كيف استطعتم المواءمة بين أقساط مقبولة تناسب الطلاب ذوي الدخل المحدود وتأمين رواتب الأساتذة والموظفين بشكل يضمن لهم حياة كريمة ولا يدفعهم للبحث عن مكان عمل آخر؟
المواءمة التي تتحدثين عنها نسمّيها الهندسة المالية، وتقوم على وضع موازنات تسدّ التكاليف وتترك هامشاً للاستثمار. من دون أن ننسى أنّ الهدف من إنشاء الصرح الأكاديمي والعلمي ليس الربح، فهناك اختصاصات مكلفة وفي نفس الوقت نحن محكومون بعدد طلاب معين مثل اختصاص تقويم النطق الذي نفتحه لـ20 طالباً مثلاً.
وهناك فروع تخسّرنا بسبب تراجع عدد طلابها مقابل الكلفة التشغيلية كما في البقاع الغربي. لكننا نرى أنه من واجبنا الاستمرار بها لضمان تعليم الطلاب في الاختصاصات كافة، وبقاء العائلات في أرضها وعدم نزوحها من القرى. أما عن الأساتذة والموظفين، فخصّصنا لهم مساعدات بالدولار الأميركي، ونرفعها سنوياً بما يتناسب مع قدرة الطلاب على الدفع، وتصل اليوم إلى حوالى 1700 دولار أميركي شهرياً، على مدار 14 شهراً، و18$ بدل كل ساعة تعليم.
■ كيف واجهتم أزمة انقطاع التيار الكهربائي؟
عندما تسلّمت رئاسة الجامعة قبل ثلاث سنوات كان الوضع كارثياً، وغالبية الميزانية تذهب لتأمين المازوت للمولدات. فاعتمدت نظام الطاقة الشمسية بالكامل في الفروع الأربعة، صور والوردانية وخلدة وبعلبك، وخفّضنا الفاتورة بذلك إلى الـ70%.
■ ما هي الرؤى المستقبلية للجامعة؟
نحن ننظر إلى التعليم العالي على أنّه استثمار إستراتيجي لكلّ البلد، لأنّه يشكّل إحدى أهم وسائل بناء الموارد البشرية وتطويرها. ونرى أن أي عمل جامعي لن ينجح ما لم تكن على رأسه إدارة علمية خبيرة وقادرة على التخطيط وتحديد الأهداف الطويلة والقصيرة الأمد، لمواجهة المتطلبات وتحقيق مسار يواكب التطورات المتسارعة في المجتمع اللبناني.
*رئيس الجامعة الإسلامية (مقابلة أجرتها صحيفة الأخبار)



