سياسةصحفمحليات لبنانية

“جهوزيّة سياسيّة” للاستحقاق: لا معوّقات تُرجئ الانتخابات البلديّة

 

 الحوارنيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتبت لينا فخر الدين في صحيفة الأخبار:

قبل أقل من أُسبوعين من دعوة الهيئات النّاخبة لخوض الانتخابات البلديّة والاختياريّة، ورغم استنفار بعض الأحزاب قواها التنظيميّة والشعبية لجمع «الداتا الانتخابيّة»، تعمل الماكينات التابعة لمعظم الأحزاب «على نار هادئة» من دون تحضيرات «مرئيّة» في العديد من المناطق.

وهو هدوء يوحي وكأنّ تأجيلاً ثالثاً يجري التحضير له بذريعة العوائق اللوجستيّة، خصوصاً أنّ عدداً من النوّاب أشاروا إلى اتصالات يقوم بها نائب «تغييري» لاستطلاع آرائهم حول التقدّم باقتراح قانونٍ بـ«التأجيل التقني» للانتخابات بضعة أشهر، لإتاحة المجال أمام «الدّاخليّة» كي تُنهي تحضيراتها العملانيّة.

غير أن غالبية الأحزاب والكتل النيابيّة متمسّكة بإجراء الانتخابات في أيّار المقبل، ويرفض أيّ منها تحمّل وزْر التأجيل، وهو ما بدا واضحاً في اجتماع لجنة الدّاخلية والدّفاع والبلديّات منذ أيّام، والذي خُصّص لمناقشة العوائق اللوجستيّة، إذ أكّد وزير الدّاخلية أحمد الحجار أنّه باشر التحضيرات التقنيّة وجهوزية الوزارة، فيما أكّدت كل الكتل ضرورة إجراء الاستحقاق في موعده، معلنةً «الجهوزيّة السياسيّة» لخوْضه.

حماسة «الثنائي» وحماوة مسيحيّة

ورغم استمرار التوترات الأمنية في المناطق الحدوديّة الجنوبية، وعدم عودة أهالي القرى المهدّمة وبقاء الاحتلال في بعض قرى الحافّة الأماميّة، شدّد نوّاب حزب الله وحركة أمل على رفض أي إرجاء للانتخابات، لرمزيّة مُشاركة الجنوبيين في الانتخابات الأولى بعد الحرب وتأكيدهم على التمسّك بالأرض وإعادة إعمار قراهم المهدّمة.

ومن هذا الباب، باشرت ماكينة «الثنائي» اجتماعاتها مع الفاعليّات بعدما اتفق الطرفان على تجنب المعارك والعمل مع العائلات لإرساء لوائح توافقيّة، ما يؤدي إلى «شبه تزكية» حيث أمكن في القرى الجنوبيّة والبقاعيّة، فيما سيكون الطابع أكثر سياسياً في بيروت وبأدواتٍ مختلفة، ولا سيّما أنّ الحزب لا يرشّح عادةً شخصيات محسوبة عليه إلى المراكز الشيعيّة الثلاثة في البلدية بل يركّز على الانتخابات الاختياريّة (12 مختاراً شيعياً).

بدأت ماكينة «الثنائي» التحضيرات الانتخابيّة تحت عنوان التوافق مع العائلات
و«شبه التزكية»

كذلك يُرجّح المتابعون أن تكون الأجواء هادئة نسبياً في المناطق الدرزية، وأكثر استقراراً في المناطق السنيّة مع عودة تيّار المستقبل إلى الحياة السياسيّة (وإن كان لن يُشارك إلا في المُدن الكبرى كصيدا وطرابلس وبيروت على أن يعمل مع العائلات في القرى المحسوبة عليه لإرساء التوافق بطابعٍ إنمائي).

أما النكهة السياسية للمواجهات الضروس فستكون حتماً على «الأرض المسيحيّة» في معارك «إثبات وجود» بين التيّار الوطني الحر وحزب «القوات اللبنانيّة».

لا حتميّة!

ولكن، بمعزل عن الموقف السياسي، ورغم الاحتمالات المرتفعة لإجراء الاستحقاق، تبقى حتميّته رهن الأوضاع الميدانيّة، خصوصاً أنّ عدداً من الجهات تُناقش جديّاً في خطورة الخروقات والاعتداءات الإسرائيليّة وإمكانيّة تصاعدها، وحتّى حصولها في أيام الانتخابات نفسها، فيما ليس لدى الجهات الرسميّة تصوّر واضح لكيفيّة التّعامل مع مثل هذه الأحداث. وإلى المخاوف الأمنية المتعلقة بالاحتلال، هناك معوّقات تتساءل جهات حزبية كيف ستتمكّن وزارة الداخلية من تخطيها، ومنها:

– حفظ أمن العمليّة الانتخابيّة، وهذه «المهمة الأصعب»، وفق مصادر نيابيّة وعسكريّة، في ظل ما يجري تناقله عن رغبة لدى قيادة الجيش بإعفائها من تولّي أمن العمليّة الانتخابيّة بسبب نقص العديد وانشغال الألوية الأساسيّة في مهام حفظ الأمن على الحدود الشماليّة والشرقيّة والجنوبيّة.

