هل تنجح أميركا بفرض “إتفاقية سلام” بين لبنان وإسرائيل؟

كتب د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
على مشارف الذكرى الثانية والأربعين لتوقيع إتفاق 17 أيار عام 1983 ،والذي أسقطته القوى المقاومة والوطنية اللبنانية ،يبدو ان قراراً أميركياً ،سَيفرض على لبنان توقيع إتفاقية سلام مع اسرائيل ،سواء بالعنوان المباشر او التفاهمات المتفرّقة، مثل اتفاقية الغاز “كاريش” و إتفاق تشرين” الغامض والمطّاط، وكلاهما كانا لصالح العدو، وسيليهما ترسيم الحدود وغيره من العناوين التي شملها إتفاق 17 ايار السابق.
تعتقد أميركا ان الظروف مؤاتية ومشجّعة لتوقيع هذه الاتفاقية ،لأنها أفضل من الظروف التي واكبت توقيع اتفاق 17 أيار الذي أيدته الحكومة وحملته الأطراف المسيحية مع معارضة شعبية شيعية، ومعارضة القوى اليسارية الواضحة، وعلى تأييد سني- درزي صامت، أما اليوم فإن الوقائع والمؤشرات، تُظهر انه لن يعارض هذا الاتفاق بالقول وبالفعل، إلا “الشيعة” وبعض القوى والشخصيات الوطنية المحدودة التأثير والفعالية .
تحاول أميركا إستغلال الفرصة الاستثنائية التي لن تتكرر، نتيجة حصار المقاومة والضربات التي تلقتها والتي لا تزال تتلقاها بعد انتهاء الهدنة والتي ستستمر، كما يصرّح العدو الإسرائيلي، وتأييد أميركي مع إلتزام المقاومة بضبط النفس والصبر العاقل والمطلوب، خاصة في هذه الفترة رغم الخسائر التي تصيبها. ويبدو ان التحالف الأميركي-العربي (بعد إنتخابات رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة) قادرٌ على جمع الأصوات اللازمة في الحكومة ومجلس النواب لإقرار “إتفاقية السلام”، كما تم إقرار “إتفاق 17 أيار”، اضافة لإطمئنان أميركي-عربي إلى انحسار الرفض لهذه الاتفاقية وانحصاره في “الساحة الشيعية” ،والتي لن تستطيع الرفض سوى بالتظاهرات والإعتصامات او التصويت ضد الاتفاقية في الحكومة ومجلس النواب، والذي لن يؤثر على اقرارها ، بسبب مواقف كل القوى السياسية المؤيدة للسلام مع اسرائيل او حياد لبنان عن الصراع العربي-الإسرائيلي!
شكّلت قوى المقاومة في العقود السابقة السد المنيع والحاجز القوي لمنع السلام مع إسرائيل أو التطبيع معها ،لكنها الآن وبقرار ذاتي موضوعي وفي محله، لن تبادر الى العمل العسكري، كما كان سابقاً، لكن المجتمع المقاوم لن يستسلم ولن يقبل باتفاقية سلام خاصة وان أي إتفاقية سلام لن تحمي الجنوب ولن تحمي لبنان ،بالتلازم مع الموقف العقائدي للمسلمين الشيعة الذين لا يستطيعون الإعتراف بإسرائيل من منطلق عقائدي ديني، حتى لو اعترف الفلسطينيون بإسرائيل، وقد اعترف نصفهم والنصف الآخر على طريق الإعتراف.
لابد من الإستعداد لمواجهة المرحلة السياسية والأمنية الجديدة في لبنان التي تقودها أميركا، بوعي وعقلانية ،من دون انفعال للتمكن من إفشال مشروع الإستسلام الأميركي من خلال الإنضباط والعقلانية والعمل على تأسيس جبهة وطنية تضم كل القوى والأحزاب والشخصيات الرافضة للسلام مع اسرائيل وضد الإستعباد الاميركي الجديد.
ان مسؤولية “المجتمع المقاوم” عدم إبقاء “الهوية الشيعية” للمقاومة ،ما يقلّل من قوتها ويساعد الخصوم والأعداء على حصارها مذهبياً وطائفياً او حتى حزبياً ،وما يشكل ضعفاً للمشروع الوطني المقاوم.
فلتبادر قوى المقاومة لعقد مؤتمر وطني طارئ، لمناقشة مخاطر المشروع الأميركي وإتفاقيه السلام، دون إنتظار إقرارها ومعارضتها بعد ولادتها ،فلنبادر للفعل المقاوم ولا نبقى في ردة الفعل المتأخرة، حيث لا ينفع الصراخ!
إن مشروع السلام الأميركي مع إسرائيل يتقدم وبشكل متسارع، وعلينا واجب مواجهته بشكل أسرع وفعّال،خاصة بعد إسقاط سوريا بيد التحالف الثلاثي (الأميركي-الإسرائيلي-التركي) الذي سهّل عملية حصار المشروع الوطني المقاوم في لبنان والذي صار “غزة الثانية” جغرافياً!
لنبادر إلى مقاومة مشروع الإستسلام…ونستطيع الإنتصار عليه وهزيمته، مهما طال الزمن، بشرط الوعي والعقلانية وحسن إدارة المعركة، بموضوعية وواقعية، من دون مغالاة او مكابرة او الإستهزاء بقوة الاعداء والخصوم ودراسة الوسائل المتاحة غير الوسائل العسكرية التي سيأتي دورها في اللحظة المناسبة، بشرط عدم حصر المقاومة بالعمل العسكري وإهمال المقاومة المدنية والسياسية والثقافية.
هل تقوم السفارة الأميركية في “عوكر” برعاية المصالح الإسرائيلية في لبنان بعد توقيع الإستسلام..أم يتم بناء السفارة الإسرائيلية في عوكر؟
لبنان لن يكون إسرائيلياً ولا أميركياً…والأشهر المقبلة ستكون ساخنة في الداخل اللبناني بدعم(أميركي- إسرائيلي -تكفيري) على المستوى الميداني والسياسي لأنصار السلام مع إسرائيل، ضد قوى المقاومة الوطنية .