وفي هذا الإطار، تنقسم الآراء. فهناك من يرى أنّ بإمكان الأجهزة الأُخرى وعلى رأسها المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي، القيام بالمهمة، خصوصاً أن الاستحقاق لن يُجرى في وقت واحد في كل لبنان. فيما يعتبر آخرون أن استبعاد الجيش سيصعّب إنجاز الاستحقاق إلى حد كبير، بسبب هيكليّته العسكرية وقوامه المتماسك والتسهيلات اللوجستيّة التي يمتلكها (كوجود الألوية في المناطق والمطابخ الموزّعة عليها ومسائل النقل والعتاد)، مما لا يتوافر لدى الأجهزة الأمنيّة الأُخرى.

– القرى المهدّمة وتلك الحدودية التي لا تزال بعض أجزائها محتلة من أبرز الأمور التي تناقشها المرجعيات السياسيّة. فيما تؤكّد مصادر متابعة أنّ الأمر سيُعالج في خطّة «الدّاخلية» بعدما أعدّ المعنيون أكثر من حلّ، منها إجراء الانتخابات في قرى محاذية لتلك المهدّمة أو نقل بيوت جاهزة (préfabriqué) إلى القرى لتكون مراكز للاقتراع.

– تبدو العراقيل الماديّة التي يجري تضخيمها أهون الأزمات، إذ رصدت موازنة 2024 اعتماداً بقيمة نحو 11 مليون دولار للانتخابات، وفي حال تخطّي هذا الرقم إلى 13 أو 14 مليون دولار، يمكن تأمين اعتمادٍ إضافي، كوْنه «من غير المقبول إرجاء الاستحقاق بحجّة عدم تأمين مليون دولار».

وتؤكّد مصادر متابعة أنّ تأمين مصادر التمويل ليس مستحيلاً، مشيرةً إلى عدم رهانها على مصادر تمويل خارجيّة قد تُساعد في بعض الأمور اللوجستية كتأمين القرطاسية.

– كذلك هناك حلول للنقص في عدد موظّفي «الدّاخلية» واعتراض الموظفين والقضاة على الإجحاف في المبلغ المرصود لهم (40 دولاراً يومياً) للمُشاركة في لجان القيد، وتؤكد مرجعيّات معنية «أنّنا سنأخذ في الاعتبار هذه المطالب المشروعة، وسنضمن عدم التوقف عند هذه التفاصيل على أهميّتها»، علماً أنّه من المفترض أن يُشارك بين 13 و15 ألف موظف وقاض في عمليّة الانتخاب وفرز الأصوات وإعلان النتائج. ولفتت إلى أنّ وزارة التربية ستكون السند الأساسي لتغطية نقص الموظّفين مع إمكانية الاستعانة بموظفين من الوزارات الأُخرى.

– أزمة المستندات الرسمية المطلوبة لإدلاء المقترعين بأصواتهم، كاستصدار بطاقات الهوية وإخراجات القيْد وجوازات السفر في ظلّ البطء الواضح في الوزارات الرسمية والإدارات في إنجازها.

وفيما يؤكّد قانونيون أنّ المستند الرسمي الوحيد هو بطاقات الهويّة، يُمكن الركون إلى اجتهادات في استخدام مستندات أُخرى في حال تعذّر تأمين بطاقات الهوية.

وتؤكد مصادر رسميّة أنّ هذه الأزمة لن تكون حجر عثرة في عمليّة الاقتراع، مذكّرة بانتخابات عام 2018 حينما عمد مشغّل الهويات في «الداخلية» إلى العمل 24 على 24، في الفترة التي سبقت الاستحقاق لإنجاز بطاقات الهويّة. والأمر نفسه ينطبق على تنقيح القوائم الانتخابيّة بالتّعاون مع المخاتير، بعدما أُثيرت مسألة التأكد من «توفية» شهداء الحرب الإسرائيليّة الأخيرة.

في المحصّلة، لدى معظم المرجعيّات الرسمية والأحزاب السياسيّة قناعة بأنّ الانتخابات البلديّة والاختياريّة قائمة في موعدها، بعدما صدر القرار السياسي، وأن العراقيل اللوجستيّة لن تُمثّل عائقاً حقيقياً، بانتظار خطّة الحجّار حتّى تنتقل الأمور إلى الإجراءات العملانيّة الواقعيّة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى